ارتبطت المواقع العائدة إلى أواخر العصر الحجري الحديث، وعصر فجر التاريخ بمساكن عُرفت باسم (الدوائر الحجرية أو المباني الدائرية)، وهي تُعد من الظواهر الآثارية الدالة على استيطان يؤرخ بذلك العصر. وهي من أكثر المنشآت الحجرية انتشارًا في المنطقة، وتتباين في أنماطها من مجموعات صغيرة أو منفصلة، إلى مجموعات معقدة تتألف من عدد من الدوائر. وتتكون بقايا الدائرة الواحدة من صف دائري الشكل من الحجارة، مبني بألواح حجرية تكون مشذبة أحيانًا، وغير مشذبة أحيانًا أخرى، ويراوح قطر الدائرة بين 2 و 50م، ويبلغ ارتفاع صف الحجارة نحو نصف المتر، في حين تصل سماكة جدران الدائرة فيها إلى نحو المتر. وبعض هذه الدوائر يكون مغلقًا من الداخل، مكونًا سياجًا حجريًا به تفاصيل داخلية لوحدات سكنية على الأرجح، وبعضها يوجد بداخله مبنى دائري واحد، وأخرى تمثل مباني صغيرة مسقوفة بألواح حجرية. وعُثر في بعض الدوائر على مواقد بها بقايا المواد المستخدمة مثل: الرماد، والأخشاب المتفحمة، والأحجار 

 

ووجدت بعض مواقع الدوائر الحجرية من فترة عصر فجر التاريخ في عدد من محافظات المنطقة، ففي محافظة وادي الدواسر يوجد الموقع المسجل في سجلات وكالة الآثار والمتاحف برقم 211 - 4، والذي يبعد نحو 35كم جنوب غرب الخماسين، وهو موقع يبدو كأنه دائرة حجرية كبيرة، ويتكون من 14 وحدة واضحة المعالم، بعضها بسيط التصميم، والآخر من النوع المركب. وشيدت جدران الدائرة من كتل الحجر الرملي الصماء بطريقة عشوائية إلى حَدٍّ ما. وقد حوى عدد من هذه الدوائر الترابية أيضًا ركامات ترابية في داخل نطاق الدائرة  .  وفي الموقع 212 - 5 الموجود في قاعدة جبل طويق إلى الجنوب من وادي الدواسر يوجد عدد من الدوائر البسيطة ذات أقطار تراوح بين 8 و 10م، إضافة إلى وجود مجموعة من الدوائر المركبة، والجدران هنا مبنية من كتل الحجر الرملي الصماء  

 

وفي محافظة الخرج يوجد بعض المواقع التي تحتوي على أعداد كبيرة من منشآت الدوائر الحجرية؛ ففي موقع الرفايع الواقع على يمين الطريق المسفلت المتجه من الرياض إلى الخرج، توجد منشأة دائرية يصل قطرها إلى أكثر من 20م، وقد طالها التخريب ولم يبق منها سوى مدماكين أو ثلاثة من محيطها مرصوصة بألواح حجرية غير مشذبة القطع. ويبدو أن الدائرة كانت تحتوي على منشأة حجرية أخرى أصغر حجمًا 

وفي موقع عين فرزان توجد مجموعة كبيرة من الدوائر الحجرية، والمنشآت المستطيلة الشكل، وذلك في السهل المحصور بين سلسلتي جبل أبرق فرزان. وقد أشار فيلبي في رحلة له إلى جنوب نجد عام 1336هـ / 1918م إلى وجود خمسمئة وحدة منها تقع على يمين الطريق المسفلت للمتجه من الرياض إلى الخرج، ووصف واحدة منها بأنها تتكون من صف مشيد بكتل حجرية تميل إلى الداخل، وتوجد بينها فراغات، ويتفاوت ارتفاع الحجارة بين ثلاث وأربع أقدام، فيما تتصل بالدائرة من الخارج دوائر صغيرة  .  وفي موقع آخر على مرتفعات الدلم، تنتشر دوائر حجرية متباعدة ذات حجم صغير، يبلغ قطر الواحدة منها نحو خمسة أمتار. وفي إحدى هذه الدوائر يوجد منشأ ركامي حجري صغير مستطيل الشكل، ينطلق من نقطة على محيط الدائرة تجاه المركز  .  وعُثر على مثل هذه الإنشاءات في أمكنة أخرى من المنطقة، منها: المزاحمية  ، والقويعية  ،  كما عُثر على إنشاءات منها في محافظة الدوادمي   .  وتوجد كذلك مستوطنة للدوائر الحجرية بالقرب من محافظة ضرماء، وأخرى على ضفاف وادي مرخ بالقرب من محافظة الزلفي