المنشآت المائية بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المنشآت المائية بالرياض في المملكة العربية السعودية

المنشآت المائية بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
عُثر في المنطقة على كثير من المنشآت المائية المتمثلة في السدود والمصدات (الحبوس) والآبار والقنوات. وجاءت معلومات عن هذه المنشآت في التقارير الآثارية والأبحاث الميدانية بما فيها أعمال الرحالة الغربيين. ويدل ما جاء على محاولة الإنسان الجادة الاستفادة من المياه الموسمية، والمياه الجوفية، ومياه العيون، باستخدام تقنيات معمارية مناسبة.
 

 السدود والمصدات

 
تقع السدود والمصدات في شعيب الملقى بعد أن ينتظم في مجرى واحد في أعلاه، تقريبًا؛ فقبل الوصول إلى شعيب الطوقية وباتجاه الغرب، يوجد أول هذه المصدات وقد بُني على عرض الشعيب كاملاً الذي يبلغ في هذه المنطقة نحو 120م. هذا المصد تظهر أساساته الحجرية، وعرضها 105م، وهو غير مستقيم في مبناه، كما هو الحال في كثير من سدود الملقى ومصداته. وعلى مسافة 25م غربًا من المصد الأول، يوجد مصد آخر تظهر أساساته الحجرية على ارتفاع 30سم. ويختلف بناؤه عن الأول، إذ إنه لم يُبن على عرض الشعيب كاملاً، وقد اتصل بطرفه الشمالي دعامة مربعة الشكل طول ضلعها 2.40م. وهذا النظام يوجد في أكثر من مصد في شعيب الملقى. وبعد المصدين الأول والثاني في شعيب الملقى، يلتقي معه في هذه المنطقة أحد روافده، وهو شعيب الطوقية.
 
وبعد تجاوز رافد الطوقية يوجد سد يبعد عن المصدين السابقين 330م تقريبًا. يبلغ طول هذا السد 96م، وتبقى من ارتفاعه في الجانب الشمالي 85سم، أما عرضه فيصل إلى المتر، وله واجهة بثلاث عتبات. وقد ألحق بهذا السد، في طرفه الجنوبي، غرفة مستطيلة مساحتها 4.80×5.70م، لها مدخل صغير في الجهة الشرقية، وبها جدار يقسمها إلى جزأين، وقد تكون غرفة تصريف. وقد انهار جزء من هذا السد، وبخاصة وسطه، حيث مجرى الشعيب. وبعد هذا السد بمسافة 60م يوجد سد آخر مزود بحوض لتخزين الماء (بركة)، تبلغ مساحته 30.50×50م، ويبلغ عرض جدار السد والحوض مترًا واحدًا، وقد زال الجدار الجنوبي للحوض على أثر جريان الشعيب فيه. وهذا السد، والذي قبله، لا يصلان إلى حافة الجبل الجنوبي؛ وذلك لارتفاع هذه المنطقة عن بطن الشعيب، وقد بُني السدّان بشكل مستقيم. وعلى مسافة 66م من الحوض، تجاه الغرب، هناك مصدٌّ آخر صغير في هذه المنطقة من شعيب الملقى. وهذا المصد تظهر أساساته الحجرية المتعرجة عند منطقة واسعة في شعيب الملقى. وبعد أن يلتقي بشعيب الحميضية، أقيم أضخم سدود شعيب الملقى وروافده، متصلاً بالجبل الجنوبي للشعيب. ويطلق على هذا السد اسم (سد صفيان). وقد احتفظ سد صفيان بجزء كبير من هيئته الأصلية التي يبلغ طولها 100.15م، ويعود ذلك إلى ضخامته ومتانة بنائه. وقد أقيم السد المشار إليه، متصلاً بطرف أحد الجبال الجنوبية في الشعيب، ثم يتجه شمالاً، ثم ينحرف ناحية الغرب أي أن بناءه لم يكن بشكل مستقيم. وقد أجري له ترميم. وهذا السد له واجهة مدرجة مكونة من 8 عتبات، كونت قاعدة بعرض 1.77م. ويقابل سد صفيان في جهة الجنوب الغربي، على مسافة 26م جدار موازٍ بعرض 1.50م، وارتفاع ما تبقى منه 70سم  . 
 
أ) سدود الحائر:
 
تُعَدُّ مستوطنة الحائر التي تقع جنوب مدينة الرياض بما لا يزيد على 20كم، من المواقع الإسلامية المبكرة التي استفاد سكانها من موقعها الجغرافي بإنشاء الكثير من السدود والمصدات، وحفر الآبار للاستفادة من المياه الجوفية.
 
يوجد في الشِّعب الذي يحف المستوطنة من الجنوب سد بقي جزء منه بطول 10م وعرضه 110سم ويبلغ ارتفاعه 90سم. وله واجهة مدرجة تتكون من خمس عتبات، وقد بُني بالحجارة شبه المشذبة، أما عرض الشعب عند السد فيبلغ 40م تقريبًا، كما يوجد في الشعب الآخر الذي يقع جنوب الأول سد آخر انهار جلُّه ولم يبق إلا أساساته، ويبلغ عرض هذا السد 80سم، وطوله 50م تقريبًا. وهذا الشعب أقل عمقًا من الشعب الأول، كما يوجد بعد التقاء الشِّعبين وقبل أن يصبَّا في وادي حنيفة مصب مائي، طول ما بقي منه 3م، بارتفاع 30سم.
 
ب) سدود وادي حنيفة: 
 
يعدّ وادي حنيفة من أهم الأودية في المنطقة التي احتضنت عددًا من المستوطنات التي عُثر فيها على منشآت مائية متنوعة، ومنها شعيب الحمضية الذي يوجد به عدد كبير من السدود والمصدات التي تزيد على 15 سدًا ومصدًا. وتلاحظ العشوائية في بناء هذه السدود والمصدات؛ فقد يكون بعضها في عرض الشعب، فيما يكون البعض الآخر - بشكل طولي - منفذًا للدخول في الشعب. ويلاحظ وجود أساسات سدٍّ منها، يصعب تحديد عرضه، أما طوله فيمتد بين جبلي الشِّعب الذي يصل عرضه في هذه المنطقة إلى 70م تقريبًا. وعلى مسافة 20م، توجد بقايا سدٍّ آخر يزيد عرضه على المتر، وارتفاع ما تبقى منه 50سم. هذان السدان لا تظهر الاستقامة في بنائهما. وبعد ذلك وعلى مسافة 30م تقريبًا يظهر في الجزء الشرقي من الشعب بقايا سدٍّ يصل عرضه من الأعلى إلى 115سم، وارتفاعه 45سم. وفي الجهة الغربية منه توجد مجموعة من المصدات المائية غير واضحة المعالم، وفي أحد روافد شعب الحميضية الشمالية الشرقية يوجد سدٍّ طول ما بقي منه 10م، وارتفاعه 30سم، وهذا السد مرصوف في أعلاه بحجارة متوسطة الحجم، ويبلغ عرض هذا الرصيف 1.50م  
 
وتوجد منشآت مائية في شعيب الطوقية، فعلى مسافة 54م من الحقل الجنوبي، يوجد سدٌّ مبني بعرض الشعيب بأكمله، وقد ألحق به مصدٌّ يبعد عن الحقل مسافة 24م. يبدأ هذا المصد من الجهة الشرقية للسد، بمسافة 20م عن الجبل، ويتجه صوب الشمال الغربي بطول 140م، ونهايته عند الجبل الغربي، وعرض هذا المصد 1.25م، وقد أقيم (المصد) لتوجيه مياه الأمطار بعيدًا عن القصور، ولتنظيم مجراها حتى تلتقي بشعيب الملقى.
أما السد فيبلغ طوله 94م، وسمكه من الأعلى 90سم، وله واجهة مدرجة مكونة من 6 عتبات، وبناؤه غير مستقيم في عرض الشعيب. كما يوجد مصد آخر يقع شمال المصد المرفق بالسد، بمسافة 8م، ويبعد عن الحقل الجنوبي 44م غربًا. وبني هذا المصد على شكل الرقم 6، ويبلغ طوله من الجنوب إلى الشمال 35م، ومن الشرق إلى الغرب 20م، بسمك 1.30م، وقد بُني السد المشار إليه بهذه الطريقة لتوجيه مياه الأمطار إلى شعب الملقى، كما يوجد بين المصد السابق بمسافة 34.50م وبين الحقل الجنوبي بمسافة 10م أطلال لبئر مربعة الشكل طول ضلعها 15م، تبقَّى جزء من جدارها الشرقي الذي يبلغ سمكه 45سم، ولا يستبعد أن يكون لبناء المصدين بهذه الطريقة علاقة بتوجيه كمية من مياه الأمطار لتصب في البئر. وفي منتصف شعب الطوقية تقريبًا وعلى مسافة 100م من السد، يوجد سد آخر في عرض الشعيب، لكنه أصغر من الأول، إذ يبلغ ارتفاعه 40سم، وتتكون واجهته من عتبتين فقط، وقد رصف أعلاه بالحجارة المشذبة بعرض 1.10م  .
وعُثر على منشآت مائية في شعيب الملقى (عبيد)، فعلى الرغم من صغره وقصره، إذ يصل طوله إلى 3كم تقريبًا، فقد عثر فيه على عدد كبير من المنشآت المائية، ممثلة في سدود ومصدات مائية وآبار.
 

الآبار

 
يوجد في منطقة حوض الوادي في مستوطنة الحني عدد من الآبار؛ فإلى الشرق من المستوطنة عند التقاء الشعبين توجد بئر مطوية بالحجارة المنحوتة، دائرية الشكل، طول قطرها 2.18م. وتبعد هذه البئر عن المصد المائي بنحو 10م غربًا، وإلى الشرق من هذه البئر بمسافة 30م تقريبًا توجد بئر أخرى غير مطوية، دائرية الشكل، طول قطرها 5م تقريبًا وقد دفنت وبقيت أطلالها.
 
وهناك بئر أخرى مطوية بالحجارة المنحوتة وهي دائرية الشكل طول قطرها 2.26م، تقع إلى الشرق من المستوطنة على الجانب الشرقي من الطريق المعبد الموصل إلى الحائر. ولقد هيأ التقاء شعبين مع الوادي الرئيس شرقي المستوطنة، وجود أرض زراعية، استفاد منها أهل المستوطنة لتحقيق مسألتين: أولاًهما بناء الدور لحجز المياه والاستفادة منها أطول فترة ممكنة، وكذلك لرفع منسوب المياه في الآبار. وثانيهما حفر الآبار في هذه المنطقة التي هي بلا شك غنية بالمياه، والاستفادة منها في سقاية مزروعاتهم  
 
ومن المنشآت المائية المنتشرة في جنوب الرياض من وادي حنيفة، سدود الشعاب جنوب حي المصانع بمسافة ألف ومئتي متر، ومنها بقايا سد يقع على وادي حنيفة يبلغ طول المتبقي منه 20م تقريبًا، وقد طمرت المياه الكثير من أجزائه، وبقايا سد آخر يبعد عن الأول 100م تقريبًا  . 
 

 القنوات

 
عُثر على القنوات في عدد من المواقع الإسلامية في المنطقة، ومن أشهرها مواقع السيح في محافظة الأفلاج حيث توجد سلسلة من القنوات التي تمتد من العيون الشمالية وتسيل نحو الشمال لتسقي نخيل السيح  ، وتتكون من: قناة ضخمة تجري نحو الجنوب في اتجاه غوطة ومجموعة من القنوات غير المستخدمة تجري في اتجاه غربي أو شمالي غربي إلى جوار العيون المائية نحو خرائب قرية قديمة تُسمى مخاضة في مهد باطن الأحمر.
 
تسمى هذه القنوات (الخرز) وهي تجري في أنهار ضحلة مترقرقة وبنفس الشفافية التي تتصف بها مياه الخرج، ولكن هناك نقاط اختلاف بين المجموعتين، وكذلك نقاط تشابه؛ إذ إن حفر الخرج الثلاث ذات أحجام متقاربة، وكانت مساحة السطح في المتوسط 6000 - 7000 ياردة مربعة، لكن تلك الموجودة في الأفلاج كانت متباينة، وتبدأ من حفرة صغيرة طولها 10 ياردات وعرضها 3 ياردات، وتتدرج المساحة حتى تصل إلى مساحة بركة قديمة طولها ثلاثة أرباع الميل وعرضها ربع ميل.
 
كانت مستويات الماء في هذه العيون أقرب إلى الحافة مقارنة بعيون الخرج، باستثناء عين أم خيسة، بينما كانت الحوائط الداخلية الشاهقة لعين الضلع  ، وعين سمحة، مشابهة لاثنتين فقط من عيون الأفلاج. وأخيرًا، بينما كان ترتيب الحفر في الخرج عشوائيًا، تبدو تلك الموجودة في الأفلاج متقاربة جدًا ومرتبة. وآخر المستودعات المائية من الطرف الجنوبي هي أم الجبل؛ حيث إن الصخرة تنحدر بحدة إلى عمق عشرين أو خمسة وعشرين قدمًا نحو الطرف الأعلى للساحل ذي المنحدر الثري تغطيه الحصباء، وهو الذي يجري إلى الحافة الشرقية للبحيرة.
هذه البحيرة هي من أكثر المعالم الطبيعية روعة بالأفلاج، بل في كل الجزء الداخلي من الجزيرة العربية؛ إذ لا توجد أسطح مائية أخرى ذات صفة دائمة بهذه الأبعاد.
 
وقد أطلق الرحالة الأوروبيون الذين زاروا المنطقة عليها اسم بحر سلوم، وبناءً على ذلك قام راسمو الخرائط بوضع بحيرة هائلة المساحة على خرائطهم، مع تعليل وجودها بأنها: ناتجة عن تدفق مياه وادي الدواسر في حوضها الفسيح، وأن ما يدعو للدهشة أن وجود مثل هذه البحيرات ومجموعة العيون المائية في الخرج والأفلاج بقيت كل هذا الوقت مستعصية على اكتشاف الرحالة والمستكشفين الكثيرين. 
 
وتتخذ عين أم الجبل - إلى حدٍّ ما - شكل الحدأة، مع ذنب مستوٍ وأجنحة ملحوظة تمتد على الجانبين في الجزء الجنوبي، وكذلك لوحظ في طرف البحيرة الشمالي - لكن فوق مستوى الماء لمسافة - انخفاض لمجرى يتجه نحو الشرق، ولعله كان قناة أو مجرى مائيًا في الأيام التي كان مستوى الماء فيها يصل إلى مستويات أعلى.
 
وتجاور العين من الجهة الشمالية عينان أصغر حجمًا من عيون الأفلاج، وهما قريبتان إحداهما من الأخرى، في وسط فناء شعيب، وتسميان معًا (أم الحباب) وكلٌّ منهما جافة؛ إذ إن الينابيع التي كانت تغذيهما توقفت عن العمل، ثم تأتي تالية في الترتيب عين دائرية تسمى (أم العظمات) قطرها نحو 100 ياردة، ومن طرفها الشمالي تجري قناة لتؤدي دورًا حيويًا فيما تبقى من نظام الري القديم. وترتفع حوائط العين لمسافة ستة أقدام - تقريبًا - فوق مستوى سطح الماء بكل الجوانب، كما أن الطرف الأعلى من القناة التي تتخللها فتحات الري الدائرية العمودية، تحت مستوى سطح الماء بأربع قامات، ولكن الإهمال الطويل للخرز (قنوات الري) أسهم في تقليل سرعة سريان الماء فيها؛ وبالتالي في الحفاظ على مستوى عالٍ من الماء في العين.
 
تقع إلى الشمال من هذه العين قناة ري مفتوحة مهملة تتجه شرقًا من طرفها الجنوبي ولا تختلف عن تلك البحيرة التي ذكرت سابقًا، وهذا يدل على أنها كانت، في زمن مضى، عينًا كمثيلاتها. وهناك روايات تقول: إن القناة المهجورة حفر فيها آل مرة ليزودوا مخيمهم بالماء استعدادًا لرحلة عبر الصحراء تستغرق أربعة أيام، وكانت في ذلك الوقت تحت المراقبة من أجل الحماية. وكانت العيون الثلاث المتبقية تقع خلف تجويف أم الضبابة إلى ناحية الشمال في صقع شعيب يبلغ طوله نصف ميل. وكانت أبعدها في اتجاه الجنوب هي أصغرها، وتتخذ شكل عين دائرية - تقريبًا - يبلغ طولها نحو خمسين قدمًا، ويقل عرضها عن ذلك قليلاً، ويحيط بها حائط منخفض ولكنه حاد، ويرتفع لقدمين فوق مستوى الماء بكل الجوانب باستثناء الجنوب حيث يوجد جانب من تل صخري شديد الانحدار يبلغ ارتفاعه نحو 12 قدمًا ويهوي بحدة تجاه حافة الماء. وتعرف هذه العين باسم (أم الجرف)، فيما تعرف كل من العينين الأخريين باسم (الجرة)، وهما مسطحان مائيان حيان متوسطا المساحة مع الميل إلى الكبر. تُكوّن العين - التي تقع في الجنوب - شكلاً نصف دائري وغير منتظم بطول 500 ياردة وعرض 60 ياردة، بينما يقل الثاني عن الأول أبعادًا؛ إذ تبلغ أبعاده نحو 300×50 ياردة وهو بيضاوي الشكل تقريبًا  
 
شارك المقالة:
60 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook