المهن في القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المهن في القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

المهن في القرى بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
تكاد تنحصر المهن السائدة في القرى والبادية التابعة لمنطقة مكة المكرمة في مهنتين رئيستين هما: الزراعة، وتربية الحيوانات أو الرعي، ولهذا سوف يتم استعراض هاتين المهنتين بشيء من التفصيل على النحو الآتي
 

 الزراعة

 
تعد الزراعة من أبرز المهن السائدة في قرى المنطقة ومحافظاتها، إذ إن مدينة مكة المكرمة لا تصلح للزراعة لحرارة طقسها وعدم صلاحية تربتها للزراعة، ولذا اعتاد المكيون على امتلاك المزارع خارج المدينة في الطائف وبعض القرى المجاورة لمكة المكرمة، وتعد القرى الجبلية في الطائف وما جاورها من المناطق ذات البيئة السروية والنجدية (نسبة إلى السراة ونجد) أكثر المناطق المكية التي يمارس سكانها الزراعة، ويقومون بزراعة النخيل، والفواكه، والحبوب، والبرسيم الحجازي، والخضار، والورد
 
وقد كانت الزراعة في نواحي مكة المكرمة تمارس بطرق بدائية تقليدية؛ فالماء يستخرج بوساطة (السواني)  التي تستخدم فيها الإبل والبقر. وتبدأ عملية السني اليومية (استخراج الماء)  في الثلث الأخير من الليل على أغلب الأحوال؛ لاستغلال أكبر قدر من الماء المتجمع في البئر نظرًا لشح المياه وعدم كفايتها
 
ويتمذلك عن طريق رفع الماء من البئر ودفعه في قناة لري الحقل، وتتطلب هذه العملية جهدًا كبيرًا، ولذلك يتغنى المزارعون أثناء السقي بعدد من الأهازيج لتناسي التعب وحث البقر أو الإبل التي تستخدم في السني على مواصلة العمل ومن تلك الأهازيج:
 
"حدَّرت يمّ القشاشية بحزمة حطب طاحت عليَّه
بعض العرب غاظها حالي، وبعض العرب تضحك عليَّه" ومنها
 
"راحت بقرشين مثنية، وأخذها كبير القهوجيه
يقول هذا في مقاييلك، تجملت في روحك وفيَّه". كما يقولون أيضًا
 
يالله ياسامع النيات حل الكروب اللي عليَّه
ما عاد لي قابلية بعد ضاعت مقاضي الأجنبية 
 
وتمر عملية الزراعة في القرى - كغيرها من المناطق الزراعية الأخرى - بعدة مراحل، تبدأ بعملية الحرث وبذر الحبوب  ، إذ يقوم الفلاح بحرث الأرض في شكل خطوط مستقيمة أو مساحات مربعة، ويلقي فيها الحَبَّ أو البذر، ثم يقوم بخلطه بالتراب أو تغطيته. وتسمى في أجزاء أخرى من المنطقة بـ (الإثارة)، ويستخدم في هذه العملية البقر، حيث يربط ثوران بالمحراث ويساقان ذهابًا وإيابًا حتى تقلب الأرض تمامًا. أما الأدوات المستخدمة في عملية الحرث فتتكون من (اللومة) وهي المحـراث، وتتألف من مجموعة من القطع هي
 
 المضمدة: وهي عود خشبي منحوت يجمع الثورين من منطقة (الرقبة والسنامين) وتجر اللومة المربوطة بها، وتسمى في بعض النواحي (المقرنة) لأنها تقرن الثور بالآخر
 
 الجر: وهو يربط بالمضمدة والسلب، ويسمى أيضًا (المشعاب) و (اللوحة)
 
 السلب: وهو قطعة حادة من الحديد، تربط أسفل اللومة، وهو الذي يشق الأرض، ويسمى في بعض الأمكنة (السنة)
 
 القوبع: وهما عودان قائمان أسفل اللومة يمسك بهما الفلاح ويوجه اللومة في شق الأرض
 
ويتغنى المزارعون في بعض قرى المنطقة بالكثير من الأهازيج أثناء ممارسة الحرث، ومنها:
 
" يا ثور يا سداح في المغارق
عسى يمينك في يمين السارق
والا يمين أهل الروى بالبارق"
 
وتسمى المرحلة الثانية من مراحل الزراعة (الدمس)، وتأتي هذه العملية بعد مرحلة بذر الحبوب وحرث الأرض، ويتم من خلالها تسوية التربة بعد حرثها وبذرها لدفن الحبوب. وتسمى الآلة المستخدمة في الدمس (المدمس) أو (المدمسة)؛ وتتكون من قطعة خشب عريضة بطول مترين أو مترين ونصف المتر مع حبال لربط المدمس من طرفيه بالمضمدة، ومن أهازيجها
 
"الدمس الدمس يا بقر الدمس
روحي عن ليل والا عن شمس"
 
ثم تأتي مرحلة ثالثة وهي (التمشيط) أو (القصب)؛ وتتم هذه العملية بتقسيم الأرض إلى قنوات وخانات للسقيا، وتسمى تلك الخانات (الأحواض، أو القصبات؛ جمع قصبة). وتستخدم في هذه المرحلة المسحاة، والممشط (أو المشط)؛ وهو قطعة من الخشب تركب عليها من أسفلها أسنان متساوية. وتقسم الأرض بوساطة فلجان (جمع فلج) تسقي القصبات عن اليمين وعن الشمال.. ويتسابق المزارعون أثناء عملية المشط، ويكون فيما بينهم بعض التحدي، كما يتغنون ببعض الأهازيج، ومنها
 
"سرى وعلَّق بيرقه, وإن كنت شاطر فالحقه"
 
ومنها أيضًا
 
"مال عيني مالها، والبكا همالها
كلَّما شافت مليح، ما تبيه إلا لها"
 
وبعد أن ينمو الزرع يقوم المزارعون بحماية المحصول أو حراسته من الطيور والحيوانات، ويتم ذلك ببناء عريش مرتفع يقف عليه الحامي ممسكًا في يده مقلاعًا من الجلد يسمى في بعض النواحي (مرجمة)
ويجمع الفلاح لذلك مجموعة من الأحجار الصغيرة، أو مراجم خاصة معمولة من الطين يضعها في المقلاع  ويستعملها للرمي، ويصدر المقلاع أثناء رمي الطير بها صوتًا ذا فرقعة يخيف الطير مما يجعله يهرب. كما يقوم المزارعون أيضًا أثناء فترة الحماية بالحراسة الليلية لحماية المحصول من اللصوص، ويسمى ذلك بـ (الكلابة) ويستمر هذا العمل حتى مرحلة الدياس والذري والغربلة، وصولاً إلى مرحلة تخزين الحب، ويتغنى الحامي في بعض الأحيان ببعض الأهزوجات التي منها:
 
"حارس الثوم ياكل منه
والعنب حارسه ما يذوقه"
 
أما في مرحلة الحصاد التي يطلق عليها في بعض قرى المنطقة (الصرام)، فتبدأ بعد نضج الحبوب واستوائها، فيدعو المزارع لمساعدته في عملية الحصاد أهل قريته أو من يرغب في الحصول على بعض الأجرة ويسمون (المتحوشة)، وغالبًا ما يكونون من خارج القبيلة ممن لا يتوافر في ديارهم موسم زراعي. ويقوم بالصرامة - في بعض القرى - الرجال الخبراء في حش المحصول، أما في قرى أخرى فتقوم بالصرامة النساء عن طريق ما يسمى بـ (المساجلة) وهو ما يعرف بـ (افزع لي وأفزع لك)، ويكون ذلك بين النساء لحصاد محصول كل بيت ثم الانتقال إلى بيتٍ آخر، ويجري بين من يقومون بالصرامة نوع من التسابق في سرعة الحش، كما يتغنون ببعض الأهازيج أثناء الحصد ومنها
 
" أحه يالبرد وعويد الجرد
أمي تعصد وأنا بالقم"
 
ومن تلك الأهازيج أيضًا:
 
"شضي شضيني أنا لحالي
ولا يالله اليوم تنظر لحالي"
 
ويأتي بعد مرحلة الصرام للحبوب مرحلة أخرى هي (الدياس) أو (الدياسة)  وهي هرس المحصول لفصل الحب عن السيقان أو القصب، إذ يحمل المحصول بعد حشه إلى (الجرين): وهو مكان في طرف المزرعة أو قريب من البيت على شكل دائري مرصوف بالحجارة ومجصص بالطين وروث البهائم، ثم يترك المحصول في ذلك الجرين حتى يجف تحت أشعة الشمس. وتتم عملية الدياسة بأن تحضر مجموعة من البقر أو الحمير أقلها اثنتان فتنظم في حبل واحد، ويقوم أحد الأشخاص بسوق الحيوانات بحيث تتحرك من اليمين إلى الشمال، ويتناوب الرجال على هذا العمل. وقد يساعد الأطفال في ذلك، بينما يقتصر دور النساء على إرجاع ما يخرج من الحب المتناثر وإعادته إلى الجرين
 
ويردد العاملون في الدياسة بعض الأهازيج التي منها
 
"إن كنت زارع وتبغي الوجد
علق بلية في معالي النجد"
 
ومنها أيضًا
 
"يا رب بارك وانـزل الأبراك
يا رب بارك في البقر والحب"
 
ومنها أيضًا
 
"يا رب بارك في البقر والحب
والكل منها من عطايا ربي"
 
ويقولون أيضًا
 
"البل تبكي من طلوع الخمس
بالليل برد وبالنهار بالشمس"
 
ومنها أيضًا
 
"يا ليتني يوم الدياس غايبي
وارعى الغنم في مظلم الشعايبي
يا رب لا تكثر مصايبي"
 
وبعد أن تنتهي عملية الدياس تبدأ مرحلة أخرى هي مرحلة (الذري والتشكيد)  ، وتأتي هذه المرحلة بعد أن يكون الحب قد انهرس تمامًا وانفصلت حبات السنابل عن أكمامها، وتقصفت الأعواد إلى أجزاء صغيرة، فتُكوَّم في شكل مرتفع مستقيم، ويصطف الرجال والنساء متراصين في اتجاه الريح يحملون بين أيديهم أكوامًا يعرضونها للريح فيتطاير التبن بعيدًا ثلاثة أو أربعة أمتار، بينما يتساقط الحب عند أرجلهم، حتى إذا كثر نقلوه إلى مكان آخر لتبدأ مرحلة أخرى هي (الغربلة)، وتعد هذه المرحلة الأخيرة، وتتم فيها تصفية الحب من العوالق والحصى بغربال. وحين الغربلة يردد العاملون بعض الأهازيج الحماسية ومنها
 
"يا هبوب الريح هبي
وانذرا فيك حبي
 
ومنها
 
يا هبـوب النويدا
تمشي يقيـدا
كمـا تمشي ظبـي
على رأس حيدا"
 
ويقولون أيضًا
 
"ذريت حبي وأنت ربي
يارب الطير شبار الخير "
 
وبعد أن تنتهي مرحلة الغربلة يكون الحب جاهزًا للخزن والاستخدام، فيقوم المزارع بكيله ووضعه في الأكياس، ويمسك شخصان بالكيس، بينما يقوم صاحب الحب بوضع الحب وكيله عادًَّا المكاييل، قائلاً في أسلوب الرجز
 
يالله عونك
 
الله واحد (وهو في الوقت نفسه يقصد واحدًا في العد)
 
ماله ثاني (وهو في الوقت نفسه يقصد اثنين في العد)
 
ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سمحة (يقصد سبعة)، ثمانية، تسعة، رضي الله عن العشرة (ويقصد عشرة في العد) إشارة إلى العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم. وتستخدم في ذلك مكاييل خاصة مصنوعة من الخشب
 
وإذا انتهى من وضع الحب في الكيس تأتي المرحلة الأخيرة التي يسمونها (التكشيد) وهي تعني إعطاء العاملين والمحتاجين نصيبهم من الحب، وكذلك إخراج الزكاة والأعشار، وتعد هذه المرحلة آخر مرحلة من المراحل التي تمر بها عملية زراعة الحبوب وحصدها
 
أما في القرى التي يزرع فيها النخيل في المنطقة فإن عملية الزراعة تمر بعدد من المراحل أيضًا كما هو الحال في الحبوب، ومن تلك العمليات
 
 التشذيب: وهو قطع جريد النخل، وتنظيم الكرانيف ليتم تسلق النخلة
 
 التلييف: وهو أخذ الليف الزائد من داخل الكرانيف، وهي بقية الجريد المقطوع في جذع النخلة
 
 تشويك الجريد: وهو إزالة الشوك من الجريد الذي يسمى (السلا) ليتم تلقيح العذوق (الطلع)
 
 التلقيح:  وهي المرحلة التي فيها يوضع نتاج الفحل داخل العذق المنفلق ويسمى (الكشيش)، وربطه بأحد الشماريخ بعد قص الكم الزائد، والشمروخ هو الواحد من العذق
 
 الإجمار: وهو الانتهاء من عملية التلقيح، ويكون البلح في هذه المرحلة قد كبر قليلاً
 
 العدال أو التعديل: وهي مرحلة تثبيت العذق على الجريد حتى لا ينكسر إذا كبر البلح
 
 الخراف: وهي جني الرطب بعد نضجه واكتماله، ويتم جمع الرطب بعد أن يصبح نصفه تمرًا في أوعية تدعى (المخارف)  ، وتصنع من سعف النخل
 
 الصرام: وهي المرحلة الأخيرة من عملية الجني، إذ يجمع المحصول من الرطب والبلح في مكان يسمى (الصبرة)، ويتم تنظيفه من الحشف والبلح والتمور الرطبة والأخشاب وغير ذلك، ثم يتم وزنه لإخراج الزكاة ويعبأ الباقي في أكياس، كما يتم توزيع بعضه على المشاركين في الصرام والمحتاجين
 

 الرعي وتربية الماشية

 
يأتي الرعي في المرتبة الثانية في الأجزاء القروية والبدوية وشبه البدوية من منطقة مكة المكرمة بعد الزراعة، إذ إن الكثير من سكان القرى يمارسون حرفة الرعي إلى جانب الزراعة، في حين أن أهل البادية ممن لا يملكون مزارع يكتفون بهذه الحرفة وسيلة للعيش
ويبدأ الراعي عمله في وقت مبكر من النهار، إذ تقوم النساء في الصباح الباكر بحلب الأغنام وإرضاع الصغار أو (البهم)، ثم بعد ذلك يأخذ الأطفال أو أحدهم صغار الماشية أو البهم لرعيها في المراعي القريبة من المنازل، بينما يأخذ كبار الرُّعاة باقي القطيع إلى المرعى
 
وبما أن عملية الرعي تستغرق كامل اليوم فإن الرعاة يحملون معهم ما يتزودون به، فيحمل كل منهم معه سقاءً فيه ماء أو لبن، وقطعة خبز للغداء يتناولها في وقتها حين الظهيرة، ومن ثم يواصل الرعاة سيرهم في التنقل بالمواشي من مرعى إلى آخر، قاطعين بها الهضاب والجبال والأودية. ويقوم الرعاة - وغالبًا ما يكون ذلك وقت الظهيرة - بأخذ مواشيهم للشرب من الغدير، أو من ينبوع ماء أو بئر، ثم يستمرون في التنقل بها من مرعى إلى آخر حتى يحل دنو الشمس من المغيب، فيستعدون للعودة بها إلى القرية أو المرابع ليصلوا إليها مع الغروب، وحينها تقوم النساء مرة أخرى بحلب المواشي وإرضاع صغارها، وهكذا يستمر العمل بهذه الطريقة كل يوم
 
ويتغنى الرعاة أثناء تنقلهم بمواشيهم ببعض الأهازيج التي يروحون بها عن أنفسهم ويعبرون بها عن مشاعرهم أو يصفون بها أوضاعهم، وهناك عدد من (الطروق) أشهرها (طرق الجبل). ومن تلك الأهازيج قول أحدهم مخاطبًا عنـزة أتعبته، وكان اسمها (القهيب)
 
"مرحبا يالقهيب
بعد جيتي في روس الصماصيم
تقدى عروض الحجب
واتداعى لك اليوم بالذيب (أي أدعو عليك أن يأكلك الذئب)
 
يلقطك عند العشا يوم كل في نومه يغيب"
 
ثم ينظم الراعي أهزوجة أخرى على لسان عنـزة فيقول مخاطبًا نفسه
 
"واشبك انته تداعى لي بالذيب
يا مال السقم يجي في عظامك، ويقعد سنة ما يطيب"
 
ثم يرد الراعي على العنـزة قائلاً:
 
"وش بك كثرتي علينا المواجيب
أكلتي علينا المظيره، وحتى شربتي الرويب"
 
ومن الأهازيج الرعوية أيضًا هذه الأهزوجة التي تغنت بها راعية ملَّت مهنة الرعي فقالت مخاطبة أغنامها
 
"يالله جعلك يالضان بالذيب
وإن كان ماهو في الاقراب
يجعل دُعايـه يصيـب
ما تركنا المواجيـب
مغير في غنمنا سمينة تودا تنيب" 
رابعًا: مظاهر الثبات والتغير
 
تعرضت المهن والحرف في منطقة مكة المكـرمـة - مثـل غـيرها من جوانب الحياة المختلفة - إلى الكثير من التغيرات، إذ تلاشت بعض المهن والحرف في حين تم تطوير بعضها. فمن المهن التي تلاشت مهنة السقاية؛ فلم يعد هناك ما يعرف بالسقايين، فقد أصبحت هناك تمديدات مياه خاصة للمنازل، كما أصبحت مياه زمزم تعبأ في حافظات خاصة مبردة تمتلئ بها ساحة الحرم يشرب منها الحجاج والمعتمرون والمصلون مجانًا
 
أما مهنة الندافة بالطريقة التقليدية فلم تعد تمارس إلا من قبل فئة قليلة جدًا لا تكاد تعرف أو تشاهد؛ وذلك لانتشار المفروشات الحديثة بأنواعها وأشكالها كافة، مما لم يُبقِ لمهنة الندافة مكانًا للمنافسة. وكما هو الحال في السقاية والندافة فقد اختفت أيضًا مهنة الصباغة التقليدية، وحل محلها الصباغة العصرية التي تستخدم أصباغًا جاهزة، كما انتشرت أيضًا الخيوط الملونة الجاهزة بجميع الأنواع والأشكال التي يتم استيرادها لأغراض النَّسْجِ والحياكة، أو الخياطة. وكذلك الحال في الحياكة؛ فلم تعد تمارس بالصورة ذاتها التي كانت تمارس بها من قِبَل الرجال أو النساء، بل أصبحت هناك مصانع خاصة للنسيج تستخدم أدوات عصرية حديثة لهذا الغرض. ولم تعد تشاهد المنسوجات اليدوية إلا في المهرجانات والاحتفالات الثقافية. أما المسحراتية، والمزهدون، والمنادون فلم يعد يعرفهم أحد من الجيل الحاضر إلا من خلال ما يشاهدونه من أفلام أو ما يقرؤون عنهم من أخبار الماضي. ولم تعد الزراعة تمارس بالأساليب التقليدية ذاتها التي كانت تمارس بها في الماضي، إذ حلَّت الآلات الحديثة في مراحل الزراعة وشؤونها كافة، وأصبحت الوسائل التقليدية لا تشاهد إلا في المتاحف
 
وعمومًا شهدت جميع المهن والحرف تقريبًا تطورات وتغيرات، بعضها عميق جدًا إلى درجة التغيير الكلي، وفي بعضها الآخر كان التغيير جزئيًا، إلا أن أيًا منها لم يظل على ما كان عليه في الماضي القريب
 

 

شارك المقالة:
52 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook