يوجد في منطقة الرياض عدد من المواقع التاريخية ، ويقصد بها المواقع التي تحتوي على مكونات حضارية وثقافية تدل على أنها لعبت دورًا مميزًا في تاريخ المنطقة.

ومن المؤكد أن المنطقة من المناطق التي وجد الإنسان فيها إبان عهود قديمة تصل إلى ما قبل الثلاثمئة ألف سنة، ولأن ذلك الإنسان كان غير مقيم، فإنه لم يترك وراءه مواقع كان قد استقر فيها لتكون دليلاً عليه، وإنما ترك بقايا أدواته وأسلحته في مواقع تشهد على وجوده إبان تلك العقود الموغلة في القدم.

 

وبعد أن استقر الإنسان خلال العصر الحجري الحديث، أخذ في تكوين قراه التي لم تلبث أن تطورت لتصبح قرى رئيسة. وخلال الألف الأول قبل الميلاد نشط الاستيطان في المنطقة ليخلف عددًا من المواقع التي تُعَدُّ من المواقع الضخمة. وقبل الإسلام كانت المنطقة من أنشط أجزاء الجزيرة العربية استيطانًا. وما جاء في المصادر التاريخية يشهد على ضخامة العدد السكاني في المنطقة، فيذكر أن عدد المقاتلين في يوم شعب جبلة الذي يعود تاريخه إلى عام 552م بلغ أكثر من ثلاثين ألف مقاتل، وتظهر عظمة المشهد في يوم الكلاب الثاني الذي يعود تاريخه إلى عام 612م، حيث لم يشترك فيه إلا جزء من قبيلة بني تميم بلغ أكثر من سبعة آلاف مقاتل، ثم يستمر المشهد العظيم في حروب الردة؛ إذ بلغ جيش مسيلمة الكذاب من المرتدين نحو أربعين ألف مقاتل. فهذه الأمثلة لا تترك مجالاً للشك حول كثافة الاستيطان البشري العالية في هذه المنطقة آنذاك.

 

وخلال العصر الإسلامي نشطت التجمعات السكانية والمستوطنات؛ نتيجة اهتمام الخلفاء الأمويين بالمنطقة إلى درجة أن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان أحضر أكثر من ثلاثة آلاف أسرة من بلاد الشام للزراعة في اليمامة، وعلى وجه التحديد في بلدة الخضرمة بمحافظة الخرج، كما أن قدرة المنطقة السكانية مكّنتها من تكوين ولاية إسلامية اسمها (ولاية اليمامة)، تولى إدارتها عدد من الولاة وجلبت إليها زكاة بلدان عدة

وسوف تختار نماذج من المواقع التاريخية تشمل مختلف العهود التي مرت على المنطقة؛ إذ يبلغ عدد المواقع في المنطقة المئات؛ وسوف يتم اختيار نماذج منها تمثل الفترات الحضارية التي مرّت بها المنطقة دون تجاهل أي فترة؛ فالمواقع تتنوع بين مستوطنات، ومواقع عصور حجرية، وأمكنة مياه (موارد)، ومحطات تحكم في الطرق التجارية... إلخ.