حددت الهيئة العليا للسياحة   تسعين موقعًا في منطقة المدينة المنورة قابلاً للتطوير السياحي وفق خططها الإستراتيجية ودراساتها للمنطقة، حيث قسمت المنطقة سياحيًا إلى ثلاثة قطاعات   هي:

 القطاع الأوسط (الشرقي)، ويشتمل على المدينة المنورة (طيبة الطيبة) مقر الإمارة ومحافظتي الحناكية والمهد.

 القطاع الشمالي، ويشتمل على محافظتي خيبر  والعلا.

القطاع الغربي، ويشتمل على محافظتي بدر وينبع.

 

أبرز سمات القطاع الأول الطابع الديني، حيث المواقع الدينية الخاصة بنشأة الدولة الإسلامية الأولى وبالتالي فإن رسالة الإسلام انبثقت من هناك، وفي هذه المواقع الدينية والتاريخية قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه حياتهم، ويزخر القطاع الشمالي بعدد من المواقع الأثرية والتاريخية والطبيعية، وتعد محافظة العلا متحفًا طبيعيًا، حيث التشكيلات الصخرية التي صنعت من الجبال لوحات وتحفًا طبيعية رائعة - تلك هي صنع الله الخالق جل وعلا، وفي العلا أيضًا توجد مدائن صالح، حيث الآثار الثمودية والنبطية، وفي القطاع الغربي توجد محافظة بدر التي يوجد بها كثير من المواقع التاريخية المهمة، ويمتاز القطاع الغربي بكونه يغطي سفوح جبال السروات والحجاز الغربية والسهل الساحلي المحاذي للبحر الأحمر، حيث الشواطئ الرملية الجميلة، فمن شواطئ الرايس إلى ميناء الجار وينبع النخل (البر) حتى ينبع البحر تكثر المواقع الجاذبة للسياح. ومدينة ينبع النخل ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، في حين أن ينبع البحر مدينة حديثة ولدت في العهد السعودي الزاهر، حيث أنشئ بها أكبر ميناء صناعي على البحر الأحمر، وهو ينبع الصناعية المدينة التي أنشأتها الهيئة الملكية للجبيل وينبع.

تزخر منطقة المدينة المنورة بعدد من المواقع التاريخية والإسلامية خصوصًا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم (طيبة الطيبة)، حيث يوجد عدد من المواقع الدينية والتاريخية التي يؤمها المسلمون من جميع أصقاع المعمورة لأهداف دينية ودنيوية، والسياحة في منطقة المدينة المنورة ليست وليدة اليوم، بل هي معروفة منذ القدم، إذ يزور المدينة المنورة وما جاورها كثير من المسلمين في موسم الحج كل عام.

إلا أنه من المجحف حقًا القول إن السياحة في منطقة المدينة المنورة لا تعدو أن تكون حكرًا على الأمكنة الدينية فقط، فالواقع يشير إلى أن المنطقة تحتوي على مواقع أثرية وتاريخية وطبيعية، وبالتالي فإن بعض المواقع في المدينة المنورة تجذب زوارًا من غير المسلمين كما هو الحال بالنسبة إلى محافظة العلا، حيث توجد الآثار النبطية المعروفة باسم مدائن صالح، والحق أن جميع مدن منطقة المدينة المنورة وقراها تحوي عنصرًا واحدًا - على الأقل - من عناصر الجذب السياحي، وعليه يمكن القول إن السمة السياحية البارزة في المنطقة هي السياحة التاريخية المشتملة على سياحة الآثار والمواقع التي لها عمق تاريخي وديني، ويوضح (جدول 8) أهم المعالم السياحية في منطقة المدينة المنورة التي أعطت المنطقة سمتها السياحية.

 

 

إن في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم مواقع ذات قيمة أثرية إسلامية فريدة؛ ذلك لأنها متعلقة بالتاريخ الإسلامي وتعد جزءًا مهمًا منه، ومعظمها حظي بزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه المواقع: الحرم النبوي الشريف، مسجد قباء، مسجد القبلتين، مسجد الميقات (آبار علي)، موقع الخندق (مسجد الخندق، مسجد الفتح، مسجد سلمان الفارسي، مسجد أبي بكر الصديق، مسجد عمر بن الخطاب، مسجد علي بن أبي طالب، مسجد فاطمة الزهراء)، ومسجد الجمعة، ومسجد الإجابة، ولجبل أحد أهمية بارزة، حيث وقعت غزوة أحد، هذا بالإضافة إلى عددٍ من المواقع الطبيعية خارج نطاق المدينة المنورة من بينها جبل إدقس وجبل الفقرة.

 

 

لمدينة بدر تاريخ قديم، فهي مدينة معروفة قبل الإسلام، وموقعها إستراتيجي، حيث تمر بها القوافل التجارية المتجهة إلى بلاد الشام وتعد سوقًا كبيرة من أسواق العرب الشهيرة، وأهم المعالم الأثرية والسياحية بها هي: مقبرة شهداء بدر، والعدوة الدنيا والعدوة القصوى وموقع غزوة بدر، وجبل الملائكة، وميناء الجار، هذا بالإضافة إلى وجود شاطئ الرايس  الذي يعد منطقة جذب سياحي.

 

 

تعد ينبع الواجهة البحرية الثانية للمدينة المنورة بعد محافظة بدر، وتمتاز الحياة الاجتماعية في محافظة ينبع بالتنوع حيث يوجد المجتمع الريفي في ينبع النخل، ومجتمع الصيد في ينبع البحر، ومجتمع المدينة الصناعية الحديثة في ينبع الصناعية؛ ما يعطي محافظة ينبع ميزة عن غيرها من المحافظات بهذا التنوع الذي يساعد على تنوع أنماط السياحة وأنشطتها، وتمتاز شواطئ محافظة ينبع بغناها البيئي، حيث الشعب المرجانية التي تضفي جمالاً ورونقًا على بحر ينبع،  ما يعزز صناعة سياحة الغوص.

 

ويضيف موقع محافظة ينبع الإستراتيجي سمة إيجابية أخرى لنمو السياحة بها، فلسهولة اتصالها بالعالم الخارجي ميزة تعتمد عليها السياحة في نموها، كذلك التسهيلات التي تقدمها الهيئة الملكية في ينبع أكسبتها قيمة اقتصادية وثقافية واجتماعية.

 

ومن هنا فإن لمحافظة ينبع طابعًا خاصًا، حيث الماضي والحاضر يتعانقان، فينبع النخل مدينة قديمة بها من الشواهد التاريخية دلالات كثيرة، وينبع البحر مدينة صناعية حديثة، يوجد بها مقومات السياحة الترفيهية الحديثة. وقد أقيم بها عدد من المرافق الأساسية التي تجذب الاستثمار السياحي، ومن أهم المقومات السياحية بها منتجع أراك والشواطئ الخلابة والرمال الناعمة والمياه الهادئة.

 

 

يمكن القول حقًا إن العلا عاصمة الآثار في المملكة؛ فهي محافظة غنية بالآثار القديمة خصوصًا آثار مدائن صالح، إذ تمثل وجهة سياحية للمهتمين بالتاريخ، سواء لسكان المملكة أو لزوارها من الحجيج والمعتمرين والزوار الذين يرغبون في معرفة بعض آثار وتاريخ الأنبياء السابقين، ولا تقتصر محافظة العلا على المواقع التاريخية والأثرية فحسب، بل إنها أيضًا متحف طبيعي حيث يوجد عدد من المشاهد الصخرية الرائعة مثل صخرة الفيل  ومنطقة شرعان.

 

 

تشتهر محافظة خيبر بالآثار القديمة، خصوصًا الحصون والسدود، وهي مشروع استثمار سياحي واعد.

 

 

أبرز معالم المهد منجم الذهب، ومنه سميت المهد بمهد الذهب، ويوجد في المحافظة مواقع تاريخية وأثرية مثل درب زبيدة المعروف بدرب الحج العراقي الممتد من الشمال إلى الجنوب مارًا بمدينة المهد، ويمكن تنمية هذا الدرب وتطويره سياحيًا، كذلك يوجد في المحافظة بعض الآثار القديمة مثل آثار قصر العوارض بقرية أرن وآثار صفينة بحارة القصر، وتتميز المحافظة بوجود منجم الذهب الكبير الفريد من نوعه الذي يمكن أن يوظف سياحيًا، كما أن البيئة الصحراوية للمحافظة تعزز قيام أنشطة سياحية برية  

 

 

يغلب على طبيعة محافظة الحناكية البيئة الصحراوية وحياة البداوة؛ ما يجعلها مؤهلة لأن تكون رائدة في مجال الترويح والرياضة المتعلقة بسباق الهجن وسباق مزايين الإبل، ويجب ألا يغيب عن الأذهان أن المحافظة تحوي مواقع أثرية مهمة كالربذة وجبل العهين.

 

وعليه فإن منطقة المدينة المنورة مثوى قبر رسول البشرية ومعلم الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم هي بداية السياحة ومنطلقها ضمن الإقليم الأكبر الذي يضم بكل فخر مكة المكرمة عظمها الله قبلة المسلمين وكعبتهم والعاصمة الدينية للمملكة العربية السعودية.