الموت بداية ونهاية!

الكاتب: المدير -
الموت بداية ونهاية!
"الموت بداية ونهاية!

 

الموت بداية ونهاية، وقد صدَق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما وصَف الموتَ بهادم اللذات.

 

يُنهي الموتُ زمنًا ليبدأ زمنٌ آخرُ جديد، له خصائصه ومقاييسه، والعبد في الدَّارِ الآخرة؛ إمَّا شَقِي أو سعيد، ولا ثالثَ لهما، تُطوى صفحاتُ الحياة لتبدأَ صفحات أخرى، ستستند إلى عملِ العبد في دنياه، فأهلُ المعروفِ والخير يَلقون معروفًا وخيرًا، وأهل الفجور والشرِّ يَلقون شرًّا وجحيمًا.

 

إنَّها مشاهدُ الحقيقةِ والمُطلق، فالنعيم هنالك حقيقي خالص، والجحيم حقيقي خالص.

 

يتأسَّف أهلُ الدُّنيا على فقيدهم، يبكون ويَنوحون، ويَلطمون الخدود، ويَشقُّون الجيوبَ، فلا يُرجعونه ولا يؤثرون، بل يُؤْثَرون - إنْ كان سلوكُهم كما وصَفْتُ لك - يُؤْثَرون بالإثم والذنب، مِن هؤلاء مَن يبكي حقيقة؛ لأنه أدرَك الخطر بفَقْد حبيبٍ أو عائل، ومنهم مَن يبكي كذبًا ونفاقًا، وقلبه أقْسى من الحديد الصُّلب، ومنهم مَن يبكي خوفًا من هذا اليوم الذي يوقِن أنه ملاحقه، فمُدرِكه.

 

سرعان ما تعودُ المياه لمجاريها، وحليمة إلى دَأْبها القديم، فيُنْسَى الحَدَث ويُطوى طيًّا، بفضْل نعمة النِّسيان ونقمته[1]، ويذكر الميت في أوقات حَدثًا من التاريخ، فتَنتهي المواعظُ المساقة مع موْته، ليرجع عزيز إلى قنينته، وفريد إلى لَهْوه ولَغْوه، وكريمة إلى بيتها القديم، وكلُّهم يجري في اتجاهِ الموت، من حيث يدري ولا يدري.

 

سُلطة الموت -بإذن الله- تتحدَّى الأطباء والخُبراء واللذات، وتُثبت تحدِّيها في كلِّ الأوقات والأحيان، حاوَل أهلُ الميدان فما أجْدَت محاولاتهم فتيلاً ولا قِطْميرًا، استعاروا الأعضاء والأبضاع، والأيدي والأرجُل والقلوب، وما استطاعوا استعارةَ الحياة - ولو قليلاً منها.

 

لو كُنَّا نتذكَّر هادِمَ اللذات، ومُفرِّق الجماعات، لخَفَّت الآفات، وقلَّت الآلام وقلّ التَّهافُت نحو الدنيا وحُطامها.




[1]- نعمة لبعض، ونقمة لآخرين.


"
شارك المقالة:
792 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook