الموسوعة الجغرافية المصغرة

الكاتب: رامي -

الموسوعة الجغرافية المصغرة


س. المطر الحمضي



المطر الحمضي ظاهرة حديثة شدت الأنظار بعد أن سببت كثيراً من الأضرار لمختلف عناصر البيئة. وقد تبين أن السبب الرئيسي في تكون المطر الحمضي هو إحراق الكميات الهائلة من الوقود الأحفوري، خاصة الفحم الحجري والبترول التي تنفث في الهواء ملايين الأطنان سنوياً من غازات الكبريت Sulfur (S) والنيتروجين Nitrogen (N). ويأتي في مقدمة مصادر هذه الملوثات محطات توليد الطاقة، ومحطات تكرير النفط، والمصانع والسيارات.



والمطر الطبيعي يكون حمضياً نوعاً ما بسبب ذوبان غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 الموجود في الهواء في الرطوبة الجوية مكوناً حمض الكربونيك الخفيف H2CO3 كما في المعادلة التالية:



 







CO2



غاز ثاني أكسيد الكربون



 



+



 



 



H2O



ماء



 



CO2



ثاني أكسيد الكربون مذاب



 



+



 



 



H2O



ماء



 





 



 



 



 



 







CO2



ثاني أكسيد الكربون المذاب



 



 



 



+



 



 



H2O



ماء



 




 



 



 



 



 



 






إلا أن المطر غير المتأثر بالملوثات تكون حموضته معتدلة جداً على مقياس الحموضة pH (انظر شكل مقياس حموضة المحاليل) حيث يبلغ نحو 5.6.



أما عندما تزيد حموضة المطر عن هذا المعدل بسبب ذوبان غازات الكبريت والنيتروجين، فإنه يسمى مطراً حمضياً. فثاني أكسيد الكبريت SO2 الناتج من احتراق الوقود الأحفوري يتحول في الهواء تحت تأثير الأشعة الشمسية إلى ثالث أكسيد الكبريت SO3 كما يلي:



 



 







2SO2



غاز ثاني أكسيد الكبريت



 



+



 



 



O2



غاز الأكسجين



 



2SO3



غاز ثالث أكسيد الكبريت



 



 



 



 



 



 



 



 



 






وعند توافر الرطوبة الجوية يذوب ثالث أكسيد الكبريت في الماء ويتحول إلى حمض الكبريت كما يلي:



 







SO3



ثالث أكسيد الكبريت



 



+



 



 



H2O



مـاء



 



H2SO4



حمض الكبريتيك



 



 



 



 



 



 



 






أما ثاني أكسيد النيتروجين NO2 الناتج من اتحاد النيتروجين الجوي والأكسجين في درجات الحرارة العالية الناجمة عن احتراق الوقود الأحفوري فيمر بعدة مراحل ليكون في النهاية حمض النيتروجين، أو ما يُعرف بحمض الأزوت.



ففي البداية يحدث تفاعل كيموضوئي حيث يمتص غاز ثاني أكسيد النيتروجين الأشعة فوق البنفسجية من الإشعاع الشمسي ليتكون أول أكسيد النيتروجين والأكسجين الذري:



 



 






NO2



ثالث أكسيد النيتروجين



 



+



 



 



hv



أشعة فوق بنفسجية



 



NO



أول أكسيد النيتروجين



 



+



 



 



O



أكسجين ذري



 





 



 



 



 



 






ومن ثم يتفاعل الأكسجين الذري مع الأكسجين الجزيئي مكوناً الأوزون O3:



 






O



أكسجين ذري



 



+



 



 



O2



أكسجين جزيئي



 



O3



أوزون



 




 



 



 



 



 






ومن ثم يتفاعل غاز الأوزون مع الهيدروكربونات مثل الميثان CH4 والإيثان C2H2 والإثلين C2H4 المنبعثة من الاحتراق الكامل وغير الكامل للوقود الأحفوري، مكوناً حمض الأوزوت HNO3. وقد بدأت مشكلة المطر الحمضي تتفاقم منذ النصف الثاني للقرن العشرين في كل من أوروبا الغربية، وشرقي الولايات المتحدة الأمريكية. فمثلاً نجد أن حمضية المطر عام 1956 لم تكن حادة ولا تنتشر إلا في شرقي بريطانيا وبجر الشمال إلى الشرق من بريطانيا حيث تنقل إليه الملوثات مع الهواء المتحرك (انظر شكل حمضية المطر في أوروبا عام 1956). وفي غضون عشر سنوات نجد أن شدة حمضية المطر ازدادت كما ازداد انتشاره الجغرافي ليشمل معظم أوروبا الغربية (انظر شكل حمضية المطر في أوروبا عام 1966).



ومن أهم آثار المطر الحمضي على البيئة ما يلي:



1. التأثير على البيئات المائية



يتجلى تأثير المطر الحمضي بوضوح كبير في البيئات المائية العذبة، مثل البحيرات والأنهار والمستنقعات، حيث تتلقى المطر الحمضي مباشرة عندما يسقط عليها، أو بطريقة غير مباشرة عندما يسيل إليها بعد سقوطه على الغابات والجبال والحقول والمباني والطرق. وعادة تكون درجة حموضة المياه العذبة غير الملوثة بين 6 و8، باستثناء بعض البحيرات التي تكون مائلة للحموضة بشكل طبيعي، دون أن تتعرض للمطر الحمضي. ويكون تأثير المطر الحمضي أكثر جلاءً في المسطحات المائية الحساسة التي تكون في أحواض تصريف قدرة تربها على معادلة الحموضة منخفضة، ما يجعل كميات من عنصر الألمنيوم الموجود في معادن التربة تذوب في المياه وتتراكم في الأنهار والبحيرات جاعلة هذه المياه سامة جداً للعديد من أنواع الكائنات الحية المائية.



واقتران حموضة المياه بازدياد نسبة عنصر الألمنيوم السام في المياه يحدث سلسلة من التأثيرات التي تؤذي أو تقتل أسماك معينة، أو يقلل من عدد الأسماء، أو قد تقضي تماماً على أنواع معينة في هذه البيئات. ولا تتساوى جميع الكائنات الحية في المياه العذبة في قدرتها على تحمل المياه الحمضية، فبعضها يستطيع تحمل الحموضة إلى درجات عالية، والبعض الآخر حساس جداً (انظر شكل درجة تحمل بعض الكائنات لحوضة المياه العذبة). وبشكل عام، تكون الحيوانات الصغيرة العمر أكثر حساسية لحموضة المياه من الحيوانات البالغة، فمثلاً نجد أن بيض أغلب أنواع الأسماك لا يفقس عندما تصل درجة حموضة المياه إلى 5، أما إذا زادت درجة الحموضة عن ذلك فإن بعض الأسماك البالغة تموت.



2. التأثير على الغابات



لقد لاحظ العلماء في النصف الثاني من القرن العشرين أن الغابات بدأ يتباطأ نموها مقارنة بمعدلات نموها السابقة، كما أن أوراق وأشواك الأشجار تتحول إلى اللون البني ومن ثم تموت في المواسم التي يفترض فيها أن تكون خضراء وسليمة، وفي بعض الحالات تموت الأشجار بكاملها في بعض المناطق من الغابة دون سبب واضح. وقد توصل العلماء بعد سنين من جمع البيانات عن كيميائية وبيولوجية الغابات إلى أن المطر الحمضي ممكن أن يقلل من معدل نمو الغابات ويحدث لها إصابات وأحياناً الموت التام.



وفي العادة، لا يكون المطر الحمضي سبباً مباشراً في قتل الأشجار، إنما يقوم بإضعاف الأشجار وتدمير أوراقها، والحد من العناصر الغذائية المتاحة لها في التربة من طريق غسلها، وزيادة العناصر السامة للنباتات في التربة. فالماء الحمضي يقوم بإذابة العناصر الغذائية من معادن التربة ويغسلها من منطقة جذور الأشجار قبل أن تمتصها الأشجار، كما ينتج عن هذه الإذابة الزائدة لمعادن التربة تركز بعض العناصر السامة للنبات مثل عنصر الألمنيون الذي تزيد ذائبيته في الماء كثيراً كلما زادت حمضية المحلول المائي.



3. التأثير على المحاصيل الزراعية



مع أن المطر الحمضي يعمل على تدني إنتاجية المحاصيل الزراعية بالأسلوب نفسه الذي يؤثر به على الغابات، إلا أن التأثير هنا يكون عادة محدوداً لأن المزارعين يضيفون الجير إلى التربة ما يزيد من قدرتها على معادلة حموضة المطر، كما يضيف المزارعون الأسمدة إلى التربة، ما يعوض العناصر الغذائية المفقودة منها بسبب المطر الحمضي.



4. التأثر على المنشآت المدنية



يؤدي المطر الحمضي إلى تجوية المباني والمنشآت المدنية خاصة المبنية من الحجر الجيري المكونة أساساً من معدن الكالسايت CaCO3 والذي ينجوي سريعاً مع زيادة الحموضة كما يلي:






CaCO3



معدن الكالسايت



 



+



 



 



H+



هيدروجين



 



Ca2+



كالسيوم



 



+



 



 



HCO3-



حمض



 




 



 



 



 



 



 






وقد كان ذلك واضحاً في العديد من التماثيل والنصب التي قاومت التجوية الكيماوية لمدد طويلة ثم تسارعت تجويتها بعد زيادة تركيز غازات الكبريت في المدن الكبرى والمناطق الصناعية.



 





شارك المقالة:
138 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook