ط. البروج
تعرف الإنسان، منذ القدم، على النجوم وعلى تشكيلاتها كما تظهر في القبة السماوية. وكان الإنسان مهتما بمراقبة هذه التشكيلات والتمييز بينها، إذ كان يعزل في مخيلته عددا من النجوم اللامعة المتقاربة (قد يكون عددها ثلاثة أو بضعة عشر من النجوم)، ويطلق عليها اسم مستوحى في الأصل من مشابهة هذه التشكيلات من النجوم لحيوان كالدب، والأسد، والحوت، والفرس ...، أو لمشابهتها البطل أو إنساناً مشهوراً حقيقياً أو خرافياً أو لمشابهتها للأواني والأدوات كالدلو، والمغرفة، والقوس، والميزان، كما يوضح (شكل الأبراج)، ومن الجدير بالذكر أن مراقبة هذه التشكيلات من الأرض كانت تظهرها كأنها على بعد متساو، مع أنها تتفاوت في بُعدها عن الأرض تفاوتا كبيراً. وسميت هذه المجموعات أو التشكيلات من النجوم بالبروج. ويعتقد أن أول من تعرف إلى البروج وأعطاها أسماء مميزة شعوب ما بين النهرين في الألف الثالث قبل الميلاد.
وكان الإنسان القديم يهتدي بتشكيلات النجوم لمعرفة الوقت والاستدلال على الجهات الأربع. قال الله تعالى:وَعَلاَمَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ. ولا يزال الإنسان إلى يومنا الحاضر يهتدي بالنجم والبروج في أسفاره بالصحاري والبحار، كما أن النجوم والبروج لها أهميتها في الملاحة والرحلات الفضائية.
إن أسماء البروج والتعرف عليها أسهم فيها السومريون، والكلدانيون، والإغريق، والعرب، والمسلمون. وبلور ذلك العالم الإغريقي بطليموس في القرن الثاني الميلادي، فقد اختار 48 برجاً، ووصف تركيب النجوم فيها، وأعطاها أسماء معينة، ليسهل التعرف عليها والرجوع إليها. ولا يزال بعض هذه الأبراج يشبه الحيوان أو الشيء الذي سمى به قديما، بينما لا نجد أي تشابه للبعض الآخر مع الاسم، لكونها أعطيت هذه الأسماء في الأزمنة القديمة لانطباع معين أو لشيء متعارف عليه آنذاك.
وتعتمد تشكيلات النجوم في البروج على اللمعان الظاهري للنجوم وعلى أبعادها النسبية في السماء ـ كما تظهر في الأرض ـ وليس على أبعادها الحقيقية. قال الله تعالى:تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا.