النظر والاعتبار في جمالية الكون

الكاتب: المدير -
النظر والاعتبار في جمالية الكون
"النظر والاعتبار في جمالية الكون

 

يسعى الإسلام إلى تنمية الإحساس بالجمال لدى المسلم؛ وذلك بدعوته إلى النظر والتدبُّر في مظاهرِ جمالية الكون، فما أثرُ هذا التدبُّر؟ وما العبرة التي يتوخَّاها الإسلامُ من وراء ذلك؟

 

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وبثَّ فيه من آيات الإبداع والجمال والحسن والبهاء ما يدلُّ على عظَمتِه وجماله، وقدرتِه جل جلاله، ثم أمَر الإنسان بالنظر فيه؛ لاكتشاف نظامه المحكم، وتناسُقه المتقن، وروعة بنائه، ودقة صُنعه، قال تعالى: ? وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ? [الملك: 5].

 

فالناظر بتفكُّر وتدبُّر في أرجاء السماوات، لا بد أن يُدرك ما فيها من الإتقان الباهر، والتناسُق البديع، والجمالِ الذي يسحر العيون؛ حيث رفعها سبحانه وتعالى بغير عَمَدٍ، وزيَّنها بالنجوم التي تُضيء أرجاءَ هذا الكون الفسيح.

 

ويلفِتُ القرآن الكريم نظر الإنسان إلى جمال الأرض، وما فيها من نبات وأشجار وحيوان ومناظر طبيعية خلَّابة، فجعل سبحانه الأرض ممتدةً ومحكمة بجبال شامخات، ودعا الإنسان إلى تأمُّل هذا الجمال؛ ليستمتع به، ويستجلي أسراره؛ قال تعالى: ? وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ? [الأنعام: 99]، وقال عز من قائل عن الحيوانات التي سخَّرها الله تعالى للإنسان: ? وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ? [النحل: 8]، فالله سبحانه لم يخلقْها للانتفاع بمنافعها المادِّية فقط، بل أيضًا للاستمتاع بجمالها وزينتها؛ ولذلك أراد القرآن الكريم أن يُنمِّي في الإنسان الإحساس بالجمال، وذلك بأن يمتِّع به بصره وقلبه، وأن يستجلي مصدر هذا الجمال الباهر، الذي هو الله سبحانه وتعالى المتَّصف بصفات الجمال المطلق.

 

إن الإسلام لم يقصد من النَّظر في جمال الكون مجرد إثارة إحساس الإنسان بهذا الجمال والاستمتاع به وتذوُّقه فحسب؛ وإنما يقصد شيئًا أعظم من ذلك، وهو الوصول إلى معرفة الله تعالى؛ وذلك بالوقوف على عظيم قدرته وجماله وجلاله، فيؤمن به ويُسبِّحه ويُقدِّسه، ويستغفره ويشكره على آلائه ونعمه، فيزداد ارتباطه بخالقه سبحانه وتعالى، ثم ينعكس ذلك كلُّه على حياته وسلوكه، وذلك أعظم مقصد يُرام من التأمُّل والتدبُّر في هذا الكون.


"
شارك المقالة:
32 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook