النقوش الإسلامية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
النقوش الإسلامية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

النقوش الإسلامية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
على الرغم من كثرة المواقع الإسلامية في المنطقة، كتلك التي تعبرها طرق التجارة والحج الرئيسة والفرعية، إلا أن الكتابات عليها محدودة جدًا، إذا ما قورنت بأهمية المنطقة التاريخية، وكذا بكثافة المارين عبرها من داخل الجزيرة العربية وخارجها، وعلى الرغم من كثرة الجبال الصالحة للنقش على صخورها في المنطقة، حيث إن هذا الأمر يتوقف على عدد من الظروف التي تجب مراعاتها عند البحث عن النقوش الصخرية؛ كأن تكون الجبال قريبة من طرق الحج أو التجارة أو المسالك الداخلية الأخرى، وأن تكون في موقع يتريث فيه الناس لفترات تسمح بتنفيذ النصوص عليها، ومن ناحية أخرى يجب ألا يغفل عند البحث عن سبب قلة الكتابات، أنه ليس كل من يمر عبر هذه المواقع لديه القدرة والمعرفة وأحيانًا الإمكانية للكتابة. ثم إن الكتابة بحد ذاتها ليست من الأمور الضرورية التي تخدم سالكي طرق التجارة أو الحج كالآبار والبرك، وإن كانت جوهرية فيما يتصل بالعلامات الإرشادية من قبيل الأميال والأعلام ونحوها.
 
ولعل فحوى النقوش التي عُثر عليها في هذه المنطقة يؤيد هذا الأمر، إذ إنها تنص على أمور شخصية تتعلق بكاتبها دون غيره من قبيل طلب المغفرة وقبول التوبة وإثبات الثقة بالله، وما شابهها.
 
وعلى الرغم من تعدد المجالات والمواد التي يمكن أن تظهر عليها الكتابات، كشواهد القبور، والكتابات التأسيسية للعمارة في مجالاتها الدينية والمدنية والدفاعية والمائية، إلا أن الكتابات في المنطقة لم تبرز إلا في مجال واحد وهو الكتابات التذكارية على الجبال، ومن اللافت للانتباه أن نسبة كبيرة من النقوش التي تم العثور عليها في المنطقة ظهرت في أقصى الطرف الغربي لهذه المنطقة أي على الأطراف الشرقية للمدينة المنورة؛ حيث تم العثور على معظم النقوش في منطقة ضرية، وذلك في جبل سناف وجبل خشم الغار شرقيها، وغيران سبيتان شماليها، في حين لم يُعثر حتى وقتنا الراهن إلا على نقوش قليلة متناثرة في مواقع مختلفة من المنطقة وخصوصًا وسطها وشرقيها، ويمكن عرض النقوش الكتابية التي تم التعرف إليها على النحو الآتي:
 
النقش الأول: 
 
عُثر على هذا النقش والأحد عشر نقشًا التي تليه في جبل سناف بضرية غربي القصيم  .  ونُفذ بالحفر على واجهة صخرية خشنة، ويتكون من ثلاثة أسطر على النحو الآتي:
 
 اللهم اغفر
 
 لحكيم بن إبراهيم
 
 ذنبه ونور له في قبره
 
ويستنتج من هذا النص أنه نقش لطلب المغفرة لـ (حكيم بن إبراهيم)؛ ويلاحظ أنه خالٍ من النقاط، وأنه كُتب بخطٍ كوفي متواضع، كما أن المسافات بين الأسطر، وبداياتها ونهاياتها غير متناسقة، وإن كانت لغة النقش سليمة. كذلك يلاحظ أنه غير مؤرخ، وإن كان أسلوب الكتابة يوحي أنه يعود إلى القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي  . 
 
النقش الثاني: 
 
كُتب هذا النقش على لوحٍ حجري مستوٍ إلى حدٍّ ما وقد حُفرت أحرفه بشكلٍ غائر وعريض، وهو مكون من سطرين، ويقرأ كما يأتي:
 
 اللهم اغفر
 
 لجحيش أو (للحسن) بن محمد
 
يُلاحظ أن كاتب النقش يطلب المغفرة لـ (جحيش بن محمد)، وهو مكتوب بالخط الكوفي البسيط غير المنقط، وترى عليه ملامح جودة التنفيذ من حيث استقامة الأسطر واتزان بداياتها ونهاياتها، بالإضافة إلى سلامة اللغة. واستنادًا إلى نمط الكتابة، فإن تاريخ النقش يمكن أن يعود إلى القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
 
النقش الثالث: 
 
نُفذ النقش على كتلة صخرية مواجهة، وقد حفر بخطٍ واضح وغائر ويتكون من سطرين هما:
 
 الله ثقة محمد
 
 بن أحمد وولده أو (وليه)
 
كتب النقش بخطٍ كوفي حسن غير منقط لإثبات الثقة بالله، ويبدو أن منفذه ذو معرفة جيدة بالكتابة؛ حيث يلاحظ أنها متناسقة في كلماتها وأحرفها، كما يلاحظ التشابه بين أحرفها المكررة كالدال، واللام والميم، ويمكن من خلال نمط الكتابة أن يؤرخ لهذا النقش بين القرنين الثاني والثالث الهجريين/الثامن والتاسع الميلاديين.
 
النقش الرابع: 
 
كُتب على الكتلة الصخرية نفسها التي كُتب عليها النقش السابق رقم 3 وفي الواجهة نفسها، وإن كان أقل عمقًا وأصغر حجمًا، وهو مكون كذلك من سطرين هما:
 
 الله إله محمد
 
 بن علي ووليه أو (وولده)
 
يُلاحظ أن النقش كُتب لإثبات الإيمان بالله، بالخط الكوفي البسيط من غير تنقيط، وهو كسابقه متناسق الأسطر والكلمات، ولغته سليمة؛ وهناك شبه كبير بين النقشين سواء من حيث رسم الأحرف أو من حيث البداية بالاسم (محمد) الذي ربما يكون هو صاحب النقش. ويمكن أن يؤرخ لهذا النقش كسابقه أي بين القرنين الثاني والثالث الهجريين/الثامن والتاسع الميلاديين.
 
النقش الخامس: 
 
نُفذ على واجهة كتلة صخرية جرانيتية ضخمة خشنة، ويتكون من ثلاثة أسطر هي:
 
 محمد بن أبي السلم
 
 يشهد أن لا إله إلا الله
 
 وحده
 
النقش هو جملة إيمانية لإثبات الشهادة لله ووحدانيته - عز وجل - وقد نُقش بخطٍ كوفي متقن غير منقوط، ويلاحظ عليه الدقة في التنفيذ، واستقامة الأسطر، والتناسق في الأحرف والكلمات، كما يلاحظ عليه مسحة زخرفية تجميلية تظهر على رؤوس الأحرف هي مثلث يتجه نحو مسار الكتابة في أحرف الألف والسين، كما تظهر الألف قائمة بذنب في أسفلها يميل نحو اليمين، واستنادًا إلى نمط كتابة النقش فيمكن تأريخه بالقرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي 
 
النقش السادس: 
 
على الواجهة الصخرية السابقة نفسها وأسفل النقش رقم 5 مباشرة، كُتب نقش مكون من سطرين على النحو الآتي:
 
 اللهم اغفر لحسن
 
 بن أيوب
 
كُتب هذا النقش بخط كوفي متواضع غير منقوط لطلب المغفرة لـ (حسن بن أيوب)، ويلاحظ أن هناك شيئًا من التناسق بين سطريه، إلا أنه خالٍ من الملامح الزخرفية؛ ولعله حسب نمط خطه يعود إلى نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
 
النقش السابع: 
 
كُتب على واجهة صخرة خشنة غير مستوية، وهو مكون من سطرين على النحو الآتي:
 
 حسن بن أحمد يتوكل
 
 على الله
 
يُلاحظ أن النقش هو لإثبات التوكل على الله، وقد كُتبت العبارة بخط كوفي عتيق متواضع الشكل وغير منقوط، كما يلاحظ عليه عدم التقارب بين كلماته وعدم التناسق بين سطريه، ويحتمل أنه يعود إلى نهاية القرن الثاني أو بداية الثالث الهجري / التاسع الميلادي، وهو للثاني أقرب.
 
النقش الثامن: 
 
جاء هذا النقش على كتلة صخرية خشنة، وحُفر بعمق متوسط، ويتكون من ثلاثة أسطر تُقرأ كما يأتي:
 
 بسم الله الرحمن الرحيم
 
 اللهم اغفر لمحمد
 
 بن حسين (ذنبه)
 
كُتب النقش لطلب المغفرة لـ (محمد بن حسين) وذلك بخط كوفي متواضع وغير منقوط، ومن أبرز ما يميزه أنه استهل بالبسملة، وهي ظاهرة ربما لن تتكرر في نقوش هذا الموقع، ومن المحتمل أن هذا النقش قد نفذ فيما بين القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين.
 
النقش التاسع: 
 
كتب هذا النقش المطول الجميل على صخرة مستوية شبه ملساء، ويتكون من أربعة أسطر هي:
 
 وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا
 
 الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أ
 
 حلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا
 
 فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب
 
يمثل هذا النقش نص الآيتين القرآنيتين الكريمتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من سورة (فاطر). وقد كتب بخطٍ كوفي جميل وغير منقوط، ويبدو أن كاتبه ذو خبرة جيدة بالكتابة، ويتبين ذلك في استقامة الأسطر وفي تناسق أحرف النقش وكلماته بشكلٍ عام، ولعل كاتبه يحمد الله على ما أنعم به عليه من بلوغ هذا المكان، عندما اختار هذه الآية العظيمة الجامعة المعبرة. وحسب نمط الكتابة يمكن أن يعود النقش إلى القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي  
 
النقش العاشر: 
 
نُفذ هذا النقش على صخرة جرانيتية خشنة وذلك من خمسة أسطر هي:
 
 اللهم إذا
 
 جمعت الأولين والآ
 
 خرين لميقات يوم معلوم
 
 فاجعل يحيى بن ذييب
 
 من رفقاء محمد في الجنة
 
يلاحظ أن هذا النص كتب لطلب الجنة لـ (يحيى بن ذييب)، وقد نُفذ بخطٍ كوفي جميل غير منقوط، ويلاحظ أن بعض رؤوس أحرف النص ذات زيادات زخرفية كالألف واللام والهاء.   
 
واستنادًا إلى نمط الكتابة فإنه يمكن تأريخ هذا النقش بالقرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
 
النقش الحادي عشر: 
 
كُتب هذا النقش على صخرة ضخمة خشنة إلى حدٍّ ما ويتكون النقش من ثلاثة أسطر هي:
 
 اللهم إن إبراهيم
 
 بن زياد بك واثق فلا
 
 تخذله
 
كُتب هذا النقش لإثبات الثقة بالله من قبل (إبراهيم بن زياد)، وقد نُفذ بخطٍ كوفي جميل وغير منقوط، وتتميز أسطره وكلماته وأحرفه بالتناسق والاستقامة، كما تظهر على أحرفه بعض المظاهر الزخرفية. ويمكن تأريخ هذا النقش بالقرن الثالث الهجري.
 
وقد ظهر اسم (إبراهيم بن زياد) على نقش في موقع جنوب سميراء الواقعة على درب زبيدة، وقد أُرخ بالقرن الأول الهجري / السابع الميلادي.
 
النقش الثاني عشر: 
 
ظهر هذا النقش على واجهة صخرية خشنة، ويتكون من سطرين هما:
 
 اللهم اغفر
 
 ليحيى بن (ذييب)
 
كُتب النقش لطلب المغفرة لـ (يحيى بن ذييب) الذي ظهر اسمه في النقش رقم 10، وتظهر عليه ملامح فنية من حيث استقامة الأسطر وتناسق الكلمات، وكذا في شكل الأحرف. وحسب نمط الكتابة في هذا النص فإنه يمكن أن يؤرخ بنهاية القرن الثالث الهجري / العاشر الميلادي.
 
النقش الثالث عشر:
 
كُتب هذا النقش على صخرة قريبة من قصر مارد بالأسياح (النباج)، وذلك في تجويف داخلي على شكل كهف قد ساخ في الأرض، والنقش مكون من ثلاثة أسطر هي:
 
 اللهم ا
 
 غفر لعبدك
 
 (محمد)
 
ويُلاحظ على النقش أنه كتب بخطٍ كوفي بدائي غير منقوط، وخالٍ من الزوائد الزخرفية على رؤوس الأحرف فيما عدا حرف الألف القائم على ذنب يميل في أسفله نحو اليمين، ويمكن تأريخ النقش استنادًا إلى نمط كتابته بالقرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي  
 
النقش الرابع عشر: 
 
نُفذ النقش على واجهة جبل الكويفر في النبهانية قرب الفوارة في منطقة القصيم  ،  وهو مكون من ثلاثة أسطر تُقرأ كما يأتي:
 
 اللهم اغفر لموسى
 
 بن (جعفر) ذنبه كله
 
 وارحم مَنْ قال آمين
 
كُتب هذا النقش لطلب المغفرة لـ (موسى بن جعفر) وذلك بخطٍ كوفي واضح غير منقوط، ويلاحظ أنه ذو طابع مبكر، حيث تشاهد زيادة بسيطة في أسفل الألف تميل نحو اليمين حتى أن حنية الألف في (آمين) قد اشتبكت مع أسفل حرف اللام في (قال)، كما يلاحظ عليه أن أسطره وكلماته متناسقة إلى حدٍّ ما وحسب نمط خط هذا النقش يمكن تأريخه بالقرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
 
النقش الخامس عشر:
 
نُفِّذ النقش بشكل متقن على واجهة صخرية ملساء داكنة اللون، لذلك ظهرت كلماته واضحة المعالم. وهو مكون من أربعة أسطر تُقرأ على النحو الآتي:
 
 الله رب كلاب
 
 محمد نبيه والاسلام دينه
 
 صلى على محمد وسلام
 
 ور حمـ ــه
 
السطر الأول يتضمن عبارة الإقرار لله تعالى بالربوبية مصحوبة باسم صاحب النقش (كلاب). وقد جاء الاسم مجردًا من اسم العائلة أو القبيلة، وهو بذلك يفقد النقش إمكانية معرفة بعض خصائصه كالتاريخ ونحوه، والاسم (كلاب) يُعَدُّ على أي حال من الأسماء الشائعة عند العرب  ،  ومن أشهرها كلاب بن مرة الجد السادس للرسول - صلى الله عليه وسلم -  ،  وكذلك كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصة من قيس عيلان العدنانية، الذي تنسب إليه قبيلة بني كلاب التي كانت تستوطن ضرية وما حولها في فترة ما قبل الإسلام، وخلال العصر الإسلامي المبكر  
 
وفي السطر الثاني جاءت عبارة الإيمان بالرسول محمد نبيًا والإسلام دينًا. أما السطران الثالث والرابع فيشتملان على عبارة الصلاة والسلام على النبي والترحم عليه، ويتضح من مضمون النقش أنه مستوحىً من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا، غُفر له ذنبه)  
 
ويُلاحظ أن النقش - بالإضافة إلى أنه كُتب بخط واضح وبأسطر متوازية وبكلمات متناسقة - ظهر فيه حرف الألف المبتدئة مرسوم بزائدة سفلية نحو اليمين، وذلك على غرار النقوش الإسلامية المبكرة  .  كذلك يلاحظ في السطر الثالث أن عبارة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كُتبت بعبارة مختلفة عن المعتاد، كما أن كلمة (ورحمه) جاءت دون حرف الهاء النهائية.
 
النقش السادس عشر:
 
كُتب النقش بشكل سطحي على واجهة جرانيتية خشنة سمراء، ويتكون من سطرين هما:
 
 الله ثقة
 
 عبيد بن بدر
 
ومن مضمون النقش يتضح أن صاحبه (عبيد) يؤكد فيه ثقته بالله تعالى، وهذا الاسم من الأسماء الشائعة التي يكثر تداولها في الجزيرة العربية عند البادية والحاضرة على حدٍّ سواء  .  ومما يلاحظ على أسلوب الكتابة أن سطريه غير متساويين من حيث الطول، حيث اختار النقاش أن تأتي الكتابة في سطرين أحدهما فوق الآخر، وإن كانت هناك مسافة مناسبة عند نهاية السطر العلوي تكفي للسطر السفلي، على أن الكاتب التزم ببداية متناسقة للسطرين.
 
النقش السابع عشر:
 
نُفذ النقش على واجهة جرانيتية خشنة جدًا، وقد أثر ذلك على هيئته وترتيب سطوره الثلاثة واستقامتها، على الرغم من وجود مساحة كافية في تلك الواجهة، ويقرأ النقش على النحو الآتي:
 
 اللهم اغفر
 
 لمحمد
 
 علي
 
مضمون النقش هو الدعاء بالمغفرة لصاحبه (محمد علي)، الذي يُعَدُّ من الأسماء العربية المألوفة. ويلاحظ أن النقش خالٍ من لفظة البنوة بين الاسمين محمد وعلي، وهو أمر غير معتاد في هذه الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين التي يعود إليهما تاريخ النقش  
 
النقش الثامن عشر: 
 
كُتب النقش على واجهة صخرية منتظمة بخط كوفي واضح من أربعة أسطر هي:
 
 1- اللهم ابعث على الأغراب
 
 2- من يسومهم سوء العذاب
 
 3- وأعز الاسلام بذل الأغراب
 
 4- يا رب يار ب
 
وتبدو سطور النقش مستقيمة، وبداياتها ونهاياتها منتظمة، كما أن عدد الكلمات متماثل في كل الأسطر عدا السطر الرابع الذي فيه ينتهي سياق النص، وهكذا الحال بالنسبة إلى حجم الحروف والكلمات، بالإضافة إلى الالتزام برسم موحد للحروف المتشابهة مثل (الألف والعين والغين واللام والهاء والميم)، وهي مواصفات نقوش القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي  ،  وتبين في الوقت نفسه مدى قدرة النقاش الفنية والمعرفية، ويدل مضمون النقش على دعاء الله تعالى أن يسلط على الأغراب من يسومهم سوء العذاب، ويهب العزة والتمكين للإسلام. ولعل لهذا النص - الذي لا يشتمل على اسم شخص بعينه - صلة بالأحداث التاريخية التي مرت بها ضرية عام 231هـ / 845م في أثناء فترة حكم الخليفة العباسي الواثق بالله 227 - 232هـ / 841 - 846م، حينما أرسل جيشًا بقيادة القائد التركي بغا الكبير للقضاء على تمرد بعض القبائل العربية في الجزيرة العربية، ومن بينها قبيلة بني كلاب في ضرية  
 
النقش التاسع عشر: 
 
نُفذ النقش بخط كوفي مجود على واجهة صخرية شبه مستوية، ويتكون من أربعة أسطر تقرأ كالآتي:
 
 محمد رسول
 
 الله
 
 بالله ثقة (برية / ثرية)
 
 بن (جبار/حبار)
 
ويلاحظ أن أسطر النقش غير متناسقة من حيث بداياتها ومن حيث المسافات بينها، حيث ظهر السطران الأول والثاني كأنهما نقش منفرد قائم بذاته، كما ظهر السطران الثالث والرابع أسفل النقش العلوي كأنهما نقش منفصل، وقد يكون الوضع كذلك عند أخذ المسافة الفاصلة وربما سياق النص في الحسبان، لكن هيئة الأحرف والكلمات وأسلوب التنفيذ عمومًا توحي أنها نُقشت من قبل شخص واحد في وقت واحد.
 
ويدل مضمون النقش على الإقرار بالرسالة المحمدية، وكذلك إثبات الثقة بالله تعالى من قبل صاحبه. كما أن المقطع السفلي منه يحمل اسمًا ثنائيًا يقرأ الأول منه (بريه) أو ما يماثله من الأسماء عند نقاط بعض أحرفه مثل (ثريه أو نـزيه)، وأما الاسم الثاني فهو (جبار) أو ما يماثله، وقد ظهر هذا الاسم مكررًا في ثلاثة نقوش في جبال ضرية دون ذكر لبقية نسبه  .  ويبدو أن اسم جبار من الأسماء الدارجة في هذه المنطقة، ومنها جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر بن كلاب الذي جاء ضمن وفد بني كلاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة التاسعة من الهجرة / 630م  
 
النقش العشرون: 
 
يتكون النقش من سطرين كُتبا على واجهة جرانيتية داكنة، لذلك ظهرت كلماته فاتحة اللون، ويُقرأ النقش على هذا النحو:
 
 الله إله (بريه)
 
 بن جبار
 
وجاءت أحرف النقش وكلماته متقنة التنفيذ، ومتناسقة الأحجام. كما أن رؤوس الأحرف مزينة بحليات زخرفية مثلثة الشكل وذلك على غرار النقش السابق، وهي من خصائص نقوش القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ويبدو أن مضمون النقش وهو إثبات الألوهية لله - عز وجل 
 
النقش الحادي والعشرون:
 
نُفذ هذا النقش بشكل سطحي على واجهة صخرية خشنة، لذلك جاءت كلماته غير واضحة المعالم، ولا سيما الأخيرة منها، وهي مكونة من سطرين تُقرأ على النحو الآتي:
 
 الله ثقة
 
 عبيد بن عمير
 
يلاحظ أن السطر الأول خصص لعبارة تأكيد الثقة بالله - سبحانه وتعالى - أما الثاني فخصص لصاحب النقش عبيد بن عمير، ولعل هذا الاسم خاص بعبيد بن عمير بن قتادة الليثي الذي ذكرت بعض المصادر أنه من رواة الحديث التابعين، فقد روى عن أبيه، وعن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي ذر الغفاري، وعائشة، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس - رضي الله عنه -  
 
ومما يلاحظ أن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي قد توفي سنة 68 أو 74هـ / 688 أو 693م، وهذا يعني أن النقش يعود إلى الفترة السابقة لهذا التاريخ في حال كون عبيد بن عمير هو الذي نفذ النقش، أما إذا كان النقش نُفذ من قبل شخص آخر فقد يعود تاريخه إلى القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي، وذلك اعتمادًا على خصائصه الشكلية وأسلوب تنفيذه  
 
النقش الثاني والعشرون:
 
يتكون هذا النقش المنفذ بأسلوب الحز من سطرين هما:
 
 سلم بن جبار يشهد
 
 أن لا إله إلا الله
 
ويتضمن النقش الإقرار بالشهادة لله وحده - سبحانه وتعالى - وقد نُفذ بشكل جيد، حيث إن السطرين متوازيان وبدايتيهما منضبطتان، وحجم الكلمات والحروف متناسقة. ومما يلاحظ أن الألف في بداية السطر الثاني جاءت مستقيمة، في حين ظهرت بها في (إله) وفي لفظ الجلالة (الله) زائدة سفلية نحو اليمين، وذلك يعد من خصائص نقوش القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين، كما يلاحظ أن الكاتب نسي نقش حرف الألف في (إلا)، وعندما استدرك ذلك وضعها في مكانها بشكل مائل  
 
النقش الثالث والعشرون:
 
كُتب على واجهة صخرية غير منتظمة، لذلك ظهرت كلماته متراصة في سطرين، وتقرأ على النحو الآتي:
 
 بالله
 
 ثقة يحيى
 
ويلاحظ على النص الذي يتضمن إثبات الثقة بالله من قِبَل صاحبه (يحيى) أن حرف القاف في (ثقة) جاءت على هيئة دائرة ترتكز على قائم، وهي من خصائص نقوش القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي  .  كما أن أطراف حرفي الحاء والياء في (يحيى) مزودة بأشكال مثلثات مطموسة ذات طابع تجميلي.
 
النقش الرابع والعشرون:
 
كُتب النقش على واجهة مخربشة داكنة اللون، فظهر بشكل واضح سهل القراءة، وهو مكون من سطرين هما:
 
 بالله ثقة سويعد
 
 بن اسمعيل.
 
ويتضمن النقش تأكيد الثقة بالله - تعالى - إلى جانب اسم صاحبه، وقد نُفذ بشكل متقن، فظهرت بداية أسطره منضبطة وأحجام كلماته وأحرفه متناسقة، كما ظهرت زائدة صغيرة نحو اليمين في حرف الألف في اسمعيل، وهي من خصائص نقوش القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين  ومما يلاحظ أن علامة البنوة (ابن) كتبت دون الألف وهي واقعة في أول السطر.
 
النقش الخامس والعشرون: 
 
نُفذ هذا النقش بأسلوب جيد متقن، وذلك من حيث تناسق بداية الأسطر وحجم الأحرف والكلمات. وهو مكون من ثلاثة أسطر تقرأ كما يأتي:
 
 اللهم لا تفضح
 
 صحب هذا الكتاب على
 
 روس الأشهاد
 
يلاحظ أن هناك التزامًا مستمرًا بأشكال الأحرف المتشابهة من حيث الموقع في الكلمات، كالألف واللام ألف والهاء. كما أن أحرف النقش تحمل بعض السمات الفنية كنقش أشكال المثلثات على أسنان السين والشين والألف واللام ألف، كما يلاحظ أن الألف المقصورة في (على) رسمت راجعة نحو الخلف. ومن حيث أسلوب الكتابة يلاحظ أن المد لم يُكتب في كلمة (صاحب)، كما كُتبت كلمة (رؤوس) بتسهيل الهمزة، ولعل هذه سمات تُعَدُّ من خصائص نقوش القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين  
 
 
النقش السادس والعشرون: 
 
كُتب على واجهة جرانيتية مكونة من طبقات متراكبة سهلة التفتت، لذلك تهشمت المناطق المحيطة بالنقش وفقدت أطراف بعض أحرفه، وهو مكون من ثلاثة أسطر تُقرأ على النحو الآتي:
 
 محمود بن
 
 عبدالله
 
 يثق بالله
 
مضمون النقش هو تأكيد الثقة بالله من قِبَل محمود بن عبدالله. أما أسلوب الكتابة فهو منفذ بشكل جيد من حيث تناسق الأحرف والكلمات التي تحمل في مجملها خصائص نقوش القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين. 
 
النقش السابع والعشرون:
 
نُفذ النقش على واجهة خشنة داكنة اللون، لذلك ظهرت الكتابة واضحة سهلة القراءة، ويساعد على ذلك إتقان النقش المكون من سطرين هما:
 
 محمد ربه الله
 
 بن عياض
 
ويتضمن النقش إقرار الربوبية لله تعالى من قِبَل صاحبه، وهي عبارة مقتبسة من عدد من الآيات القرآنية تحمل هذا المضمون،  ويلاحظ أن النقاش كتب اسمه الأول وأتبعه مباشرة بعبارة (ربه الله) ثم أكمل اسم والده تحت اسمه، أو أنه كتب اسمه في سطر واسم والده في سطر آخر، ثم أكمل العبارة في المساحة العلوية بجوار اسمه، ويلاحظ أن الألف سقطت من علامة البنوة (ابن) التي أتت في بداية السطر الثاني.
 
النقش الثامن والعشرون:
 
كُتب النقش بأسلوب الحز الغائر في موقع مرتفع من الجبل وبأسلوب متقن، وإن كانت عوامل التعرية بدأت تنحت سطحه وتخفي بعض معالمه، وهو مكون من ثلاثة أسطر تُقرأ كما يأتي:
 
 بسم الله الحق المبين لا إله إلا الله
 
 اللهم اغفر ليحيى بن ذييب..
 
 اللهم.. بن جبار.
 
ويُلاحظ أن أسطر النقش طويلة نسبيًا عمّا هو معتاد في نقوش هذه المنطقة. كما يلاحظ أن نص النقش يبدأ بالبسملة، وهو في الوقت نفسه الوحيد الذي يخصص لشخصين مختلفين  ،  وهذه الظاهرة الأخيرة قد تساعد في تأريخ تلك النقوش التي تتضمن أحد هذه الأسماء في حال معرفة خصائصه الكتابية والفنية.
 
ومضمون النقش هو طلب المغفرة لصاحبيه (يحيى بن ذييب وابن جبار) وهي من الأسماء التي تكررت في نقوش ضرية.
 
النقش التاسع والعشرون:
 
نُفذ النقش بشكل متقن مما يساعد على سهولة قراءته ومعرفة تفاصيل أحرفه، وهو مكون من سطرين هما:
 
 اللهم إن علي بن محمد بن
 
 القسم يثق بك.
 
ويلاحظ أن النقش استهله صاحبه بكلمة الدعاء (اللهم)، وأتبعها باسمه، ثم عبارة تأكيد الثقة بالله. ومن الناحية الفنية يُلاحظ أن النقش يتميز بجمال الخط، حيث استقامة الحروف وتناسق حجم الكلمات، وإضافة انحناءة طفيفة في أسفل حرف الميم نحو اليسار. كما ينفرد بين نقوش ضرية بكونه الوحيد الذي يظهر فيه الاسم ثلاثيًا  ،  ويجدر التنويه إلى أن الاسم الثالث (القسم) يحتمل أكثر من قراءة على كون إضافة المد كأن يكون (القاسم أو القسام)، وهو أمر يتكرر في عدد من الأسماء التي تماثل هذا الاسم.
 
النقش الثلاثون:
 
كُتب النقش على واجهة صخرية ذات شقوق ونتوءات بارزة، وقد تمكن النقاش من تنفيذ نقشه المطول ووزع كلماته بين ستة أسطر تُقرأ على النحو الآتي:
 
 اللهم
 
 اغفر لمحمد
 
 بن شداد ذنوبه
 
 كلها يا رب
 
 وارحم من قال
 
 امين.
 
ويُلاحظ أن النقش الذي يتضمن طلب المغفرة لصاحبه قد نُفذ بطريقة متواضعة إلى حدٍّ ما، وذلك من حيث عدم تناسق أحجام الأحرف والكلمات، وعدم تناسق بدايات الأسطر ونهاياتها. إلا أن أحرف النقش بوجه عام التزمت بخصائص نقوش القرنين الثاني والثالث الهجريين / الثامن والتاسع الميلاديين، مثل: رسم الحروف المتشابهة، كالألف المبتدئة التي تظهر بزائدة سفلية قصيرة نحو اليمين، وكذلك حرف الحاء والميم والدال  
 
هذا الاسم (محمد بن شداد) هو من الأسماء الشائعة في منطقة ضرية في الماضي والحاضر. وقد ذكر صاحب سير أعلام النبلاء أن (محمد بن شداد بن عيسى البصري) هو أحد أعلام الحديث، وأنه توفي سنة 278هـ / 891م  ،  ولم يشر إلى مكان وفاته، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن صاحب النقش هو هذا العلم الذي عاش في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
 
شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook