يُعد النمو السكاني أحد المدخلات المهمة عند وضع الخطط والاستراتيجيات التنموية. لذلك فإن معرفة معدلات النمو السكاني تُعد ضرورة للتخطيط للخدمات التعليمية والصحية وغيرها. ونظرًا إلى هذه الأهمية، يهتم هذا الجزء بالنمو السكاني في منطقة تبوك في الماضي والحاضر، على الرغم من ندرة البيانات وعدم توافرها.

 

أ - النمو السكاني قبل توحيد المملكة:

 

لا تتوافر معلومات عن عدد سكان منطقة تبوك في الماضي البعيد، عدا بعض المعلومات العامة التي تشير إلى قدم الاستيطان في المنطقة. فمنطقة تبوك ذات تاريخ استيطاني عريق إذ إن بها مستوطنات قديمة منها تيماء وتبوك؛ حيث ورد ذكرها في الكتب القديمة، مثل كتاب (جغرافية بطليموس). ويُذكر أن أول من سكن تيماء العمالقة من بني سام بن نوح. وورد في الوثائق الآرامية القديمة التي عُثر عليها في تيماء أنها كانت مستوطنة آرامية تجارية في نحو القرن الخامس قبل الميلاد. كما ورد أنها لقبائل من بني إسماعيل أو من أبناء إبراهيم من زوجته قطورة. ووصفوا سكان تيماء بأنهم أهل تجارة وأصحاب قوافل تجارية  .  وقدر بلجريف سنة 1279هـ / 1862م عدد سكان تيماء بنحو 12000 نسمة  

 

ب - النمو السكاني خلال الفترة من توحيد المملكة إلى عام 1394هـ / 1974م:

 

على الرغم من ندرة المعلومات السكانية، فقد قدر لوريمر عدد سكان تيماء بنحو 2000 نسمة وذلك في بداية القرن العشرين  .  كما قدر وهبة في الثلاثينات الميلادية من القرن العشرين عدد سكان مدينة تبوك بنحو 800 نسمة، وعدد سكان المويلح بنحو 100 أسرة، وعدد سكان الوجه بنحو 2000 نسمة، وأملج بنحو 100 أسرة  .  وقدر تويتشل عام 1365هـ / 1946م عدد سكان مدينة الوجه بنحو 2000 نسمة  .  وبلغ سكان منطقة تبوك طبقًا للحصر السكاني عام 1382هـ / 1962م 75859 نسمة  . 

 

ج - النمو السكاني خلال الفترة 1394 - 1425هـ / 1974 - 2004م:

 

بلغ إجمالي عدد سكان منطقة تبوك عام 1394هـ / 1974م 194539 نسمة، شكل السعوديون الأغلبية الساحقة 95% تقريبًا (جدول 16) . وارتفع عدد سكانها في عام 1413هـ / 1992م ليصل إلى 486134 نسمة، شكل السعوديون نحو 83%. وفي عام 1425هـ / 2004م وصل إجمالي عدد السكان إلى 691517 نسمة، شكل السعوديون منهم نحو 86% (شكل 2) .

 

وبالنسبة إلى السكان غير السعوديين، فقد شكلوا نحو 5% في عام 1394هـ / 1974م، ولكن ارتفعت نسبتهم إلى نحو 17% عام 1413هـ / 1992م. ويعود ذلك إلى النمو الاقتصادي الذي شهدته المنطقة مثل غيرها من مناطق المملكة خلال الفترة 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م. وفي عام 1425هـ / 2004م، زاد عددهم ولكن انخفضت نسبتهم عن مستواها عام 1413هـ / 1992م إلى نحو 14% تقريبًا، وذلك بسبب زيادة السكان السعوديين.

 

ومن ناحية أخرى، بلغ معدل النمو السنوي للسكان في منطقة تبوك نحو 5.2% خلال الفترة 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، بينما بلغ 4.4% للسعوديين، مقابل نحو 13% لغير السعوديين. ولكن شهدت الفترة 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م انخفاضًا طفيفًا في معدل النمو لإجمالي السكان مقارنة بالفترة السابقة. كما انخفض معدل نمو السكان غير السعوديين إلى نحو 1%. وهذا أمر طبيعي، إذ من المتوقع تناقص أعداد السكان غير السعوديين مع تناقص الحاجة إليهم. بالإضافة إلى ذلك، انخفض معدل النمو للسكان السعوديين إلى نحو 3%. وعلى الرغم من التغير في معدلات النمو، فإن النمو السكاني في المنطقة يُعد مرتفعًا، إذا ما قورن بالمعدل العام على مستوى المملكة والبالغ 2.5% خلال الفترة 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م.

 

أما على مستوى المحافظات، فيُعد مقر الإمارة (مدينة تبوك وتوابعها) الأكثر نموًا خلال الفترة 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، إذ بلغ معدل نموها السنوي 6.7%. وتأتي في المرتبة الثانية محافظة حقل 4.3%، بينما سجلت بقية المحافظات معدلات نمو سنوية أقل من معدل النمو السكاني للمنطقة (جدول 17) ، (خريطة 12) إذ تراوحت بين 2.8% في محافظة الوجه و 1.3% في محافظة تيماء.

 

أما خلال الفترة الثانية 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م، فقد اختلفت الصورة، إذ شهدت معدلات النمو السنوي انخفاضًا في جميع المحافظات عدا محافظتي تيماء وضباء (جدول 17) . وعلى الرغم من أن معدل النمو في مقر الإمارة لا يزال مرتفعًا مقارنة بالمحافظات الأخرى، إلا أنه شهد انخفاضًا خلال الفترة الأخيرة، إذ انخفض من نحو 7% إلى 3.3%. وبالمثل انخفض في محافظة حقل من 4.3% إلى نحو 3%.

 

 

يتكون النمو السكاني من عنصرين أساسيين هما: النمو الطبيعي وهو الفرق بين المواليد والوفيات، وصافي الهجرة وهو الفرق بين الهجرة الوافدة والهجرة المغادرة، ويمكن إبراز عناصر النمو فيما يأتي:

 

أ - المواليد:

 

نظرًا إلى عدم توافر بيانات متسلسلة زمنيًا عن المواليد سواء على مستوى المنطقة أو المحافظات فقد اعتمد هذا الجزء على البيانات المتوافرة للعامين 1413 و 1420هـ / 1992 و 1999م وذلك للحصول على صورة عامة عن التغير في أعداد المواليد في المنطقة.

 

وبلغ إجمالي عدد المواليد في منطقة تبوك عام 1413هـ / 1992م 17528 مولودًا منهم 16327 مولودًا من السعوديين و 1201 مولود من غير السعوديين. وقد بلغت نسبة النوع عند الميلاد لإجمالي المواليد وكذلك للسعوديين نحو 106 مواليد ذكور مقابل 100 من الإناث.

 

ومن جهة أخرى، بلغ إجمالي عدد المواليد عام 1420هـ / 1999م 12685 مولودًا منهم 11686 مولودًا من السعوديين و 999 مولودًا من غير السعوديين، وبناءً عليه، بلغت نسبة النوع عند الميلاد للسعوديين 103 مواليد ذكور مقابل 100 من الإناث (جدول 18) 

 

ويعود الفرق الكبير بين عدد المواليد في عامي 1413 و 1420هـ / 1992 و 1999م إلى الاختلاف في طبيعة عملية جمع البيانات؛ إذ تعتمد عملية جمع بيانات التعداد على أسلوب الحصر الشامل؛ بينما تسجل بيانات المواليد في العادة من خلال مكاتب المواليد التي تعتمد على رصد عدد المواليد الذين منحوا شهادات ميلاد في سنة معينة، ويعاني تسجيل المواليد من التأخر في التسجيل، مما يؤدي إلى عدم اكتمالها بالصورة المطلوبة.

 

وبناءً على كل من بيانات المواليد وتعداد السكان لعام 1413هـ / 1992م يمكن حساب معدل المواليد الخام. وبناءً عليه، وصل معدل المواليد الخام في منطقة تبوك إلى نحو 36 في الألف لإجمالي السكان، وقرابة 41 في الألف للسكان السعوديين ونحو 14 في الألف لغير السعوديين.

 

ب - الوفيات:

 

نظرًا إلى عدم توافر بيانات تفصيلية عن الوفيات في جميع المحافظات، فقد اعتمد هذا الجزء على البيانات المتوافرة عن المنطقة ومركز الإمارة (مدينة تبوك) فقط، ولعلها تكون كافية في ضوء عدم اكتمال تسجيلات الوفيات في معظم مناطق المملكة.

 

على أي حال، بلغ إجمالي الوفيات في منطقة تبوك نحو 1342 حالة عام 1413هـ / 1992م، منها 159 حالة من غير السعوديين (جدول 19) . وبلغ إجمالي عدد وفيات الرضع (أقل من سنة)، 618 حالة وفاة، منها 59 من غير السعوديين. وفي عام 1421هـ / 2000م، ازدادت الوفيات لإجمالي السكان لتصل إلى 1443 حالة وفاة، في حين بلغت وفيات الرضع 648 حالة وفاة. وقد تعود الزيادة في أعداد الوفيات إلى الاهتمام بتسجيل جميع حالات الوفيات ومن ثم تحسن درجة الشمولية في التسجيل.

 

أما بالنسبة إلى مقر الإمارة (مدينة تبوك)، فقد بلغ إجمالي عدد الوفيات 969 حالة وفاة في عام 1413هـ / 1992م، منها 126 من غير السعوديين، ووصل عدد وفيات الرضع إلى 469 حالة وفاة، منها 50 من غير السعوديين (جدول 19) . وفي عام 1421هـ / 2000م، بلغ إجمالي عدد الوفيات 1115 حالة وفاة، منها 102 من غير السعوديين. أما بالنسبة إلى الرضع، فد بلغ إجمالي الوفيات 538 حالة وفاة، منها 41 حالة من غير السعوديين.

 

وتعود الزيادة في حالات الوفاة في مقر الإمارة (مدينة تبوك) إلى تحسن مستوى اكتمال تسجيل الوفيات، وإلى حجمها السكاني مقارنة بالمحافظات الأخرى، إلى جانب أنها مقصد من قبل المرضى المتردية أحوالهم الصحية للعلاج بالمستشفى العام بها، مما قد يرفع عدد حالات الوفاة بمدينة تبوك.

 

ج - الهجرة:

 

تُعد منطقة تبوك من مناطق الجذب السكاني في المملكة؛ إذ وصل معدل صافي الهجرة لعام 1419هـ / 1998م إلى نحو 79 في الألف نسمة، أي أن معدل الهجرة الوافدة أكثر من معدل الهجرة المغادرة  .

من جهة أخرى، فقد هاجر نحو 12% من إجمالي السكان السعوديين المولودين فيها إلى مناطق المملكة الأخرى بحثًا عن فرص تعليمية ووظيفية أفضل. ويلاحظ أن أغلبية المهاجرين المغادرين، أي نحو 68%، هاجروا إلى أربع مناطق هي: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، وعسير. (شكل 3) . واستحوذت منطقة مكة المكرمة لوحدها على نحو 20% من إجمالي المهاجرين من منطقة تبوك. كما هاجر إلى منطقة الرياض (العاصمة)   15%. ووزعت البقية بين المناطق الأخرى بنسب متفاوتة  

 

وبلغت نسبة الوافدين من غير السعوديين إلى منطقة تبوك لغرض العمل ذروتها عام 1413هـ / 1992م؛ إذ ارتفعت من 5% فقط عام 1394هـ / 1974م إلى نحو 17% من إجمالي السكان عام 1413هـ / 1992م. وبناءً على بيانات تعداد السكان والمساكن لعام 1413هـ / 1992م فإن نسبة كبيرة نسبيًا من الوافدين من خارج المملكة هم من المصريين 25%، ويليهم الباكستانيون بنحو 11%، وبعد ذلك اليمنيون بنحو 10%  .  ولا شك في أن تدفق العمالة الوافدة إلى المنطقة يأتي لتلبية احتياجات سوق العمل المحلية من العمالة في مختلف المهن التي لا تشغلها العمالة السعودية.