النُّظم البيئية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
النُّظم البيئية في المملكة العربية السعودية

النُّظم البيئية في المملكة العربية السعودية.

 
 
توجد في المملكة نظم بيئية برية وبحرية متباينة تحتوي على أصناف متنوعة من النباتات والحيوانات، مثل: البيئة البحرية بما تحويه من شعاب مرجانية، وأعشاب بحرية، ونباتات شورة (قرم) وقندل، ومستنقعات مالحة، وخلجان، ومراسٍ، وكذا البيئات الأرضية الطبيعية، مثل: بيئة الجزر، والأمكنة ذات الأراضي الرطبة، والأودية، والحافات الجبلية، والجبال، والغابات الجبلية، والحـرات، والسهول، والصحارى الحصوية، والصحارى الرملية  ،  ويمكن تناول ذلك على النحو الآتي:

 البيئة البحرية

 
تطل المملكة على البحر الأحمر والخليج العربي بساحلين طويلين تنتشر فيهما الجزر والشعاب؛ وقد أدى هذا إلى نشوء بيئة بحرية غنية بثرواتها من الأسماك، ونباتات الشورة، والقندل. وتُعرض أهم مظاهر هذه البيئة فيما يأتي:
 
1 - الشعاب المرجانية: 
تشكل الطحالب الكلسية وأنواع المرجان الإطار الأساسي للشعاب المرجانية المدارية التي توفر الملجأ والمعيشة لأصناف متنوعة من الحيوانات والنباتات البحرية فهي منتشرة انتشارًا واسعًا في البحر الأحمر بما فيها الشعاب المرجانية الهامشية والمتفرقة والعمودية التي تكون على شكل حواجز. وهناك شعاب مرجانية كثيفة خصوصًا في خمسة مواقع هي: تِيْرَان، وضفة الوَجْه، والأجزاء الكائنة شمال يَنْبُع، والأجزاء الساحلية الواقعة بين أَبْحُر وثُوَل (شمال مدينة جدَّة)، وعلى شواطئ جزر فَرَسَان الخارجية. وقد تم تسجيل أكثر من 194 نوعًا من أنواع المرجان التي تمثل ما لا يقل عن 70 جنسًا موجودة في البحر الأحمر، وأعلى نسبة من أنواع المرجان توجد في الأجزاء الوسطى من البحر الأحمر، أما في الخليج العربي فتعد الحواجز المرجانية والجزر أقل انتشارًا؛ حيث تغطي مساحات محلية محدودة  وتتألف الحواجز المرجانية من وحدات نباتية مختلفة تظهر فيها درجة التوطن ظهورًا واضحًا، كما أن الحواجز المرجانية قديمة وأصيلة لم تمسها يد الإنسان، وبخاصة تلك الموجودة في البحر الأحمر. وينتج من الأضرار الناجمة عن تطوير الأجزاء الساحلية، وطمر مساحات من الأراضي بمحاذاة الساحل، والتغييرات التي يحدثها الإنسان في مسار المياه تغييرات مادية وكيماوية في البيئة، تؤثر تأثيرًا خطيرًا في الشعاب المرجانية، فضلاً عن الأضرار التي تحدثها مياه المجاري والمواد الكيماوية الملوثة والتسربات النفطية على بيئة الحيوان والنبات. وبسبب تعذر إيجاد مصائد للأسماك في مواقع الحواجز القارية؛ فقد ينشأ عن أعمال الصيد المتزايدة للسمك المقيم أو المهاجر أو الأسماك البحرية الأخرى القريبة من الحواجز تغييرات رئيسة في النظام البيئي للشعاب المرجانية.
 
2 - الأعشاب البحرية:
تعد الأعشاب البحرية نباتات مزهرة قادرة على النمو المستمر في البيئات البحرية، وتنتشر سبعة أجناس من الأعشاب البحرية التي توجد في المناطق المدارية انتشارًا واسعًا في البحر الأحمر والخليج العربي. وتعدّ إنتاجية نباتات قاع البحر عالية، وذات أثر كبير في البيئة، وبخاصة في مجال المحافظة على موارد مصائد الأسماك، وتوفير أمكنة غذاء للسلاحف وعرائس البحر والطيور الساحلية المستوطن منها والمهاجر، بالإضافة إلى المساعدة على عدم التعرية الساحلية  . 
 
3 - نباتات الشورة (القرم) والقندل: 
توجد نباتات الشورة في نطاق المد والجزر، وتنمو عند الحواف الخلفية والشواطئ على شكل غطاء نباتي هامشي لتشكل دعامات صغيرة وتجمعات شبيهة بالغابات، وتنتشر أشجار الشورة (Avicennia Marina) والقندل (Rhizophora Mucronata) ذات الأهمية البيئية العالية - تتمثل في حضانة صغار الأسماك والربيان - على سواحل البحر الأحمر وجزر فَرَسَان، أما على سواحل الخليج العربي فلا يوجد سوى أشجار الشورة، وتسمى في هذا المكان (القُرم).وترتبط أصناف متنوعة من النباتات والحيوانات ببيئات الأعشاب البحرية وأمكنة المانجروف (Mangroves)، وتهاجر الأسماك الكبيرة والصغيرة من الشواطئ المغمورة إلى الأعشاب البحرية لتقتات عليها وتحتمي بها، وهي بدورها مهمة بوصفها غذاءً لطيور نقار الخشب ذي الرقبة البيضاء (Haleyon Chloris)، وطيور البجع (Pelecanus Rufescens)، وطيور الشواطئ المهاجرة.وينتج من إزالة أشجار الشورة والقندل لاستخدامها وقودًا وعلفًا للإبل تغير كبير في الغطاء النباتي، كما أن هناك تغيرات أخرى كبيرة طرأت على الأراضي الساحلية نتيجة الأعمال الإنشائية وطمر الأراضي بالتراب وإزالة الطمي؛ مما أدّى إلى تجزئة مجتمعات المانجروف وتشتتها في مناطق كثيرة.4 - المستنقعات المالحة: المستنقعات المالحة ذات الأراضي الرطبة هي جزء مهم من السواحل في المملكة، وكثيرًا ما تختلط بنباتات المانجروف، وقد يوجد عدد من الأنواع من النباتات في المستنقعات المالحة، مثل: النباتات الملحية (Halophytes)، وأشجار النخيل، ونبات البوص، والقصب. وتوجد النباتات الملحية أيضًا في السباخ المنتشرة بكثرة على طول ساحلي الخليج العربي والبحر الأحمر. وتكثر المستنقعات المالحة على طول سواحل المملكة، وتعد ذات أهمية إقليمية وأمكنة تعشيش لأصناف كثيرة من الطيور، ومصدرًا لغذائها، وأمكنة مراعٍ للمواشي المحلية، وتنتج المستنقعات المالحة - خصوصًا تلك المساحات المغطاة بالطحالب - كميات كبيرة من النيتروجين والمواد العضوية التي تصدر إلى بيئات بحرية أخرى. وتتعرض المستنقعات المالحة للآثار نفسها التي تطرأ على البيئات النباتية والحيوانية البحرية، ويكثر استخدامها لطمر الأراضي وإلقاء الأنقاض خصوصًا في ساحل الخليج العربي.ونظرًا لارتفاع الملوحة بسبب المد أو لارتفاع مستوى المياه الجوفية المالحة، فلا ينمو في السباخ الساحلية إلا ما يقاوم الأملاح، مثل: الخُريِّص (Arthrocnemun Glaucum)، والهرم (Zygophyllum Album)، والمليح (Halopeplis Perfoliata)، والعكرش (Aeluropus Lagopoides). وتتدرج النباتات في نطاقات متعاقبة موازية للشاطئ يحددها ارتفاع سطح الأرض، والابتعاد عن الساحل، والتدرج في ملوحة التربة. أما السباخ الداخلية فتعيش فيها نباتات ملحية من نوع السويد (Suaeda sp)، والخريط (Salsola Baryosoma)، والشنان (Seidlitzia Rosmarinus)، والرمث (Haloxylon Salicornicum)، وغيرها  . 
 
5 - الخلجان (الشروم والمراسي والدوحات):
توجد الخلجان المحمية على شكل شروم عميقة ومراسٍ ودوحات   ضحلة بمحاذاة الجهتين الساحليتين للمملكة، حيث توجد وحدات بيئية بحرية فيها مجموعات من النباتات والحيوانات، كما يغلب وجود مساحات من الأعشاب والطحالب في قاع البحر، وكذلك وحدات من الشعاب المرجانية الرسوبية الصلبة واللينة والإسفنج الطفيلي الملون، كما توفر الأرضية الرملية والطينية لقاع البحر مخابئ للكائنات البحرية؛ لخلوها من الحيوانات المفترسة، حيث تضع الحيوانات اللافقارية بيضها، وقد تتكاثر بها النباتات البحرية عند حافة مياه الخلجان التي تؤدي دور المصيدة للمواد الغذائية، مثل الأعشاب البحرية، فتؤدي بذلك إلى إثراء الحياة البيئية، وقد تدخل عرائس البحر الخلجان الضحلة مساء لتقتات على الأعشاب البحرية؛ ولذلك فإن للملاجئ الطبيعية دورًا مهمًّا بوصفها محاضن للربيان والسمك.
 

البيئات الأرضية الطبيعية

 
تمثل البيئات الطبيعية الواقعة على اليابسة أهمية كبرى للحياة الفطرية؛ فالجزر والأراضي الرطبة والجبال والرمال وغيرها من البيئات الطبيعية تعج بأنواع مختلفة من الأحياء الفطرية التي تتميز بها، وهي:
 
1 - الجزر:
تتوافر في الجزر المعزولة للمملكة (جزر تيران وصِنَافِر عند مدخل خليج العَقَبَة، ومجموعة جزر فَرَسَان بيئات طبيعية مهمة  ، حيث يقل تأثير الإنسان على تلك البيئات، وتعد الوحدات البيئية التي تنشأ في الجزر ذات أهمية بالغة من الناحية العلمية؛ لكونها بمنـزلة مختبرات طبيعية في كثير من الأحيان، يتم فيها دراسة تعامل كثير من الفصائل المتباينة وتداخل بعضها مع بعض، على نحو مستقل عن الآثار التي تحدث داخل القارات. وتعدّ بعض الجزر التابعة لجزر فَرَسَان مواطن مهمة لأنواع مختلفة من الطيور البحرية، وتفضل السلاحف البحرية أن تحتفظ بأعشاشها في شواطئ الجزر الهادئة، وتقتات عرائس البحر من أعشاب البحر المحيطة بالجزر المرجانية، وتستوطن كثيرًا من الجزر أصناف كثيرة من الأفاعي  . 
 
2 - الأمكنة ذات الأراضي الرطبة:
تشكل البحيرات والبرك والأودية والينابيع وخزانات المياه بيئات طبيعية رطبة الأراضي، بالإضافة إلى ذلك فقد نتج مؤخرًا من التوسع العمراني وتسرب مياه الصرف الصحي ظهور أراضٍ رطبة، كتلك القريبة من تَبُوك والرِّيَاض ومَكَّة وجدة والظَّهْرَان والجُبَيْل. وعلى الرغم من قلة تلك الأراضي من حيث العدد والمساحة المحدودة، فإنها تجذب مجموعات متنوعة من النباتات والحيوانات والأسماك والبرمائيات، وتساعد على نموها وتكاثرها، خصوصًا ما يستوطن في المملكة منها. ومن ناحية أخرى، فإن بعض الأراضي الرطبة، مثل الأمكنة الموجودة في وادي عُلَيْب (جنوبي تِهَامَة) ودَوْمَة الجَنْدَل  (الجَوْف) - تمثل مواقع مهمة لتكاثر الطيور المقيمة والمهاجرة واستيطانها، كما توفر الأراضي الرطبة المتنوعة فرصًا لإجراء البحوث العلمية والدراسات، وتعد معالمها المميزة ذات أهمية سياحية واقتصادية.أما المواقع ذات الأراضي الرطبة فهي مهددة؛ نتيجة مشروعات التنمية الزراعية؛ بسبب إنشاء المصارف وطمر الأراضي، فعلى سبيل المثال انخفض مستوى الماء كثيرًا في بحيرات الأَفْلاَج حتى جفت تمامًا؛ بسبب استخدام مياهها لسقيا القرى المجاورة لها، مع انخفاض عام لمنسوب المياه في الأمكنة المجاورة لها بسبب التوسع الزراعي.
 
3 - الأودية:
تشكل الأودية في الأراضي الجبلية والصحارى أحواضًا يستفاد منها في الحد من الفيضانات، كما توفر الوديان ذات الخوانق في المرتفعات الجبلية عناصر الأمان لكثير من أصناف الحيوانات كبيرة الحجم، كما أن تجمع المياه الناتجة من السيول، أو وجود مستوى مرتفع من المياه الباطنية في المجاري الدنيا للأودية من شأنه توفير غطاء كثيف دائم من الأعشاب يجذب مجموعات كبيرة من الحيوانات والطيور.وقد دلت أعمال المسح البيئية على أن الأودية القريبة بعضها من بعض قد تحتوي على مجموعات متباينة من الأحياء، بما في ذلك فصائل مستوطنة في أودية دون غيرها، من أبرزها الأسماك التي تعيش في المياه العذبة، كما تعد فصائل السمك الحالية المعروفة في المملكة كلها من النوع المستوطن المستقر، ما يدل على انعزالها عن الأصناف الأخرى منذ عهد بعيد، وقد تشكل الدراسات التفصيلية لتلك الأصناف من الأسماك أهمية بالغة في تفسير التاريخ المناخي والمائي للمملكة. وفضلاً عن ذلك يساعد سمك البطريخ الذي يعيش في المياه العذبة على صحة البيئة؛ لأنه يقتات على يرقات البعوض.
 
4 - الجبال والحافات الجبلية:
تكتسب قمم الجبال والحافات الجبلية في مرتفعات الحجاز والسَّرَوات وبعض القمم المنعزلة في هضبة نَجْد أهمية أحيائية وجيولوجية كبيرة. وكان من شأن صعوبة الوصول إليها حتى وقتنا الحاضر المحافظة على أشكال الحياة الفطرية في حالتها الأصلية، والمحافظة على الوعول والنمور والظباء وطيور الصيد. وتوفر المرتفعات ملجأ لفصائل النباتات والحيوانات التي كانت واسعة الانتشار خلال عصر البلايستوسين، وقد تكيفت الكائنات التي عاشت في تلك الملاجئ لتصبح من الحيوانات المستوطنة المميزة التي ينبغي المحافظة على سلامتها بقدر الإمكان؛ لأهميتها من الناحية العلمية ولأغراض الحفاظ على الحياة الفطرية.
 
5 - الغابات الجبلية: 
توجد الغابات الجبلية في جبال الحجاز (السَّرَوَات)، وهي إحدى الغابات القليلة في الجزيرة العربية. وتشبه هذه الغابات تلك الغابات المتبقية في الأراضي المرتفعة المحيطة بحوض البحر المتوسط، كما تشبه تلك الغابات الواقعة في مرتفعات شرق إفريقية، ويغلب عليها وجود شجر العرعر في غابات المملكة من نوع (Juniperus Excelsa)، وتأتلف مع العرعر نباتات أخرى، مثل: الشث (Dodonaea Viscose)، والعتم (الزيتون البري) (Olea Chrysophylla)، والبطم (اللوز البري) (Pistacia Falcate)، والطباق (Euryops Arabicus).وتنتج الغابات كميات كبيرة من المواد العضوية موسميًّا؛ ما يساعد على تحسين خواص التربة قليلة السماكة بسبب اعتراض أغصان الأشجار لمياه الأمطار، كما تساعد جذور الأشجار على استقرار التربة، ومن شأن ذلك التقليل من انجراف التربة. وتوفر أوراق الأشجار سطحًا واسعًا يظهر عليه الندى والضباب الكثيف؛ مما يؤدي إلى توفير الرطوبة طيلة العام، وهكذا تتضح أهمية الغابات الواقعة في أحواض صرف المياه.وتمثل الغابات بيئة طبيعية مهمة وملجأ لأنواع كثيرة من النباتات والحيوانات، حيث توجد بها معظم الطيور في المملكة، بالإضافة إلى أنواع الحشرات، كما أن منظر الغابات المميز في مرتفعات السَّرَوَات يعدّ عامل جذب للسياحة الداخلية. ولا تعد الغابات في مرتفعات السَّرَوَات مصدرًا متجددًا للخشب؛ لأن متوسط نموها وزراعتها بطيء للغاية، كما تتعرض الغابات لاعتداء الإنسان عليها بقطع أشجارها وتشذيب أغصانها بطريقة غير قانونية.
 
6 - الحرات: 
تتكوّن الحرات بسبب سيلان حمم اللابة، وفي المملكة توجد حقول شاسعة من حمم اللابة البركانية، تقدر مساحتها بنحو 150.000كم  ، ونظرًا إلى صعوبة الوصول إلى منطقة الحمم البركانية بالسيارات أصبحت ملجأ للحيوانات البرية، فعلى سبيل المثال لا تزال الظباء وأعداد من الوعول والثعالب تستوطن حَرَّة الحَرَّة، وحَرَّة الرَّحَا، وقد شوهدت الضباع المخططة في حَرَّة خَيْبَر. كما تحتوي الحرات أيضًا على أنواع مهمة من النباتات  . 
 
7 - السهول الحصوية وسهول الحماد: 
توجد السهول الحصوية وسهول الحماد التي تحد الصحارى الرملية في مواقع متفرقة من الجزء الرسوبي من المملكة، وعلى الرغم من فقر الغطاء النباتي عمومًا، إلا أن هناك نموًا لأنواع من الطلح (Acacia)، والسدر (Ziziphus Spina) - (Christi)، والأعشاب الصغيرة. وتوفر النباتات الحولية - التي تنمو بعد هطلان الأمطار - الغذاء للحيوانات البرية والداجنة. وتعد السهول بيئة مهمة للأعداد القليلة الباقية من ظباء العفري، وكانت حيوانات الوضيحي قبل انقراضها تستغل أي ظل توفره الأشجار في تلك السهول خلال فصل الصيف، وتتراجع إلى الأراضي الرملية المجاورة بحثًا عن المراعي في فصل الشتاء.وقد اعتاد أصحاب الماشية من سكان البادية الإفادة من السهول في الصحارى فقط بعد هطلان أمطار بكميات مناسبة، إلا أنّ تعذُّر الاعتماد على مياه الأمطار أدى إلى الحد من الاستيطان، ومن ثَمَّ حدّ من استغلال الغطاء النباتي. وقد ساعد استخدام صهاريج المياه والإعانات من المواد الغذائية وإنشاء الطرق على استغلال تلك المواقع استغلالاً دائمًا من قبل رعاة الماشية؛ مما أدى إلى تدهور البيئة تدهورًا واسع النطاق؛ لذلك فإن توفير الحماية لأراضٍ شاسعة في السهول الحصوية يعد مفيدًا للحفاظ على البيئة الطبيعية، وللإفادة من الإمكانات الكامنة لموارد المملكة.
 
8 - الصحارى الرملية:
تغطي الصحارى الرملية ما يقرب من 780.000كم  من الجزيرة العربية، وفي المملكة تشكل كل من صحراء الرُّبْع الخالي وصحراء النُّفُود الكَبِير مناظر جذابة لهواة السياحة البيئية؛ ففي شرق صحراء الرُّبْع الخالي ترتفع الكثبان الرملية 300م فوق مستوى السطح الذي تتراكم فوقه، في حين تنتشر الكثبان الرملية الطولية بطول 100كم أو أكثر في غربي الرُّبْع الخالي  . وتُحوِّل الأمطار الموسمية الغطاء النباتي الضئيل عمومًا إلى مراعٍ مهمة. ولا تزال ظباء الريم المتبقية موجودة في تلك الصحارى الرملية، كما أن الوضيحي العربي كان يوجد في السابق في تلك الأراضي؛ بحثًا عن المراعي، كما أن القطط البرية والثعالب والأرانب البرية لا تزال تستوطن تلك الرمال بأعداد مناسبة. ومن ناحية أخرى فإن مجاورة الصحارى الرملية للسهول الحصوية ومنحدرات جبال طُوَيْق وجبال الطَّوِيل تمثل مواقع مثالية لإعادة استيطان كثير من الحيوانات البرية، مثل: الظباء، والوضيحي، والنعام. وتشكل المساحات الشاسعة التي تتألف منها صحراء الرُّبْع الخالي - حيث تنعدم تقريبًا آثار الإنسان - المصدر الحيوي للاهتمامات الدولية.وتعد الرمال في الأراضي الجافة نعمة لا تقدر حق قدرها، فهي نعمة للغطاء النباتي وللحيوانات المتكيفة مع المناخ الجاف؛ فالمطر القليل الذي يسقط على الأراضي الصحراوية الرملية يتسرب بسرعة داخل الرمال؛ فيُحفظ بذلك من التبخر، وهذه الظاهرة تفسر غنى الأراضي الرملية بالنباتات المعمرة التي تتحمل الفترات الطويلة من الجفاف. وعلى النقيض من هذا نجد حال التربة العارية من الرمال؛ فهي تفقد مياه الأمطار بسبب التدفق السطحي أو التبخر؛ حيث إن حبيبات التربة الطينية الناعمة سرعان ما تنتفخ مع أول رشة من المطر مغلقة مسام التربة؛ ما يمنع مياه الأمطار من التسرب. ولكن مثل هذه التربة الطينية تصبح مفيدة إذا وقعت تحت غطاء من الرمل؛ لأن الرمال تمنع مياه الأمطار المتسربة من استمرار التعمق، وتجعلها متاحة للنباتات المتعمقة في الرمال؛ ولهذا تنجح النباتات المعمرة في التكاثر في الأراضي الرملية؛ لتوافر الماء في الفترات الجافة، في حين لا يحدث هذا في التربة الجرداء الخالية من الرمال؛ لأن أي نبتة جديدة سيقتلها لهب الصيف؛ لعدم وجود ماء كافٍ يغذيها. وغالبًا ما نجد أن أراضي الرمال تحوي طُبيقات رفيعة من التربة مدفونة تعود إلى عصور مناخية ماضية، تساعد على توفير الأملاح والمواد العضوية اللازمة لنمو النباتات وزيادة قدرة الرمال على الاحتفاظ بالماء  . 
 
ويمكن تقسيم الرُّبْع الخالي إلى قسمين:
 
أ) شقائق الرمال في غرب الرُّبْع الخالي ومنحدرات جبال طُوَيْق (العَارض): 
يختلف نوع الغطاء النباتي وكثافته حسب البيئة التي يسود فيها، مثل: منحدرات جبال طُوَيْق الجيرية، والأودية والشعاب، وأراضي الرمال.تتميز منحدرات جبال طُوَيْق الجيرية بأرضها الجبلية عديمة التربة، ما عدا تربة رملية رقيقة السمك في الجداول والشعاب، وحيث تتجمع الأمطار في بعض المنخفضات تنشأ تربة طميية؛ ولهذا فمظهرها العام أجرد، ما عدا بعض الأكمات المتفرقة من الحشائش، مثل: الثمام (Panicum Turgidum)، والأثموم (Pennisetum Divisum)، وصليلة (Stipagrostis Obtuse)، وتكون مختلطة أحيانًا مع أنواع من العلقا (Dipterygium Spp)، والشويكة (Fagonia Spp)، وبعض الأعشاب والحشائش الأخرى.وفي الأودية يوجد السمر (Acacia Tortilis)، والطلح (Acacia Raddiana)، واللعوت (Acacia Nubica)، والسرح (Maerua Crassifolia)، والمرخ (Leptadenia Pyrotechnica)، كما تسود شجيرات الرمث (Haloxylon Salicornicum) والحرمل (Rhazya Stricta) مجتمع الشجيرات في هذه الأودية، مع عدد آخر من الشجيرات والحشائش.وتسود أشجار الغضى (Haloxylon persicum)  في الكثبان الرملية العالية ذات الرمال الثابتة، ويشاركها السيادة نبات القطب (Tribulus Terrestris) ولكن في أراضي الرمال المتحركة. ويشترك مع الغضى والقطب (Cadaba Rotundifolia) نباتات أخرى، مثل: الثندة (Cyperus Conglomerates)، والثمام (Panicum Turgidum)، وأنـواع من النصي (Stipagrostis plumose)، وصليلة (Stipagrostis Obtuse)، والسبط (Stipagrostis Drarii)، والصمعاء (Stipa Capensis)، والأثموم (Pannisetum Divisum)، والعلقا (Dipterygium Glaucum).وأما الشقائق الواقعة بين العروق فتتدرج أرضيتها من تربة طميية يظهر فيها أحيانًا سطح جبال طُوَيْق الجيري، إلى رمال مختلطة مع غرين وإرسابات جبسية قد تكون آثارًا بحيرية، ويختلف تنوع النبات تبعًا لاختلاف السطح الذي تنمو عليه.
 
ب) شرق الرُّبْع الخالي: 
يوجد في شرق الرُّبْع الخالي غطاء نباتي جيد من النباتات المعمرة، ويساعد الضباب والندى الكثيف الذي يتكون عادة في الصباح الباكر والمساء على تعويض ندرة الأمطار الساقطة في هذه المنطقة. ومن النباتات المعمرة الرئيسة يوجد: العبل (Calligonum Arabicum)، والحاد (Cornulaca Arabica)، والزهر (Tribulus Arabicus)، والهرم (Zygophyllum Mandavillei)، والبركان (Limeum Arabicum)، بالإضافة إلى نباتات أخرى معمرة، مثل: العندب (Cyperus Conglomerates)، والعراد (Salsola Cyclophylla)، والشنان (Seidlitzia Rosmarinus). ولا يوجد النصي (Stipagrostis Plumose) والقصبا (الهجين) (Centropodia Forskalii) إلا في أمكنة محدودة  . 
 
 
 
 
 
شارك المقالة:
140 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook