الوسائل العملية لإحياء رسالة المسجد

الكاتب: المدير -
الوسائل العملية لإحياء رسالة المسجد
"الوسائل العملية لإحياء رسالة المسجد




الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن المساجد بيوت الله تعالى التي أمر سبحانه أن ترفع ويذكر فيه اسمه، ورفعها وعمارتها إنما يكون بكل وسيلة مشروعة يرفع بها ذكر الله تعالى، قال تعالى: ? إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ? [التوبة: 18].

 

والمساجد هي أحب البقاع إلى الله وهي المنطلق الأكبر للدعوة إلى الله، وهي التي قال الله عنها: ? فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ? [النور:36، 37]. وقد كان المسجد ولا يزال دارًا للعبادة والعلم النافع وسماع المواعظ النافعة، والمطلوب أن يعظم دوره فينا حتى يرجع له أثره البارز كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولن يكون مثل هذا إلا إذا كان هناك رجال وشباب يحتفون بمساجدهم ويعمرونها بالطاعات وينشرون من خلالها الهداية والنور للناس، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ للمساجد أوتاداً؛ الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم ثم قال: جليس المسجد على ثلاث خصالٍ: أَخٌ مستفاد، أو كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة ، رواه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/ 252، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسجدُ بيتُ كلِّ تقِيٍّ ، رواه الطبراني في الكبير والبزار، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب1/ 253.

 

وهذه الرسالة:[1] نداءٌ إلى الذين تخلوا عن أمر الدعوة إلى الله وأهمتهم نفسهم وأهليهم، إلى الذين يسمعون ولا يبلغون ويتعلمون ولا يعلمون وأسندوا دين الله إلى غيرهم وبقوا متفرجين، إلى الذين أدمنوا الفتور وتخدروا بالكسل وأصبحوا ألفًا وأمسوا صفرًا، إلى الذين يحبون أن يعيشوا للدنيا تحت أسقف الراحة بعيدًا عن هموم الدعوة، إلى الذين اشتغلوا بالكلام في أعراض الدعاة وطلبة العلم بغير حق، إلى الذين ظنوا أن الدعوة تنتهي بمحاضرة أو كلمة أو يكفي للقيام بها فلان وفلان.

 

وهي دعوةٌ للبناء الجاد والدعوة المتزنة والعمل الدؤوب لرفع راية الإسلام فوق كل منار، أهديها للذين لطالما انتظروها، وسألوني على قصر البضاعة عنها، إلى الذين هم في عيوننا من كل إخواننا المخلصين وأئمة مساجدنا الصادقين ودعاتنا المحتسبين إليهم جميعًا، أهدي هذه الكلمات.. قصة هذه الرسالة: لما كان العمل البناء يقـوم على ثلاثة أسس:

أولها: وضع البرامج والوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف المرجوة.

وثانيها: تحديد الزمان والمكان.

وثالثها: وجود جماعة المسجد بفروعها المختلفة.

 

جاءت هذه الرسالة لتتحدث عن الجانب الأول، وهو الذي يفتقـده كثيرٌ من الحريصين على الخير، ليكملوا هم المشوار ويشقوا طريقهم باختيار الزمان والمكان المناسبين، والأشخاص الفاعلين.

 

أهداف هذه الوسائل:

1. رفع مستوى العلم لدى طلبة المسجد ورواده وعوام ونساء الحي عمومًا.

2. تربية الشباب على تحمل المسئولية الجادة والقيام بالدور الفعال في المجتمع.

3. إعادة المكانة اللائقة للمسجد وجمع الناس حوله وحول أهله.

4. مساعدة المحتاجين بالنصيحة والتوجيه وبحل المشاكل وتقديم الدعم المالي بقدر الاستطاعة.

5. الرد العلمي على الأفكار المنحرفة التي تسعى لصد الناس عن المساجد وعن أهل الخير أو عن الحل الإسلامي الواعي للقضايا المطروحة.

6. إحياء التنافس بين مساجد الأحياء المختلفة والاستفادة من بعضها البعض، وبث روح التعاون بين الدعاة إلى الله.

 

لكن قبل أن نبدأ لنا تنبيهات:

1. أن بعض هذه الأنشطة متداخل، ويمكن وضعه تحت أكثر من تصنيف، واعلم أنه ليس المراد تكثير العدد حتى يصل إلى ما وصل إليه، بل إنك ستجد في الرقم الواحد عدة أفكار متنوعة وإن كانت تحمل طابعًا واحدًا.

 

2. وبعضها قد ينجح في مكان ولا ينجح في مكان آخر، فليراعَ هذا الجانب، وإن كان قد وقع الاختيار على ما يناسب بيئتنا هذه عمومًا.

 

3. ثم إن بعضها يحتاج إلى جهد كبير، وبعضها سهل ميسور يمكن الحصول على ثمرته بغير مشقة كبيرة.

 

4. وهذه الأفكار ليست محصورة في فكر شخص بل هي خبرات لمن سبقنا في هذا المجال، ولعلها تفتح آفاقنا للتفكير الإبداعي والتجـديد الابتـكاري، مراعين في هذا الباب أمرين:

أولهما: مشروعية هذا العمل، ويُعرف هذا بالرجوع للعلماء وطلبة العلم، وثانيهما: مدى الجدوى المتوقعة منه والمصالح المرجوة من وراءه، وهذه يُسأل عنها أهل الخبرة بالدعوة وبالناس وبالأساليب، فلا غنى لنا عن هذين الصنفين، وما انضبط من ذلك وإن لم يُذكر الليلة، فإني أرجو أن أكون شريككم في أجره بما فتحـته عليـكـم، ومن سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، والله سبحانه يُدخل في السهم الواحد ثلاثة الجنة!!.

 

والآن لنبدأ رحلة الإبحار في سماء القمم، بعزيمة تصارع الهمم، لنكون شيئًا له قيمة ويبقى لنا في الناس بطاعة الله والسعي لذلك لسان صدق في الآخرين، وهاك هذه الأنشطة والوسائل مقسمة على فروع هي من أبجديات أعمال المسجد، وانتـقِ منها ما راقك لسمعك وعظم في نفسك وأحببتَ أن تكون من أهله أو أن تحوز بركته:

أولاً: الأنشطة العلمية:

1. ترتيب سير الحلقات القرآنية، وقد سبقت لي محاضرة في طرق ذلك، فاكتفي الآن بما جاء فيها.[2]

 

2. إقامة الدروس العلمية: وهي دروس منوعة الزمان بحسب ارتياد الناس وحضورهم للمسجد فمن درس ما بين أذان وإقامة، وآخر بعد الصلاة، وثلاث بعد صلاة الجمعة في رمضان،، ومن دروس منوعة الأسلوب العلمي؛ فدرس في متن مختصر أو مطول، وآخر درس مكثف، وثالث مجرد قراءة وتعليق دون إملاء، وهكذا..

 

3. وضع صندوق لأسئلة المصلين ثم إجابة أحد المشايخ عليها، ولو عبر الهاتف، وهذا يحقق صلة الناس بالعلماء واستبشارهم بقربهم من واقعهم وإجابتهم لأسئلتهم، وفيه دعم ظاهر لحلقة الوصل من أهل المسجد.

 

4. تبني فكرة إنشاء مكتبة علمية متخصصة: كمكتبة قرآنية تهتم بكتب ورسائل القرآن وعلومه، وأخرى للأطفال، وثالثة فقـهية أو حديثية، ورابعة دعوية وتربوية؛ حتى تتكامل الجهود ولا تتكرر الأدوار.

 

5. وضع الخطط لدورات علمية مناسبة لجميع الشرائح، فدورة لأذكياء الطلاب، وأخرى لطلبة الحلقات، وثالثة للمبتدئين، ورابعة لطالبات مدارس التحفيظ،، ودورات أخرى مناسبة لاحتياجات الناس المتكررة: فدورة متخصصة في تعليم مناسك الحج والعمرة بصورة عملية قريبة لأفهام الحجاج، وثانية في تبيين السنة العملية لتغسيل وتكفين الموتى للرجال والنساء، أو دورة متخصصة في تعليم الرقـية الشرعية، ودورة خاصة بتأهيل الخطباء، أو المؤذنين في تعلم علامات دخول الوقت الشرعي، أو لتأهيل معلمي الحلق القرآنية أو مدرسي المدارس..

 

6. جمع الفتاوى المتعلقة بحدث أو نازلة معينة تهم عامة الناس، وتوزيعها أو تعليقها بما يخدم وصول أثرها لمن يحتاجها.

 

7. فهرست الكتب في مكتبة المسجد أو الأشرطة في المكتبة السمعية، ووضع هذا الفهرس قريبًا ممن يحتاجه أو توزيعه في مكاتب المساجد المختلفة.

 

ثانيًا: الأنشطة الإيمانية:

8. إحياء سنة الجلوس في المسجد إلى الإشراق، وتشجيع رواد المسجد شبابًا وكبارًا على اغتنام فضل هذا الوقت وحبس النفس فيه على الطاعة، ومتابعة المتخلف والأخذ بيده للفوز بهذا الخير.

 

9. التنافس على التبكير للجمعة، وإدراك الساعة الأولى والدنو من الإمام واستماع الخطبة.

 

10. تقديم القراء المؤثرين للصلاة بالناس، ولو أحيانًا وخصوصًا في رمضان، والسعي لتشجيعهم وتعزيز قدراتهم في تحقيق القراءة المتقنة وتعلم أحكام الصلاة بالناس.[3]

 

11. ترتيب أمور المعتكفين في ليالي العشر الأخيرة من رمضان، والسعي لرفع إيمانياتهم، وتوفير الجو الملائم لهذه العبادة الجليلة.

 

12. الاهتمام بالمواعظ التي تحيي واعظ الله في قلب كل مصلي، وجدولة الدعاة المؤثرين بما يُسهل مهمة التخول بالموعظة وينوع أو يكمل الموضوعات بالمفيد.

 

ثالثًا: الأنشطة الدعوية:

13. الاهتمام بإعداد خطبة الجمعة ومناسبتها لأحوال أهل المنطقة وشرائحهم المختلفة، والارتقاء بمستوى الخطيب باستمرار وتوجيه النصح له والعون أيضـًا.[4]

 

14. إقامة المحاضرات والندوات والكلمات في المسجد من حين إلى آخر والاهتمام بالموضوعات التي تطرح ولو بالاتفاق المسبق مع الملقين.

 

15. تعليق حاملات الرسائل والمطويات بعنوان (خذ نسختك)، وحامل للكتيبات بعنوان (للاستعارة فقط)، وتزويدها باستمرار بالجديد الجيد في كل باب نافع.

 

16. إعداد المسابقات المختلفة (على حفظ متن أو على قراءة كتاب أو سماع شريط أو بحث علمي أو تكون مسابقة ثقافية عامة) لتفعيل القراءة والاستفادة من ثروة المسجد المكدسة.

 

17. إقامة المعارض في بعض ملحقات المسجد كمعرض مثلاً في محاربة التدخين أو التحذير من الفواحش أو عرض ثمرات الحلقات أو معرض لأجمل أشرطة..، تظهر جهود الخطيب والإمام ومدرسي وطلبة الحلقات في هذا المجال وبعض المثقفين الذين يمكن الاستفادة منهم؛ ولتظهر ثمرة التكامل ووحدة أهل المسجد ولينتفع الآخرون.

 

18. الاهتمام بدعوة الشرائح المختلفة: فتوجه البرامج الدعوية لأولياء الأمور أو لشريحة الشباب أو لقطاع الطلاب، بما يُوجد الترابط المحمود بين شباب المسجد وغيرهم، وتكون هذه البرامج لقاءات أو زيارات أو استبيان يُسهل التفاهم والتخاطب من بُعد.

 

19. الحرص على دعوة السيّاح الكفار، بتوزيع النشرات المترجمة إلى لغاتهم عن طريق مكاتب السياحة أو المتاحف التي يزورنها؛ فتعطى لهم من مندوب هذه الجهات مع نشرات السياحة مثلاً، أو توزع مجموعة من الأشرطة المترجمة على سيارات تنـقل السياح عن طريق مجموعة من السائقين الخيرين وما أكثرهم.

 

20. الاهتمام المتزايد بأمر المكتبة السمعية وتفعيل دورها بتطوير عرضها ومعروضاتها بالإعلان الجيد والإتيان بالجديد النافع، وتفعيل الإعارة عن طريق تكريم أفضل مستعير أو عن طريق الاشتراك النصف سنوي الذي يوصل الجديد للمشترك أولاً وإلى موقعه، ويفكر في غير ذلك.

 

21. تكوين لجنة خاصة بالزيارات، تهتم بالزيارة المتكررة لرواد المسجد أو المرضى بالحي أو مسئولي المنطقة،، وخاصة في المناسبات الدينية أو مناسبات أنشطة المسجد.

 

22. تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وله طرق تيسره، منها أن يُبدأ برصد الحالات المخالفة للشرع في الحي ثم بدء محاولات المناصحة من الدعاة والوجهاء، ومن استجاب من المنصوحين يتم تكريمه تشجيعًا لغيره على الاستجابة للحكم الشرعي؛ فنكرم مثلاً صاحب بقالة لا يبيع الدخان، أو خياطًا في الحي ملتزم بأحكام اللباس الشرعية، أو حلاقًا لا يحلق اللحى، أو أبًا أخرج جهاز الدش من بيته..

 

23. إصدار المطويات النافعة على شكل سلسلة مستمرة تهتم بجانب معين، أو توزيع ما يناسب منها بصورة دورية.

 

24. إعداد الهدايا بطريقة دعوية جذابة، تُدخل الفرحة وتوصل الدعوة، وتعاهد جيران المسجد بها من حين لآخر.

 

25. إقامة الأسابيع الدعوية لمعالجة بعض الظواهر الخاطئة أو لتوجيه فكر المجتمع إلى أمور مهمة بالنسبة للمسلم، يتبناها المسجد أو تتعاون عليها عدة مساجد في المنطقة؛ كأسبوع الصلح بين المتخاصمين حيث ترتب له الخطب والكلمات وتكثف فيه المحاضرات والنشرات، وتقوم مجموعات بالبحث عن هذه الحالات وحشد كل الشرائح التي تستطيع حل مثل هذه الخلافات، وتجمع المبالغ عند الحاجة لذلك.

 

26. ترتيب الجلسات الدعوية في بعض تجمعات الشباب باستئذان قائدهم، ويحرص على الأسلوب المؤثر القريب من أفهام هذه الشريحة، ويكفي ترك الانطباع الجيد ابتداءً.

 

27. التركيز على الدعوة في القرى والأودية، فرادى أو في مجموعات، وخاصة أيام المناسبات وإعداد البرنامج الملائم لذلك بعد استئذان أهل هذه المناسبة، ولعلها تسد جانبًا من حاجتهم، خاصة أنهم يزدحمون في مثل هذه المناسبات.

 

29. تفعيل دور المسجد بشكل فوق العادي لاستقبال المقبلين على المسجد في شهر رمضان، وقد أشرت إلى هذه الوسائل في محاضرة سابقة..

 

30. القيام بحملات خاصة: كحملة خاصة بالذين لا يصلون، وأخرى للذين يريدون ترك القات، وثالثة للتحذير من الغش التجاري..، تحصر الحالات ثم تكثف الزيارات الخاصة من عدة أشخاص، ثم تقام الجلسات العامة، ونحرص على أن نسعى لإعانتهم على الاستجابة ومتابعتهم بعدها.

 

31. كتابة الرسائل البريدية أو عبر الجهاز المحمول (الجوال) وتكون معبرة ومفعمة بالعاطفة، ولو كتب كل واحد منا كل يوم رسالة لأحدهم لتغيرت أمورٌ كثيرة.

 

32. وضع الكتيبات والمطويات والمجلات والأشرطة النافعة في أماكن تجمعات الناس (عند الحلاقين، أو داخل الباصات، أو في أروقة المستشفيات..) مما يسهل على المنتظرين الاستفادة من أوقاتهم والتعرف على جوانب الخير.

 

33. فكرة البث الإذاعي لبعض أنشطة المسجد أو للأشرطة المفيدة فكرة جميلة لو كُتب لها أن تستمر وتتطور.

 

34. إقامة جلسات إيمانية ولو شهرية للمستقيمين القدامى الذين قل عطاؤهم للدعوة، والسعي في شحذ الهمم؛ فرأس المال الموجود أولى من الربح المتوقع!.

 

35. الإعلان عن ورقة عمل بعنوان: الدعوة في المدارس يحضرها الطلاب، أو الطبيب الداعية ويحضرها الأطباء، ونحو ذلك، لتقريب ملامح الأساليب الدعوية لهذه الطبقات وتبادل الرأي واكتشاف المميزين.

 

36. تبني ورش عمل تجتمع لترتب دورة علمية أو ملتقى دعوي أو نشاط خيري من الشباب الملائمين، ويحرص على تبني الوجوه الشابة.

 

رابعًا: الأنشطة الخدماتية أو الاجتماعية:

سبق الكلام على أكثر من40 جانب من الجوانب التي تبين حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الاهتمام بهذا الأمر في محاضرة الداعية وهموم الناس،[5] وسأكتفي هنا ببيان بعض الوسائل المناسبة لتفعيل هذا الدور:

37. إقامة دروس التقوية لطلبة المدارس في بعض المناهج الدراسية من بعض المدرسين بالمسجد أو من الجيدين المستقدمين من خارجه، وكم سيكون لهذا الفعل من أثـر بالغ في نفوس الطلاب وأهليهم، وخاصة قرب وقت الاختبارات.

 

38. تكريم الناجحين في المدارس النظامية، في لقاء يحضره الآباء والمعلمون وإدارات المدارس والطلاب.

 

39. إنشاء لجنة للإصلاح بين الناس.

 

40. تنظيم ملتقيات للأعياد للترفيه المباح والدعوة الهادئة.

 

41. جمع المعتمرين أو الحجاج من المنطقة أو المناطق القريبة وترتيب رحلة موحدة لهم وببرنامج معد، برفقة بعض القائمين على المسجد.

 

42. إنشاء لجنة للمتزوجين الجدد، تهتم بإعداد هدية مناسبة للعروسين، وتقديم المساعدات المقدور عليها، وإعارة بعض اللوازم الموقوفة على هذا الأمر، كما أنها تتكفل أيضـًا بصنع تصاميم دعوية لكروت الزفاف توزع على محلات الطباعة والتصوير.

 

43. ولجنة أخرى خاصة بتوزيع الفائض من الولائم على المحتاجين، بعد تغليفه بطريقة جيدة.

 

44. استبدال أشرطة الأغاني بأشرطة نافعة، ويُكثر من فتح هذا المشروع مع كل محاضرة أو لقاء يحضره جمع من الناس.

 

45. الاهتمام بنظافة المسجد وراحة المصلين، وتفقد أجهزة التكييف والتبريد ومرافق المسجد والعناية بنظافتها وجودتها.

 

46. تبني فكرة عيادة طبية مجانية في بعض القرى لمدة 3 أيام مثلاً، يساهم فيها بعض الأطباء المتبرعين، مع إسهامات تجار الحي أو مخازن الأدوية.

 

خامسًا: الأنشطة الخيرية:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في مسجدي شهراً، ومن مشى في حاجة أخيه حتى يثبتها ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام )، رواه الطبراني، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 176، ومن مشاريع هذا الجانب:

47. وضع صناديق للتبرعات، وخصوصًا بعد صلاة الجمعة: لكسوة العيد أو لأيتام الحي أو لبعض المرضى، فكثيرًا ما يحرص الناس على التبرع في آخر الأسبوع لكن لا يجيدون من يعاونهم على ذلك.

 

49. جمع مبالغ كفارة اليمين من الناس وإيصالها للمستحقين، وكم فرح عامة الناس وخاصتهم بمثل هذا العمل الذي دعاهم للتفكير الجاد في التكفير عن أيمانهم الحانثة.

 

50. توفير مستلزمات التغسيل والتكفين في دولاب خاص بالمسجد لمن يحتاجها، وتذكير الناس بثواب ذلك.

 

51. تخصيص مستودع للصدقات العـينية لما يمكن الاستفادة منه من ملبوسات أو فرش أو أثاث مستعمل، ومن ثمَّ إيصاله للمحتاجين إليه.

 

52. تفطير الصائمين في المسجد في شهر رمضان والأيام الفاضل صومها، وهذا منتشر والحمد لله، ويهتم بترتيبه أكثر.

 

53. إحياء سنة جمع زكاة الفطر في المسجد، ثم توزيعها على فقراء ومساكين الحي.

 

54. كفالة الأيتام، أو كفالة رضيع ببرنامج جميل اسمه (أسر تكفل أسرة)، يُسجل فيه بمبلغ شهري يُقسط على من يريد كلاً بحسبه.

 

سادسًا: الأنشطة الإعلامية:

إن الإعلام اليوم من الأمور التي ينبغي العناية به وبوسائله حتى تثمر الجهود بأكبر قدر من النتائج المشرفة، ومن الجوانب التي تخص القائمين على المساجد في هذا الأمر:

55. الاهتمام بتصميم لوحات في مؤخرة المسجد لآخر الأنشطة التي أقيمت، والإعلان عمَّا سيقام، وجديد المكتبة المقروءة والسمعية، وملخص الخطبة، وغيرها من الأنشطة المسجدية.

 

56. إحصاء الحضور للبرامج والأنشطة، وقياس نسب الفئات المختلفة، وبالذات الشريحة المقصودة بالبرنامج.

 

57. توثيق جميع الأعمال بالطرق الشرعية، وصنع أرشفة دقيقة لهذه الأنشطة، وكتابة التقارير عنها، ليُستفاد منها في مرحلة قادمة وليستفيد منها الآخرون.

 

58. الإخراج الإعلامي الجيد لجميع الأنشطة وحسن وسرعة توزيعه، واستخدام كافة الطرق الدعائية: من إعلانات ورقية، وكروت دعوات لحضور المهمين، واتصالات خاصة، والنشر عبر الإذاعة، وإعلانات القماش، وحسن تعليقها في أماكن تجمع الناس أو على بعض السيارات..

 

59. وضع اسم المسجد أو شعاره على كافة المستندات والجوائز والهدايا المقدمة.

 

60. حصر الممولين وطرق الوصول إليهم، والاهتمام باطلاعهم على الجديد الجيد، وإعداد الكشوف اللازمة بالأعمال السابقة واللاحقة وكيفية دعمها.

 

سابعًا: الأنشطة النسائية:

يقال فيها ما قيل سابقًا من إقامة الحلقات والمحاضرات والدورات.. على أن يكون الاختيار وتركيز الجهود فيما تحتاجه المرأة المسلمة.

 

شد العزائم:

قبل وبعد ما سبق، علينا جميعًا أن نتذكر أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام وسلف الأمة الصالح رضوان الله عليهم، كم ضحوا بأوقاتهم وأموالهم بل بنفوسهم من أجل نصرة هذا الدين ورفعته، ثم لنا أن نتدبر في حال أهل الدنيا، وكيف أنهم يسهرون ويخططون ويسعون بكل ما أوتوا من قوة للوصول إلى مصالح شخصية أو أمور محرمة، لا تبلغ لذتها - فضلاً عن نار عارها- ما وُعد به المصلحون من النعيم، بل لو وقفنا وقفة تأمل ونحن ننظر في ما مضى من أعمارنا؛ كم قدمنا لما ينفعنا ويقربنا عند الله وكم أخرنا وسوّفنا، كم سبقنا السابقون في تقربهم بصالحاتـهم لمولاهم وكم تأخرنا مع المخلفين!! أليس يكفي لنشـد العزم جميعًا، أليس يكفي لنرفع عنا الأعذار الواهية أن نتدبر فيما آتانا الله عز وجل إياه من النعم والمواهب والقدرات التي أقل شكرها أن نفكر جديًا كيف نسخرها في طاعة الله ومرضاته!!.




أيها الإخـوة: سددوا وقاربوا واعلموا أنكم لن تحصوا (والقصد القصد تبلغوا) رواه البخاري، ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.. واعلموا أن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً، فأما الكبير الذي يحمل هم العلم والعمل والدعوة وهم رضا الله والجنة فماله وللنوم؟ وماله وللراحة؟ وماله وللفراش الدافئ والعيش الهادئ والمتاع المريح؟ ? أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ? [آل عمران: 142].




عبد الله: استغل اندفاع نفسـك للخيرات، فالنفس لها إقبال وإدبار،

إذا هبَّت رياحك فاغتنمها فعقبى كل خافقة سكون،

ولنجتهد جميعًا كلٌ بقدر ما يستطيع:

فلينطق كل فرد حسب طاقته
يدعو إلى الله إخفاء وإعلانا
ولنترك اللوم لا نجعله عدتنا
ولنجعل الفعل بعد اليوم ميزانا

 

أثر المحاضرة على المستمعين بعد إلقائها:

نحن بعد ما سمعنا نتردد بين أعذار المتقاعسين وتطلعات الجادّين:

فأما أعذار المتقاعسين، فمنهم من سيقول: هذا كثير ونعجز عنه، وله نقول: خذ ما يلائمك واعمل بكل ما استطعت ثم ? لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ? [البقرة: 286]، ومنهم قائل: هذا جديد لم نعهده، وليس هذه بحجة إلا إن كان هذه الجديد خارجًا عن الهدي النبوي مخالفـًا للشرع أو داخلاً في جملة المحدثات، وإلا فمرحبًا بكل جديد نافع مشروع نزداد به خيرًا على خيرنا، ولقائل أن يقول: نحن مشغولون بطلب العلم، وجوابنا الزم ما أنت فيه، وافتح لنفسك أفاقًا أخرى من الخير تزكي بها علمك وتشغل به ما فضُل من وقتك، ورابعهم: قد لا يعجبه التقليد، فلينطلق وليبدع كل نافعٍ مشروع، المهم أن ندعو لله بما يقربنا عنده ويعذرنا بين يديه.

 

أُخيَّ: إذا كنت في الدنيا عن الخير عاجزاً فما أنت في يوم القيامة صانع، وأما طموحات الجادّين، فسنرى بإذن الله أفكارًا جيدة رائعة، وحياة دعوية جديدة، ومساجد تتنافس في أنشطتها، وأخرى تنسق بين لجانها للقيام بعمل مشترك، حتى أن أضعف الإيمان سيدعو بعض القائمين على المساجد على نقل ما تخلف من أنشطة المساجد الأخرى لعرضه في مسجده، وهذا هو صائد الفوائد أضعفنا عملاً، وليس فينا إن شاء الله ضعيف في همته.

أغار على أمتي أن تتيه
بهوج العواصف في العيلم
وتقعد صماء مغرورة
وتطربها لغة الأبكم
وتشغلها سفسفات الأمور
عن الفرض والواجب الأقدم
وتدفن آمالها بالضحى
وتمسي وتصبح في مأتم
تناشد أبنائها عروة
من الدين والحق لم تفصم
وترجو لعلاجها مرهماً
وليس سوى الدين من مرهم
أخي لا تلن فالأولى قدوة
لمثلي ومثلك في المأزم
تقدم فأنت الأبي الشجاع
ولا تتهيب ولا تحجم
فلا تتنازل ولا تنحرف
و لا تتشاءم ولا تسأم
ولاتكن من معشر تافهي
يقيس السعادة بالدرهم
يعيش وليس له غاية
سوى مشرب و سوى مطعم

 

وماذا يراد منا؟ يراد أن يجتمع كل أخوة حريصين على إحياء مسجدهم أو من مجموعة مساجد، ثم ينقسم الجادون إلى مشرفي لجان لهذه الأنشطة، ومع كلٍ منهم بقية من شباب المسجد، يختارون بعض ما سمعوا مما يناسبهم أو يبتكرون غيره، يضعون له خطة محددة الزمان والمكان، ثم يبدأون في العمل الجاد المدروس، وبإذن الله يبارك الله لهم في جهودهم وسعيهم لإحياء وتفعيل رسالة مسجدهم.

 

أخـيراً.. أرجو أن أكون قد وفيت ببعض ما سعى لها الحاضرون هذه الليلة، ورتبته اللجنة الدعوية بمنطقة الحوطة وضواحيها من خلال هذه المحاضرة، فشكرًا لهم، وللقائمين على هذا المسجد الحيِّ بطاعة الله، وجزاكم الله خيرًا.




[1] أصل هذه الرسالة محاضرة ألقيت في جامع الحاوي بالحوطة في ليلة 19 من ربيع أول سنة 1426هـ.

[2] وراجع كتاب أسس التدريس في الحلقات القرآنية، للمؤلف.

[3] راجع رسالة حتى لا تسقط هيبة أئمة المساجد، وهي محاضرة قيمة للمؤلف.

[4] وراجع رسالة له أيضاً بعنوان: كيف تكون خطيباً.

[5] وهي مفرغة في رسالة لطيفة.


"
شارك المقالة:
30 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook