الولادة بوجود المجيء القمي

الكاتب: د. ايمان شبارة -
الولادة بوجود المجيء القمي.

الولادة بوجود المجيء القمي.

المجيء القمي هو المجيء الذي يتقدم فيه الجنين نحو الحوض برأسه والرأس في أقصى درجات الانعطاف بحيث تلامس الذقن عظم القص. وهو أكثر المجيئات مصادفة؛ إذ يحدث في 95% من الولادات عامة. ويؤلف الوضع القمي الأيسر الأمامي(LOA) left occiput anterior position  قرابة 65% من الأوضاع، في حين يحتل الوضع القمي الأيمن الخلفي (ROP) right occiput posterior position 25 ـ35% منها. النقطة الكاشفة فيه هي اليافوخ اللامي lambdoid fontanel.

ولادة المجيء القمي الأيسر الأمامي

المجيء القمي الأيسر الأمامي أكثر المجيئات مصادفة وأفضلها إنذاراً.

التشخيص:

يكون محور الرحم في المجيء القمي الأيسر الأمامي طولانياً، يحتل قطبه السفلي  ـبالجس ـ كتلة مدورة صلبة ثابتة أو متحركة أو ناهزة هي رأس الجنين، وتوافق اليد الأكثر انخفاضاً القفا (الشكل 1). كما تحتل قعرَ الرحم كتلة كبيرة لينة غير منتظمة هي المقعد. ويشعر بظهر الجنين في خاصرة الحامل اليسرى وبأطرافه في الخاصرة اليمنى. أما دقات قلب الجنين فتسمع بوضوح في أيسر الخط المتوسط للبطن.

يوثَق التشخيص بالمس المهبلي. فيُشعر بكتلة الرأس تملأ الحوض. ويشعر بالدرز السهمي ممتداً من الأمام والأيسر إلى الخلف والأيمن، يقع اليافوخ اللامي المثلثي الشكل في نهايته الأمامية, واليافوخ البرغماوي ـ الذي تتفرع منه أربعة دروز ـ في نهايته الخلفية (الشكل 2). وتزداد هذه العناصر جلاءً مع تقدم اتساع عنق الرحم ولاسيما بعد تمزق جيب المياه وتدخّل المجيء وانعطافه.

آلية الولادة في المجيء القمي الأيسر الأمامي:

لما كانت الأقطار الطويلة في كل من المجيء والحوض مختلفة الاتجاه؛ فلابد لتمام الولادة من مطابقة أقطار كل منهما وأقطار الآخر. وتمر ولادة المجيء القمي الأيسر الأمامي بسبعة أدوار متتالية يتداخل بعضها ببعض بحيث يصعب وضع حد فاصل بين نهاية الدور وبدء الدور الذي يليه. ويتم تقدم الجنين في الأدوار المختلفة باستقامة عموده الفقري إبان التقلصات الرحمية وتقويم انحناء ظهره.

1 ـ التدخل engagementالتدخل مرحلة مهمة لتقدم الولادة، وهو مرور القطر ما بين الجداريين (9.5سم) للمجيء من خلال القطر المفيد (الطنفي خلف العاني 11.5سم) للمضيق العلوي. يبدأ عند الخروس في غضون أسابيع الحمل الأخيرة ليكتمل إبان المخاض، أما عند الولود فيحدث في أثناء المخاض متداخلاً مع مرحلتي النزول والانعطاف. ويتم بمطابقة قطر الرأس السهمي وقطر الحوض المعترض أو المائل.

2 ـ النزولdescent وهو حيوي أيضاً لتمام الولادة. ومع أنه قد يبدأ لدى الخروس قبل المخاض فهو لا يتقدم إلا مع بدء الدور الثاني منه، أما عند الولود فهو يتواقت مع التدخل. ويتم تحت تأثير ضغط قعر الرحم على مقعد الجنين بعد تقويم انحناء ظهره أيضاً في أثناء تقلص الرحم مع مساعدة الحزق، ويواكب نزولَ الرأس تصغّره بزيادة انعطافه وتراكب دروزه.

3 ـ الانعطاف flexion: يحدث الانعطاف نتيجة مقاومة نسج الحوض الرخوة لرأس الجنين في أثناء نزوله إما من قبل عنق الرحم وإما من قبل تقعير الحوض. وفي هذا الدور تلامس ذقن الجنين صدره، فيتقدم بالقطر تحت القفوي البرغماوي (9.5سم) عوضاً عن القطر القفوي الجبهي (11 ـ11.5سم).

يتم انعطاف الرأس طبقاً لآلية الرافعة ذات الذراعين؛ إذ يحتاج ذراع الرافعة الطويل الممتد من نقطة ارتكاز العمود الفقري الوهمية إلى الجبهة إلى قوة أضعف مما يحتاج إليه الذراع الخلفي الممتد إلى القفا مما يسهل حدوث الانعطاف.

4 ـ الدوران الداخلي internal rotationهو دوران الرأس من الوضع القمي الأيسر الأمامي إلى الأمام ليصبح في وضع قفوي عاني. ومن النادر أن يحدث الدوران إلى الخلف (قفوي عجزي). ويحدث الدوران عادة بعد وصول الرأس إلى تقعير الحوض ليطابق محوره الطويل محور المضيق السفلي الأمامي الخلفي.

5 ـ الانبساط extension: يبدأ دور الانبساط بعد وصول الرأس  ـ وهو في أقصى درجات الانعطاف ـ إلى الفرج، فتقوم نقرة الجنين بدور مفصلية تحت وصل العانة، ويبدأ انبساط الرأس تحت تأثير التقلصات الرحمية ومقاومة العجان (الشكل 5)، فتظهر الفروة من خلال فتحة الفرج، ويتقدم ظهورها حتى يتخلص القطر بين الجداريين مما يؤدي إلى انزلاق العجان على جبهة الجنين وتخلص الأنف فالفم ثم الذقن. ويهبط الرأس بعد تمام ولادته إلى الأسفل بحيث تلامس ذقن الجنين فتحة شرج الوالدة.

6 ـ الدوران الخارجيexternal rotation : يتعرض رأس الجنين بعد ولادته لما يسمى الدوران الراجع restitution فيدور إلى الأيسر بحيث يعود القفا إلى مكانه الأيسر الأمامي السابق، ومن ثم يثابر على دورانه إلى قطر الحوض المعترض ليطابق دوران جسم الجنين الداخلي الذي يأتي بالقطر ما بين الأخرمين إلى الوضع الأمامي الخلفي. وبذلك تصبح إحدى كتفي الجنين خلف وصل العانة وكتفه الأخرى مقابل العجز (الشكل 6).

7 ـ الانقذاف expulsionمع استمرار التقلصات الرحمية تظهر كتف الجنين الأمامية تحت وصل العانة بعد أن يتم الرأس دورانه الخارجي، فتقوم بدور المفصلية وتبدأ بالتقدم والتخلص، ولا تلبث أن تتبعها الكتف الخلفية بالتخلص إلى أن تنتهي الولادة بخروج جسم الجنين.

ولادة الأوضاع القفوية الخلفية

الوضع القمي الأيمن الخلفي أكثر الأوضاع الخلفية مصادفة، يحتل فيه اليافوخ اللامي الربع الأيمن الخلفي من الحوض، في حين يحتل اليافوخ البرغماوي نهاية الدرز السهمي الأمامية اليسرى.

تختلف آلية الولادة في الوضع القمي الأيمن الخلفي عنها في الوضع الأيسر الأمامي بتدخل المجيء بالقطر القفوي الجبهي (11.7سم) عوضاً عن القطر تحت القفوي البرغماوي (9.5سم)، ودوران الرأس إلى الأمام بمقدار 135ْ درجة عوضاً عن دورانه 90 ْ أو54ْ درجة (الشكل9). ومع أن معظم ولادات الوضع القمي الأيمن الخلفي تتم بسهولة حين تكون تقلصات الرحم فعالة وانعطاف الرأس جيداً وحجم الجنين متوسطا؛ فإن 5 ـ10% منها إما أن يكون الدوران الداخلي فيها ناقصاً يؤدي إلى تعضل المجيء في الوضع القمي الأيمن المعترض مما يستدعي اللجوء إلى العملية القيصرية، وإما متجهاً إلى الخلف لأخذ وضع قفوي عجزي قد يتطلب بعض التداخلات الولادية لإنجاز الولادة إضافة إلى ترافقه وتمزقات عجانية واسعة.

تتقدم ولادة الوضع القفوي العجزي ببطء؛ إذ تتطلب تقلصات قوية، ويتوتر العجان بشدة مما يؤدي إلى تمزقه. وتظهر الجبهة أولاً حتى يبلغ جذر الأنف الحافة السفلية لوصل العانة ليقوم بدور المفصلية، فتتخلص الجبهة والقفا ثم ينبسط الرأس فيتخلص الأنف فالفم فالذقن (الشكل 10).

الإنذار

تترافق ولادة الوضع القمي الأيسر الأمامي بأفضل إنذار، أما الأوضاع الخلفية اليمنى فإنذارها أقل جودة ولاسيما إذا ما تعضل المجيء في الوضع المعترض، أو دار إلى الخلف مما يستدعي تداخلات ولادية قد تكون واسعة.

تغيرات رأس الجنين

يتعرض رأس الجنين في المجيئات القمية في أثناء الولادة إلى ضغط مختلف الشدة من قبل النسج الرخوة في القناة التناسلية مما يفضي إلى بعض التغيرات الشكلية فيه، فتتشكل حدبة مصلية دموية caput succedaneum على الأقسام المنخفضة منه. وقد تكون الحدبة على درجة من السعة بحيث تملأ المهبل وتوهم بتدخل الجنين وقرب الولادة مع بقائه عالياً وغير متدخل. وتتوضع الحدبة في الأوضاع اليسرى على العظم الجداري الأيمن، وفي الأوضاع اليمنى على العظم الجداري الأيسر. وهي تتراجع عفوياً لتزول نهائياً في غضون بضعة أيام. كما تتراكب عظام رأس الجنين في الخروس في أثناء تقدمه في الممر التناسلي مما يؤدي إلى تصغر أقطاره بمقدار 0.5 ـ1سم، ويزول هذا التراكب أيضاً بعد الولادة من دون أن يترك أي عقابيل إذا كان ضمن الحدود الطبيعية.

شارك المقالة:
247 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook