الولادة بوجود المجيئات المعيبة

الكاتب: د. ايمان شبارة -
الولادة بوجود المجيئات المعيبة.

الولادة بوجود المجيئات المعيبة.

المجيء القمي هو المجيء الوحيد الطبيعي وتحدث 95% من الولادات بهذا المجيء، وكل المجيئات سواه تسمى المجيئات المعيبة وهي: المقعدي والوجهي والبرغماوي والجبهي، وأكثر هذه المجيئات شيوعاً المجيء المقعدي.

المجيئات المعيبة

أولاً ـ المجيء المقعدي 

يحدث المجيء المقعدي عندما تتدخل أليتا الجنين أو طرفاه السفليان في حوض الحامل. تبلغ نسبة حدوثه 3% من الولادات جميعها، لكنها تبلغ 25% تقريباً إذا حدثت الولادة قبل الأسبوع 28 من الحمل.

 السبب: تعد الولادات الباكرة من أهم أسباب المجيء المقعدي وتؤلف ما نسبته 20 ـ30% من هذا المجيء.

ومن العوامل المؤهبة: رخاوة الرحم واتساعه في عديدات الولادة والحمول التوءمية أو المتعددة، والمَوَه الأمنيوسي hydramnios، ونقص السائل الأمنيوسي، ومَوَه الرأس hydrocephalus وانعدام الدماغ anencephalus، والشذوذات الرحمية والأورام الحوضية والمشيمة المنزاحة placenta previa.

التصنيف: هناك نمطان أساسيان للمجيء المقعدي:

1 ـ المجيء المقعدي الصريح: ويدعى الناقص بالطراز الأليوي وهو أكثر شيوعاً. تكون فيه فخذا الجنين معطوفتين على الجسم ويكون الطرفان السفليان مبسوطين أمام الجسم والقدمان أمام الرأس، تبلغ نسبته 65%.

2 ـ المجيء المقعدي التام: تكون فيه فخذا الجنين معطوفتين على الجسم وإحدى الركبتين أو كلتاهما بوضعية العطف، وتبلغ نسبته 25%.

وهناك نمطان نادران هما المجيء المقعدي بالطراز الركبي والمجيء المقعدي بالطراز القدمي، والأخير لا يُرى إلا في الأجنة الصغيرة الميتة.

التشخيص:

أ ـ الفحص البطني: يعتمد تشخيص المجيء المقعدي على الجس الذي يكشف فيه رأس الجنين المدور والقاسي والناهز عند قعر الرحم، أما ظهر الجنين فيكون في أحد جانبي البطن (أيمن أو أيسر) في حين تشغل الأطراف الجنينية الجانب الآخر. يشغل المقعد الجنيني القطعة السفلية فيجس كتلة لينة فوق العانة أقل قساوة وأقل انتظاماً من الرأس.

ب ـ الإصغاء الجنيني: أوضح ما يكون فوق السرة في حين يكون أسفل السرة في المجئ القمي.

ج ـ المس المهبلي: النقطة الكاشفة في المجيء المقعدي هي القنزعة العجزية وبها يحدد نوع الوضع؛ كأن يكون عجزياً أيسر أمامياً أو أيسر خلفياً؛ أو عجزياً أيمن أمامياً أو خلفياً.

وعملياً يمكن جس أليتي الجنين وشرجه وعجزه والحدبتين الوركيتين وذلك في المقعدي الصريح، كما يمكن جس إحدى القدمين أو كلتيهما بجانب أليتي الجنين في المقعدي التام؛ وتعرُّف الأعضاء التناسلية وقدمي الجنين اللتين يمكن تمييز أصابعهما من أصابع اليد.

يلتبس المجيء المقعدي الناقص من الطراز الأليوي بالمجيء الوجهي؛ ويمكن تمييز الشرج من الفم بالشعور بتقلص العضلة الشرجية المختلف عن الشعور بالفك العظمي. وكذلك تلتبس حدبتا الورك بالنتوءين الوجنيين، ويمكن التمييز بأن الحدبتين الوركيتين والشرج تقع على خط مستقيم في حين يشكل الفم والنتوءان الوجنيّان شكلاً مثلثاً.

د ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتية: حين الاشتباه السريري بالمجيء المقعدي يكون إثبات التشخيص سهلاً باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية الذي تكشف به أيضاً التشوهات الجنينية وارتكاز المشيمة المعيب التي قد ترافق المجيء المقعدي.

هـ ـ التصوير بالأشعة: وهو أكثر فائدة من التصوير بالأمواج فوق الصوتية حين اختيار الولادة المهبلية للمجيء المقعدي؛ فالتصوير بالأشعة يوضح نمط المجيء ووضعه وعلاقة المقعد الجنيني بحوض الحامل وعلاقة أطراف الجنين بجذعه وانعطاف الرأس الجنيني وانبساطه، ويسمح كذلك بإجراء قياسات دقيقة لحوض الحامل.

الولادة بالمجيء المقعدي

تسير الولادة بالمجيء المقعدي في ثلاث مراحل: ولادة المقعد فولادة الجذع والكتفين ثم ولادة الرأس، ولكل من هذه المراحل الأدوار نفسها في المجيء القمي أي التصغر والتدخل والدوران والتخلص. وولادة الرأس المتأخرة في المجيء المقعدي أصعب من ولادة الرأس في المجيء القمي ولاسيما في المجيء المقعدي الصريح؛ لذلك يفضل معظم المولدين حالياً اللجوء إلى العملية القيصرية لتوليد المجيء المقعدي ولاسيما في الخروسات.

الاختلاطات والنتائج: توسعت استطبابات العملية القيصرية لتدبير المجيء المقعدي في الوقت الحاضر على نحو كبير حذراًً وتجنباً للوفيات والمراضات الجنينية؛ إذ تبلغ وفيات ما حول الولادة للأجنة في المجيء المقعدي نحو 25/1000 في حين تبلغ 2 ـ3/1000 في المجيء القمي. كما تبلغ نسبة المراضة الجنينية ما حول الولادة باستثناء الحمل المتعدد والخداج أربعة أضعاف ما هي عليه في المجئ القمي.

تشمل العوامل التي تسهم في زيادة المراضة والوفيات الجنينية: التشوهات الجنينية، ورضوض الولادة الناجمة عن السحب العنيف للجنين، ونقص الأكسجة الولادية التالية غالباً لانسدال السرر أو انضغاطه أو انحباس الرأس المتأخر. وبالمقابل فاللجوء الواسع إلى العملية القيصرية بديلاً من الولادة المهبلية زاد من المراضات الوالدية.

ثانياً ـ المجيء الوجهي

هو أن يأتي الجنين برأسه؛ والرأس بوضعية فرط الانبساط والنقطة الكاشفة فيه ذروة الذقن.

الأسباب: تذكر للمجيء الوجهي أسباب في الحامل وأسباب في الجنين، منها: الرحم الواهنة في عديدات الولادة والحوض الضيق ولاسيما الأحواض المعترضة، ورأس الجنين الكبير أو المتطاول، وأورام العنق، والجنين العرطل.

التشخيص: يعتمد تشخيص المجيء الوجهي على المس المهبلي بالدرجة الأولى وتحري النقطة الكاشفة  ـ وهي الذقن ـ التي يمكن بها معرفة أوضاع المجيء: ذقني أمامي (أيمن أو أيسر) أو ذقني خلفي (أيمن أو أيسر) أو ذقني معترض.

وقد تجس عناصر الوجه الأخرى: الفم والأنف والوجنة والحجاج.

يمكن أن يشخص المجيء الوجهي بفحص البطن إذ يتوضع تبارز قفا الرأس الجنيني في جهة العمود الفقري ويلاحظ بينهما انخفاض صريح. ويبين التصوير بالأشعة بسهولة فرط انبساط الرأس مع وجود ظل عظام الوجه أسفل الحوض؛ كما تؤخذ بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية المعلومات نفسها.

ويثبت التصوير بالأشعة أو ينفي انعدام الجمجمة في الجنين؛ إذ إن غياب الجمجمة يجعل الجنين متدخلاً بوجهه.

آلية المخاض:

لا تتم الولادة الطبيعية في الحالة العادية إلا إذا كان المخاض فعالاً وحوض الأم طبيعي السعة. وأكثر الأوضاع مشاهدة في المجيء الوجهي هي الذقنية الأمامية بنسبة 60%، والذقنية الخلفية بنسبة 25%، والذقنية المعترضة بنسبة 10%.

تتم الولادة المهبلية فقط عندما يكون الوضع ذقنياً أمامياً، أو عند تحول الذقني الخلفي أو المعترض إلى ذقني أمامي بآلية الدوران الداخلي حين يأتي الذقن إلى أسفل الارتفاق العاني، فيتدخل الرأس بالقطر تحت الذقني البرغماوي، وهو يعادل في الطول القطر تحت القفوي البرغماوي الذي يتدخل به المجيء في المجيئات القمية. في عملية النزول هذه تقابل الرقبة المنبسطة الوجه الخلفي للوصل العاني، ويظهر الذقن والفم أولاً من المهبل تحت العانة ثم ينعطف الرأس فيظهر بالتتالي الأنف فالعينان فالجبهة، وأخيراً القفا. وبعد أن تتم ولادة الرأس يدور الذقن خارجياً نحو الجانب الذي كان به في البداية (أيمن أو أيسر) وتتم باقي الولادة كما في المجيء القمي.

إذا بقي المجيء الوجهي معترضاً أو ذقنياً خلفياً فإن الولادة لا يمكن أن تتم عفوياً؛ لأن الرقبة لا يمكنها أن تجتاز الوجه الأمامي للعجز. تدور نصف المجيئات الذقنية الخلفية تقريباً على نحو عفوي إلى وضع ذقني أمامي، كما تدور أغلب المجيئات الذقنية المعترضة عفوياً إلى الوضع الذقني الأمامي.

لا تستطب الولادة بالمحاولات التي تهدف إلى تحويل المجيء الوجهي إلى قمي؛ لأنها تؤدي إلى زيادة الوفيات والمراضات حول الولادة.

تستطب العملية القيصرية في الأوضاع الذقنية الخلفية والمعترضة.

وعندما تتم الولادة المهبلية عفوياً في المجيء الوجهي فإن نسبة المراضة والوفيات حول الولادة تماثل النسبة المشاهدة في المجيء القمي.

ثالثاً ـ المجيء الجبهي

وهو مجيء نادر، تبلغ نسبة حدوثه 1/1400.

الأسباب: مشابهة لأسباب المجيء الوجهي، ويكون الرأس فيه بوضع متوسط بين الانبساط (مجيء وجهي) والانعطاف (مجيء قمي)، ولكنه أقرب إلى الانبساط منه إلى الانعطاف.

التشخيص: يشخص بالمس المهبلي؛ إذ يشعر بالدروز الجبهية واليافوخ الأمامي وحواف الحجاج وجدار الأنف، ولا يمس في هذا المجيء الذقن أو الفم أبداً.

والنقطة الكاشفة فيه هي الفك العلوي أو جذر الأنف، وبحسب موقعه من الحوض يصنف الوضع إلى أمامي أو خلفي أيمن أو أيسر.

آلية الولادة: غالباً ما يكون المجيء الجبهي انتقالياً؛ إذ تتحول ثلث الحالات إلى مجيء قمي بانعطاف الرأس، أو مجيء وجهي بانبساطه، ويستدعي بقاء المجيء جبهياً تدخل الرأس بالقطر القفوي الذقني الكبير occipitomental diameter وهو أكثر طولاً من القطر المتدخل في المجيء القمي أو الوجهي. وتكون الولادة العفوية فيه مستحيلة بالأجنة الطبيعية الحجم. تستطب الولادة بالعملية القيصرية، ولا تستطب طرق تحويل المجيء الجبهي إلى قمي.

رابعاً ـ المجيء البرغماوي

هو نوع من المجيئات الرأسية يتقدم فيه الرأس بوضع بين الانعطاف والانبساط ولكنه أقرب إلى الانعطاف منه إلى الانبساط. وهو نادر جداً يعده بعضهم نوعاً من المجيء الجبهي، والنقطة الكاشفة فيه هي الجبهة.

أسبابه كأسباب المجيئين الوجهي والجبهي وتشخيصه صعب في أثناء الحمل. أما في أثناء المخاض فيشعر بالمس بعد اتساع عنق الرحم باليافوخ البرغماوي في مركز الحوض أو قريباً منه، ويشعر بالدرز السهمي حتى جذر الأنف في الأمام وحتى اليافوخ اللامي في الخلف. وبذلك يمكن التفريق بين المجيء البرغماوي والمجيئين القمي والوجهي. ففي المجيء القمي تبلغ الإصبع الماسة اليافوخ اللامي بسهولة، وإذا أمكن الشعور باليافوخ البرغماوي في بعض الحالات فلا يمكن الشعور أبداً بالنصف الأمامي للدرز السهمي. أما في المجيء الوجهي فتشعر الإصبع الماسة بالذقن وجذر الأنف والنصف الأمامي للدرز السهمي لكنها لا تستطيع الوصول إلى اليافوخ البرغماوي. وأما في المجيء الجبهي فتشعر الإصبع باليافوخ البرغماوي بسهولة لكنها لا تدرك اليافوخ اللامي ولا الذقن.

خامساً ـ المجيء المعترض

ويدعى أيضاًً المجيء الأخرمي acromion presentation أو المجيء الكتفي shoulder presentation. وفيه يكون المحور الطولي للجنين عمودياً على المحور الطولي للرحم أو يميل عليه بزاوية حادة، وتبلغ نسبة حدوثه 3/ 1000 .

الأسباب: رخاوة جدار البطن عند عديدات الولادة؛ إذ تزيد النسبة عندهن على عشرة أمثال ما هي في الخروسات، والخداج والمشيمة المنزاحة وتشوهات الرحم والحمل المتعدد وتضيق الحوض والمَوَه الأمنيوسي.

التشخيص:

1 ـ فحص البطن: سهل عادة، وذلك بتأمل بطن الحامل فيلاحظ أن محوره عرضي، ويكون قعر الرحم منخفضاً حتى السرة.

وبفحص قعر الرحم لا يجس أي قطب جنيني؛ بل يكون الرأس المدور في إحدى الحفرتين الحرقفيتين اليمنى أو اليسرى، والمقعد في الجهة المقابلة، ويكون الحوض فارغاً.

يتم تحديد موقع الظهر بسهولة إذا كان أمامياً فيشعر به بشكل سطح مقاوم يمتد عرضياً خلف الجدار البطني، أما إذا كان خلفياً فتجس كتل غير منتظمة هي الأطراف الجنينية.

2 ـ المس المهبلي: إذا كان اتساع العنق كافياً يمكن جس الأضلاع (بشكل قضبان المشواة)، كما يمكن أن تميز الكتف والترقوة والإبط.

3 ـ النقطة الكاشفة: هي الكتف، لذلك يدعى المجيء المعترض المجيء الكتفي أو الأخرمي، وتحدد الجهة الوالدية التي يكون الكتف الجنيني فيها وضع المجيء: أيمن أو أيسر، وحسب موقع الظهر الجنيني يسمى المجيء أمامياً أو خلفياً، علوياً أو سفلياً.

عندما يتقدم المخاض ينحشر الكتف في الحوض الوالدي، وكثيراً ما تنسدل يد الجنين أو ذراعه في المهبل.

4 ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتية والأشعة: في حال الالتباس في التشخيص يمكن اللجوء إلى التصوير بالأمواج فوق الصوتية أو التصوير بالأشعة لإثبات التشخيص.

آلية الولادة:

إن الولادة العفوية المهبلية للجنين الكامل النمو في المجيء المعترض مستحيلة، وتدبير الحالة في حال المخاض الفعال هي العملية القيصرية التي يجب أن تجرى منذ بدء المخاض خشية حدوث تمزق الرحم إن أهملت الحالة، وهو مضاعفة خطرة تؤدي إلى موت الوالدة والجنين.

شارك المقالة:
268 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook