انظر إلي بعينيك

الكاتب: المدير -
انظر إلي بعينيك
"انظر إليَّ بعينيك




? نعم أيها المحبُّ الغالي، انظر إليَّ بعينَيْك؛ فأنا محبٌّ لك، لا تكفيني عين واحدة، ولا ترويني نظرة واحدة.

 

? انظر إليَّ بعينيك؛ لتشهد الجمال، وتبصر الدَّلال، وتنظر الحلال، برؤية صافية كأنها الزُّلال.

 

? انظر إليَّ بعينيك؛ لترى الضعفَ والقوة، والغِنى والفقر، والعزة والذِّلة، والإقدام والإحجام، والكرَّ والفرَّ، والمد والجزر.

 

? انظر إليَّ بعينيك؛ لترى الخطأ والصواب، والسلبيَّات والإيجابيات، ونقاط القوة ونقاط الضعف، والحسنات والسيِّئات، والأعمال الصالحة والأعمال السيئة.

 

? لا تنظر إليَّ بعين واحدة؛ فإنك تظلمني، وتنتقص من قيمتي، وتحطُّ من قدري إن تفعل ذلك.

 

? نعم أنا مخطئ، ومُقصِّر، لكن في نفس الوقت أنا أحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأحب المؤمنين، وأتمنَّى أن يكون لي اسم مع المتقين، وسهم مع العابدين، وحظٌّ مع الصادقين، ونصيب من القرب من أرحم الراحمين؛ فانظر إليَّ بعينيك.

 

عن معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم! فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمِّتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبلَه ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه؛ فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال: ((إن هذه الصلاة لا يَصلُحُ فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن))؛ صحيح مسلم.

 

واثكل أمياه: الثكل: هو فُقدان المرأة ولدَها، الثُّكل بالضم: الموت والهلاك، وفقدان الحبيب أو الولد.

 

كهرني: القهر، والانتهار، والضحك، واستقبالك إنسانًا بوجه عابس؛ تهاونًا به.

 

وقفات تربوية، وإرشادات تنموية في ظلال الحديث:

? إنها دعوة للمعلمين والمدرسين، والآباء والمربِّين، والدعاة والمصلحين إلى التخلُّق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل، وحسنِ تعليمه، واللُّطف به، وتقريب الصواب إلى فهمه.

 

? الشعور بالآخر - وإن أخطأ - والرفق به، والشفقة عليه، وتقدير ظروفه، ورحمتُه، والإحسانُ إليه.

 

? كم في المجتمع من جاهل يبحث عمن يعلِّمه، وغافل يسعى حثيثًا ليجد من ينبهه، وناسٍ مفتقرٍ إلى من يذكِّره، ولو تزوَّد المعلمون والمربُّون والدعاة والمصلحون بالزاد المطلوب في علاج الخطأ، وحسن التعامل مع المخطئين - لأثَّروا تأثيرًا عجيبًا، ولكسَبوا قلوبَ الناس.

 

? سؤال بديهي ينبغي أن يسأله كلُّ عالم وداعية، ومعلم ومدرس، وأب ومربٍّ نفسَه: هل غضبي لله أم لنفسي؟ وهل غيرتي لله أم لنفسي؟

 

حين أتعامل مع المخطئين والخطأ، فإن كان لله، فلا بد من التخلُّق بأخلاق المعلم والداعية الأول محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهو القائل: ((إنما بعثت معلمًا ميسرًا)).

 

? لقد أثمر أسلوبُ الرفق واللين والرحمة عند معاوية رضي الله عنه محبةَ الناصح صلى الله عليه وسلم، ومحبة النصيحة؛ لذلك قال: (فبأبي هو وأمي ما رأيتُ معلمًا قبله ولا بعدَه أحسن تعليمًا منه).

 

? من أحاديث الرفق قولُه صلى الله عليه وسلم: ((إن اللهَ رفيق يحبُّ الرفق في الأمر كلِّه، ويعطي عليه ما لا يُعطي على العنف))؛ فهذه رسالة بالغة الأهمية إلى كلِّ مَن يتصدَّر مهمة التربية والتعليم والدعوة والإرشاد إلى ترك العنف اللفظي والبدني، ولا تعجب إن قلنا: إن الإفراط في استعمال العنف دليلُ فشلٍ واضح في مجال الاختصاص، والله المستعان.

 

? حكمةٌ: قال الربيع بن خُثَيْم: (لو نظر الناس إلى عيوبهم، ما عاب إنسان على الثاني).

 

وختامًا:

أيها الحبيب الناصح، أنا مخطئ، بل أنا خطَّاء، لكن انظر إليَّ بعينَيْنِ.


"
شارك المقالة:
35 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook