عندما تمتلك الدولة حكماً خاصّاً بها، فيتولى حكمها أبناء شعبها، دونَ أن تخضعَ لإرادة أجنبيّة، تسمّى دولةً مستقلّةً، لذا يحتفلُ الشعبُ بذلك اليوم المسمّى بيوم عيد الاستقلال، الذي حصلت فيه أوطانهم على استقلالها، وتخلّصت من سيطرة الدولِ الأخرى، وهو يومٌ ثابتٌ في كلّ عامٍ، مرتبطٌ بذكرى الحريّة والتحرر من عبوديّة الدولةِ المحتلّة، ويعزز الروحَ الوطنيّةَ لدى أبناءِ الوطنِ، ويوحدهم تحت رايةِ الاستقلالِ رغمَ اختلافِ عشائرهم أو دياناتهم، فيتذكرونَ أمجادَ أجدادهم وجهودهم في سبيلِ الحريّةِ، ويسعونَ لإكمالِ ما صنعه أجدادهم من أجلِ الوطنِ، للحفاظ على الاستقلال والنهوض بالوطن.

 

 

يحتفلُ الشّعبُ بيومِ استقلالِ بلادهم، تعبيراً عن حبّهم وانتمائهم للوطن، وتعزيزاً لشعورهم بالفخرِ لانتمائهم له، فتتزيّن الطرقاتُ، وتعلو أصوات الأغاني الوطنيّة في الإذاعاتِ، وتعقدُ الاحتفالاتِ والمهرجاتِ في الشوارعِ والمدارسِ والمسارحِ، وتمتلؤ الصحفُ بالتهنئة والتبريك للشعبِ وقيادته بهذه المناسبةِ العظيمة، ولكلّ دولةٍ طريقةٌ مميّزة في الاحتفالِ بيوم استقلالها، تعبّرُ فيها عن امتنانهم لتمتع دولتهم بالحريّة.

 

 

بذلت الأوطان العربيّة الكثيرَ في سبيلِ الحريّة، لذا نجدُ الاحتفالاتِ بيومِ الاستقلالِ فرحاً وفخراً للمواطنينَ، فيحتفلونَ على طريقتهم الخاصّة، وفيما يلي نبذة سريعةٌ عن الاحتفالاتِ في بعض الدول العربيّة:

 

الإمارات: تقيم دولة الإماراتِ مهرجاناتٍ تضمّ فقراتٍ وطنيّة وشعبيّة، كما تقيمُ بعضُ الدوائرِالحكوميّة كوزارة العدلِ أنشطةٍ مجتمعيّةٍ، وقد يفتتحُ معرضٌ يسلّطُ الضوءَ على تاريخِ الإماراتِ، ويمكن مشاهدة بعض الرقصاتِ الفلكلوريّة، والألعاب الناريّة.

 

الأردن: تتزيّن الحافلات العموميّة بأعلامِ الأردنِ تجوبُ شوارعها، ويقيمُ بعضُ الفنانينَ الأدرنيين حفلاتٍ غنائيّة وطنيّة، مصحوبةٍ بالدبكة الشعبيّةِ والأهازيجِ، كما تشهد سماءَ المملكةِ عروضاً جوّية.

 

السعوديّة: تحتفلُ السعوديّة بيومها الوطنيّ الذي توحدت فيه الأراضي السعوديّة تحت مسمّى المملكة العربيّة السعوديّة، وذلك في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، فتتزين الشوارع والمنازل بهذا اليوم باللون الأخضر، وتقام الاحتفالات والفعاليّات المتنوعة.

 

لبنان: تمتلؤ محافظاتُ لبنان بالأنشطة والمهرجاتِ احتفالاً بيوم الاستقلال، فيسمع النشيد الوطنيّ يعلو من المدارسِ والساحاتِ، وتقامُ بعض العروض العسكريّة في المهرجانات.

 

تونس: يقامُ في اليوم الذي تحررت فيه تونس من الاستعمار الفرنسيّ فعاليّاتٍ احتفاليّة متنوعة، فتقام في المسارحِ مسرحيّاتٍ موسيقيّةٍ، وتشهدُ الساحاتِ تخريج ضباطٍ جدد، كما تعرضُ أفلام وثائقيّة و محاضراتٍ عديدة احتفالاُ بهذا اليوم.

 

 

ترتبطُ الاحتفالاتِ في دولِ العالمِ بالعديد من الأنشطةِ والتقاليدِ الجميلةِ، التي تجمعُ المواطنينَ معاً في الشوارعِ والساحاتِ للاحتفالِ، وتتميّز كلّ دولةٍ بمجموعةٍ من الممارساتِ التي تجعل هذا اليومَ حدثاُ لا ينسى، ومنها:

 

كولومبيا: تطلق بالونات الهواء الساخنة في سماء كولوبيا، احتفالاً بسعيها للحريّة التي حصلت عليها كاملةً عام 1819م، وتطهو السيدات كعك الذرة المرتبط بيوم الاستقلال، وتقدّم عروض الرقص الشعبيّة في الشوارع.

 

الهند: تحررت الهند يوم 15 من شهر 8 من الاحتلال البريطاني الذي دام 200 عام، فيحتفل الشعب بهذا اليوم بتزيين السماءُ بالطائراتِ الورقيّة التي تعدّ رمزاً للحريّة هناك، وهي ملوّنة بألوان العلم الهنديّ: الأبيض، والأخضر الزمرديّ، والبرتقاليّ.

 

أندونيسيا: للاحتفالِ بيوم الاستقلالِ في أندونيسيا أجواء مختلفة، إذ يمارسُ الشعب لعبةً تدعى بانجيت بينانج، فيعلقُ في أعلى عمود مدهون بالطين الزيتيّ العديد من الهدايا، فيتسلق الشبابُ للوصولِ إليها والحصولِ على الجوائزِ المتنوعة، كما تطلق مئات السلاحف الخضراء في المحيط من شواطئ كوتا في بالي، استقلّت اندونيسيا عن هولندا عام 1949م في 17 من شهر اغسطس، بعد حرب استمرّت 4 سنوات.

 

أمريكا: أكثر الأنشطة التي تعقدُ في الرابع من شهر 7، احتفالاً باستقلالِ الولايات المتحدة الأمريكيّة هيَ الالعابُ الناريّة، فتشاهدُ الاستعراضات في سماءِ الولايات جميعها، كما تلوّن الشوارع بالملابس التي تحمل ألوان العلم الأمريكيّ، ويتناول الشعب ساندويشات النقانق التي تعدّ وجبته الاحتفاليّة.

 

كوستا ريكا: تحتفلّ هذه الدولة الاستوائيّة الصغيرة بيوم استقلالها في 15 من شهر 9 كلّ عام، فتمارس الرقصات الشعبيّة بالأزياء الشعبيّة الملوّنة.

 

كمبوديا: يتجمّع الشعب الكمبوديّ وينطلق للاحتفال بيوم الاستقلال من النصب التذكاريّ المسمّى فنوم بنه، والذي أقيمَ عام 1953م احتفالاً باستقلال الدولة عن فرنسا، كما تطلق هناكَ البالونات الملوّنة.

 

 

عندما تكونُ الدولةُ واقعةً تحتَ الاستعمارِ، لا يهدأ شعبها حتّى يستعيدَ استقلاله، فيقاومُ المتحلّ بشتى الوسائلِ، وتحرّكه العديد من الأسبابِ لهذا النضال، فبعض الشعوب يحرّكها انتماؤها الدينيّ، كالجزائرِ التي كانت أوّل دولةٍ عربيّةٍ مستعمرة، إذ عملَ فقهاؤها على تدشينِ الأرواحِ بالمقاومة، وقد تكون العشيرةُ والانتماء القبليّ دافعاً للمقاومةِ، كقبيلةِ الزبيديّة العراقيّة التي عرفت ببسالتها في ثورة العشرين بالعراق، أمّا الأقباط والمسيحيّون فقد يدفعهم للنضالِ شعورهم القوميّ وانتماؤهم الوطنيّ، ويظهر ذلك جليّاً في مقاومةِ الأقباطِ الوطنيّة في ثورة 1919م بقيادة سعد زغلول.