بروا والديكم قبل موتهما

الكاتب: المدير -
بروا والديكم قبل موتهما
"بروا والديكم قبل موتهما

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

أولًا: موت الوالدين أو أحدهما مصيبة عظيمة تُدمي القلب وتُبكيه قبل العين وتستدر الدمع والحزن مع الرضا بالقضاء وعدم الوقوع في السخط.

 

ولماذا موتهما مؤثر جدًا؟!

 

للأسباب التالية:

الأول: لأنهما سبب وجودك بعد توفيق الله سبحانه، وسبب لتوفيقك لأعظم نعمة وهي نعمة الإسلام التي امتن الله عليك بها عن طريقهما؛ ولأنك تحبهما جدًّا وهما يحبانك أكثر.

 

الثاني: لأنه بموتهما أو أحدهما أُغلِق باب عظيم من أبواب البر، وبقيت ولله الحمد أبواب أخرى.

 

الثالث: لأنه بموتها أغلق سبب عظيم من أسباب تيسير الأمور ودفع الشرور - فما هو؟ - هو دعواتهما الصادقة لأبنائهما وللمسلمين.

 

الرابع: لأن المقصر في برِّهما والإحسان إليهما مقارنة بإخوانه يبكي أسفًا على ما بدر منه من تقصير.

 

الخامس: لأنه إذا ماتا انقطع باب عظيم من أبواب الحسنات وهو برهما أحياءً، ولكن بقي - ولله الحمد - أنواع من البر للأموات منه:

الدعاء لهما، والصدقة عنهما، والحج والاعتمار عنهما، وصلة صديقهما.

 

ثانيًا: لما سبق فإني أنصح كل من كان والداه أو أحدُهما أحياءً أن يبذل قصارى ما يستطيع لبرِّهما، والإحسان إليهما قبل أن يتخطَّفهما الموت فيندم ندمًا شديدًا.

 

ثالثًا: ومما يُعينك على برهما كثيرًا الآتي:

• الدعاء لهما ولنفسك بالإعانة على برهما.

 

• مجاهدة النفس على برهما والإحسان إليهما.

 

• العلم بِعظم حقهما عليك، فهو أعظم الحقوق بعد حق الله سبحانه؛ لأن الله سبحانه قرن الأمر ببرهما مع الأمر بإخلاص العبادة له سبحانه والنهي عن الشرك، وذلك في قوله عز وجل: ? وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ? [الإسراء: 23-24].

 

رابعًا: تأمل كثيرًا كثيرًا قوله عز وجل: ? وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى? وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى? أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ? وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ? وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ? ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? [لقمان: 14 – 15].

 

ولاحظوا كيف أن الله سبحانه أمر بشكر الوالدين، وقرن الأمر بشكرهما مع الأمر بشكره سبحانه: ? أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ?، وفي الآية الثانية أمر سبحانه ببرهما ولو كانا مشركين ويأمران ابنهما بالشرك مع عدم طاعتهما في الشرك، وتأمل قوله سبحانه: ? وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ? [الإسراء: 24].

 

خامسًا: تذكر عظيم جهدهما معك تربية وسهرًا وألمًا ونصحًا، ثم تذكر تقصيرك معهما وابك على ذلك وتدارك نعمة وجودهما ببالغ البر والإحسان لهما؛ لتكسب حسنات مثل الجبال.

 

سادسًا: تذكَّر أن برَّهما سببٌ عظيمٌ لدخول الجنة، ولإجابة الدعاء، وتفريج الكرب.

 

سابعًا: من أعظم ما يستدل به لذلك الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « يأتي عليكم أويس بن عامر في أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برٌّ، لو أقسم على الله لأبرَّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ».

 

العجيب هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم يُخبِر الصحابة الذين هم خير الناس أنه سيأتيهم فيما بعد رجلٌ تابعيٌّ بارٌّ بوالدته، لو أقسم على الله أن يستجيب له دعوة، لاستجاب الله له، ويطلب صلى الله عليه وسلم من الصحابة، وهم خير منه أن يطلبوا منه أن يدعو لهم؛ فاحرصوا - رعاكم الله - على بر والديكم ليُستجاب دعائكم فتسعدوا في الدنيا والآخرة.

 

ثامنًا: واعلموا - رحمكم الله - أن أعظم حقٍّ بعد حقوق الله سبحانه هو حقوق الوالدين، لماذا؟

لأن الله سبحانه قرن الأمر ببرِّهما بالأمر بإخلاص العبادة له سبحانه والنهي عن الشرك، وذلك في قوله عزوجل: ? وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? [الإسراء: 23].

 

تاسعًا: فيا غافلًا عن بر والديك ويا مقصرًا أفيقوا واستغفروا ربكم سبحانه وأحسنوا لوالديكم واستسمحوا منهما قبل أن يفجأهما الموت فتخسروا وتندموا ندمًا شديدًا.

 

عاشرًا: تذكر أن بر الوالدين واجب شرعي تؤجر عليه أجرًا عظيمًا وليس مجرد مكافأة؛ ولذا وجب عليك برهما ولو قصَّرَا في حقوقك أو ظلماك، وتذكر أن العقوق تأثم به إثمًا عظيمًا وقد يكون سببًا لعقوق أبنائك لك.

 

حفظكم الله، وغفر الله لكم ولوالديكم وللمسلمين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، ومن والاه.


"
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook