بلاغة القرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
بلاغة القرآن الكريم

بلاغة القرآن الكريم.

 

 

تعريف البلاغة

 

البلاغة في اللغة من بلُغ، يبلُغ؛ فهو بليغٌ، والبليغ عند العرب من فصُح لسانه، وحسُن بيانه، ومن هنا كانت البلاغة تعني حسن البيان وقوّة التأَثير، وعلم البلاغة هو العلم المُختصّ بالمعاني والبيان والبديع، ويقال أيضاً في معناها أنّها مطابقة الكلام لمُقتضى الحال، مع فصاحته، وقد عرّف أهل التحقيق مصطلح البلاغة بقولهم أنّها الكلام الذي بلغ مقصوده دون إطالةٍ، وقال آخرون هي البلاغة ما قرُب طرفاه وبعُد منتهاه؛ بمعنى أنّ كلماتٍ موجزةٍ حملت معانٍ عميقةٍ، ويرى الإمام الجرجاني أنّ البلاغة مُختصّةٌ باللفظ والمعنى، وهي بهذا المفهوم تُشكّل نسيجاً متكاملاً وتداخلاً مُحكماً.

 

أمثلةٌ على بلاغة القرآن الكريم..

 

يستعرض هذا المقال أمثلةً على بلاغة التعبير القرآنيّ في الفروق بين المصطلحات التي تظهر بادئ الأمر أنّها مُترادفة المعنى، إضافةً إلى أمثلةٍ تُؤكّد على روعة التصوير الفنيّ والتخيّل الحسيّ في التعابير القرآنيّة.

 

لا ترادف في القرآن

 

يميل أهل البلاغة القرآنيّة إلى أنّ الترادف منعدمٌ؛ وذلك لأنّ التراكيب القرآنيّة التي يظهر أنّها مترادفةٌ هي للمُتأمّل في بلاغة النّص ودلالاته تحمل فروقاً تُخرجها عن معنى الترادف، ويقصد بالترادف عند أهل اللغة توالي كلمتين مختلفتين أو أكثر والاستدلال بها على شيءٍ واحدٍ، ومن الأمثلة على الفروق البلاغيّة فيما يظَنّ أنّه ترادفٌ في القرآن:

  • الخشية والخوف: على سبيل المثال فإنّ الخشية والخوف لهما دلالتان مختلفتان في التعبير القرآني الفريد، يقول الله -تعالى-: (وَيَخشَونَ رَبَّهُم وَيَخافونَ سوءَ الحِسابِ)، حيث جاءت الخشية من الله، والخوف من سوء الحساب، والخشية تكون من عِظم المَخشِي، وهو المولى سبحانه، والخوف يُعبّر به عن ضعف الخائف من المخُوف وهو سوء الحساب.
  • العباد والعبيد: العباد في القرآن الكريم لفظٌ له كرامة الصلة بالله تعالى؛ بينما لفظ العبيد فهو يشمل البرّ والفاجر، وقد جاء الاستدلال بهما في الآيات الكريمة وفقاً لهذا التفريق في المعنى ودلالة كُلّ منه، ففي لفظ عباد قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، وعند استخدام لفظ عبيد قال سبحانه: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ).

 

التصوير الفنيّ في القرآن

 

تعدّد التصوير الفنيّ في القرآن الكريم بعدّة أنواعٍ، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • التصوير الحسّي المتسلسل: يجد القارئ المتدبّر للنّص القرآني في أواخر سورة مريم أنّ التعبير القرآني الفريد يُصوّر مشهداً من مشاهد الغيب في الآخرة والحساب بشكلٍ حسّيٍّ متسلسلٍ، قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحشُرَنَّهُم وَالشَّياطينَ ثُمَّ لَنُحضِرَنَّهُم حَولَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا*ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شيعَةٍ أَيُّهُم أَشَدُّ عَلَى الرَّحمـنِ عِتِيًّا).
  • التخييل الحسي: وُيقصد به الحركة الحيّة التي يضفيها التصوير القرآني للمشهد؛ فيبث فيه الحياة، ويحوله في ذهن القارئ المُتدبّر إلى منظرٍ مليءٍ بالحركة والتفاعل، ومن أمثلة ذلك قول الله -عزّ وجلّ-: (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)؛ فجاء التّعبير بـ "اهتزت" موحٍ بالمشهد الذي أعاد للأرض بهاءها.
شارك المقالة:
99 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook