بيان مختصر لمن لا يعرف ما هو الإسلام

الكاتب: المدير -
بيان مختصر لمن لا يعرف ما هو الإسلام
"بيان مختصر لمن لا يعرف ما هو الإسلام[1]

 

الناس بحاجة ملحة لدين قويم، ومنظومة أخلاق متكاملة، تضبط وتنظم أمور حياتهم، وتهذب أخلاقهم وتصرفاتهم، وتغذي أرواحهم وعقولهم، وتضمن لهم سعادة الدنيا والآخرة، دين رباني موثوق، شامل كامل، ثابت لا يتغير ولا يتبدل، صالح لكل زمان ومكان وفئة؛ قال تعالى: ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ? [المائدة: 3]، والبشر مهما بلغ علمهم، فلا يمكنهم إدراك ذلك بأنفسهم؛ لقصور عقولهم، ولتغير أهوائهم ومصالحهم، فلا يقدر على ذلك إلا خالقهم والعالم بما يصلحهم؛ فشرع الله لهم الإسلام، وارتضاه وأتمَّه وأكمله، ولا يقبل من أحد دينًا سواه؛ ومن الأدلة على أن الإسلام هو الدين الحق أن كل الدساتير الوضعية تتغير وتتبدل باستمرار، أما الإسلام فرغم مرور مئات السنين، لا يزال محفوظًا بحفظ الله، لم يتغير منه شيء، ولم يتبدل فيه حكم، ومن الأدلة أن أي دستور وضعي لا يأتي إلا بعد اكتمال الحضارة، أما الإسلام فقد جاءت شريعته كاملةً قبل بدء حضارته، ومن الأدلة دخول الناس في الإسلام أفواجًا وبطواعية واقتناع ثم ثباتهم عليه، بل وأصبح الإسلام اليوم هو أسرع الأديان انتشارًا وقبولًا، ومن الأدلة أنه قد ثبت للناس كلهم صدق الإسلام ونفعه وصلاحيته، وأنه ما من مجتمع أخذ به وطبقه التطبيق الصحيح إلا سعد وازدهر؛ قال تعالى: ? فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ? [طه: 123]، وقال تعالى: ? وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ? [النساء: 66]، ومن الأدلة القاطعة عجز الأولين والآخرين عن أن يأتوا بمثل القرآن الكريم، بل ولا حتى بسورة من مثله؛ قال تعالى: ? أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ? [يونس: 38].

 

محاسن الإسلام:

الإسلام دين كامل في تشريعاته، شامل لكل شؤون الحياة وأنشطة الإنسان، سهل الفهم، واضح التصور، ميسور التكاليف، معتدل المنهج، يتلاءم مع الفطرة السليمة، ويتوافق مع العقل والمنطق والواقع، لا عَنَتَ فيه ولا مشقة، يدعو إلى كل خير، وينهى عن كل شر، يوازن بين متطلبات الروح والجسد، وسط بين التشدد والانفلات، وبين العمل للدنيا والعمل للآخرة.

 

الإسلام دين السعادة وطمأنينة القلب، وسكينة النفس، وانشراح الصدر، وراحة البال، وهذا ما يقوله كل من دخل في الإسلام وذاق حلاوة الإيمان؛ قال تعالى: ? الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ? [الرعد: 28]، الإسلام دين الرحمة واليسر والسماحة؛ كل تكاليفه الشرعية مبنية على التخفيف والتيسير؛ يصلي المسلم قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنبه، وإن لم يستطع الوضوء فليتيمم.

 

الإسلام دين المحبة والإخاء، والتواصل والصفاء؛ فهو يبني العلاقات الاجتماعية الحميمة، ويمد جسور التواصل بين أفراد المجتمع؛ فيأمر ببر الوالدين، وصلة الأرحام، واحترام الكبير، وتوقير ذوي الفضل والسلطان، والإحسان إلى الجيران، ومساعدة المحتاجين، وأن يكون الجميع إخوانًا متحابين متعاونين: ? إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ? [الحجرات: 10].

 

الإسلام دين قويم، ألغى كل الفوارق التي تميز بين الناس؛ فليس في الإسلام تمييز عنصري، ولا طائفي، ولا لوني، ولا طبقي، بل إن الإسلام حرص على تأصيل المساواة بين الجميع بشعائر وصلوات يومية وأسبوعية وسنوية؛ ليؤكد أن الناس كلهم سواسية كأسنان المشط؛ قال تعالى: ? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? [الحجرات: 13].

 

الإسلام دين جميل، يشتمل على كل الصفات الحسنة، والأخلاق الحميدة، والآداب الرفيعة؛ فيحث على البشاشة والقول الطيب، وعلى التبسم في وجوه الآخرين، ويأمر بالسلام على من عرفت ومن لم تعرف، ويرغب في النظافة والطهارة والاغتسال، والتطيب والتجمل والوضوء لكل صلاة.

 

والإسلام يدين كل أشكال الظلم والعدوان، ويحرم السرقة والرشوة، والغش والسخرية، والتجسس وأذية الآخرين؛ قال تعالى: ? وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ? [البقرة: 190]، والإسلام يعظم حقوق الإنسان ويراعيها، فالناس كلهم أمام الشريعة سواء، ولكل إنسان حريته المنضبطة، وكرامته المصونة، وخصوصيته الشخصية، وأمنه وأمانه، والإسلام أنصف المرأة وحفظ لها حقوقها، وساواها مع الرجل في الكرامة والإنسانية، والمساهمة في بناء الأسرة والمجتمع، وصان عرضها وشرفها بعقوبات صارمة، وألزم الرجل بحمايتها ورعايتها بنتًا وأختًا وزوجةً وأمًّا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((خيركم خيركم لأهله))، والإسلام يهدم ما قبله من الذنوب والأخطاء، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والإسلام يجيب عن كل التساؤلات التي قد تثور في نفس الإنسان عن الخالق وما يريده منا بالتحديد، وعن مصير الإنسان بعد الموت.

 

الإسلام بمعناه العام: هو الاستسلام والخضوع التام لله، والانقياد له بالطاعة.

 

ولا يكون المسلم مسلمًا إلا إذا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وهذه تسمى أركان الإيمان الستة؛ وتفصيلها كالآتي:

الإيمان بالله تعالى:

الإنسان عندما يشاهد بيتًا جميلًا، فلن يستغرب أن هناك مهندسًا مبدعًا بناه، وعندما يرى صنعةً متقنةً كالجوال مثلًا، فلن يستغرب أن هناك صانعًا متقنًا صنعها، وكذلك عندما ننظر إلى هذا الكون البديع، فلا بد أن خالقًا مبدعًا عظيمًا هو من أبدعه وسواه؛ قال تعالى: ? أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ? [الطور: 35]، وكما أن القرية لا يصلح أن يكون لها أكثر من زعيم واحد، والسيارة لا يصلح أن يكون لها أكثر من قائد واحد - فكذلك هذا الكون العظيم لا يصلح أن يكون له أكثر من مدبر واحد؛ قال تعالى: ? لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ? [الأنبياء: 22].

 

وحين يتأمل الإنسان فيما حوله من السماوات والنجوم، والبحار والأنهار، والسهول والغابات، والجبال والأشجار والحيوانات - فلا بد أن يتساءل: من خلق كل هذا الخلق العظيم؟ ومن أنزل الماء من السماء؟ ومن أنبت الزروع وأخرج الثمار؟ ومن سخر البهائم والطيور والأسماك؟ ومن خلق الإنسان بهذه الصورة الجميلة؟ ومن أعطاه هذا العقل المفكر؟ من الذي يميتنا ويحيينا، ويطعمنا ويسقينا، وإذا مرضنا فهو يشفينا؟ من رفع هذه السماء الهائلة، وزينها بالنجوم المضيئة؟ من الذي نصب الجبال الشاهقة، وبسط هذه الأرض الفسيحة، وملأها بالخيرات رزقًا لنا؟ إنه الله جل في علاه، الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، مالك الملك، ورب العالمين، خالق كل شيء، ورازق كل حي، ولا معبود بحق سواه، الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وليس له زوجة ولا شريك ولا معين، متصف بكل صفات الكمال والجمال، منزه عن كل نقص وعيب، فعال لما يريد، قادر على كل شيء، لا يحدث شيء في الكون إلا بأمره، وهو بكل شيء عليم، ولا يخفى عليه شيء، وهو غني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، فأوجب الواجبات أن يُعبَد هذا الإله العظيم وحده، ولا يشرك به شيئًا، وألَّا يعبد إلا بما شرع، وأن توجه العبادة له مباشرةً، فلا أصنام ولا آلهة مع الله، ولا شفعاء ولا وسطاء بينه وبين عباده؛ يقول ربنا جل وعلا: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه)).

 

الإيمان بالملائكة الكرام:

يؤمن المسلم بوجود الملائكة، وأنهم مخلوقات كريمة خُلقوا من نور، يعبدون الله ويطيعونه طاعةً تامةً، ولا يعصونه طرفة عين، ويفعلون ما يؤمرون، ولهم قدرات هائلة، وأعمال عظيمة يقومون بها بأمر الله، ولهم القدرة على التشكل حسبما تقتضيه مهمتهم.

 

الإيمان بالكتب المنزلة وآخرها القرآن الكريم:

يؤمن المسلم أن الله تعالى أنزل كتبًا على بعض الرسل لهداية الناس؛ منها: صحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم، إلا أنها كلها حرفت عدا القرآن الكريم فهو محفوظ من التحريف والتغيير، ناسخ لغيره من الكتب ومهيمن عليها.

 

القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجز لفظًا ومعنًى وتشريعًا، الميسر للفهم والتدبر، ? يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ? [الأحقاف: 30]، لا تنقضي عجائبه، ولا يمل ترداده، فيه أخبار الأمم السابقة، وتفصيل الحلال والحرام، ومحاسن الآداب والأخلاق، وأحكام العبادات والمعاملات، وسير الأنبياء والصالحين، وفيه بيان لأحوال ما بعد الموت، وجزاء المؤمنين والكافرين، ووصف الجنة دار المؤمنين، ووصف النار دار الكافرين، وفيه دعوة للتفكر والتدبر في آيات الله ومخلوقاته، وبيان لأسماء الله وصفاته، وما ترك القرآن شيئًا يهم المسلم إلا وهداه إلى الحق والصواب فيه، فهو دستور المسلمين، ومنهج حياتهم، وسبيل صلاحهم وإصلاحهم، يحرك القلوب، ويغذي الأرواح، ويقنع العقول، ويرغب في الخير والهدى، ويورث تعظيم الله وخشيته، كالمطر إذا نزل على الأرض القاحلة الجرداء أحالها جنةً خضراء.

 

الإيمان بالرسل الكرام وخاتمهم محمد رسول الإسلام:

المسلم يؤمن أن الله قد بعث في كل أمة رسولًا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وهؤلاء الرسل هم خيار الخلق وأفضلهم، اصطفاهم الله لأعظم وظيفة، وهي أن يكونوا رسلًا وسفراء بين الله وعباده، يدعون الناس لعبادة الله وحده لا شريك له، ويبينون لهم أمور دينهم، فقاموا بما أمرهم الله، وبلغوا البلاغ المبين، فنحن نصدق بهم جميعًا، ونحبهم ونعرف قدرهم، ونثني عليهم بكل خير، ولكننا لا ننسب لهم شيئًا من أفعال الله وصفاته، ولا ندعوهم من دون الله، وهم رسل كُثُر، منهم من عرفناه باسمه، ومنهم من لم نعرف، وأفضلهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وهو آخرهم وأفضلهم وأعلاهم قدرًا، وأكثرهم أتباعًا.

 

محمد بن عبدالله: خير خلق الله أجمعين، وأقومهم بحق رب العالمين، وأزهدهم في الدنيا، بلغ القمة في كل خلق كريم، وجمع أحسن الصفات وأجملها، يحبه المؤمنون أكثر من أنفسهم وأهليهم والناس أجمعين، أرسله الله للناس كافةً بشيرًا ونذيرًا، وكتب لدينه الغلبة والظهور على الأديان كلها، وجعل الذلة والصَّغار على من خالف أمره، ما رآه أحد إلا هابه، ولا عاشره أحد إلا أحبه، بلغ الرسالة أحسن بلاغ، وأدى الأمانة أحسن أداء، ونصح الأمة أصدق النصيحة، وجاهد في الله حق جهاده، فحقه أن يطاع في كل ما أمر، وأن نصدقه فيما أخبر، وألا نعبد الله إلا بما شرع، صلوات الله وسلامه عليه.

 

الإيمان باليوم الآخر:

يؤمن المسلم باليوم الآخر، يوم الجزاء والحساب؛ حيث يبعث الله الناس جميعًا من قبورهم، ليحاسبهم على ما فعلوه في دنياهم، ففريق في الجنة وفريق في السعير.

 

الإيمان بالقدر خيره وشره:

يؤمن المسلم بأن كل ما يقع في الكون، وكل ما يصيب الإنسان من خير أو شر - فهو بتقدير الله تعالى وعلمه ومشيئته، وهو من كسب الإنسان وسعيه؛ قال تعالى: ? وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ? [الشورى: 30].

 

مسؤولية الإنسان في الإسلام:

الإنسان في الإسلام مخلوق مكرم، مميز مختار، مكلف مسؤول، أعطاه الله العقل ليختار، فهو في اختبار وابتلاء، وظيفته الأساسية عبادة الله، وقد شرع الله له منهجًا ربانيًّا قويمًا، وصراطًا مستقيمًا، وأمره أن يسير عليه، وسخر له كل ما في الكون من أجل ذلك، ومنحه فرصةً مؤقتةً للحياة؛ وقال له: ? مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ? [فصلت: 46].

 

الخاتمة:

أخي الكريم، لا سبيل لرضا الله عنك، والنجاة من النار، والفوز بالجنة - إلا أن تصبح مسلمًا، وذلك بأن تؤمن بقلبك وتشهد بلسانك أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم تغتسل وتتطهر، وتتعلم الوضوء والصلاة وسائر أركان الإسلام.

 

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين.




[1] كان الباعث على هذا الموضوع طلب بعض الإخوة الدعاة في إفريقيا، وأنهم يحتاجون لـ(بيان دعوي مختصر) يكون نموذجًا يلتزمون به في دعوة غير المسلمين، خصوصًا الوثنيين من أهل القرى البسطاء، وكذلك من لديهم لوثة خفيفة من التنصير، فكان هذا البيان، نسأل الله أن يتقبله وأن ينفع به.


"
شارك المقالة:
31 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook