تأثير اختلافات عامل الريزيوس على الحمل

الكاتب: د. ايمان شبارة -
تأثير اختلافات عامل الريزيوس على الحمل.

تأثير اختلافات عامل الريزيوس على الحمل.

العامل ريزوس Rh factor هو مستضد موجود في دماء القرود من نوع Macacus Rhesus اكتشف وجوده عام 1940 في دماء بعض البشر فسمي باسم القردة التي تحويه (Rhesus) ويرمز له بالحرفين Rh.

ولهذا العامل أنواع منها E وC وD وأكثرها وجوداً وتأثيراً هو النوع D لذلك حين يقال المستضد ريزوس يقصد دائماً المستضد D.

وكما تقسم دماء البشر إلى فئات ضمن مجموعة الزمر A وB وO كذلك تقسم دماؤهم فئتين حسب وجود المستضد Rh أو عدم وجوده، فيقال عمن يوجد في دمهم هذا المستضد إنهم من زمرة Rh إيجابي (Rh+) وهم نحو 85% من البشر إجمالاً، ويقال عمن لا يوجد في دمهم هذا المستضد إنهم من زمرة Rh سلبي (Rh ـ) وهم نحو 15% من البشر.

ينتقل العامل Rh بالوراثة من الأبوين إلى الأولاد. فإذا كان الأبوان Rh+ كان كل أبنائهما مثلهما، أما إذا كان أحد الأبوينRh+ والثاني Rh ـ فإن نصف أولادهما فقط يكون Rh+ ويكون النصف الثاني Rh ـ ويكون الأولاد في الحالة الأولى متماثلي الزيجوت وفي الحالة الثانية مختلفي الزيجوت.

وكما أن لاختلاف الزمر الدموية من مجموعة O B A شأناً في نقل الدم فإن لاختلاف الزمر Rh شأناً في ذلك، فإذا نقل دم Rh+ إلى شخص  ـRh تكونت في دم الأخير ببطء أضداد D (راصات) تجول في دمه، فإذا نقلت للشخص نفسه كمية جديدة من دم Rh+ التصقت الأضداد الموجودة في مصورة (بلازما) دمه بكريات حمر دم المعطي التي انتقلت إليه فرصََّتها ثم خربتها.

من المعلوم من جهة أخرى أن كمية قليلة من دم الجنين بما فيها الكريات الحمر تمر إلى دم الحامل في أثناء الحمل وأكثر من ذلك في أثناء الخلاص، وأن كمية من دم الحامل تمر عبر المشيمة إلى الدورة الدموية الجنينية.

تفسر هاتان المعلومتان (تراص الكريات الحمر في الدم Rh+ بالمستضدات الموجودة في الدم  ـRh، وانتقال الدم بين الجنين والحامل) شأن اختلاف الزمر Rh في الزوجين حين يكون دم الزوج Rh+  ودم الزوجة  ـRh.

فإذا حملت الزوجة وكان دم الجنين Rh+ فإن دخول بعض كريات دمه الحمر دم الوالدة سواء في أثناء الحمل أم في أثناء الخلاص وهو الأكثر يؤدي بعد فترة من الزمن (تختلف من حالة إلى أخرى) إلى تولد أضداد تجري في دمها. فإذا حملت ثانية وكان دم الجنين Rh+ فإن هذه الأضداد الموجودة في دم الحامل تدخل دم الجنين بطريق المشيمة وتلتصق بكريات دمه الحمر فترصها وتخربها ويؤدي ذلك إلى إصابته بفقر الدم وإلى ازدياد (البيليروبين) باستمرار وإلى موته في أشهر الحمل المتوسطة غالباً، وإن لم يمت في أثناء الحمل أصيب بعد الولادة باليرقان الذي تختلف شدته بحسب درجة الانحلال ويترافق اليرقان بفاقة دم وضخامة الكبد والطحال.

وإذا كانت كمية البيليروبين كبيرة أصابت نوى قاعدة الدماغ وأدى ذلك إلى ظهور أعراض عصبية مختلفة.

وفي الحالات الوخيمة يحدث ما يسمى الخزب الجنيني المشيمي تكون المشيمة فيه كبيرة هشة متوذمة ويكون الجنين مصاباً بوذمة معممة وحبن شديد وينتهي الأمر بموت الوليد بالزلة التنفسية.

وقد توصل المختصون إلى عمل مصورة تحوي أضداد Rh إذا حقنت بعد الولادة للوالدة التي يحوي دمها الكريات الحمر الجنينية ذاتRh+  رصتها وخربتها من دون إيذاء كريات حمر الوالدة ذات  ـRh، ثم وجدوا من الأفضل حقن (الغاماغلوبولين) الحاوي على كمية كبيرة من أضداد العامل Rh على أن يجري الحقن باكراً في الأيام الثلاثة الأولى بعد الولادة. وهكذا لا تتولد في دم الوالدة أضداد Rh+، فإذا حملت ثانية نجا الجنين من انحلال دمه ولو مرّت كمية من دم الوالدة إلى دمه عبر المشيمة لأن دم الوالدة لا يحوي الأضداد الحالة.

مما سبق يستخلص ما يلي:

1 ـ حين يكون دم الزوجRh +  ودم الزوجة  ـRh ينجو الحمل الأول دائماً من الإصابة بانحلال الدم لأن دم الزوجة الحامل لا يكون حاوياً الأضداد المؤدية إلى رص كريات دم الجنين (إلا إذا كان قد نقل لها سابقاً دم Rh+ لسبب ما).

2 ـ لا تصاب في الحمول التالية إلا الأجنة التي يكون دمها Rh+.

3 ـ قد تنجو الأجنة حتى إن كان دمها Rh+ إذا كانت كمية الأضداد المكونة في دم الحامل قليلة لا تكفي لرص كريات دم الجنين الحمر، فقد تبين من التجارب أن سرعة تحسس الناس لتوليد أضداد Rh تختلف اختلافاً كبيراً، وقد يحتاج الأمر إلى دخول كميات كبيرة ومتتالية من المستضدات لتكوّن الأضداد.

4 ـ إن حقن (الغاماغلوبولين) ضد D بعد الولادة يقي الأجنة في الحمول القادمة من الإصابة بانحلال الدم إذا كانت زمرة دمها Rh+.

خطة العمل

1 ـ الوقاية: تبدأ الوقاية منذ الزواج بمعرفة Rh دم الزوجين، فإن كانت Rh سلبية في الزوج فلا خطر من حدوث أي عارض في الأجنة حتى إن كانت الزوجة Rh+. أما إذا كان الزوج +Rh وحملت الزوجة وكان دمها  ـRh، فينتظر حتى الولادة ويفحص دم المولود فإن كان دمه Rh+ أعطيت الوالدة (الغاماغلوبولين) في مدة لا تتعدى اليوم الثالث بعد الولادة وبمقدار كافٍ يناسب درجة التمنيع المقدرة، ويكرر الأمر نفسه بعد كل مولودRh+  وبعد كل إجهاض أو حمل خارج الرحم إن حدث، أما إذا كان دم المولود الأول  ـRh فلا يتخذ أي إجراء وينتظر حتى مجيء مولودRh+ لاتباع الخطة السابقة بعده.

2 ـ العلاج: في حالات موت محصول الحمل داخل الرحم أو موت الولدان بعد ولادتهم مع جهل الزمرة Rh في الزوجين تتبع الخطوات التالية:

أ ـ الاستجواب الدقيق عن موت الأجنة أو الولدان والأعراض التي بدت عليها، وهل في سوابق المريضة عملية نقل دم لسبب ما، وما زمرة Rh في الدم المنقول إن أمكن معرفة ذلك.

ب ـ معرفة Rh الوالد وRh أولاده إن كان له أولاد، وRh إخوته الأشقاء إن كان له إخوة أشقاء، وهل فيهم من زمرته Rh ـ لمعرفة ما إذا كان الوالد متغاير الزيجوت أو متجانسه؛ لأن الوالد إن كان متغاير الزيجوت فقد يأتي بعض أولاده Rh ـ والآخرون Rh+.

ج ـ يفتش عن وجود الراصات في دم الوالدة في أثناء الحمل باختبار خاص يسمى اختبار (كومس) Coombs test. فإن كان سلبياً دل على عدم وجود راصات في دم الوالدة ولا يتخذ أي إجراء. أما إذا كان إيجابياً أي دالاً على وجود الراصات فالجنين مهدد، ويجب في حينها معايرة الراصات لمعرفة مقدارها وذلك بالتمديد المتدرج، فإن كان مقدارها ضئيلاً (ويعد التمديد 1/16 الحد الأعلى المقبول للسلامة) أمكن الانتظار والمراقبة وإعادة المعايرة حتى ارتفاع المقدار وعندها يجب التداخل حسب الظروف: فإن بقيت في الحدود الضئيلة أمكن الانتظار حتى الولادة وتتخذ في حينها التدابير الخاصة بالمواليد. أما إذا ارتفعت الراصات أي أصبحت التفاعلات إيجابية بنسب تمديد أكبر (1/32 أو 1/64 مثلاً) فيجب التداخل حسب الظروف ودرجة ارتفاع مقادير الراصات إما بتحريض المخاض وإما بالقيصرية إذا كان الحمل في أواخره، وإما بنقل الدم وإما بحقن الكريات الحمر للجنين في داخل الرحم  ـ بعمليات دقيقة تجرى في مراكز متخصصة  ـ إذا كان عمر الحمل لا يؤهله لتحمل الحياة إذا أخرج من الرحم.

3 ـ العناية بالمولود : Rh+ حين ولادة الوليد Rh+ يؤخذ من وريده السري كمية من الدم تجرى عليها الفحوص التالية: الزمرة الدموية وعامل Rh، تفاعل كومس، وتعداد الكريات الحمر،وعيار الخضاب و(الهماتوكريت)، وعيار (البيليروبين). فإن كان الوليد مصاباً بفاقة دم وجب تبديل دمه بسرعة والعناية بجهازي الدوران والتنفس. ولعيار البيليروبين شأن كبير لأن ارتفاع مقداره أكثر من 20ملغ/100مل يؤدي إلى حدوث يرقان نووي في نوى قاعدة الدماغ ويودي بحياة الوليد. تكرر الفحوص يومياً ويراقب التطور، ويعاد نقل الدم إن لزم عدة مرات حتى تحسن حالة الوليد الذي يجب مراقبته فترة طويلة بعد ذلك. 

شارك المقالة:
110 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook