تأسيس منظومة المناطق المحمية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 تأسيس منظومة المناطق المحمية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

تأسيس منظومة المناطق المحمية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
تقوم منظومة المناطق المحمية للموارد الفطرية المتجددة بالمملكة على تأكيد مفهوم الحمى التقليدي والتوسع فيه، وبخاصة أنه يبدو حاليًا في طريقه للاندثار. وترجع أهمية إنشاء المناطق المحمية إلى كونها ضرورة ملحة للمعالجة الشاملة لواقع البيئة في المملكة، فمن المعروف أن كثيرًا من المناطق الطبيعية قد تأثرت نتيجة للاستغلال الجائر لمواردها مما قضى على بعضها وأدى إلى تدهور البعض الآخر، لذلك حرصت المملكة على إقامة عدد من المحميَّات الممثلة للنظم البيئية الطبيعية وللتنوع الأحيائي في المملكة العربية السعودية. وتقوم الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بسلسلة من الدراسات المكثفة لتحديد أسباب تدهور البيئة البرية بصفة عامة والحياة الفطرية بشكل خاص، ووضع خطط متطورة لتلافي هذه الآثار التي يؤمل من خلال تعاون ودعم كل المهتمين بالبيئة والحياة الفطرية أن تؤدي إلى نتائج إيجابية. وتمشيًا مع هذه الخطط اختيرت مناطق حَرَّة الحَرَّة والخُنْفَة وجبال الطُّبَيْق في الشمال، ومنطقة محمية الوعول بحَوْطَة بَنِي تَمِيْم ومنطقة مَحَازَة الصَّيْد ومَجَامِع الهَضْب في الوسط، ومحمية عُرُوْق بَنِي مُعَارِض في الجنوب، ومحمية جرف رَيْدَة وجبل شدا الأعلى في أعالي جبال السراة، وجزائر فَرَسَان وأمّ القَمَارِي في البحر الأحمر وإعلانها مناطق محمية في خطوة أولية مهمة لحماية المناطق ذات الأهمية الأحيائية والبيوجغرافية للمواطن البيئية الطبيعية والحياة الفطرية، إضافة إلى تأسيس ملاذات آمنة لإعادة توطين طائر الحبارى في مناطق التَّيْسِيَّة والجَنْدَلِيَّة ونفود العُرَيْق وسَجا وأمّ رِمْث، كما هو موضح في الخريطة الآتية 
 
وتتوخى الهيئة من خلال اختيارها لهذه المناطق تحقيق الأهداف الآتية:
 
 حماية ما تبقى فيها من حياة فطرية.
 
 إعادة توطين بعض أنواع الحياة الفطرية النادرة والمهددة بالانقراض التي يجري إنماؤها في مراكز الإكثار بكل من الطائف والثُّمَامَة والقَصِيْم.
 
 إنماء الغطاء النباتي وترشيد استغلاله بغية المحافظة عليه  
 
أ - محمية محازة الصيد: 
 
تقع محمية مَحَازَة الصَّيْد على بعد 180كم شمال شرق الطائف، يحدها شمالاً طريق الطائف الرِياض عند بلدة المويه الجديدة وغربًا وجنوبًا الطريق المتجه لمدينة الخرمة، وبذلك فهي تمتد على مساحة تبلغ 2141كم  تقريبًا، وبمحيط يقدر بنحو 373كم. وهي المحمية الوحيدة التي طوقت بسياج كامل في المملكة وخُصِّصَت لإعادة التوطين، وتنقسم إلى قطاعات ثلاثة هي:
 
 قطاع الرَّحى: نسبة إلى وادي الرحى وضليعات الرحى في غرب المحميَّة، ومساحته 711كم  ومحيطه 112كم.
 
 قطاع السمَار: نسبة إلى الأرض السمراء في وسط المحمية التي يطلق عليها السمار، ومساحته 680كم  ، ومحيطه 126كم.
 
 قطاع المِصْقَال: نسبة إلى الأرض المستوية تمامًا في شرق المحميَّة التي تعرف بالمصقال، ومساحته 750كم  ومحيطه 135كم. وهي على مسافة 175كم شمال شرق مدينة الطائف، وتكتسب أهمية خاصة لكونها من أكبر المحميات الطبيعية المسيجة في العالم، ولأنها تمثل المختبر الحقلي التجريبي لأبحاث ومشروعات إعادة توطين الأنواع الحيوانية الفطرية المنماة تحت الأسر في مراكز أبحاث الحياة الفطرية بالهيئة. وتضم المحمية عددًا من المسيجات متفاوتة المساحة تم تخصيصها لأقلمة الأنواع الفطرية المختلفة وإعدادها للإطلاق في البرية حتى تعيش معتمدة على نفسها في تدبير متطلباتها، ومقاومة أعدائها الطبيعيين. وقد أطلقت أعداد من المها العربي وظبي الريم وطيور الحبارى والنعام أحمر الرقبة في المحمية. وتجري دراسة سلوكيات هذه الحيوانات المعاد توطينها ومتابعة انتشارها وتسجيل عاداتها وتحركاتها اليومية لضمان نجاح عمليات إعادة التوطين التي تتم في المناطق المحمية المفتوحة مثل محمية عروق بني معارض ومحمية حرة الحرة ومحمية الخنفة.
 
والمحمية من بيئات السهوب، التي تجري فيها الدراسات لتتبع نمو قطعان المها وظباء الريم، كما تراقب فيها سلوكيات طيور الحبارى والنعام أحمر الرقبة، وقامت الهيئة منذ إنشاء المحمية بتأمين شبكة من أجهزة الاتصال اللاسلكية المتحركة والثابتة بعيدة المدى وقصيرة المدى، وأنشأت محطة تقوية وضعـت بجوار المركز الرئيس إلا أنها لا تغطي المنطقة بكاملها لكونها في طـرف المحميـة، ويستعاض عن ذلك بالمراقبة الجوية كلما كان ممكنًا.
 
ويتألف غطاء المحمية النباتي من حشائش قصيرة تتخللها مجموعات متفرقة من أشجار السمر والسرح، بالإضافة إلى بعض أنواع النباتات الصحراوية مثل الرمث والعوسج والثمام. وكانت أولى الأنواع الفطرية التي أطلقت في هذه المحمية المها العربي؛ فقد أطلق 17 مهاة في بداية عام 1410هـ / 1990م وتبعها إضافة مجموعات أخرى صغيرة. وقد تكاثرت هذه الحيوانات بنجاح وبخاصة على أثر الازدهار المتزايد للغطاء النباتي بسبب الحماية. ويقدر عدد أفراد المها العربي في المحمية في نهاية عام 1421هـ / 2000م بأكثر من 400 رأس. كما أعيد توطين ظباء الريم فيها خلال عامي1410- 1411هـ / 1990- 1991م وتقدر أعدادها في نهاية عام 1426هـ / 2005م بمتوسط 1500 رأس، وتقدر طيور الحبارى في المحمية بنحو 200 طائر، والنعام بنحو 160 طائرًا. ومن أهم حيوانات المحمية الثعلب العربي والثعلب الرملي والقط الرملي وعدة أنواع من القوارض، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الطيور أهمها النسر الأصلع والنسر الأسمر والرخمة المصرية وكذلك عدة أنواع من الزواحف.
 
وتجري متابعة حالة قطعان الأنواع الفطرية المعاد توطينها في المحمية بشكل متواصل والتغيرات التي تطرأ على الغطاء النباتي الذي تعتمد عليه هذه الأنواع في تغذيتها، ومدى تأثره بحالة الجفاف التي تسود المملكة منذ سنوات. وقد أطلق 51 طائرًا من طيور الحبارى في المحمية خلال عام 1426هـ / 2005م ليصل بذلك عدد طيور الحبارى التي أطلقت فيها إلى 800 طائر، نفق عدد منها بسبب الافتراس من قبل الثعالب والقطط البرية. ويبدو أن الجفاف الذي يسود جو المحمية منذ بضع سنوات، قد أثر سلبيًا على القدرة التكاثرية الطبيعية للطائر.
 
ويعد الثعلب الأحمر من أكبر مفترسات الحبارى؛ ولذلك فإنه يجري بشكل مستمر مسك الثعالب والقطط الرملية وإبعادها عن المحمية للمحافظة على الطيور المعاد توطينها فيها. وقد لوحظ أن الثعلب الأحمر قد انحسرت أعداده المترددة على المحمية ربما بسبب إصابته بداء السعار (الكلب) وكذلك انحسرت أعداد القطط البرية في المحمية، كما تم مسك نحو 18 ثعلبًا من نوع روبيللي إلا أنه ليس من المعروف عن هذا النوع مهاجمته للحبارى، ويشك المهتمون بحماية البيئة أنه ربما تكون المفترسات للحبارى حاليًا هي الظربان والبوم العقابي. وتدل الدراسات التي أجريت في المحمية على أنه يتوافر للحبارى الغطاء النباتي وأنواع الحشرات الكافية لغذائها.
 
وقد أخضع 36 رأسًا من المها المعاد توطينها في المحمية لمتابعة دقيقة مستمرة للتعرف على سلوكياتها منها 20 أنثى و 16 ذكرًا. وقد اتضح من نتائج المتابعة التي استمرت عدة سنوات وجود تباين كبير في سلوكياتها إذ تراوح نطاق انتشارها بين 473 و 2035كم. وكان انتشار الإناث بوجه عام أكبر من انتشار الذكور خصوصًا في موسم ارتفاع درجات الحرارة ربما لزيادة احتياجها للغذاء بسبب الحمل والإرضاع. وقد تراوح معدل الحركة اليومية بين كيلومتر واحد وعشرة كيلومترات تكررت خلال زيارة بعض الأفراد إلى مسيج الثدييات، ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج إنما هي تحت ظروف تسييج المحمية إذ يحد السياج من حركة المها الذي يعرف عنه أنه حيوان واسع التحرك ومن طبعه حب الاستكشاف لما حوله.
 
ويقدر متوسط عدد ظباء الريم الباقية في المحمية عام 1426هـ / 2005م بنحو 1500 رأس، ويرجع نقصان أعداد الظباء إلى نسبة النفوق العالية التي أصيب بها، نتيجة استمرار سيادة الجفاف في المحمية خلال عام 1421هـ / 2000م، إذ جمعت نحو 410 جماجم لظباء نافقة بسبب الجفاف، وهذا العدد أقل كثيرًا من العدد الذي نفق خلال عام 1420هـ / 1999م السابق. وبلغ عدد الولادات المسجلة في المحمية خلال العام، من الظباء 21 ولادة، نفق منها عشرة صغار.
 
وتدل المسوحات الحقلية في المحمية على أن سبب حالات النفوق هو نقص التغذية وجفاف الجسم الناتج عن اضمحلال الغطاء النباتي بسبب حالة الجفاف الشديدة التي سادت جو المحمية. كما تدل نتائج تشريح الحيوانات حديثة النفوق التي تم الحصول عليها على أن سبب النفوق هو الجفاف ولم تظهر أي أسباب مرضية، كما لم يسجل نفوق أي من الذكور بسبب العراك. وقد تزامن النفوق مع تأخر هطول الأمطار وارتفاع درجة الحرارة وندرة الغذاء الطبيعي إذ كانت الحيوانات ضعيفة جدًا وشديدة الهزال واضحة الضلوع. وقد حدثت معظم حالات النفوق خلال فصل الصيف، وكانت أكثر الظباء النافقة من الصغار والظباء اليافعة التي لم تبلغ بعد؛ إذ تحتاج عادة إلى كميات من المياه أكبر مما تحتاج إليه الظباء البالغة؛ ولذلك فإنها شديدة التأثر بالجفاف.
 
وتدل الدراسات المماثلة على أن الظباء والأيائل تتأثر بحالات الجفاف بشكل كبير، وتنفق منها أعداد كبيرة مما يعد ظاهرة طبيعية خصوصًا في غياب المفترسات الكبيرة من الذئاب والفهود، وقد يصل معدل نفوق بعض أنواعها في إفريقية، تحت ظروف جفاف مشابهة لتلك التي سادت المنطقة المحمية في المملكة إلى أكثر من 78% من عدد أفراد القطيع، معظمها من الحيوانات الصغيرة واليافعة.
 
ومع ذلك فقد وضعت الهيئة القضية تحت المجهر لدراستها، ووضعت الخطط المناسبة لإدارة قطعان الظباء والمها في المحمية بحيث يتم خفض أعدادها عن طريق نقل بعض الأفراد وإعادة توطينها في مناطق محمية أخرى لتقليل تأثير الجفاف وخفض معدلات النفوق الطبيعي منها، وكذلك لإدارة الغطاء النباتي بالمحمية بشكل يجعله متاحًا لتغذية الظلفيات عن طريق إجراء تقييم لأشجار الطلح والسمر لخفض أطوالها وتجديد إنتاجيتها وجعلها متاحة لتغذية الظباء.
 
وأسفرت المسوحات الحقلية التي أجريت في المحمية عن تسجيل 133 نوعًا من الطيور الفطرية فيها، منها تسعة أنواع تسجل لأول مرة في المحمية في الوقت الذي تشكل فيه الطيور المهاجرة 7% من هذه الأنواعب - محمية جزر أم القماري: 
 
تقع محمية جزر أم القماري جنوب غربي مدينة القنفذة في البحر الأحمر على بعد 19كم تقريبًا من الساحل، وتعد هذه المحمية من المواطن المهمة لتكاثر طيور القماري، كما أنها محطة لهبوط بعض الطيور البحرية الأخرى كالبجع والبلشونات والنوارس، وهي محمية ذات طبيعة خاصة تتألف من جزيرتين هما أم القماري البرانية وأم القمـاري الفوقانيـة، ويبلـغ مجموع مساحتي الجزيرتـين نحو 182500م  ، وقد سُميت بأم القماري بسبب كثرة طيور القماري فيها وخصوصًا في موسم الهجرة.
 
ويتكون سطحا الجزيرتين من أحجار كلسية شعابية ورمال ساحلية بيضاء، ويبلغ متوسط ارتفاعهما عن سطح البحر ثلاثة أمتار. وهناك غطاء نباتي كثيف وسط الجزيرتين يحوي أنواعًا أهمها أشجار الأراك والسواد والصبار والثندة والرغل. ويوجد على سواحلهما، إضافة إلى طيور القماري المهاجرة والمقيمة، أنواع كثيرة من الطيور البحرية والطيور الشاطئية مثل العقاب النساري ومالك الحزين والبلشون الأبيض، أما الحياة البحرية فتمتاز بتنوع هائل من الشعاب المرجانية والحيوانات اللافقارية البحرية. وتمتاز الشعاب المرجانية بجزيرة أم القماري البرانية بكونها في حالة أحيائية جيدة لم تتأثر بعوامل التدمير فضلاً عن كونها متنوعة مما يجعلها متميزة للدراسة والبحث العلمي  
 
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook