تحذيرات لك يا مسلم

الكاتب: المدير -
تحذيرات لك يا مسلم
"تحذيرات لك يا مسلم




عندما يقول الله تعالى: ? وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ? [آل عمران: 28]، فهو يريد إخراجك من غفلتك؛ لتبقى يَقِظًا، فلا تتعدَّى حدود الله، ولا تتجرَّأ على محارمه، فكنْ حذرًا في حياتك كلها، ولا تأمَن مكر الله.

 

انتقيتُ على سبيل النموذج والمثال أربع مهالك يجب أن تَحذرها:

? احذَر أن يَشكوَكَ أحدٌ إلى الله:

ربما ظلمتَ مسلمًا أو آذيتَه بلسانك ويدك، أو اعتديتَ على حقوقه، أو أكلتَ ماله بالباطل، أو وقعتَ في عِرضه، أو تكبَّرت عليه واحتقرته، ولم يَستطع أن يدفَعَ عُدوانك، فشكاك إلى الله تعالى، ولو رفع ضدك قضية إلى وكيل الجمهورية، لارتعدتْ فرائسُك، وخِفتَ على نفسك، ووكَّلت أحسنَ المحامين للدفاع عنك أمام المحكمة؛ لكنه رفع دعواه إلى الملك الحق سبحانه وتعالى.

أتدري أن شكواه تُفتَّح لها أبواب السماء، ويتعهَّد الله أن ينصُر المظلوم ولو بعد حين؟

 

أي: إنك ستنال الجزاء حتمًا في الدنيا أو الآخرة، وقد حدث هذا لنوح عليه السلام، فاسمع ماذا كان بعدما قابَلوا نُصحه وإشفاقه عليهم بالسخرية والاستهزاء؛ أي: بالإيذاء النفسي: ? فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ? [القمر: 10 - 14].

وكما انتصَر لنوح، يَنتصر عز وجل لكل مظلوم ومغلوب ومستضعَف، فإياك أن تكون في صفِّ خصوم الله الذين ستنالهم نِقمته من غير شكٍّ.

 

وإن كنتَ وقعت في شيء من هذا، فبادِر إلى الاستدراك وتصحيح المسار، بتوبة صادقة تتمثَّل في الاستغفار وردِّ المظالم، والاعتذار للمظلوم بالشكل الذي يُرضيه، إنه هذا أو عذاب يوم القيامة، ذلك اليوم الذي قد يتجاوز فيه الله عن حقوقه؛ لأنها على المسامحة، لكنه لن يتجاوز عن حقوق العباد؛ لأنها على المشاحَّة، فاختَر صَفَّك ومصيرَك الآن!

 

? احذَر أن تَطرُق باب الله فلا يُفتح لك:

يقصِد المؤمن باب ربِّه كلما حزَبتْه الأمور، وحاصرتْه الخطوب، ونزلتْ به المحنُ، وضايقته الحياة، يَلتمس الفرج والتيسير والسكينة، يُلقي بنفسه على عتبة باب الله، باكيًا داعيًا مُتضرِّعًا، وباب العلي الكريم مفتوح على مدار الساعة، ليس به حاجب ولا حارس، ولا تُفرَض على الداخل رسومٌ، لكن هناك مَن يَطرُق، فيُفتح له، وهناك مَن يُرَدُّ ويُطرَد، ولا يُستقبَل، فإياك أن يحدث لك ذلك، ولا تَظُنَّنَّ - إن أُغلِقَ البابُ دونَك - إلا سوءًا بنفسك، وتوبيخًا لها، فقد كبَّلك حالُ قلبِك، وكبَّلتْك ذنوبُك، ولوَّثتْك المعاصي.

 

لو أن لك موعدًا مع أحد ملوك الدنيا، لتهيأتَ للقائه ببالغ النظافة والتجمُّل، فكيف بربِّ العالمين جل جلاله؟! ولله المثلُ الأعلى!

إذا أُغلق الباب دونك، فارجِع إلى نفسك وابْكِ عليها، وتجرَّد من العوائق، وإياك أن تستهين بالطرد، فقد يكون مقدمة لموقف مماثل يوم القيامة: ? وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [آل عمران: 77].

 

إن الاستقبال في الحضرة الإلهية يحتاج إلى توبة العبد، وتطهُّره من أدرانه، وإقبال بقلبٍ مُخبت منيب، فاحذر أن تسيء الأدبَ، وتتَّهم الأقدار، وحاسِب نفسك: لماذا لم تُستقبَل؟! وعالِج الأعطاب التي حالتْ دونَ ذلك.

 

? احذر أن يَغُرَّك أهلُ الأرض، ويُبغضك أهلُ السماء:

لعلك صاحبُ منصبٍ دنيوي رفيع، أو مركز اجتماعي مرموق، أو ثروة طائلة تَجلِب لك تعظيم الناس وتزلُّفَهم، لعلهم يُحيطونك بالثناء والإطراء؛ وذلك لأغراض دنيوية ليس إلَّا، فإياك أن تترك يقينَ نفسك لظنِّ غيرك، فأنت أعرفُ بنفسك منهم، حتى ولو كانوا صادقين، فلا تَغترَّ بهم، وانظُر إلى منزلتك عند أهل السماء، فذلك هو المقياس الصحيح، فماذا يفيد ثناءُ أهل الأرض إذا كان أهل السماء يُبغضونك لإعراضك عن الله وشرعه، وإيغالك في الانحرافات العقَدية والسلوكية، وما أجملَ أن يُنادَى عليك في السماء أن أَحِبُّوه! وما أقبح أن يُنادى أن أبْغِضوه! فانظر مقامَك هناك، فكذلك ستكون يوم القيامة!

 

ربما تُغري الناس بصلاح ظاهرك، أو بمكانتك بينهم، فيَحتفون بك صدقًا أو نفاقًا، فما العمل مع أهل السماء، واللهُ يعلم السر وأخفى، والملائكة يُسجِّلون كل صغيرة وكبيرة؟!

ابدَأ بباطنك فأصْلِحه، وتعاهَد نفسك بالتزكية، واثْبُتْ على أمر الله ونَهيه، والتفتْ إلى نظر الله إليك ورضاه عنك، ولا تُبالِ بعد ذلك بثناء الناس أو ذمِّهم!


"
شارك المقالة:
563 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook