تحري الحكمة في الدعوة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)

الكاتب: المدير -
تحري الحكمة في الدعوة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
"تحري الحكمة في الدعوة
? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ?

 

قال الله تعالى: ? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ? [النحل: 125] فهذا الأمر العظيم والتوجيه الرباني الكريم - وإن كان موجهًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فهو أمر لأمته جميعًا، وإنما خُوطب به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الأصل والأساس والإمام والقدوة، والقاعدة الشرعية المعروفة عند أهل العلم أن الأمة تبعٌ له صلى الله عليه وسلم فيما يُوجه إليه من الأمر والنهي، إلا ما دل الدليل على اختصاصه به عليه الصلاة والسلام، ومن مهام النبي صلى الله عليه وسلم التي أرسل بها تعليم الأمة الحكمة، ومن معانيها في الوحي المنزل عليه صلى الله عليه وسلم: السنة، والعلم، والحق، وكلها معانٍ متقاربة، وكلها تدور حول العلم بالحق والعمل به، وتعليمه لمن لا يعلمه، بما يحببه إليه ويحمله على قبوله والعمل به.

 

وسبق أن الدعوة فرض على جميع الأمة حسب الاستطاعة، فالواجب على دعاة الهدي ومحبي النبي صلى الله عليه وسلم أن يتأسوا به صلى الله عليه وسلم في تحقيق ما أمره الله تعالى به وأرشده إليه من الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، وتوجيه عباده إليه، وإرشادهم إلى أسباب نجاتهم، وتحذيرهم من أسباب الهلكة والخسران في الدنيا والآخرة.

 

وأصل الحكمة:

وضع الشيء موضعه وتوفية الأمر حقه دون زيادة أو نقصان، وتطلق الحكمة على القول الصائب والمثل السائر لما فيها من الإيضاح والبيان، ويسمى العلم حكمة؛ لأنه يردع عن الباطل ويعين على الحق.

 

وقد ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المراد بالحكمة في قوله تعالى: ? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ?: الآيات والأحاديث، فالمعنى على ذلك: ادع إلى سبيل ربك بآيات الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لما فيهما من الفقه وإيضاح الحق وبيانه والردع عن الباطل والتوجيه إلى الخير.

 

فالواجب على الدعاة إلى الله تعالى أن يتحروا الحكمة في دعوتهم: ? وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ? [البقرة: 269]

 

من معاني الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى:

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أكثر ما تتعلق بمعرفة حاجة وحال المدعو، ومناسبة الدعوة، والوسيلة النافعة، والأسلوب الأمثل فيها، وأقرب الطرق لتحقيق مقصودها.

 

وفيما يلي ذكر جملة من تفصيلاتها:

1- معرفة مجتمع الدعوة وحال المدعوين:

أن يتعرف الداعي إلى الله تعالى على طبيعة البيئة التي سيدعو فيها، وحال القوم الذين يدعوهم، والأمور التي يحتاجون إلى الدعوة والتوجيه بشأنها، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا رضي الله عنه إلى ذلك بقوله: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى...الحديث»[1]، فبيَّن صلى الله عليه وسلم لمعاذ حال أهل اليمن، ونبهه على الأمور المهمة التي ينبغي أن يدعوهم إليها مبتدئًا بالأهم ثم الذي يليه، ليكون حديثه معهم واضحًا، وتوجيهه لهم واقعيًّا، حتى تكون دعوته علاجًا لأدوائهم، وحلًا لمشكلاتهم، وإصلاحًا لما فسد من أمرهم وحالهم وعلومهم.

 

2- إيضاح الحق بحججه وبراهينه:

ومن الحكمة أيضًا إيضاح الحق بالحجج القوية والبراهين الظاهرة، وبيانه بالأساليب المؤثرة واللغة الواضحة التي يفهمها المخاطب، ولذا صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من البيان لسحرًا»[2]، وفي التنزيل يقول الحق سبحانه: ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ? [إبراهيم: 4]. ولذا كاتب النبي صلى الله عليه وسلم ملوك زمانه يدعوهم وينذرهم بلغتهم، وكان صلى الله عليه وسلم يعرف لهجات العرب على اختلافها، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، أي: إلمامه بها مع أميته وقلة خلطته؛ فإن في قوة الحجة ووضوح البيان وتحريك العواطف بالترغيب والترهيب والقصص الواقعية المؤثرة والأمثلة التي تفهم السامع بأوجز عبارة وأحسنها ما يأخذ بمجامع القلوب، ويجعلها تذعن للحق وتنقاد له.

 

فعلى الداعية أن ينتقي من الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة وكلام أئمة العلم والهدى والقصص الواقعية والأمثلة السائرة والكلمات والأبيات الشعرية الحكيمة ما يسعفه فيما يرمي إليه، ويوضح الحق الذي يدعو إليه، ويغري بقبوله والانصياع إليه، ويزجر عن الباطل الذي ينهى عنه، ويبعث الهمة والعزيمة على تركه.

 

3- لين الخطاب ومناسبة الأسلوب:

ومن الحكمة كذلك أن يتحرى الداعية غالبًا الرفق في خطابه، واللين في قوله، وأن يختار الألفاظ المناسبة للمقام والأساليب المفيدة في هداية الأنام، دون غلظة في القول إلا عند الضرورة التي تقتضيه؛ حيث تكمل المصلحة أو تترجح فيه، وأن يتجنب العبارات الفظَّة أو التي توحي تَنقُّصَ المخاطبين، أو عيبهم، أو اتهامهم بالقصور، أو كراهة الحق، أو محبة الباطل، ونحو ذلك مما ينفر السامع عن الاستماع، أو يصرفه عن الإقبال على المتكلم.

 

ولهذا قال الله تبارك وتعالى لموسى وهارون عليهم السلام وقد أرسلهما إلى فرعون أكفر أهل الأرض في زمانه: ? فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ? [طه: 44] وقال سبحانه لموسى عليه السلام موجها له في خطابه لفرعون: ? فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ? [النازعات: 18، 19] فمراعاة الأدب في الخطاب ولين القول مما يثمر ـ غالبًا ـ انصياع مخالف الحق إلى قبوله، ورجوعه إليه، ورضاه به، وإيثاره على غيره، وعلى الأقل قيام الحجة عليه، والمعذرة إلى الله تعلى في أداء الواجب نحوه.

 

4- معرفة الأبواب التي يدخل منها على الناس:

ومن الحكمة الجديرة بالعناية والرعاية أن يجتهد الداعية في تحري أسباب الوصول إلى قلوب الناس، وكيفية فتح مغاليقها وأقفالها، ويأتي الأمور من أبوابها، فيتعرف على أهم قضاياهم وما يشغل بالهم وأحب العبارات إليهم، حتى يكونوا أكثر إصغاءً لحديثه، وفهمًا لمقاصده، وأسرع استجابة له، وليجمع بين إثارة الوجدان وإقناع العقول، فإن ذلك أدعى للتأثر بوعظه، وقبول نصحه، وبقاء أثرها في القلوب دهرًا طويلًا، فتظهر ثمرات هدايتها، وتؤتي أكلها في كل حين بإذن ربها من صحيح الاعتقاد، والكلم الطيب، والعمل الصالح، والخلق الحسن، وترك ما يضاد هذه الأمور أو ينقضها، ولذا كان خطاب الرسل عليهم الصلاة والسلام لأقوامهم بهذه الكلمات الجميلة، والعبارات المؤثرة: ? يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ?، ? وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ? [الأعراف: 68]، ? إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ? [الأحقاف: 21].




5- بساطة الأسلوب ومخاطبة الناس بما يعرفون:

ومن الحكمة البليغة الأثر أن يكون الداعية موضوعيًا في حديثه، وأن يبسط المفاهيم التي يريد طرحها على الناس ويؤصلها في نفوسهم، ومن وسائل ذلك أن يجتنب الغريب من الألفاظ والمعاني والمصطلحات التي لا تستوعبها عقول الناس.

 

ولذا قال بعض السلف: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله، وقال آخر: ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تكاد تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.

 

6- الإيجاز في القول وتفهيم الناس:

ومن الحكمة التي لها شأن في التأثير في عقول وقلوب المدعوين التأني في إلقاء الكلام على الناس عبارة عبارة، وجملة جملة، وإعادته إذ اقتضى الأمر ذلك، ولذا صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بكلام يعدُّه العاد، وربما أعاد الكلمة ثلاثًا لتفهم عنه، أو ليعتني بها ويتبين المخاطب خطرها، وأما الخطبة والكلام في المجامع العظيمة؛ فأسلوب الخطابة فيه أبلغ، والبلاغة مراعاة مقتضى الحال، وفي وَجَازَةِ كُتُبِ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك زمانه وبلاغتها وإنزالهم منازلهم في الخطاب أبلغ وأقوى دليل على ذلك.

 

7- ترك المواجهة المنفرة:

ومن الحكمة المفيدة في دعوة أهل الشهوات والأهواء أن يجتنب الداعية مواجهة المدعو، وإنكار ما هو عليه من باطل، إذا كان ذلك يزيده نفورًا عن الحق، أو توغلًا في الباطل، كما قال تعالى: ? وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ? [الأنعام: 108] فلما كان سبُّ آلهة المشركين يحملهم على سوء الأدب مع رب العالمين نهى الله المؤمنين عن سب آلهة المشركين دفعًا للمفسدة الكبيرة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

 

بل ينبغي للداعية - في مثل هذه الأحوال - أن يبين الحق، ويرغب فيه بذكر فضائله ومحاسنه وجليل منافعه، حتى يغري به الناس ليتركوا ما ألفوا من الباطل اختيارًا، فإن ترك المألوف صعب على النفوس، وليس من السهل على كل أحد أن يدع مألوفه إلا بمقاومة عظيمة، وجهد كبير، فليس المهم أن تلزم المبتدع أو المبطل بأنه صاحب بدعة أو باطل، وإنما المهم أن تغريه بترك ما هو عليه من هذه الأمور، والأخذ بالحق أو السنة، وانظر إلى حكمة الله في تشريع بعض العبادات وتحريم بعض المحرمات: كيف أخذ الناس بالتدرج حتى انقادوا إلى ترك مألوفاتهم، وفعل ما يشق عليهم، طاعة لله تعالى، ورغبة في ثوابه، وخوفًا من عقابه؟! وقد أُثِرَ عن الإمام مالك وابن المبارك والإمام أحمد رحمهم الله تعالى قولهم: «بيِّن السنة للناس ولا تخاصم».

 

8- إنزال الناس منازلهم:

ومن الحكمة أن يراعي الداعية مقامات الناس ومنازلهم، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلوا الناس ـ وفي رواية: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس ـ منازلهم»[3] فإن لكل مقام مقالًا، والبلاغة مراعاة مقتضى الحال، فالأم والأب والسلطان والوزير والعالم وغيرهم ممن هو عظيم في نفسه أو مُعَظَّم عند ذويه وقومه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُكنى أكابر المشركين، يقول: «يا أبا فلان أو كذا» لما في التكنية من توقيرهم، والأخذ بمجامع قلوبهم، وفي كتبه صلى الله عليه وسلم إلى ملوك زمانه: من محمد عبدالله ورسوله إلى فلان عظيم كذا...»، فينبغي مراعاة مقاماتهم، وإتيانهم من الباب الذي يُظنُّ قبولهم للحق من جهته، فكلٌّ له أسلوب في الخطاب يناسبه، وباب يدخل إليه منه، فليستعمل مع كل شخص ما يناسبه ويكون أقرب إلى قبوله وانقياده.

 

9- مخاطبة المدعو بما تقتضيه حاله من البيان:

ومن الحكمة النافذة إلى القلوب: مراعاة حال المدعو من حيث حاجته إلى البيان، فيعطى ما يتحقق به المقصود دون زيادة أو نقص، وحتى لا تنعكس الأمور:

أ‌- فمن الناس من يكون أصلًا طالبًا للحق مريدًا له مستعدًا لقبوله إذا ظهر له، لكن خفي عليه الحق بسبب خفاء الدليل، أو تعارض الأدلة، وعدم أهليته للترجيح، أو لغير ذلك من الأسباب، فمثل هذا يكفيه أن يوضح له الدليل ووجه الدلالة منه، وأن يبين له الأهم فالمهم، وما يكون قبوله له أتم، ولا يحتاج الأمر معه إلى بسط وتطويل.

 

ب‌- ومن الناس من قد يعرف الحق لكن يكون عنده شيء من التوقف والجفاء لهوىً في نفسه، أو شهوة جامحة غالبة عليه، أو لغير ذلك من الأسباب، فمثل هذا يحتاج إلى الموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، إما ببيان ما تشتمل عليه الأوامر الشرعية من الحكم والمحاسن والمصالح وتعدادها، وما في ارتكاب المناهي من المضار و الشرور وبيانها، وذكر أمثلة من كلام الله تعالى المبين لثواب الله تعالى للمطيعين، وعقابه للعاصين المعاندين، ونحو ذلك مما اشتملت عليه نصوص الوعد والوعيد، وقصص الله تعالى عن السابقين وسنته في المستجيبين والمعرضين، فيُذكر له من نصوص الوعد أو الوعيد الواردة في الكتاب والسنة والحوادث الواقعة ما يناسب المقام؛ حتى يخشع قلبه لله، وينقاد للحق، مبادرًا إلى امتثال المأمور راغبًا أو راهبًا، أو ترك المحظور؛ فإن القلوب تلين مع الموعظة الحسنة، وتطمع فيما عند الله من خير ورحمة للتائبين، وتزجر من عواقب الإصرار وآثار الاستكبار التي يتعرض لها المصرون المسوِّفون.

 

ت‌- وقد يكون عند المدعو بعض الشبهات، أو شيء من التأويلات، أو اللبس والمفاهيم الخاطئة أو سوء الظن ونحوها من الأمور التي صرفته عن الحق، أو أغرته بالإصرار على الباطل، فمثل هذا يحتاج إلى جدال ومناظرة بالأدلة الشرعية والبراهين الواضحة، لإيضاح الحق، وكشف الشبهات، وتفنيد التأويلات، وبالطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلًا وشرعًا، ويُحتج عليه بالأدلة التي يُسلِّم بها ويعتقد صحتها، حتى يكون على بينة من أمره.

 

ولكن ينبغي أن تكون المجادلة والمناظرة ممن يُحسِن وله مِرَاسٌ في هذا الشأن، وأن تكون بكلام طيب وأسلوب حسن، ورفق لا بعنف وشدة، قال تعالى: ? فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ? [آل عمران: 159] وقال تعالى: ? وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ? [العنكبوت: 46].

 

فإن العنف والشدة قد يفوِّتان الفرصة، ويضعفان الفائدة، ويقسِّيان القلب، أو يحملان على العناد والإصرار، وكذلك ضعف المناظر والمجادل وقصور أهليته مما قد يحمل المدعو على الإعجاب بنفسه واعتقاد انتصاره فيما هو عليه، والتكبر والإعراض عن الحق، واحتقار الخلق، وبغي أحد المتجادلين على الآخر.

 

ث‌- وإذا كان أهل الكتاب لا يُجَادَلُون إلا بالتي هي أحسن -إلا الذين ظلموا منهم-، فأهل الإسلام أولى بأن يُجادلوا بالحسنى، فيُراعى في جدالهم الأدب والرفق، وإيضاح الحق والرحمة بهم، والحرص على هدايتهم، والحذر من كل ما من شأنه صدهم عن الحق وبعدهم عنه.

 

ج‌- أما الظالمون من الفريقين فيُعاملون بما يستحقون، ويُنهج معهم النهج الذي يناسب الحال، ويقدر عليه، ويتحقق به المقصود الشرعي:

1- فقد يقتضي المقام اللوم والزجر والتوبيخ.

 

2- وقد يقتضي التعزير بالتأديب بالهجر، أو النفي عن البلد، أو السجن، وأنواع العقوبات الأخرى، التي هي من اختصاص أولي الأمر، فيرفع إليهم بمن هذه حاله، ويُنصحون بشأنه بما ينبغي نحوه.

 

3- وقد يحتاجون إلى جهاد ـ إذا قُدِر عليهم ـ، لإلزامهم بالحق وصرفهم عن الباطل.

 

4- وقد يحتاج إلى كف شرهم، أو إيصال الحق إلى من تحت أيديهم وولايتهم بغير الجهاد؛ بل بإعطائهم ما يؤلف قلوبهم للحق، أو يكف شرهم ويوصل الحق إلى من تحت أيديهم من الخلق.




[1] أخرجه البخاري برقم (7372)؛ ومسلم برقم (19).

[2] أخرجه البخاري برقم (5146)؛ ومسلم برقم (869).

[3] أخرجه أبو داود برقم (4842).


"
شارك المقالة:
37 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook