يحتاجُ النَّاس إلى فهمِ الأشخاصِ الذين يتبادلون معهم تفاصيل حياتهم ومعاملاتهم بصورةٍ مؤقتةٍ أو مستمرَّة، وتبرز الحاجة إلى التعرُّف على شخصيَّاتِ الآخرين في بناء قنواتِ اتِّصالٍ تُناسِب الأفهام والطِّباع والعاداتِ والمبادئ، فالنَّاس مختلفون في شخصيَّاتهم، ويقودُ هذا الاختلاف الاعتياديّ إلى تنوِّع أساليبهم في الفهم والوعي والاتصال والتعامل، بل إنَّه يقود إلى تنوِّعٍ أكبر في قيادة المواقف واتّخاذ القرارات والتعامل مع الظُّروف المختلفة وإدارة المواقف والمشاكل، فمن هنا برزت أهميَّة دراسة الشخصيَّاتِ، والتعرُّف إلى جميع أنماطها وأساليب تحليلها، والعوامل التي قد تكشف أو تحلِّل نمط الشخصيَّة أو تؤثِّر فيها.
تظهر تعريفات الشخصيَّة لغوياً تبعاً لاتّجاهات العلوم المنطقيَّة والفلسفيَّة الأخرى؛ إذ تُعرَّف الشخصيَّة من وجهة نظر الفلاسفة والمتصوِّفين بأنَّها مركزيَّة الذَّات ووحدتها وهويَّتها الوجدانيَّة وما تتضمَّنه من فكرٍ ووعيٍ وإرادة، فيما يعكس المفهوم اللغويّ تعريفاً مختلفاً من وجهة نظر علوم النَّفس، فيتحدَّد المفهوم بأنَّه مجموعة الصِّفات المميّزة والمحدِّدة لهويَّة الفرد والتي تُظهره بشخصيِّته المنفردة عن غيره.
أمّا اصطلاحاً فتتنوَّع تعريفات العلوم والاتجاهات لمصطلح الشَّخصيَّة تبعاً لتنوّع النّظريات والمبادئ التي يتبنَّاها الباحثون والعلماء في تحديد سمات الشخصيَّة ومظاهرها وتفاعلاتها، ومع تعدُّد التعريفات واختلافها فإنَّه يمكن عرض مفهوم الشخصيَّة من توافقات تعاريف علماء النَّفس بأنَّها: مجموعة الأنشطة التَّوافقيَّة والمتكاملة التي تعكس عادات الفرد وطباعه ومميِّزاته واستعداداته وميوله.
يُشيرُ العاملون في تحليل الشخصيَّات وتحديد معالمها إلى إمكانيَّة التعرُّف إلى صفات الأفراد وطباعهم وملامح شخصيَّاتهم من خلال الأوضاع التي ترسُمها أجسادهم أثناء نومهم؛ إذ يستقرُّ الجسد أثناء نومه عادةً في وضعٍ واحدٍ يُمثّل راحته ويعكس طبعه وتكوين شخصيَّته، ويأتي ذلك الاستقرار بعد التنقُّل بين الأوضاع المختلفة قبل أن يميل جسده إلى السُّكون في وضعه الاعتيادي، ولا يعني التعوُّد والاستقرار في وضعٍ بعينه أفضليَّة تلك الوضعيَّة على غيرها أو مفاضلةَ بقيَّة الأوضاع عليها، إنَّما تعكس الأوضاع المختلفة دلالاتِ الشخصيَّة وتفاعلاتها وأحوالها بمعزلٍ عن التَّفضيل والتمييز، ويمكن تحليل الشخصيَّات من خلال وضعيَّات النَّوم كما تُشيرُ الدِّراساتُ إلى ما يلي: