تدبر القرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
تدبر القرآن الكريم

تدبر القرآن الكريم.

 

 

القرآن الكريم:

 

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون كتاب هدايةٍ وإرشادٍ، وليقرأ النّاس سُوره ويتلون آياته، ويتدبّرون معاني كلماته، فيتحقّق لهم فوائد جمّة ومغانم كثيرة؛ منها: معرفة الأحكام الشّرعيّة، وأخذ العِبر من قصص السّابقين، والتّخلّق بالأخلاق والآداب التي شمِلتها آياته، ولأجل ذلك كلِّه كان لِزاماً على كلّ مسلم أن يتلو القرآن الكريم، ويتدبّر معانيه، ويعي مضامينه، حتى يُفْهم القرآن الكريم، وقد جاء الأمر من الله -تعالى- بتدبّر القرآن الكريم في مواطن كثيرةٍ، ومن ذلك قول الله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، وقوله أيضاً: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وفي هذه المقالة توضيح للأمور التي تُعين على فَهْم القرآن الكريم، وبيان ثمرات وفوائد فَهْم القرآن الكريم.

 

كيفيّة فَهْم القرآن الكريم

 

القرآن الكريم هو كلام الله -تعالى- المعجِز، والمُنزل على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الوحي جبريل عليه السّلام، المتعبّد بتلاوته، الذي نُقل بالتّواتر، وحُفظ في الصُّدور ودُوّن في السّطور، وجُمع بين دفّتي المُصحف، مبدوءاً بسورة الفاتحة ومختوماً بسورة النّاس، وقد أراد الله -تعالى- للقرآن الكريم أن يكون خاتم الكتب السّماويّة، وتعهّد الله -تعالى- بحفظِه من التّحريف والضّياع، فقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،والقرآن الكريم كتاب هدايةٍ وإرشاٍد، يشتمل على أحكامٍ ودروسٍ، تضع للمسلم نهجاً سليماً؛ ليحيا حياةً طيّبةً، فالقرآن دستور ينظّم جوانب حياة المسلم المختلفة من عباداتٍ وأخلاقٍ ومعاملاتٍ، فقد قال الله -تعالى- واصفاً القرآن الكريم: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).

إنّ تدبّر القرآن الكريم، وفَهْم معانيه، واستيعاب ما جاء فيه من أحكامٍ وحِكمٍ، أمرٌ لا يستغني عنه أيّ مسلمٍ، ولعلّ لاستيعاب آيات القرآن الكريم والإعانة على فهمها خطوات وأساليب تساعد في ذلك، منها:

  • الإقبال على الله -تعالى- والتّقرّب منه، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فإنّ تقوى الله -تعالى- سبيلٌ للفهم والعلم، وشاهد ذلك قول الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وقوله أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا).
  • استشعار عظمة القرآن الكريم؛ ذلك أنّ القرآن الكريم كلام الله تعالى، واستشعار ذلك أثناء تلاوة القرآن الكريم، سيجعل المسلم يخشع له ويتأثّر به، فتتأنّى تلاوته وتُتدبّر آياته.
  • استشعار المسلم أنّه مُخاطب بالقرآن الكريم، فيتلقّى ما فيه من أوامر ونواهٍ ومواعظ وعِبر على أنّها موجّهة له، وقد نُقل عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- أنّه قال: (إنّ مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل مِن ربّهِم، فكانوا يتدبّرونها بالليل، ويتفقّدونها في النّهار).
  • استذكار أنّ القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه، ممّا يدفع المسلم إلى إعمال فكرِه وتقليب نظره في الآيات الكريمة؛ بهدف الوصول إلى فهم القرآن الكريم ووفهم معانيه ومقاصده.
  • تكرار تلاوة الآيات الكريمة وترديدها؛ لأنّ التّكرار يعين على استقرار المعاني في النّفوس وتثبيتها في القلب والعقل.
  • التّفاعل مع الآيات التي يتلوها المسلم بالاستغفار والتّسبيح والاستعاذة، وقد وصف حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- تلاوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للقرآن فقال: (يقرأ مُترسِّلاً، إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّحَ، وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذَ).
  • القراءة بتأنٍّ وهدوءٍ، والتّفاعل مع الآيات بحضور القلب وإعمال العقل وإمعان النّظر.
  • الرّجوع إلى كتب المعاني والتّفسير؛ لمعرفة أقوال العلماء في معاني الآيات وتفسيرها.
  • تعلّم اللغة العربيّة ومعرفة معاني كلماتها ودلالات ألفاظها، فاللغة العربيّة هي لغة القرآن الكريم، قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
  • الرّبط بين مضامين آيات القرآن الكريم والواقع الذي يعيشه المسّلم.
  • طرح الأسئلة على النّفس واستثارتها في العقل عند تلاوة القرآن الكريم، فالتّساؤل يعدّ من وسائل الفَهْم.

 

فضل تلاوة وتدبّر القرآن الكريم..

 

إنّ لتلاوة القرآن الكريم فضائل عظيمة وثمراتٌ كثيرة يجنيها المسلم المداوم على تلاوته والحريص على تدبّره، ومن هذه الفضائل والثّمرات ما يأتي:

  • إنّ في تلاوة القرآن الكريم عِصْمةً للتّالي له والعامل به، وحفظاً له من النّار يوم القيامة.
  • إنّ تلاوة القرآن الكريم تحقّق الفوز بالمراتب العليا من الجنّة، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يقالُ لصاحِبِ القرآنِ: اقرأ، وارتَقِ، ورتِّل كَما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا، فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرأُ بِها).
  • إنّ في الاستماع للقرآن الكريم والإنصات له تحصيلاً لعظيم رحمة الله تعالى، لقول الله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
  • إنّ في قراءة القرآن انشراحاً للصّدْر وزوال للهمّ والغمّ.
  • إنّ في تلاوة القرآن الكريم وتدبّره شفاءً للجسم والنّفس، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ).

وغير ذلك الكثير من الفضائل التي يحوزها من يداوم على قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوةً متأنّيةً بفهمٍ وتدبُّرٍ، وقد رسم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صورةً رائعةً تبيّن الفارق بين المسلم الذي يقرأ القرآن ويحرص عليه، وبين المسلم الذي لا يقرأ القرآن ولا يجعل لتلاوته جزءاً من وقته، وذلك في الحديث الشّريف الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه؛ حيث قال: (مثَلُ المؤمِنِ الَّذي يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الأُترُجَّةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها طيِّبٌ، ومثَلُ المؤمِنِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ التَّمرَةِ؛ لا رِيحَ لها وطَعمُها حُلوٌ، ومثَلُ المنافِقِ الذي يَقرَأُ القرآنَ مثَلُ الرَّيحانَةِ؛ رِيحُها طيِّبٌ وطَعمُها مُرٌّ، ومثَلُ المنافِقِ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ الحَنظَلَةِ، ليس لها رِيحٌ وطعْمُها مُرٌّ).

شارك المقالة:
91 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook