تسعون موعظة وحكمة من كتاب الخواتيم لابن الجوزي رحمه الله

الكاتب: المدير -
تسعون موعظة وحكمة من كتاب الخواتيم لابن الجوزي رحمه الله
"تسعون موعظة وحكمة
من كتاب الخواتيم لابن الجوزي رحمه الله

 

1-يا معشر العصاة: إن جفوتموني فما يجفوكم حلمي، وإن أعرضتم عني؛ فما يُعرضُ عنكم لطفي.

 

2-إنما طردتُ إبليسَ لأنه لم يسجد لكم، فالعجبُ كيف صالحتموه وهجرتمونا!

 

3-يا ناقضي العهود: انظروا لمن عاهدتم، تلافوا خَرْقَ الخطأ قبل أن يتسعَ.

 

4-لو وفيتم بعهودنا؛ ما رميناكم بصدودنا، لو كاتبتمونا بدموع الأسف؛ لغفرنا كلَّ ما سلف.

 

5-أنجع الوسائل الذَّلُّ، وأبلغ أسباب العفو البكاءُ، والعِيُّ بلاغةُ المنكسر.

 

6-إخواني: تعالوا نُرِقْ دمعَ تأسُّفِنا على قُبْحِ تخلُّفنا.

 

7-اندبوا على الذنوب ساعة، وافقوني في البكاء يا جماعة.

 

8-إخواني: ما للمذنبين حيلةٌ إلا الذلُّ والبكاءُ.

 

9-يا سوقَ الأكلِ: أين أربابُ الصيام؟

 

يا فرشَ النومِ: أين حراسُ الظلام؟

درستْ - واللهِ - المعالمُ، ووقعت الخيام.

قف بنا على الأطلال نخصها بالسلام.

 

10-فرَّغَ القومُ قلوبَهم مِنَ الشواغل، فضُربتْ فيها سرادقاتُ المحبة، فأقاموا العيون تحرس تارةً، وترشُّ الأرضَ أخرى.

 

11-قطعوا بادية الهوى بأقدام الجدّ، فما كان إلا القليلُ حتى قَدِموا من السفرِ، فاعتنقتْهم الراحةُ في طريق التلقي، فدخلوا بلدَ الوصل وقد حازوا ربح الدهر.

 

12-يا هذا: اعرف قدرَ ما ضاع منك، وابكِ بكاءَ مَنْ يدري مقدارَ الفائت.

 

13-يا سكرانَ الهوى: لو استنشقتَ رياحَ الأسحارِ لأفاقَ قلبُك المخمور، لو تخايلتَ قُربَ الأحبابِ لأقمتَ المأتمَ على بُعدِك.

 

14-اجلس في ظلام الليل بين يدَي مالِكك، واستعمل أخلاقَ الأطفالِ؛ فإنَّ الطفلَ إذا طلبَ مِنْ أبيه شيئًا فلم يعطه بكى عليه. وقل: يا مَنْ أعطى ومنع.

 

15-مَنِ استطالَ الطريقَ ضعُفَ مشيُهُ.

 

16-يا فرحَ الواصلين، يا ترحَ المنقطعين، يا أسفَ المهجورين.

 

17-إذا هبت رياحُ الخوف قلقلت قلوبَ العارفين، فلم تتركْ ثمرةَ دمعٍ في فَنَنِ جفنٍ!

 

18-تروَّح إلى حديثِ المناجاةِ وإن لم يُسمَع منك، وابعث رسائلَ الأحزان وإن لم تصل.

 

19-شحمُ المُنى هُزال، وشرابُ الأملِ سَراب.

 

20-ويحك! مَنْ قبَّلَ فمَ اللذةِ عضَّتْه أسنانُ الندامة.

 

21-مَنْ سكر مِنْ خمر الدنيا هلك في خُمار الهوى.

 

22-عليك يا مُسرف مُشرف!

 

23-يا أعجمي الذهن: رافقْ عربَ التفطن، إلى متى مع المتلوثين؟ متى تُضاف إلى النِّظاف؟

 

24-قد كانت لك ليالي مناجاةٍ، ثم طبقتَ الدستور، وقطعتَ المعاملة، فاندب زمانَ الوصال، لعل حالًا تحول!

 

25-دموع الخائفين يحبسُها بالنهار مراقبةُ الخلق، فإذا أتى الليلُ انفتح سَكْرُ البكاء ? فَسالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِها ? [الرعد: ??].

 

26-هان سهرُ الحراس لما علموا أنَّ أصواتَهم بسَمْعِ المَلِك.

 

27-يا هذا: ما خُلقتَ للدنيا؛ فلا تألفْ منزلًا لا تصحُّ الإقامةُ به.

 

??-الدنيا غربةٌ والأخرى وطنٌ.

 

??-الدنيا دارُ فرقةٍ، والآخرة محلُّ اللقاء.

 

??-مَنْ لاح له جمالُ الآخرةِ هان عليه فراقُ الدنيا.

 

??-يا أقدامَ الصَّبرِ احملي؛ فقد بقي القليلُ، تذكري حلاوةَ الدَّعة يهُنْ عليك مُرُّ السُّرى.

 

??-ما سلك الخليلُ طريقًا أطيبَ مِنَ الفلاة التي دخلها حين خرج مِنْ كفةِ المنجنيق؛ زيارةٌ تسعى فيها أقدامُ الرضا على أرضِ الشوق.

 

??-لما تكامل توكُّلُ الخليل جاءتهُ مدحة: ? وَإِبراهيمَ الَّذي وَفّى ? [النجم: ??].

 

??-لما عرف الصالحون قدرَ قيمة الحياة أماتوا فيها الهوى فعاشوا.

 

??-هان عليهم طولُ الطريق لعلمهم أين المقصد، وحلَت لهم مراراتُ البلاء حبًّا لعواقب السلامة، فيا بُشراهم يومَ: ? هذا يَومُكُمُ ? [الأنبياء: ???].

 

??-مَنْ عرف ما يطلُبُ هان عليه ما يبذُلُ.

 

??-ما وصل القومُ إلى المنزل إلا بعد طول السُّرى، ما ذاقوا حلاوةَ الراحة إلا بعد مرارةِ التعب.

 

??-مَنْ لم يكن لهم مثلُ تقواهم؛ لمْ يعلمْ ما الذي أبكاهم.

مَنْ لم يشاهدْ جمال يوسف؛ لمْ يعرفْ ما الذي آلَمَ قلبَ يعقوب.

 

??-أنت مع تقصيرِك تأمَنُ، وكانوا مع جدِّهم يخافون.

أنت على ذنوبِك تضحكُ، وكانوا مع طاعتِهم يبكون.

 

??-كان الشبلي يقول في مناجاته:

ليت شعري، ما اسمي عندك يا علام الغيوب.

وما أنت صانع في ذنوبي يا غفارَ الذنوب.

وبم تختم عملي يا مقلبَ القلوب.

 

??-ويحك! العمر ظلٌّ زائل.

??-تجاف الملاذَ بالملاذِّ فعاقبتها وخمٌ.

 

??-شرابُ الهوى حلوٌ لكنه يورث الشَّرَق.

 

??-مَنْ تذكرَ خنقَ الفخ هان عليه هجْرُ الحَبَّة.

 

??-إذا رأيت نفسك متخبطًا لا مع المحبين ولا مع التائبين، فابسط رمادَ الأسف، واجلس مع رفيق اللهف، وابعث رسالة القلق مع بريد الصُّعداء، لعله يأتي الجوابُ برفع الجوى.

 

??-أبوابُ الملوك لا تُطرقُ بالأيدي، بل بنفَسِ المحتاج!

 

??-لا بد - والله - مِنْ نفوذِ القدَر؛ فاجنح للسَّلْم.

 

??-كان إبليس كالبلدةِ العامرةِ، فوقعتْ فيها صاعقةُ الطرد ? فَتِلكَ بُيوتُهُم خاوِيَةً ? [النمل: ??].

 

??-أي تصرفٍ بقي لك في قلبك وهو بين أصبعين[1]؟

 

??-يا مَنْ سلطانُ شبابه قد تولى، وأميرُ الضعف عليه قد تولى، هذا معولُ الكِبَرِ يعرقبُ حيطانَ الأجل، ومِنَ الهوس أحاديث الأمل!

 

??-ويحك! استدركْ زمانًا يفوت، وأدركْ حيوانًا يموت.

 

??-يا دائمًا على الخطايا والعصيان: متى يقال: تاب فلان؟

 

??-يا مذنبين: القلق القلق، يا مفرِّطين: الحُرق الحُرق.

 

??-لله دَرُّ أقوام تأملوا الوجود، ففهموا المقصود، فالناس في رُقادهم، وهم في افتقادهم، والخلائق في غرورهم، وعيونُهم إلى قبورهم، وحدانًا مِنَ الناس، يهربون مِنَ الجُلَّاس.

 

??-يا منقطعين عن القوم: سيروا في بوادي الدجى، وأنيخوا بوادي الذُّل، واجلسوا في كِسْر الانكسار، فإذا فُتح بابٌ للواصلين دونكم؛ فاهجموا هجومَ الكدَّائين، وابسطوا أكفَّ ? وَتَصَدَّق عَلَينا ? [يوسف: ??] لعل هاتف الرحمة يقول:? لا تَثريبَ ? [يوسف: ??].

 

??-إخواني:

الخلاص في الإخلاص.

العمل صورة والإخلاص روحٌ.

عملُ المرائي بصلةٌ كلها قشور!

ليس كل مستديرٍ يكون هلالًا، لا لا.

 

??-يا مختارَ القدَر: اعرفْ قدْرَ قدرِك. كل الأشياء شجرةٌ وأنت الثمرة، وصدفٌ وأنت الدُّر، وممخضةٌ وأنت الزُّبد. اختيارنا لك مكتوبٌ بخط واضح؛ غير أن استخراجَك ضعيف!

 

??-يا مُفرِّطين في بضائع الأعمار: تعالوا نُرِقْ دموعَ الأسفِ على ما قد سلف.

 

??-القلقَ القلقَ يا مطرود.

البكاءَ البكاءَ يا مردود.

الحزنَ الحزنَ على نقضِ العهود.

 

??-إخواني:

دعونا مِنْ ذكر البطالين، وقوموا بنا عن مزبلة الهوى لندخل رياضَ الرياضة، ولا يصحبنا مزكوم.

 

??-يا مَنْ باع المناجاة بفضل لقمةٍ فنام، لما قام القومُ إلى الخدمة حضرهم المخدومُ ينزل إلى السماء الدنيا[2]، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة[3].

 

??-النائم لا يعلم حضور الزائر، ولا يسمع هل من سائل، مرَّ عليه الكرى، لم يدرِ ما جرى!

 

??-إخواني:

مثّلوا الاستراحةَ تحت طوبى يهُنْ عليكم النَّصَب، ادأبوا في السير فقد لاح العَلَمُ.

 

??-كنوز الجواهر مودعةٌ في مِصرِ الليل، فتتبع آثارَ الطلبة لعلك تقعُ بكَنز.

 

??-لو أشرفتَ على وادي الدُّجى لرأيت خيم القوم على شواطئ أنهار البكاء، خلوا - والله - بالحبيب، وطال الحديث.

 

??-ذَلُّوا له ليرضى، فإذا رأيتَهم قلتَ مرضى.

 

??-انقسم الصالون عند ذكر الموت:

فمنهم مَنْ أخذه القلقُ كعمر، كان يقول: الويل لعمر إن لم يُغفر له.

 

ومنهم مَنْ غلب عليه الرجاءُ كبلال، كانت زوجته تقول: واحرباه. وهو يقول: واطرباه، غدًا نلقى الأحبة محمدًا وحزبَه. عَلِمَ بلالٌ أن الإمامَ لا ينسى المؤذن.

 

??-يا هذا:

اتعب اليوم تسترح غدًا، اشتغلْ بنا في الحياة نكفك حالةَ الموت.

 

??-لا بد مِنْ مقاساة الشدائد حتى تنال الراحة.

 

??-كيف تطيقُ السهر مع الشبع؟ كيف تزاحمُ أهلَ العزائم بمناكب الكسل؟

 

??-يا مَنْ كانت له معنا معاملة، وطالت بيننا وبينه المواصلة، ثم اختار الهجرَ والمفاصلة، إنْ لم يكن جميلٌ فمجاملة، اسكب دموع أسفك، واندبْ أطلالَ مألفك.

 

??-إخواني: تعالوا نندب أيامَ الوصال، ونبكي على قطع الاتصال.

 

??-واأسفًا لمنقطعٍ دون الرَّكْبِ، متأخرٍ عن لحاقِ الصَّحْبِ، يَعُدُّ الساعات في مُنى لعل، ويخلو بفكَره في ظنّ عسى، وكأنه به قد اختُلس في عَطفةِ أمل.

 

??-إخواني: أمَا ترون أهلَ القبور قد أوثقهم الأسرُ عن حركةٍ في نجاة؟ ? وَحيلَ بَينَهُم وَبَينَ ما يَشتَهونَ ? [سبأ: ??].

 

??-واعجبًا لضاحكٍ ملء فيه، وهو يرى القبر ولا ينظر فيه، أمَا يذكرُ وداعَ أهله؟ أيرضى أم يُؤخذَ على جهله؟ يا لها مِنْ ساعةٍ ما أشدها، يتمنى أن لو لم يكن عندها.

 

??-إن الدنيا قد أظهرتْ عيوبَها وكشفتْ للبصائر غيوبَها، إنْ باعتْ محبَّا لذةً ما كَسَتْه، وكم عريَ لها ولدٌ ما كَسَتْه[4]!

 

??-يا منفقًا بضاعة العمر في مخالفةِ المُنعم، ليس في أعدائك أكثرُ أذىً لك منك.

 

??-يا قرةَ العيون: أين الناظرون إليك؟

يا راحة القلوب: أين المستأنسون بك؟

يا سرَّ الأسرار: أين المخبرون عنك؟

 

??-لو قمتَ في السَّحر رأيت طريق العُبَّاد قد غُصَّ بالزحام، لو وردتَ ماء مدين وجدتَ عليه أمةً من الناس يسقون.

 

??-يا ديارَ المحبين أين السكان؟

يا منازلَ العارفين أين القطان؟

يا أطلالَ الواجدين أين البنيان؟

 

??-لو أحببتَ المخدومَ حضر قلبُك في الخدمة.

 

??-إخواني: إذا ذكرنا ذنوبَنا يئسنا، وإذا تفكرنا في عفوه أنِسنا.

 

??-إخواني: العروسُ تلبسُ عند العرض تحت الثياب شعارَ الخوفِ من الردّ، وفوق الثياب حلة الانكسار، وحمرةُ الخجل تُغنيها عن حمرةٍ؛ لأنها لا تدري على ماذا تقدمُ، فكيف يسكنُ مَنْ لا يعلمُ العواقب؟

 

??-أيها المقصِّرُ عن طلب المراد، كيف تدرك المعالي بغير اجتهاد؟ أين أهل السهر مِنْ أهل الرقاد؟ أين الراغبون في الدنيا مِنَ الزهاد؟

 

??-يا مَنْ كان له معنا وقتٌ فتكدر، وكان يخدمُنا بقلبٍ فتغيَّر، ما كان أطيبَ زمنَ الوصال! ما أسرعَ ما استحال الحال!

 

??-يحق لمن رأي الراحلين إلى الحبيب - وهو قاعدٌ - أن يبكي، ولمن سمع أخبار الواصلين - وهو متباعدٌ - أن يقلق.

 

??-رحل الصالحون وفاتوا، ونحن متنا، وهم ما ماتوا.

 

??-كانوا يبكون مع التقوى، وأنت تضحك مع الذنوب!




??-انقسم العبّادُ ثلاثة أقسام:

فمنهم مَنْ لاحظ الحصاد فزاد في البذر.

ومنهم مَنْ رأى حقَّ المخدوم فقام بأدائه.

ومنهم مَنْ خدم محبةً فتلذَّذ بالخدمة.

وهذه الخدمة لا ثقل لها؛ لأن محركها الحب، وغيرها ثقيل على البدن.

 

??-ياهذا: لو عرفتَ ما فاتك صارت عينُك عَينًا بالبكاء!

 

??-أسفًا لمهجورٍ لا يؤلمه الهجر، ولمطرودٍ ما يحس بالطرد!

 

??-إخواني:

وحدي أتكلَّمُ، وجدي يتألَّمُ، ألا مريدٌ يتعلَّمُ؟ ألا مُودَّعٌ يتسلَّمُ؟




[1] إشارة إلى حديث إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. أخرجه مسلم برقم (????)

[2] البخاري: ????.

[3] البخاري: ????.

[4] كسته الأولى: من النقصان في الثمن، والثانية: من الكسوة.


"
شارك المقالة:
41 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook