تشخيص تحويل الشرايين الكبرى وسبل تدبيره

الكاتب: د. ايمان شبارة -
تشخيص تحويل الشرايين الكبرى وسبل تدبيره.

تشخيص تحويل الشرايين الكبرى وسبل تدبيره.

التشخيص

بالرغم من إمكانية تشخيص حالة تحويل الشرايين الكبيرة لدى رضيعك قبل الولادة، إلا أنه قد يُعد أمرًا صعبًا. لا تُجرى عادةً الاختبارات السابقة للولادة لتشخيص حالة تحويل الشرايين الكبيرة إلا في حال اشتباه الطبيب بإصابة طفلك بأمراض القلب الخلقية.

بعد ولادة طفلك، سيشتبه الطبيب فورًا في وجود عيب خلقي في القلب، مثل تحويل الشرايين الكبيرة إذا كان جلد طفلك مائل إلى اللون الأزرق (الازرقاق) أو كانت لديه مشكلات في التنفس.

في بعض الأحيان، قد لا يكون ازرقاق جلد طفلك ملحوظًا إذا كان يعاني من عيوب أخرى في القلب، مثل وجود ثقب في الجدار الفاصل بين حجرات القلب اليمنى واليسرى (الحاجز)، والذي يسمح بتدفق بعضًا من الدم المحمّل بالأكسجين عبر الجسم. إذا كان هذا الثقب موجودًا في حجرات القلب العلوية فيُسمّى عيب الحاجز الأذيني. أما إذا كان العيب في حجرات القلب السفلية فيُسمّى عيب الحاجز البطيني.

ومن المحتمل أيضًا أن يكون لدى طفلك قناة شريانية سالكة ـــ وهي فتحة توجد بين وعائي القلب الرئيسيين، الشريان الأبهر والشريان الرئوي ـــ والتي تسمح بامتزاج الدم الغنيّ بالأكسجين مع الدم الذي يفتقر إلى الأكسجين.

حينما يزداد نشاط طفلك، ستسبب هذه العيوب عجزًا في تدفق الدم بشكل كافٍ، وفي النهاية سيصير الازرقاق واضحًا.

قد يشتبه طبيب طفلك أيضًا في إصابته بعيب في القلب إذا سمع نفخة قلبية — صوت صفير غير طبيعي ناجمًا عن اضطراب تدفق الدم.

لا يكفي الفحص الجسدي وحده لتشخيص حالة تحويل الشرايين الكبيرة بدقة. فمن الضروري الخضوع لواحد او أكثر من الاختبارات التالية بهدف الوصول إلى تشخيص دقيق:

  • مخطط صدى القلب. تخطيط صدى القلب هو فحص بالموجات فوق الصوتية للقلب ـــ تُستخدم فيه الموجات الصوتية التي ترتد عن قلب طفلك وتنتج صورًا متحركة يمكن عرضها على شاشة عرض مقاطع فيديو. يستخدم الطبيب هذا الفحص لتشخيص حالة تحويل الشرايين الكبيرة وذلك عن طريق مراقبة موضع الشريان الأبهر والشريان الرئوي.

    تتمكن فحوص تخطيط صدى القلب أيضًا من التعرف على عيوب القلب الأخرى مثل عيب الحاجز البطيني، أو عيب الحاجز الأذيني، أو القناة الشريانية السالكة.

  • القسطرة القلبية. يتم اللجوء إلى هذا الإجراء فقط إذا لم تتمكن الفحوص الأخرى، مثل تخطيط صدى القلب، من التوصل إلى معلومات كافية بشأن التشخيص.

    أثناء إجراء القسطرة القلبية، يُدخل الطبيب أنبوبًا رفيعًا مرنًا (القسطرة) عبر أحد الشرايين أو الأوردة في أربية طفلك ومن ثَمّ يوجهه إلى الأعلى حتى يصل إلى القلب. تُحقن صبغة عبر القسطرة لإظهار بنية قلب طفلك في صورة الأشعة السينية. تعمل القسطرة أيضًا على قياس الضغط في حجرات قلب طفلك وداخل الأوعية الدموية، كما تتمكن من قياس كمية الأكسجين في الدم.

    قد تستخدم القسطرة القلبية على نحو عاجل لعمل إجراء علاجي مؤقت لحالة تحويل الشرايين الكبيرة (فغر الحاجز الأذيني بالبالون).

  • تصوير الصدر بالأشعة السينية. بالرغم من أن تصوير الصدر بالأشعة السينية لايعطي نتائج واضحة في تشخيص حالة تحويل الشرايين الكبيرة، إلا أنه يسمح لطبيبك برؤية حجم قلب طفلك ومواضع الشريان الأبهر والشريان الرئوي.
  • تخطيط كهربية القلب. يسجل مخطط كهربية القلب النشاط الكهربائي في القلب في كل مرة ينقبض فيها. خلال هذه العملية، توضع لاصقاتٍ متصلةٌ بأسلاك (أقطاب كهربية) على صدر طفلك، ورسغيه، وكاحليه. تقيس الأقطاب النشاط الكهربائي، ويتم تسجيله على الورق.

العلاج

كافة الأطفال الذين يعانون تبدل الشرايين الكبرى يحتاجون إلى تصحيح هذا العيب.

قبل الجراحة

قد يوصي طبيب طفلك بالعديد من الخيارات لمساعدتك في التعامل مع الحالة قبل الجراحة التصحيحية. وتشمل:

  • الدواء. يساعد العلاج باستخدام البروستاجلاندين E1 (البروستاديل) في الحفاظ على الوصلة بين الأبهر والشريان التاجي مفتوحة (القناة الشريانية السالكة) مما يرفع من تدفق الدم ويؤدي إلى تحسين المزج بين الدم بدون أوكسجين والدم المؤكسد إلى أن يمكن إجراء الجراحة.
  • ثقب الحاجز الأذيني. هذا الإجراء — الذي يتم عمله في العادة باستخدام قسطرة قلبية وليس جراحة — يؤدي إلى تكبير الوصلة الطبيعية بين حجرتي القلب العلويتين (البطينين). يسمح للدم المؤكسد والدم بدون أكسجين بأن يمتزجا ويؤديا إلى تحسين توصيل الأكسجين إلى جسم طفلك.

الجراحة

تتضمَّن الحلول الجراحية:

  • عملية التبديل الشرياني. عملية التبديل الشرياني هي أكثر العمليات المستخدَمة شيوعًا في تبديل الشرايين الكبيرة. يقوم الجرَّاحون عادةً بإجراء هذه الجراحة خلال الشهور الأولى من الحياة.

    أثناء عملية التبديل الشرياني، يتمُّ تحريك الشريان الرئوي والأورطى إلى مواضعهما الطبيعية: يتصل الشريان الرئوي بالبُطَيْن الأيمن، ويتصل الأورطى بالبُطَيْن الأيسر. يتمُّ أيضًا إعادة توصيل الشرايين التاجية بالأورطى.

    إذا كان الطفل لديه عيب في الحاجز البُطَيْني أو عيب في الحاجز الأُذَيْني، يتمُّ عادةً إغلاق الثقوب أثناء الجراحة. في بعض الحالات، على الرغم من ذلك، قد يترك الطبيب عيوب الحاجز البُطَيْني الصغيرة لتُغْلَق من تلقاء نفسها.

  • عملية التبديل الأُذَيْني. في هذه الجراحة، يَصنَع الجرَّاح نفقًا (صارفة) بين الحجرتين العلويتين للقلب (الأذينين). يُحَوَّل هذا الدم المفتقِر للأكسجين إلى البُطَيْن الأيسر والشريان الرئوي، والدم الغني بالأكسجين إلى البُطَيْن الأيمن والأورطى.

    بهذا الإجراء، من الضروري أن يَضُخَّ البُطَيْن الأيمن الدم إلى الجسم، بدلًا من الرئتين فقط كما يحدث في القلب الطبيعي. تتضمَّن المضاعفات المحتمَلة لعملية التبديل الأُذَيْني عدم انتظام ضربات القلب، وتسريب أو انسداد الصارفة، وفشل القلب بسبب المشكلات طويلة المدى لوظيفة البُطَيْن الأيمن.

ما بعد الجراحة

بعد إجراء جراحة التصليح، سيحتاج طفلكَ إلى رعاية ومتابعة مدى الحياة مع طبيب قلب (اختصاصي أمراض القلب والأوعية) متخصِّص في أمراض القلب الخِلْقية؛ وذلك لمراقبة سلامة قلبه. قد يُوصِي اختصاصي القلب بأن يتجنَّب طفلكَ بعض الأنشطة، مثل رفع الأثقال أو الرياضات التنافُسية؛ لأنها ترفع ضغط الدم، وقد تُؤدِّي إلى إجهاد عضلة القلب.

تَحدَّثْ إلى طبيبكَ أو طبيب طفلكَ عن نوع الأنشطة البدنية التي تستطيع أنتَ أو طفلكَ القيام بها، ومقدارها وعدد مراتها.

كثيرٌ من الناس الذين خضعوا لعملية تبديل شرياني لا يحتاجون إلى إجراء جراحة إضافية. ومع ذلك، قد تتطلَّب بعض المضاعفات علاجًا إضافيًّا، مثل عدم انتظام ضربات القلب، أو تسرُّب من صمام القلب، أو مشاكل في ضخ القلب.

الرعاية الطويلة الأجل

ستحتاج أنتَ أو طفلكَ إلى المتابعة والمعالجة طوال حياتكم. سيتم ملاحظة طفلكَ وتحديد مواعيد متابعة منتظمة مع طبيب قلب للأطفال. ومع تقدُّم طفلكَ في العمر، ستنتقل عملية الرعاية الخاصة به إلى طبيب أمراض القلب الخلقية للبالغين، والذي يمكنه مراقبة حالته مع مرور الوقت. يمكن أن تؤثر عملية تحويل الشرايين الكبيرة على حياة طفلكَ بعد البلوغ، حيث يمكن أن يساهم ذلكَ في حدوث مشاكل صحية أخرى. قد يحتاج البالغون الذين لديهم عيوب خِلْقية في القلب إلى علاجات أخرى لحالتهم.

الحَمل

إذا خضعت لتحويل شرايين كبيرة في الصغر، فمن الممكن أن تتمتعي بحمل صحي، ولكن قد يكون من الضروري تولية عناية خاصة. إذا كنت تفكرين في الحمل، فتحدثي مع أخصائي القلب وأخصائي التوليد قبل الحمل.

إذا تعرضت المريضة لأي مضاعفات، مثل عدم انتظام ضربات القلب أو مشاكل خطيرة في عضلة القلب، فقد يعرض الحمل كلاً من المريضة والجنين للخطر. في بعض الحالات، مثل النساء اللاتي يعانين من مضاعفات خطيرة بسبب عيب قلبي، لا يستحسن الحمل حتى مع المريضات اللاتي خضعن لجراحات تحويل تصحيحية.

شارك المقالة:
87 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook