تصنيف آثار فترة الممالك العربية بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تصنيف آثار فترة الممالك العربية بالرياض في المملكة العربية السعودية

تصنيف آثار فترة الممالك العربية بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
 

الآثار الثابتة

 
تتمثل في المستوطنات، والقصور، والحصون، والمقابر، والأمكنة الدينية، والأسواق، والآبار، والرسوم الصخرية، والنقوش الكتابية على صخور الجبال وواجهات جدران المنشآت المعمارية
لقد شهدت المنطقة استقرار الإنسان فيها منذ أقدم العصور، وارتبط ذلك الاستقرار بحضارات سادت في المنطقة ثم بادت، وطمرت تحت الرمال، وخلفت هذه الحضارات كثيرًا من الآثار التي ما زال معظمها باقيًا يشهد على ما وصلت إليه الأقوام التي سكنت المنطقة في تلك الفترة من حضارة راقية ومزدهرة.
ويرى بعض الباحثين والإخباريين أن عادًا وثمودًا اللتين ورد ذكرهما في القرآن الكريم من أقدم الأمم والقبائل التي سكنت إقليم اليمامة، المتصل من خلال رمال صحراء الربع الخالي بمناطق شمال حضرموت أو الأحقاف 
ومن القبائل التي استوطنت اليمامة قبيلتا طسم وجديس، وهما من قبائل العرب البائدة، ولكن لا يوجد لهما ذكرًا في القرآن الكريم؛ لذلك كان جُلُّ ما عُرف من تاريخ هاتين القبيلتين معتمدًا على ما ورد عنهما من قصص هي أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة، وهي مدونة في ثنايا المصادر التاريخية. وكانت الخضراء قاعدة طسم وبها قصور عالية وحصون فارهة  ،  والخضرمة في جو الخرج قاعدة جديس وبها كثير من الحصون والبتل   ولعل أبرز ما وصل عن حضارة هاتين القبيلتين يتمثل في المنشآت المعمارية وبخاصة القصور التي بقي بعضها قائمًا إلى القرن الرابع الهجري 
 
وتوجد بعض الحصون في المنطقة نسبها الإخباريون والمؤرخون والجغرافيون المسلمون إلى طسم وجديس، وهي: حصن القرية؛ وهو لطسم وبناؤه من الحجر، وقد نسبه بعضهم إلى سليمان بن داود عليهما السلام  ،  وحصن عجيب؛ من بناء طسم وهو حصن مُعْينِق الذي تحصن فيه عبيد بن ثعلبة الحنفي عندما استولى على اليمامة بعد هلاك طسم، ويعد أشهر حصون اليمامة  ،  والحصن العاديّ بالأثل في الأفلاج. وقد وصف بالبناء العظيم من الطين واللبن وحوله منازل الحاشية للرئيس الذي يكون فيه  .  ومن حصون طسم أيضًا الشموس والثرملية  
أوضحت المسوحات الآثارية والأعمال الميدانية أن المنطقة كانت مكانًا لاستيطان استمر زمنًا طويلاً؛ فقد أشارت إلى اكتشاف عدد من المستوطنات، وحقول مدافن متنوعة تؤرخ لفترات زمنية تمتد من نهاية الألف الثالث قبل الميلاد حتى فترة ما قبيل الإسلام، إضافة إلى مواقع تضم بقايا قنوات ري قديمة استخدمت لري الحقول الزراعية من مياه العيون. وتُعد مستوطنة البنّة في واحة الخرج من كبريات المستوطنات المعروفة في وسط الجزيرة العربية  ، وهي تقع على بُعد 1كم إلى الشمال الشرقي من قرية اليمامة  .  زار هذا الموقع فريق المسح بوكالة الآثار والمتاحف عام 1398هـ / 1978م وسجله بالرقم 207 - 30 في سجلات الوكالة. ويرتبط ذكر هذا الموقع في المصادر التاريخية بأمة طسم وجديس ثم كندة ثم بني حنيفة، ولعله هو مستوطنة الخضرمة المشهورة في المصادر الإسلامية التي تضم منازل مشيدة بالطوب اللبن، ومسقوفة بالأخشاب وأغصان الأشجار. ويحتوي المنـزل على غرف مربعة الشكل تفتح على ساحة بهيئة مستطيل، ويوجد فيها تنور من الصلصال له فوهة دائرية  .  وإلى الشرق من الموقع السابق، وبالقرب من صوامع الغلال في الخرج، يوجد موقع آثاري 207 - 26 يعرف محليًا باسم (حزم عقيلة)   ،  وهو يمثل مستوطنة تبلغ مساحتها 1كم  وتحتوي على وحدات معمارية مشيدة من الطوب اللبن يبلغ سمك جدرانها نحو المتر، وهي مسقوفة بالخشب وأغصان الأشجار المغطاة بالطين الذائب، كما أن جدران الوحدات المعمارية وأرضياتها مبطنة بطبقة ملاط جصية. ولعلّ الاستيطان في هذا الموقع يعود إلى زمن مملكة كندة أو قبل ذلك  ،  أي إلى نحو القرن الخامس أو الرابع قبل الميلاد. وإلى الجنوب من عين الضلع، وبالقرب منها اكتشف فريق المسح الآثاري بوكالة الآثار والمتاحف عام 1398هـ / 1978م موقعًا آثاريًا سجله بالرقم 207 - 24 في سجلات الوكالة، ونفذ فيه خندقًا اختباريًا أسفر عن غرفة مشيدة من الحجر الجيري المغطى بطبقة ملاط جصية. وقد تبين من دراسة اللُّقى الآثارية في الموقع أنه يمثل فترة استيطان واحدة تعود إلى القرون الثلاثة السابقة للميلاد  .  وإلى الجنوب من الموقع السابق توجد مستوطنة الرغيب على بُعد نحو 15كم إلى الشمال من عين خفس دغرة  . وهذا الموقع الكبير يحمل الرقم 207 / 75 في سجلات وكالة الآثار والمتاحف. ويمكن، من على سطح الموقع، مشاهدة بقايا جدران من مبنى قد يكون قلعة أو حصنًا، وعدد من الآبار القديمة المطمورة، وبقايا قنوات لنقل المياه. وفي ضوء اللُّقى الآثارية التي جمعت من على سطح الموقع، فإن تاريخ الاستيطان فيه يعود إلى القرون السابقة لظهور الإسلام وربما قبل ذلك بكثير 
ويوجد في محافظة الخرج نظام قنوات الري في عدد من المواقع المنتشرة حول مناطق العيون في شمال المحافظة وجنوبها مثل قنوات عين الضلع بالموقع رقم 207 / 24، وقنوات عين فرزان في الجهة الشمالية من واحة الخرج، وقنوات الري في الموقع 207 / 28 الواقع في شمال مشيرفة. وتنقسم قنوات الري في محافظة الخرج إلى ثلاثة أنواع هي: قنوات الري المكشوفة، وقنوات الري المحفورة والمسقوفة، وقنوات الري المعلقة أو ذات الخط المتدرج من الأعلى إلى الأسفل طبقًا لمستوى الأرض. ويرجح أن هذه القنوات تعود إلى فترة ما قبل الإسلام بزمن طويل، وأنها استمرت باقية خلال العصر الإسلامي 
 
وفي موقع العيون بالأفلاج على بُعد نحو 18كم من مدينة ليلى تجاه الجنوب الغربي توجد آثار معمارية تتمثل في مستوطنة العيون، ومنطقة المدافن، وشبكة قنوات ري واسعة ومركبة ومحكمة الإنشاء   .  كشفت التنقيبات الآثارية في المستوطنة عن مبانٍ من صنفين: الأول مبنى واسع وعالٍ نسبيًا ومنعزل عن بقية المباني، شيدت جدرانه من الحجارة والطوب اللبن، ويعتقد أنه كان مقر إقامة رسميًا لحاكم أو أمير أو قائد أو أحد عِلية القوم، وربما كان حصنًا صغيرًا. والصنف الثاني مبانٍ سكنية عادية متلاصقة بنيت أرضيات غرفها مباشرة على الأرض البكر  .  أما المدافن، فقد وجد منها في العيون نوعان:  الأول مدافن ركامية فوق سطح الأرض، والثاني مدافن حُفرت أسفل مستوى سطح الأرض، وهي النوع المعاصر لمستوطنة العيون. ويتكون كل مدفن من بناء خارجي مبني من مستوى واحد من الحجر، وبعض هذه المدافن دائري، وبعضها الآخر مستطيل الشكل. وتحتوي هذه المدافن المحفورة تحت سطح الأرض على حجرات دفن قطعت كلها في الصخر بسقف ومدخل على شكل قصبات رأسية. وقد احتوى أحد هذه المدافن على حجرة دفن كبيرة، محفورة تحت مستوى سطح الأرض، يقسمها حاجز داخلي، وهو بدوره يقسم الحجرة إلى غرفتي دفن مستطيلتي الشكل 
وتميزت مستوطنة العيون بنظام ري خاص بها، بُني بأكمله على مستوى سطح الأرض حيث يحمل الماء من البحيرات إلى القنوات الرئيسة، ثم يوزع في القنوات الفرعية، وبنيت جوانب قنوات الري وقيعانها في العيون بالكامل من الحجر الكلسي والمونة  .  واستنادًا إلى دراسة اللُّقى الآثارية وما نتج عن التنقيبات من عمارة وتسلسل طبقي يُعتقد أن المستوطنة تعود إلى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، وأن المدافن المحفورة تحت سطح الأرض تعود إلى العصر البرونـزي بفتراته المختلفة، وربما أعيد استخدامها خلال فترة استيطان المستوطنة في الفترة الهلينستية  
 
كانت المنطقة المكان الذي قامت فيه إحدى ممالك الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهي مملكة كندة التي تم الكشف عن آثار عاصمتها الأولى قرية (الفاو)  التي تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة الرياض بنحو كم. وتدل المكتشفات الآثارية التي عُثر عليها في قرية على أنها استمرت عاصمة لمملكة كندة الأولى منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى أوائل القرن الرابع الميلادي، كما أسفرت التنقيبات الآثارية عن اكتشاف كثير من المنشآت المعمارية في قرية (الفاو)، منها السوق الكبيرة التي يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب. م ومن الشمال إلى الجنوب. م، ويحيط بها سور ضخم يتألف من ثلاثة أسوار متلاصقة: الداخلي والخارجي من اللبن، والأوسط من الحجر الجيري. وللسوق مدخل وحيد يقع في النصف الجنوبي من الضلع الغربي، وهو باب صغير يؤدي إلى ساحة في صدرها بئر عميقة مطوية بالحجر، وتتصل بها قناة تمتد بمحاذاة الدكاكين الجنوبية في اتجاه باب السوق. وتتكون السوق من ثلاثة أدوار، ولها سبعة أبراج: أربعة منها في أركانها، وثلاثة في منتصف أضلاعها: الشمالي والجنوبي والشرقي. وتحيط بالساحة الدكاكين والغرف والمستودعات  
 
واكتشف فريق التنقيب في قرية (الفاو) ثلاثة معابد ومذبحًا واحدًا. يمثل الأول منها بقايا معبد ربما لأكثر من معبود، عثر فيه على نصوص مدونة بخط المسند تذكر معبودات مختلفة منها المعبود الأحور 
ويتضح من بقايا البناء المعمارية للمعبد الثاني أنه معبد كبير مر بمرحلتين معماريتين؛ إذ كرس للمعبود (سن) في المرحلة الأولى والمعبود (شمس) في المرحلة الثانية. وقد وجدت به نصوص مكتوبة بخط المسند تؤكد ذلك. أما المعبد الثالث وهو (بيت عشتروت) فيتميز بمخططه المتناسق، وبقاياه المعمارية المتكاملة إلى حَدٍّ كبير، وبزخارفه المعمارية ونقوشه الكتابية. كما عُثر في غربي المنطقة السكنية على مذبح للمعبود (عبط)  ، مشيد من الحجر الكلسي المقطوع قطعًا جيدًا، وإلى جانبه وغير بعيد عنه في الساحة الكبرى توجد بئر ماء عميقة بنيت للمعبود نفسه ولـ (كهل) معبود قرية (الفاو) الرئيس  .  كما عُثر في قرية (الفاو) على مقابر متنوعة الأشكال تعكس الفترات الحضارية المختلفة التي مرت بها، ويمكن تمييز نوعين منها: الأول المقابر العائلية وهي مقابر جماعية تمتلكها أسر وأشخاص ذوو مكانة سياسية واجتماعية في قرية مثل مقبرة الملك (معاوية بن ربيعة)  ، ومقبرة (عجل بن هفعم)، ومقبرة (مسعد بن أرش)، وهذه المقابر منقورة في الصخر تحت سطح الأرض ويعلوها عادة بناء علوي يشبه البرج 
 أمّا النوع الثاني فهو المقابر العامة التي تعود إلى عامة الناس وتقع شمال شرقي المدينة وتشبه في نمطها المقابر الإسلامية؛ إذ إن لها مهبطًا غير منتظم وليس مجصصًا، بعمق يراوح بين متر وخمسة أمتار، وتنتهي بلحد مقفل بلبن كبير الحجم، ولعل من أطرف هذه المقابر المقبرة الخاصة بأحد الجمال، وهي إشارة واضحة إلى شدة ارتباط واهتمام سكان القرية بالجمال، وهذه النوعية من المقابر ليست غريبة وبدعة خاصة بأهل الفاو، بل هي معروفة بشكل واضح في الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة (عمان)  .  وتعد المنطقة السكنية من أهم معالم قرية (ذات كهل) لأنها تمثل صورة كاملة للمدينة العربية قبل الإسلام. وتوجد الأزقة والشوارع بين منازلها التي يتميز بعضها بسعة بعض غرفها حتى تصل إلى عشرة أمتار طولاً وثلاثة أمتار عرضًا، وبالدقة في استقامة مبانيها، واستخدام الأخشاب للأبواب والسقوف، واستعمال الدرج في جميع الوحدات السكنية، والاستفادة من بيت الدرج بوضع أحواض أزيار الماء بها أو استخدام بعضها أمكنة لطحن الحبوب. وقد تميزت منازل قرية (الفاو) بوجود دورات مياه في الأدوار العلوية، واستخدام بعض الغرف لأغراض النسيج وخصوصًا البُسُط  ، إضافة إلى وجود مواقد وأفران وخزانات للمياه مبنية بالحجارة ومملطة بالجص والحجارة الصغيرة  
 

الآثار المنقولة

 
تتمثل الآثار المنقولة في الأدوات والأواني الحجرية، والأواني الفخارية، والأواني الزجاجية، والأواني المعدنية، والأسلحة المعدنية، والمنحوتات، والمجامر، والعملات، والدمى الطينية، والنقوش الكتابية وغيرها. وكان من نتاج الأعمال الميدانية والمسوحات الآثارية التي أجريت في منطقة الرياض، الحصول على مادة آثارية منقولة وفيرة جدًا ومتنوعة؛ ففي مستوطنة البنّة بمحافظة الخرج عثر على أوانٍ من الحجر الصابوني، وأصداف بحرية، وبيض نعام، وأدوات زينة برونـزية وفضية، وقطع عملة برونـزية وفضية، وأوانٍ زجاجية، وأساور فضية وزجاجية، ومجموعة من الخرز المتنوع في مادته وأشكاله، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الأواني الفخارية الملونة وغير الملونة والمزججة تؤرخ لفترات تمتد من الألف الثالث قبل الميلاد حتى العصر الإسلامي   ومن مستوطنة حزم عقيلة جاءت مجموعة من كِسر الأواني الفخارية الملونة وغير الملونة والمزججة، ومجموعة من كِسر الأواني الزجاجية، ومجموعة كِسر أوانٍ من الحجر الصابوني  .  وعُثر في مستوطنة عين الضلع بمحافظة الخرج على مجموعة قليلة من الفخار تماثل نماذج من المنطقة الشرقية تؤرخ للفترة الهلينستية، بالإضافة إلى كور صوانية، وبعض الخرز المصنوع من الحجر، وكسرة من مجرشة حجرية  .  ومن على سطح الموقع رقم 207 - 75 المعروف باسم مستوطنة الرغيب تم التقاط كِسر أوانٍ فخارية غير ملونة، وكِسر فخار مزجج، وكِسر أوانٍ زجاجية أخرى من الحجر الصابوني، وكِسر من الفخار الصيني إلى جانب كِسر من أساور زجاجية 
وفي مستوطنة العيون في الأفلاج عثر على مادة آثارية منقولة متنوعة تمثلت في أوان من الفخار غير المزجج وأخرى من الفخار المزجج مختلفة الأنواع والأحجام  ، وأجزاء من مباخر فخارية على سطحها الخارجي زخارف من خطوط أفقية وعلامات مثلثة، ومجموعة من قطع العملة الفضية من فئة الدراخمات الأربعة الهلينستية باسم الإسكندر، وختم مصنوع من الرصاص عليه كتابة سبئية  
 
أما في قرية (الفاو) عاصمة دولة كندة الأولى، فقد وجدت مادة ضخمة من الآثار المنقولة شملت الفخار  والرسوم الجدارية والتماثيل والمعثورات الخشبية والمنسوجات وأدوات الزينة والعملات وغيرها؛ ففي داخل منازل القرية وجدت رسوم محزوزة على ملاط الجدران تمثل مناظر ومشاهد تفصيلية من الحياة اليومية استخدم في بعضها اللونان الأحمر والأسود، ولوحات جدارية ملونة في بعض المنازل  
 
وتم الكشف كذلك عن مجموعة تماثيل معدنية آدمية أو أجزاء منها  ، وتماثيل حيوانية، وأجزاء من تماثيل حجرية آدمية وحيوانية، وتماثيل خزفية قليلة، ودمى طينية آدمية   ووجدت أيضًا معثورات خشبية متنوعة شملت الأمشاط، وقواعد كفتي الميزان، والمكاييل، وأوعية صغيرة، وأجزاء من توابيت. وتميزت قرية (الفاو) عن غيرها باستخدام عظام الجمال بعد تنظيفها للكتابة عليها بمداد أسود وأحمر، وأساور وخواتم وأقراط وأدوات زينة وحلي ومغازل من العاج  ،  كما عثر على قطع منسوجة من الكتان وصوف الأغنام ووبر الجمال تمثل أجزاءً من ملابس يستعملها كلا الجنسين، وأجزاء أخرى كانت تزين ظهور الجمال وتغطي الهوادج  .  وأظهرت الحفريات الآثارية عددًا من الأواني والقطع المعدنية تمثلت في القدور والسكاكين وأغماد الخناجر، والإبر، والمخايط، والمفاتيح، والمراود، ومقابض الأواني، والأساور، والأوزان، والمسارج 
 وتعد المسكوكات من أهم معثورات قرية (الفاو)؛ لأن معظمها ضُرب فيها. كما أن أغلبها ضُربت من الفضة، ومن أهم تلك العملات مجموعة من القطع الفضية والبرونـزية تحمل على الوجه اسم (كهل) معبود كندة، وعلى الظهر شخص واقف أو جالس تحيط به أحرف من قلم المسند  .  وعثر في قرية (الفاو) على حلي تمثل أساور من المعدن والزجاج والعظام والعاج  ، وهي - غالبًا - مزخرفة بزخارف طبيعية جميلة، كما عثر على بعض الخواتم الفضية والنحاسية والحديدية، وعلى مجموعة كبيرة من الخرز مختلفة الأشكال والأحجام، بالإضافة إلى مجموعة من الفصوص وأخرى من المراود ودبابيس الشعر النحاسية وإبر نحاسية كبيرة وصغيرة للحياكة 
 أما الصناعات الزجاجية، فقد عثر منها في قرية (الفاو) على بقايا أوانٍ وأساور وأدوات زينة  وفصوص، وخرز زجاجي، وقنينات صغيرة الحجم تستخدم للعطور ومواد التجميل  
ومن أهم الأدوات الحجرية التي عثر عليها في قرية (الفاو)  أوانٍ مختلفة من الحجر الصابوني وأخرى من المرمر، والحجر الجيري، والأوبسيديان، والكوارتز، والبلور الصخري، والجرانيت، والبازلت، مثل الرُحيّ، وموائد القرابين، والأحواض، والمذابح، والمجامر، وشواهد القبور، والأطباق، والمدقات، والمساحن، والهواوين  .  وعُثر في قرية (الفاو) على كمية كبيرة من الفخار تبين بعد تصنيفها ودراستها أنها صنعت باليد أو باليد والدولاب أو بالدولاب كليًا، وحملت بعض الكِسر الفخارية كتابات بخط المسند، فمنه الفخار الخشن المتمثل في القدور والأزيار والجرار والزبادي والمجامر والزمزميات والمصافي وأغطية الأواني، ومنه الفخار الرقيق الذي تمثله كِسر نبطية لأجزاء من أطباق صغيرة ورقيقة مزخرفة من الداخل بزخارف ملونة باللونين الأسود والبرتقالي، ومنه فخار مزجج يتمثل في أوانٍ مختلفة كالزهريات والأطباق والزبادي والأباريق وغيرها  .  ولعل أبرز هذه المعثورات المنقولة السرير الجنائزي الذي وجد بداخل إحدى المقابر وهو محفوظ الآن في متحف الآثار بجامعة الملك سعود
 
 

النقوش الكتابية والرسوم الصخرية

 
تزخر المنطقة بعدد كبير من مجموعات الرسوم الصخرية والنقوش الكتابية في مواقع مختلفة منها، ومن أبرزها:
 
اكتشف في موقع الثمامة على بُعد 90كم تقريبًا إلى الشمال الشرقي من وسط مدينة الرياض، مجموعة قليلة من الرسوم الصخرية على واجهة أحد الجبال، وكذلك نقش مدون بخط البادية (ثمودي) محفور على لوح حجري صغير كان ضمن مجموعة من الكتل الحجرية الصغيرة التي تكوّن سورًا بلغ طوله 5م  وموقع جبل برمة، على مسافة 66كم شمال شرقي الرياض على الطريق البري الذي يصل بين وسط المملكة العربية السعودية وشرقها، وقد ظهر على بعض واجهات صخوره عدد من الرسوم الصخرية تمثل حيوانات كالجمال والمعز، إضافة إلى بعض النقوش الكتابية مدونة بخط البادية المعروف اصطلاحًا بـ (الثمودي)  
 
وكشف فريق المسح الآثاري بوكالة الآثار والمتاحف عن موقع في المجمعة يحتوي على نقوش محزوزة على واجهة جبل  قيل إنها نبطية  وتوجد كذلك كتابات قديمة ربما أنها ثمودية في شعيب هلال بين المجمعة وجلاجل  وبالقرب من بلدة جوى في منطقة المجمعة، وعلى قمة جبل القريف توجد مجموعة من النقوش الثمودية قليلة العدد ولكنها ذات محتوى جيد  .  وعُثر على مجموعة من النقوش الكتابية والرسوم الصخرية في بلدتي ملهم والقرينة على بُعد 70كم إلى الشمال من الرياض؛ ففي موقع ملهم، في الجهة الشرقية لسفح الجبل المجاور لسد ملهم، توجد رسوم صخرية لجمال ونقوش كتابية بخط البادية (الثمودي). وفي شعيب حميمة أحد فروع وادي المليح شمال شرقي بلدة القرينة توجد مجموعة من النقوش الكتابية المدونة بخط البادية (الثمودي)  
 
وفي بلدة الغاط إلى الشمال الغربي من مدينة الرياض  وعلى بُعد نحو 230كم توجد في هضبة وادي مرخ مجموعة من النقوش الكتابية بخط البادية (الثمودي) ورسوم صخرية لحيوانات مثل الحصان والجمل والوعل، وطيور النعام، بالإضافة إلى الوسوم  .  وتوجد كذلك مجموعة كبيرة من النقوش الكتابية المدونة بخط البادية (الثمودي) والرسوم الصخرية والوسوم على قمة جبل النصلة الذي يبعد نحو 10كم عن بلدة حرمة. بعض هذه النقوش الكتابية يتكون من سطر واحد وبعضها الآخر من بضع كلمات. أما الرسوم الصخرية فمنها ما هو على شكل الهلال وقرص الشمس، ومنها ما يمثل رسم كف اليد بأصابع منفردة وكذلك بأصابع ملتحمة، بالإضافة إلى أشكال آدمية مجردة  
 
وعُثر في محافظة الدوادمي على عدد من المواضع تحتوي على نقوش كتابية ورسوم صخرية منها البجادية التي تقع على مسافة 68كم غربي الدوادمي  ، وعثر فيها على عدد من النقوش الثمودية (خط البادية)  ؛  وجبل البيضتين الواقع على بُعد 13كم جنوب غرب الدوادمي، وعثر فيه على رسوم صخرية لحيوانات منها الجمال والوعول، بالإضافة إلى نقوش كتابية بخط البادية (الثمودي)  ؛  وجبل خنوقة الواقع على مسافة 70كم شمالي الدوادمي، وبه كهف آثاري تظهر على واجهته بعض الرسوم الصخرية والنقوش الكتابية الثمودية  ،  وموضع عروى بمحافظة الدوادمي الذي يحتوي على نقوش كتابية إسلامية ورسوم صخرية  
 
وفي جبال مأسل الواقعة على بُعد 62كم إلى الجنوب من مدينة الدوادمي توجد رسوم صخرية ونقوش كتابية حميرية وثمودية، من أهمها نقشان حميريان دوِّنا بخط المسند كان قد ذكرهما الأمير عبد الله بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود للباحث الإنجليزي هاري سنت جون فيلبي، فذهب إليهما ودرسهما دراسة أولية نشرها سنة 1370هـ / 1950م في المجلة الجغرافية الملكية البريطانية، ثم قام حمد الجاسر بترجمة دراسة فيلبي ونشرها عام 1386هـ / 1966م في كتابه (مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ). بعد ذلك قام جوانـزاك ريكمانـز بدراسة هذين النقشين ونشرهما سنة 1373هـ / 1953م، ثم توالت فيما بعد الدراسات عن هذين النقشين من قِبل العلماء والمختصين في النقوش القديمة. وآخر دراسة صدرت لهذين النقشين قامت بها لجنة دراسة الكتابات العربية القديمة في قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود. يحمل النقش الأول الرمز (Ry 509) وهو للملك الحميري (أب كرب أسعد)  ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم في الجبال وفي تهامة، وقد دون هذا النقش في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي، وهو يسجل قدوم هذا الملك إلى وسط الجزيرة العربية لنصرة القبائل العربية فيها. والثاني يحمل الرمز (Ry 510) وهو للملك الحميري (معد كرب يعفر) ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم في الجبال وتهامة، ويذكر وصول هذا الملك إلى مأسل بوسط الجزيرة العربية وحربه مع القبائل العربية ضد المنذر، وقد دون هذا النقش في عام 516م  
 
ويوجد في جنوبي الخماسين موقعان للرسوم الصخرية تتشابه موضوعات رسومهما مع مثيلاتها في جبة وأم سلمان بحائل، وتؤرخ من أواخر الألف الخامس إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. وتتكون موضوعات الرسوم الصخرية في الخماسين من صور لحيوانات هي: الجمال، والوعول، والبقر الوحشي، والغزلان، والخيول، والمعز، إضافة إلى الرسوم الآدمية   وفي وادي الدواسر عُثر على رسوم صخرية آدمية، وحيوانية مثل الوعول والأبقار والجمال، ورسوم تمثل موضوعات تختص ببعض الطقوس الدينية، والصيد والمعارك الحربية  
 
وفي قرية (الفاو) تنتشر الرسوم الصخرية على سفوح جبل طويق، وهي تمثل موضوعات مختلفة منها رسوم آدمية، ورسوم لخيول، وجمال يحمل بعضها هوادج، ومناظر حروب. ومن أجمل لوحات الرسوم الصخرية في المنطقة تلك اللوحات الموجودة على سفوح جبل مريبخ الذي يبعد نحو 30كم غربي قرية (الفاو)؛ إذ تمثل تلك الرسوم حفلات رقص، وجنيًا لثمار، ومناظر لحيوانات أليفة ومفترسة، وأبقارًا ونخيلاً مع كتابات بخط المسند منتشرة بينها من نفس أسلوب كتابات قرية (الفاو)  وفي سفح جبل طويق يوجد رسم لإنسان بالحجم الطبيعي مرتديًا ملابسه كاملة، وممسكًا في يده اليسرى رمحين، ومتمنطقًا سيفًا أو خنجرًا طويلاً، ولعل هذا الرسم - كما يعتقد عبد الرحمن الأنصاري - يرمز إلى (ود) ثم (كهل) معبود قرية (الفاو) الرئيس. وتوجد على صخور جبال طويق والجبال الأخرى المجاورة له مجموعات من النقوش الكتابية من نوع خط البادية (الثمودي)، وكتابات بخط المسند المعروف في قرية (الفاو)، والذي أخذ فيها شكلاً مميزًا وصارت لحروفه خصائص تميزها عن خط المسند في غيرها. وقد عالجت النقوش الكتابية في قرية (الفاو) موضوعات شتى تتعلق بالمجتمع والدين والتجارة. وجاء في تلك الكتابات أسماء القبائل التي سكنت قرية (الفاو)، وأسماء المعبودات التي عبدتها، بالإضافة إلى اسم أحد ملوكها وهو معاوية بن ربيعة القحطاني ملك قحطان ومذحج  
شارك المقالة:
48 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook