تطور التعليم بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.
انتشر في المنطقة نوعان من التعليم (التعليم الأهلي والتعليم النظامي) وذلك قبل توحيد المملكة العربية السعودية. وكان للمنطقة الشرقية حظ وافر من التعليم، خصوصًا في واحتي الأحساء والقطيف؛ لأن ظروفهما كانت أفضل من غيرهما في أمور متعددة من أهمها:
غنى المنطقة بالأراضي الزراعية الخصبة واستقرار إنسانها وارتباطه بالأرض.
تنافس ميسوريها في تشييد المدارس الدينية والمساجد والأربطة ووقف الأوقاف.
تقدير سكان المنطقة واحترامهم للعلم والعلماء.
كثرة علمائها المتفرغين للتدريس وترحيبهم بمن يقصدهم.
إقدام كثير من النابهين من أبناء الخليج والأقاليم الداخلية للجزيرة العربية على الالتحاق بهذه المدارس، بغرض طلب العلم والاستزادة منه؛ لأن أمراء الخليج كانوا يسندون مناصب الإفتاء والقضاء لخريجي هذه المدارس
تنافس أسر المنطقة وتسابقها في الاهتمام بالعلوم الدينية والعربية، والسعي الحثيث لإحياء الحركة العلمية وإثرائها، ما جعل الأحساء والقطيف مركزين للإشعاع الأدبي والعلمي؛ لذا اهتم إنسان المنطقة الشرقية بالعلم والعلماء، وكانت عشائر البادية تعنى - على الأقل شيوخها - بتعليم أبنائهم عند الملالي خصوصًا القرآن الكريم والقراءة والكتابة
التمس الأهالي من الملك عبد العزيز عند زيارته للأحساء عام 1349هـ /1930م فتح مدرسة ابتدائية في الهفوف، فاستجاب لطلبهم، وأوعز لمديرية التعليم بتلبية الطلب، فأرسلت المديرية اثنين من المعلمين لافتتاح أول مدرسة فيها. كما أبدى جلالته تعاونًا مطلقًا مع أعيان المنطقة ومشايخها لخدمة التعليم فكسب ثقتهم وعونهم
وهكذا افتتحت أول مدرسة حكومية نظامية عام 1356هـ /1937م، وأطلق عليها اسم المدرسة الأميرية السعودية ، وقد اتخذت من مبنى الحميدية مقرًا لها، وعُدّت تلك المدرسة الابتدائية الأولى في المنطقة، كما أنشئت أول مدرسة بالدمام في العام نفسه، وهي مدرسة سعد بن أبي وقاص. وأول مدرسة متوسطة في المنطقة هي مدرسة (أبو بكر الصديق) التي أُنشئت عام 1367هـ /1948م، في حين أنشئت مدرسة صقر قريش بالدمام عام 1374هـ / 1955م . أما في المرحلة الثانوية فتعدُّ مدرسة الهفوف التي تأسست عام 1367هـ /1948م الأولى، في حين أنشئت ثانوية الدمام في العام 1374هـ /1955م.
وكان افتتاح المدرسة الأميرية السعودية إيذانًا ببداية نشر التعليم في المنطقة الشرقية، وقد افتتحت في السنة التالية مدارس في المبرز والقطيف والجبيل، وتواصل فتح المدارس في المدن والقرى حتى بلغت عام 1380هـ /1960م 65 مدرسة ابتدائية
أما المرحلة المتوسطة فكانت مدمجة مع المرحلة الثانوية، وأطلق على ما بعد المرحلة الابتدائية (المرحلة الثانوية)، ومدة الدراسة فيها ست سنوات يعقد في نهاية العام الثالث منها امتحان شهادة الكفاءة المتوسطة.
وتعود بداية التعليم الثانوي في المنطقة إلى عام 1367هـ /1948م عندما تأسست أول ثانوية - بالمفهوم القديم - في مدينة الهفوف تنفيذًا لقرار مديرية المعارف العامة برقم 143 وتاريخ 18 /9 /1365هـ الموافق 1946م. وفي عام 1370هـ /1951م تقدم الطلاب لشهادة الكفاءة المتوسطة، وكان عدد الناجحين 5 طلاب، وهو ما يعكس قلة الإقبال عليها، ما حدا بالمسؤولين إلى تقديم الحوافز المادية لاستقطاب الطلاب
وتتابعت المدارس الثانوية في مدن المنطقة الشرقية، فأنشئت ثانوية الدمام عام 1374هـ /1955م، وثانوية الجبيل عام 1375هـ /1956م، وثانوية القطيف عام 1376هـ /1957م، واكتفي في الأخيرتين - الجبيل والقطيف - بالمرحلة المتوسطة لعدم وجود العدد الكافي من الطلاب، ولم يُكتفَ بهذا بل افتتحت فصول المرحلة المتوسطة ملحقة بالمدارس الابتدائية و (جدول 1) يبين مدارس المنطقة الشرقية حسب نوع التعليم والإدارات التعليمية
ومن (جدول 1) يلاحظ ارتفاع أعداد المدارس والفصول والطلاب والمعلمين خلال عام 1425 - 1426هـ /2004 - 2005م وهو الأمر الذي يوضح النمو المتزايد للتعليم بالمنطقة الشرقية.
محو الأمية
نصت سياسة التعليم في المملكة على أن «تهتم الدولة بمكافحة الأمية وتعليم الكبار، وتدعم هذا النوع من التعليم فنيًا وماليًا وإداريًا، وذلك تحقيقًا لرفع مستوى الأمة، وتعميم الثقافة بين أفرادها»
وصدر أول نظام لتعليم الكبار ومحو الأمية في المملكة بالمرسوم الملكي رقم م /22 وتاريخ 6 /6 /1392هـ الموافق 1972م، وتضمن هذا النظام تحديد الهدف، وتعريف الأمي، وخطة شاملة للقضاء على الأمية خلال عشرين عامًا.
وبناءً على ذلك وضعت وزارة المعارف (آنذاك) خطة من ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مدتها سنتان واختيرت لإعداد ما تتطلبه الحملة من أجهزة وعناصر مادية وبشرية وعمليات تدريبية وإحصائية.
المرحلة الثانية: مدتها 17 سنة، وفيها يتم محو أمية المواطنين والمواطنات.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة التصفية، ومدتها سنة واحدة، ويتم فيها محو الأمية خصوصًا عند المتسربين من التعليم الابتدائي. واستحدثت الوزارة إدارة لتتابع خطتها، وقد تغيرت أسماؤها من (تعليم الكبار والثقافة الشعبية) إلى (محو الأمية وتعليم الكبار)، ولكن بقي الهدف واضحًا. وكانت الإدارة تشرف على المدارس الليلية والقطاعات الثقافية في مراكز الخدمة والتنمية الاجتماعية، والحملات الصيفية وتدريب معلمي الكبار، فضلا عن التعاون مع الجهات والمنظمات الدولية وبرامج التوعية العامة. وفي عام 1405هـ /1985م عدل اسم الإدارة إلى (الأمانة العامة لتعليم الكبار) ، ولم يكن لهذه المدارس مناهج خاصة، كما أن خطتها الدراسية تغيرت مرات متعددة حتى صدر تعميم لوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم حاليًا) عام 1404هـ /1984م أقرت بموجبه خطة جديدة، وحددت مدة الدراسة بثلاث سنوات بدأ تطبيقها عام 1409 - 1410هـ /1989 - 1990م
وفي عام 1366هـ /1947م أسست مديرية المعارف العامة مدرسة حكومية في الظهران لتعليم العاملين في صناعة النفط وأبنائهم، والتحق بها كل من أمكن إعفاؤه من جزء من وقت العمل
أما أول مدرسة ليلية حكومية لمكافحة الأمية، فكانت مدرسة الهفوف التي افتتحت عام 1369هـ /1950م باسم مدرسة (تعليم العوام)، وزادت نسبة الالتحاق بها عن كل التوقعات المبدئية؛ ما حدا بمديرية المعارف العامة إلى إصدار قرار بزيادة مكافأة مديرها ومعاونه
وبعد تشكيل الحملة الشاملة لمحو الأمية التي بدأت عام 1373هـ /1954م قامت الوزارة بافتتاح مدرسة مسائية في مدينة الظهران، التحق بها في العام الأول 318 دارسًا، ثم قفز العدد عام 1375هـ /1956م إلى أكثر من ألف دارس، وفي عام 1377هـ /1958م كان عدد المدارس 6 مدارس، وعدد الفصول 20 فصلاً، وعدد الدارسين 800
وقد أسهمت جهات حكومية أخرى في جهود محو الأمية ومنها: وزارة الدفاع والطيران، والحرس الوطني، ووزارة الداخلية، وشركة (أرامكو) وغيرها . وتضافرت الجهود محققة إنجازًا مميزًا تمثل في حصول المملكة على الجائزة الأولى لمحو الأمية الحضاري عام 1416هـ /1995م.
ويلاحظ في (جدول 3) الاهتمام الواضح في المنطقة الشرقية بمحو الأمية وتعليم الكبار، فقد تمثل ذلك في فتح فصول في المرحلتين المتوسطة والثانوية، بعدما كان الاهتمام بالمرحلة الابتدائية فقط.
العربية
