تعرف على أليكس فيرجسون..والقيادة الفذة

الكاتب: وسام ونوس -
تعرف على أليكس فيرجسون..والقيادة الفذة

 

 

تعرف على أليكس فيرجسون..والقيادة الفذة

 

عشت في المملكة المتحدة (إنجلترا، وويلز، وإيرلندا الشمالية) فترة جميلة من حياتي؛ وهي مرحلة الدراسة العليا؛ ما جعلني مرتبطًا عاطفيًا بهذه الدولة، فأصبحت أسعد بما يتحقق فيها من نجاح؛ كوني تعلمت فيها؛ حتى إنني كثيرًا ما أجد نفسي تواقًا لزيارتها.

وأكثر ما لفت انتباهي- بخلاف طبيعتها الخلابة – الدوري الإنجليزي لكرة القدم، الذي أصبح العرَّاب لبقية أندية العالم في هيكلته وإدارته ونظامه القيادي، وغيرها من الجوانب التي تخطَّت الجانب الرياضي.

وما أكتبه هنا، ليس حول الجانب الرياضي، أو الجغرافي، بل حول موضوع “القيادة”، وهو ما استلهمته من مانشستر يونايتد؛ النادي الأعرق والأكثر نجاحًا.

عادةً ما تكون الإثارة الكروية في ذروتها في نهاية الموسم، ولاسيما عندما يجتمع خصمان بينهما تنافس شديد، وكانت هذه المرة بين ناديي مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي؛ حيث كانت المفاجأة في آخر ثوانيها بإحراز الأخير هدفًا حسم به المباراة لصالحه بعد حرمان 35 سنة من البطولة.

في معسكر الفريق الخاسر، كان الحزن يلف الجميع، وكان أغلبهم فاقدًا للاتزان من هول المفاجأة، غير شخصٍ واحدٍ، كان يصفق بكل هدوء، رغم أنه الخاسر الأكبر في هذه المباراة؛ إنه السير أليكس فيرجسون؛ مدرب مانشستر يونايتد الذي يدربه منذ أكثر من 25 عامًا، يقوده خلالها من نجاح إلى نجاح، إنه ملك ضبط النفس وقوة القيادة.

تتضمن السيرة الذاتية لأليكس كثيرًا من الدروس القيادية والإدارية والريادية، التي يجدر بنا التوقف عندها مليًا، فقد امتاز بقوة التركيز وتحليل المواقف، بينما كان غيره يجيد فن التموضع أمام كاميرات وسائل الإعلام.

في محاضرة ألقاها بكلية هارفارد للأعمال حول قوة القيادة، قال فيرجسون:” إن إيماني العميق بالمثل الأسكتلندي” لا حلاوة إلا بعد العرق والتعب والعمل الجاد”؛ هو ما أوصلني لما أنا عليه. ففي بداياتي، اضطررت للعمل في حانة تملكها عائلتي لأوفر لقمة العيش، لكن التعامل مع السكارى والمضطربين وفاقدي الاتزان أكسبني بعض المهارات القيادية، ولا سيَّما الحزم في مواجهة غير المنضبطين، مع الحذر من كل شخص، وتحليل ما يصدر منه بعقلانية”.

حلاوة الملايين

وفي كتابه “أليكس فيرجسون، سيرة ذاتية”، عبر عن هذه الفترة من حياته بقوله: ” لو لم أصبر على الملاليم التي كنت أجنيها من الحانة؛ لما ذقت حلاوة الملايين عبر نوادي كرة القدم”.

ومن دروسه القيادية، قوله:” في اللحظة التي يشعر فيها اللاعب بأنه أكبر من المدرب أو من النادي، عليه أن يرحل فورًا”، وكان أكثر ما يخيف اللاعبين أنه قد ينزع- وبلا رحمة- صفة الاحتراف عن أي لاعب لا يتمثل هذه القاعدة ويفهمها جيدًا؛ لذا نجد الانضباط الشديد الذي يتميز به لاعبوه مقارنة بغيرهم.

وفي قصة مشهورة لفيرجسون، قام بركل رأس لاعبه “بيكهام” بالحذاء، وتنبأ بعدها بسقوطه بعد أن طرده من النادي. وعند سؤاله عن سبب ذلك، أجاب بأنه أصبح يركز على التموضع أمام الكاميرات، أكثر من تركيزه على اللعب نفسه. وقد أدى هذا الإجراء إلى مزيد من نجاح النادي، بالرغم من تعجب كثيرين في بدايته.

الغضب أداة قيادية

ولعل هذا ما كان يعنيه فيرجسون بقوله: ” أحتاج لاستخدام مزاجي الغاضب كأداة لإدارة اللاعبين”. إنه يبين أن الغضب بملامحه وكلماته وسلوكياته، أداة قيادية ناجحة في بعض الأحيان، ولابد من استخدامها لبسط النظام والهيبة وقوة النادي على كل اللاعبين.

الحزم والصرامة

يقول فيرجسون:” لكي تكون قائدًا ناجحًا، لابد أن تواجه الأمور في بدايتها بحزم وصرامة ودون تأخر”. وكثيرون ممن يتابعون فيرجسون، يعدونه متطرًفا في الصرامة والانضباط الإداري؛ وهو ما لا يحبونه فيه، غير أن وجهة نظره حول هذا الأمر أنه كان يخبئ الصرامة والحزم الإداري بعيدًا، إذا لم يكن في حاجة إليهما، بل ويترك الباب مفتوحًا ليعود كل من تعلم الدرس ورضي بالقانون والانضباط والعمل الجاد.

الدبلوماسية

دبلوماسية فيرجسون ومقدرته على صناعة عقلية البطل في نفوس أتباعه، درس قيادي آخر نقف معه؛ إذ ذكر في كتابه: ” كثيرًا ما يوجه إلي سؤال: من الأفضل “رولاندو” أم “ميسي”؟ فأجيب بأنه من الظلم أن أرفع واحدًا إلى المركز الأول، وأخفض آخر للمركز الثاني، متسائلًا بعدها: ألا تتسع القمة للبطلين؛ فذلك ما أراه”.

ومن مقولاته القيادية: ” لا تسمح لنفسك بإظهار حبك لموظفيك، فإنهم عندما يعرفون ذلك سيخذلونك”، ويقول في فن إدارة الظهور الإعلامي:” أفرح كثيرًا عندما يطيل صحفي ثرثار في تفاصيل سؤاله، ولا أقاطعه؛ لأنني أجد في ذلك فرصة مناسبة للتفكير في الإجابة المناسبة، وقبل أن أخرج في مؤتمر صحفي أتجهز كثيرًا وأرتدي قناع أليكس فيرجسون حتى أُخرِص ألسنة المتربصين”.

وردًا على منتقديه لاحتفاظه بلاعب تكثر مشاكله ويتسم بسمعة سيئة، كان يقول: ” لا أريد لاعبًا جيدًا، بل يكفيني أنه يستطيع اصطياد فرصة نادرة ليسجل منها هدفًا”، فقد وضف هذا اللاعب لهدف محدد وفريد لا تجده في غيره؛ وهو ما يفسر لنا ما يقصده بقوله:” قل لي ماذا تريد، أقول لك من تختار”.

 

شارك المقالة:
97 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook