تعرف على الأنماط السياحية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
تعرف على الأنماط السياحية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

تعرف على الأنماط السياحية في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
بتعدد السياح والدوافع تتعدد الأنماط والأنشطة السياحية الممارسة بأي مقصد سياحي. ولا يعني هذا أن هذه الأنماط مستقلة بعضها عن بعض، كما لا يعني أن هذه الأنماط جامدة، بل هي مرنة ومعرضة للتغيير وفق المزاج السياحي. ويبقى على الإدارة الماهرة، بأي مقصد، معرفة الأنماط السياحية وتحديدها، وحفز أنماط جديدة وفق متطلبات السوق السياحية وموارد المقصد وإمكاناته، خصوصًا في ظل المنافسة التي تشهدها السوق السياحية مع تطور تقنية المعلومات والتسويق والترويج السياحي. وبالطبع، فإنه كلما توافر لأي مقصد عدد أكبر من عوامل الجذب والمقومات السياحية، كانت فرصته أكبر في تطوير أنماط أكثر تلبي رغبات أنواع السياح كافة، ومن ثَمَّ تطيل عمره السياحي. وقد انعكس التنوع البيئي والحضاري للمنطقة مؤديًا إلى تنوع كبير في الأنماط السياحية التي يمكن ممارستها. ويجدر القول إن ممارسة هذه الأنماط كلها ما زالت تتطلب جهدًا أكبر في مجالات التخطيط والإدارة، واستثمارًا أكثر في مجال الخدمات والتسهيلات السياحية المساندة. ويمكن تحديد أهم الأنماط السياحية بالمنطقة فيما يأتي:
 

سياحة الاصطياف

 
هي من أهم أنماط السياحة العالمية، كما أنها تقف في صدارة الأنماط السياحية الداخلية بالمملكة؛ حيث يدفع التطرف المناخي، وبخاصة في فصل الصيف، بتدفقات سياحية كبيرة من المناطق الحارة إلى مناطق الاعتدال. ويوفر التباين المناخي في المنطقة فرصة ممارسة سياحة الاصطياف طوال العام. ففصل الصيف هو فصل العطلات الكبيرة (عطلات المدارس خصوصًا)، كما أنه موسم ارتفاع درجة الحرارة في معظم المناطق.
 
وتشكل مرتفعات السراة قلب الحركة السياحية بالمنطقة، حيث اعتدال الحرارة خلال فصل الصيف، وتوافر عوامل الجذب والمقومات السياحية والحضارية المختلفة، ما جعلها مكونًا مهمًا في منظومة السياحة الصيفية الداخلية بالمملكة، التي تتركز - أساسًا - في المرتفعات الغربية التي تضم مصايف الطائف، والباحة، وعسير، أما سهل تهامة والسراة الشمالية، فيتميزان بارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، ولكنها (أي الحرارة) تعتدل في فصل الشتاء ما يساعد على السياحة المحلية؛ حيث يتجه إليهما سكان الأمكنة الجبلية، خصوصًا في العطلات الأسبوعية، والأعياد، والمناسبات الأسرية.
 

السياحة البيئية

 
يعشق الإنسان - دائمًا - جمال الطبيعة، ربما لأنه يحس فيها بالجمال الفطري الموهوب غير المتكلف الذي يتميز بدرجة عالية من النقاء والصدقية والشفافية التي بدأت تضمحل مع زخم الحياة العصرية المتسارعة الخطى، ومتطلباتها، وطموحاتها، ومشكلاتها التي لا تنتهي على الرغم من جمالها الاصطناعي المجلوب. ويسافر السياح آلاف الكيلو مترات، عبر الحدود الإقليمية والدولية، بل وإلى القارات الأخرى؛ ليستمتعوا بمناظر الطبيعة وجمال الفضاء الطبيعي وحدوده.
 
ترسم الطبيعة في المنطقة بانوراما رائعة من الجمال الطبيعي الفطري تمتع النفوس، وتحرك مكامن الإبداع. فمنظر الغابات والمتنـزهات والغطاء الأخضر من النبات الطبيعي والمدرجات الزراعية، الذي يكسو سفوح الجبال ومنحدراتها والأودية الغَّناء، ومنظر الجرف (الشفا) والإطلالة الرائعة على منحدرات تهامة وسهلها، ومنظر الجبال  الفرائد، والأودية تشق طريقها بينها وعلى صخورها، ثم منظر الشلالات المائية بمائها العذب الفرات، ثم الطيور الملونة بديعة الأشكال تطير في الجو والقرى المنتشرة بين الجبال بخليط من العمران الحديث والقديم، والطرق تتلوى وتصعد وتهبط عبر (الكباري) والأنفاق في بطون الجبال. وتساعد العربات المعلقة (التلفريك) في زيادة الجرعة الجمالية بتمكين السائح من القيام بجولة علوية من قمة الجرف إلى سهل تهامة لإقناع العين وإمتاع الوجدان بجمال البيئة والطبيعة الفطري.
 
وقد أبدع الشعراء الذين زاروا المنطقة حين تذكروا الشاعر الأندلسي الذي قال لمحبوبته: منكم الحسن ومن عيني النظر؛ فقالوا في جمال وسحر الباحة قصائد كثيرة منها الأبيات الآتية:  
 
قال الشاعر عبدالله بن خميس:
 
يـا آيـة مـن حـلى الإبـداع ناطقة     يـا  صفحـة صـورت قنًـا أفانينـا
أرادك اللــه إبداعًــا علـى قـدر     مـع  الجمـال فكـوني مـا تكونينـا
وقال الشاعر علي حافظ:
 
عروســة  بجمـال سـاحرٍ نضـرٍ     فـوق  السراة تناجي الحسن في الجبلِ
وقال الشاعر محمد هاشم رشيد:
 
أنـت أنمــوذج الجمــال لأحـلى     مـا عرفنــاه فـي قـدود الحسـانِ
والـروابي  المعطـاء دنيـا من الفت     نـة والســحر والشــذا النشـوانِ
وقال الشاعر خليل خلايلي:
 
حيثمــا  ســرت فالجمـال أنيـقٌ     مســتفيض  الــظلال والأنــداء
قمــةٌ  خــلف قمــةٍ تتــوارى     كــالعذارى يمشــين فـي خـيلاءِ
وخـرير الميــاه يبعــث السـحر     ويشــدو  علــى لهـى الحصبـاءِ
هــي  دنيـا مـن الحـبور وأفـق     عبقـــري  الخيــال للشــعراءِ
إن محبي سياحة المناظر الطبيعية والفضاء الطبيعي يجدون في المنطقة مقصدهم، وربما تجعل منهم شعراء مبدعين.
 

السياحة الرياضية

 
للرياضة جمهورها الخاص في مختلف أنحاء العالم، ولها سحرها القوي وقدرتها العالية على الجذب السياحي، فالدورة الأولمبية، وبطولة المونديال، والمسابقات، والبطولات الدولية والوطنية، خصوصًا في كرة القدم، يسافر جمهور كبير لحضورها. وقد صارت الدول تتنافس تنافسًا شديدًا في استضافة هذه الدورات والبطولات الرياضية الدولية. كما تنظم مسابقات رياضية خاصة في كثير من المقاصد السياحية ضمن فعاليات الموسم السياحي، لزيادة الجاذبية، وإطالة مدة بقاء السياح. وتنظم في المنطقة دورات ومنافسات رياضية خصوصًا في كرة القدم، وسباقات التحمل والفروسية، وبعض ضروب الرياضة الأخرى التي تشترك فيها الفرق الرياضية من مختلف محافظات المنطقة. ويمكن أن تطور لاحقًا لتصبح مسابقة أو دورة وطنية أو حتى دولية. وما زالت السياحة الرياضية في الباحة سياحة محلية بالدرجة الأولى من حيث الرياضيون المشاركون والجمهور المشجع. كما توفر المنطقة بيئة مناسبة لهواة الطيران الشراعي وتسلق الجبال.
 

السياحة الاجتماعية

 
هذا النمط - كما هو معروف - يعد سمة رئيسة من سمات السياحة الداخلية بالمملكة، بل هو نمط عالمي معروف في السياحة الدولية؛ فظروف المعيشة والعمل وغيرها قد تفرض بُعدًا جغرافيًا بين الأهل والأصدقاء، والسياحة فرصة للاتصال الاجتماعي، خصوصًا في المملكة، فإن قوة الروابط الاجتماعية تجعل من السياحة الداخلية فرصة عظيمة للمّ الشمل والترويح عن النفس في آنٍ معًا، وذلك بالعودة إلى الديرات (القرى) القريبة من المدن؛ تلك العادة التي تسود عطلات نهاية الأسبوع والأعياد والعطلات الكبيرة. أما العودة إلى الديرة من المدن الأبعد فتكون في مواسم الإجازات والعطلات السياحية الكبيرة ولمدة أطول  .  كما أن سكان القرى يزورون الأقارب والأصدقاء في المناسبات العامة وفي العطلات.
 
إن كثيرًا من أبناء المنطقة العاملين في مناطق المملكة الأخرى ينتهزون فرصة العطلات الصيفية والمواسم السياحية للعودة إلى مواطنهم، وبخاصة أولئك العاملون في مناطق مكة المكرمة، والرياض، والشرقية. وبعضهم يمتلك منازل خاصة بالإضافة إلى مساكن الأسرة، كما أن بعض أبناء الجاليات العربية والآسيوية، يزورون أصدقاءهم وأقرباءهم المقيمين بالمنطقة.
 

سياحة المؤتمرات

 
تشمل المؤتمرات المهنية، والسياسية، والندوات العلمية ذات الصبغة المحلية أو الإقليمية أو الدولية، وقد صارت القضايا الوطنية والعالمية تُناقش من خلال المؤتمرات التي توفر فرصة أكبر لإبداء الآراء والمقترحات التي تعين على اتخاذ القرارات ورسم السياسات والخطط، وقد صارت المقاصد السياحية تتنافس في استضافة مثل هذه المؤتمرات. ويتطلب ذلك توافر مستويات عالية من خدمات المؤتمرات ممثلة في: القاعات، ووسائل العرض، والمناقشة، والاتصال، وخدمات الإيواء، والطعام، ومكاتب الحجز، وتأجير السيارات، وخدمات الإرشاد السياحي.
 
ومن المعروف أنه خلال المؤتمرات تنظم - أيضًا - رحلات ترويحية جماعية للمشاركين يزورون خلالها المعالم السياحية في مكان المؤتمر، والمنطقة يمكن أن توفر مكانًا صيفيًا مناسبًا لإقامة مختلف المؤتمرات المهنية والندوات العلمية التي تقام في المملكة؛ حيث تتوافر بها إمكانات إقامة المؤتمرات والندوات، كما توجد بها البيئة السياحية الجذابة والفرص الترويحية المتعددة. وقد أقيمت بها - بنجاح تام - ندوة حول تفعيل التنمية السياحية والاستثمار السياحي وتنشيطهما بالمنطقة عام 1416هـ/1995م.
 

السياحة الثقافية

 
من أهم أنماط السياحة الدولية، وكثير من دول العالم الثالث يشكل تراثها الثقافي عامل جذب للسياح من الدول الصناعية الكبرى، والمملكة من أكثر الدول في محيطها العربي والإسلامي العالمي عناية بالتراث، ولعل مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث يعكس هذا الاهتمام، كما كان هناك في السابق معرض (المملكة بين الأمس واليوم) الذي طاف كثيرًا من دول العالم لعرض تراث المملكة وفنونها الشعبية والتعريف بها.
 
وتتميز منطقة الباحة بتراث ثقافي وأثري كبير يجعل من السياحة الثقافية نمطًا رئيسًا للسياحة بالمنطقة الداخلية منها عمومًا، والدولية خصوصًا؛ وذلك من خلال الاهتمام بالآثار والمواقع التاريخية وتنظيم زيارات جماعية للسياح والمصطافين إلى المواقع والقرى الأثرية الكثيرة المنتشرة في المنطقة بعد وصلها بالطرق وخدمات الإرشاد السياحي والخدمات السياحية الأخرى مثل قرى: ذي عين، ومعشوقة، والصعداء، وبلدة لغبة، ومواقع النقوش الأثرية المتعددة، والبيوت الأثرية القديمة المبنية من الحجارة بعشم وغيرها، وتطوير الأسواق الشعبية، والصناعات الحرفية التراثية وصناعات التذكارات المحلية، مع إقامة متحف للتراث والآثار بالمنطقة، حضور الندوات الثقافية والفكرية، والأمسيات الشعرية، ومعارض الكتب، والفن التشكيلي، وعروض الألعاب، والفنون الشعبية البديعة، وتنظيم المسابقات المحفزة للمبدعين في هذه المجالات 
 
 
 
شارك المقالة:
89 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook