تعرف على تاريخ جامع القرويين

الكاتب: وسام ونوس -
تعرف على تاريخ جامع القرويين

 

 

تعرف على تاريخ جامع القرويين

 

في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة القيروان التونسية، ما بين عامي 818م و825م، قرر التاجر محمد بن عبدالله الفهري الاستقرار بأسرته في فاس المغربية، وما أن توفاه الله ورثته ابنتاه «فاطمة» و«مريم» بثروة كبيرة، وقررتا تسخيرها في أعمال الخير.

وفضلت «مريم» صرف نصيبها من الميراث في بناء مسجدٍ في منطقة عدوة الأندلس بفاس، أما «فاطمة» اشترت بميراثها بستانًا، ورخص لها الأمير الإدريسي يحيى بن إدريس لبناء النواة الأولى لجامع القرويين.

وبدأ بناء جامع القرويين في عام 856م، وكان البناء الأول بسيطًا تحت اسم مسجد الشرفاء، وظلت صلاة الجمعة تُؤدى فيه حتى انتقلت إلى القرويين سنة 933م، وزودت بمنبر.

جامع القرويين في فاس

يقع الجامع في المدينة القديمة لفاس المغربية، أو ما يُعرف بعدوة القرويين، وخرجت من أرضها التراب والحجر والرمل الأصفر، وكل الأداوت اللازمة لبناء المسجد، بجانب الزليج والرخام والقرميد والجبس والخشب.

وفي العصر الحديث، أصبح موقعه حيويًا، بعد أن أحاط بالجامع مجموعة من المدارس، وهم العطارين والمصباحية والبوعنانية، بجانب انتشار الحمامات والفنادق.

يتواجد الجامع بمساحة 6300 متر2، فيصل عرضه لـ46.40 مترًا، فيما يبلغ عمقه 30.80 مترًا.

 

وصف جامع القرويين

الفضاء الخاص بالمجمع المعامري مقسم لقسمين، الأول مسقوف وهو الخاص بالصلاة، والثاني مكشوف وهو الصحن.

وتبلغ مساحة ساحة الصلاة 3668 متر2، وتشتمل على 10 أساكيب و21 بلاطات موازية للقبلة، وبها أعمدة إسطوانية ودعائم مربعة، أما المحراب فهو عبارة عن حنية مجوفة متعددة الأضلاع، تعلوه قبة زاهية مغطاة بالجبس ومكسو بزخارف منقوشة، وهذه الزخارف مكللة بشماسات ونوافذ من الجبس المعشق بالزجاج الملون، فلا يتعدى علوها 60 مترًا، ويغلب عليها الأزرق والأحمر والأخضر والأصفر.

ويعتبر منبر الجامع من أجمل وأقدم المنابر، فهو مصنوع من خشب الأبنوس الأسود الصلب، بجانب إمكانية تحريكه، كما أنه موضوع بجوار المحراب، ويبلغ ارتفاعه 60 مترًا وعرضه 91 مترًا، ويتضمن 9 درجات مرصعة بالعاج، ومزينة بآيات قرآنية بالخطين النسخ والكوفي.

ويحتوي جامع القرويين كذلك على مقصورة من خشب الأرز دُشنت في عام 1322م، وبه خزانة كتب (مكتبة) كانت موضع عناية من قبل الملوك، وتقع خلف قبلة الجامع.

ويحتوي الجامع على 18 بابًا متفاوتة المقاييس، وتتميز جميعها بمصاريع مكسوة بصفائح برونزية، وهذه الأبواب هي الحفاة، والموثقين، والشماعين، والوراقين، والأولياء الغربي، والصفر الأعلى، والخلفاء، ومجلس القضاة، والفرخة، والحدودي، والخلوة، والصالحين الشرقي، وابن حيون، وابن عمر، والساباط، والخصة، والأصغر، والصفر الشمالي.

كما يشتمل جامع القرويين على مصلى جنائزي، وهو نوع معروفة خلال فترة المرابطين، وخططه القاضي ابن معيشة عبدالحق، وجاء تكوينه عبارة عن غرفة منحرفة الشكل، وبه رواق مسقوف يرتكز على أقواس تحمل نقوشًا خطية، تعلوه قبة مربعة القاعدة.

 

تطوير مسجد القرويين

بقي الجامع على حالته الأولى حتى منتصف القرن العاشر الميلادي، إلى أن تغير الحال في عام 956م، ببدء أعمال التوسعة التي ساهم فيها الخليفة الأموي عبد الرحمان الناصر، وقتها ضوعفت مساحته بتعويض صحنه ومأذنته الأولى، لتحتوي ساحة الصلاة الجديدة آنذاك على سبع بلاطات متوازية مع جدار القبلة، كل واحدة مكونة من 21 أسكوبًا تحملها عقود دائرية متجاوزة وضعت على سواري مربعة من الآجر.

وبعدها بـ29 عامًا بنى المنصور بن أبي عامر القبة الموجودة في مدخل البلاطة المحورية خلال إحدى حملاته الناجحة على فاس، كما زود ابنه المسجد بمنبر، وبنى بها صهريجًا لم يبق له أثر.

وخلال حقبة المرابطين (1056-1147) أصبح الجامع هو الأكبر في المغرب، فهدموا الفضاء لضيقه على المصلين، ولتوسعته هدموا المنازل المجاورة، كما هُدمت البلاطة المحورية وحائط القبلة، وبموجب ما سبق زيدت ثلاث بلاطات جهة القبلة ووسعت البلاطة الوسطى.

وتعتبر الزخارف من الركائز التي بُني عليها جامع القرويين، فهي دلت على التأثيرات المتبادلة بين الشرق والغرب، وحسب الترجيحات ربما استعان علي بن يوسف ببنائين أندلسيين لزخرفة قصوره ومساجده.

وبموجب ما سبق تميز الجامع ببلاطاته الموازية لحائط القبلة كما هو الشأن بالنسبة لمعاصرتها جامع الأندلس، وبذلك فشكلها مستلهم من الجوامع الكبرى بالمشرق وخاصة جامع الأمويين بدمشق.

أنشطة في مسجد القرويين

بعيدًا عن إيقام الصلاة، نظم العلماء حلقات تعليمية داخل جامع القرويين ، وبموجب هذا النشاط اُشتهرت مدينة فاس المغربية بالعلم والثقافة، ونافست مراكز علمية شهيرة وقتها، مثل قرطبة وبغداد، وتشير النصوص إلى أن الجامع انتقل إلى مرحلة الجامعة في عهد الدولة المرينية، عندما بُني العديد من المدارس حوله، حيث زود بالكراسي العلمية والخزانات، بينما كانت بداية المرحلة الجامعية في عهد المرابطين، بعد أن اتخذه الكثير من العلماء مقرًا لدروسهم.

شارك المقالة:
419 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook