تعرف على جيه. كيه. راولنج.. صمدت لتبتكر شخصية “هاري بوتر”
“كنت أعاني الإحباط الشديد، وكان من الضروري أن أقوم بإنجاز سريع، ولولا طاقة التحدي داخلي لما صمدت طويلاً أمام الضغوط المتنامية”. بهذه العبارة تتذكر جيه. كيه. راولنج مبتكرة شخصية هاري بوتر أوقاتاً عصيبة مرت بها في رحلة حياتها.
ففي تلك الفترة كانت راولنج الأم العزباء تعيش على أموال الرعاية الاجتماعية، فعملها كسكرتيرة لم يكن يكفي لإعالة أسرتها، ولم يكن أيضاً يرقى الى مستوى طموحاتها في الحياة. وتقول راولنج انها وصلت وقتها الى أكثر حالاتها سوءاً، فلم تكن تملك من المال ما يكفي لتسديد قيمة فاتورة الكهرباء.
عندها أدركت راولنج ان عليها التحرك والقيام بشيء ما يساعدها على توفير ظروف معيشة أفضل لابنتها. وظلت تفكر وتبحث عن السبيل الصحيح حتى جاءتها الاجابة التي تبحث عنها في أحد الأيام وهي مستقلة القطار في طريقها لمكان عملها، وفي تلك اللحظة ولدت فكرة شخصية هاري بوتر التي لم تحقق فقط طموحات راولنج بظروف معيشية أفضل بل نقلتها من خانة الفقر المدقع لتصبح واحدة من الأكثر ثراءً في الولايات المتحدة.
ولدت جون راولنج يوم 31 يوليو/ تموز عام 1965 في مدينة جلوسيسترشاير ببريطانيا، وكانت تتمتع منذ طفولتها هي وشقيقتها الأكبر سناً بموهبة سرد القصص والروايات، كما عشقتا كذلك الأرانب ورغبتا في اقتناء أرنب، وسعت راولنج لإقناع والديها بشراء أرنب لها وشقيقتها من خلال كتابة قصة أطلقت عليها اسم “أرنب” عندما لم يكن عمرها يتجاوز 6 أعوام.
وشكلت هذه القصة القصيرة حول أرنب يسافر لزيارة صديقته السيدة نحلة بداية الحلم بالنسبة لراولنج، حلم أن تصبح كاتبة وأن تقوم بتأليف قصص للأطفال.
لكن راولنج لم تحصل على مبتغاها بشراء أرنب كما كانت ترغب، وبدلاً من ذلك انتقلت أسرتها إلى مدينة توتشيل، اذ كان والداها يحلمان بالحياة في الريف وحققا بذلك حلمهما. وتقول راولنج انها بدورها أحبت المنزل الجديد، الا انها كرهت مدرستها الجديدة ومن اللحظة الأولى.
وكانت مدرسة توتشيل بالفعل مدرسة تقليدية عتيقة الطراز تعشق المدرسة القائمة على إداراتها اثارة فزع الطلاب وإخافتهم. وانتقلت راولنج بعد ذلك الى مدرسة أخرى. وتقول تعليقاً على تلك الفترة: “كنت هادئة الطباع قصيرة النظر الى حد كبير وخرقاء في الرياضة على مختلف أنواعها، إلا أنني نجحت بالرغم من ذلك في استقطاب صداقات عدة بفضل براعتي في رواية القصص والحكايات”.
والتحقت راولنج بعد ذلك بجامعة اكسيتير لتتخصص في دراسة اللغة الفرنسية بعد ان نصحها والداها بأهمية دراسة لغة أجنبية للعمل كسكرتيرة. وبالفعل عملت راولنج كسكرتيرة لدى منظمة العفو الدولية فور تخرجها من الجامعة. لكن هذه الوظيفة لم تحقق أحلامها، وكانت تهرب من العمل خلال فترات الراحة بكتابة قصص من تأليفها على جهاز الحاسوب الخاص بها. ومن مرور الوقت ازداد تركيزها على تأليف الروايات ليستحوذ على القسط الأكبر من اهتمامها.
وعندما بلغت السادسة والعشرين من عمرها قررت راولنج ان الوقت قد حان لترك عملها وانتقلت الى البرتغال لتقوم بتدريس اللغة الانجليزية. وعلى الرغم من ان هذه الوظيفة ايضاً لم تكن ترقى لمستوى طموحاتها ولم تحقق أحلامها، الا انها على الأقل منحتها وقت الفراغ الكافي لتبدأ في تأليف قصة جديدة والتي تدور أحداثها حول طفل صغير يرسله أهله الى مدرسة للسحرة، قصة هاري بوتر.
وبعد أن تزوجت وأنجبت طفلتها وتطلقت أيضاً في البرتغال قررت راولنج ان الوقت قد حان للعودة الى بلدها، وعادت الى ايدنبرج لتبدأ رحلة شاقة للبحث عن فرصة عمل، وأخيراً التحقت بوظيفة مدرسة لغة فرنسية، لكنها لم تغفل خلال تلك الفترة روايتها التي واصلت العمل عليها بجد واجتهاد.
وبالفعل تمكنت من انهاء روايتها قبل ان تبدأ العمل في الوظيفة الجديدة لتبدأ رحلة شاقة أخرى في البحث عن ناشر يرضى بنشر كتاب لمؤلف مجهول، وقوبلت مساعيها بالرفض من قبل العديد من دور النشر. الا انها أصرت على نشر روايتها وواصلت إرسال نسخة عنها لمختلف دور النشر.
وفي النهاية وبعد ان رفض 12 ناشرا قصة راولنج، تحققت المعجزة التي تتناقض مع آراء المتشائمين، اذ كان الرقم 13 هو رقم الحظ بالنسبة لها، بعد ان قبل الناشر الثالث عشر روايتها ووافق على نشرها لتخرج شخصية هاري بوتر الى الحياة في انجلترا.
وفي غضون أشهر قليلة حصلت دار نشر أمريكية على حقوق نشر الرواية مقابل مبلغ ضخم لتستقيل راولنج بذلك من عملها في التدريس وتركز على الكتابة والتأليف بشكل كامل.
واليوم تعد سلسلة روايات هاري بوتر الأكثر شهرة والأعلى مبيعاً على مستوى العالم بعد أن تحولت الى أفلام وألعاب حاسوب والعديد من المنتجات الأخرى أيضاً. وتعد راولنج اليوم أول مؤلف يصل الى قائمة المليارديرات على مستوى العالم، حيث وصل الرقم الإجمالي لمبيعات مؤلفات هاري بوتر بأجزائها الستة الى 325 مليون نسخة في العام الماضي.