تعرف على قطران الفحم الحجريّ
الفَحم الحجريّ (بالإنجليزيّة: Coal) هو أحد أهمّ أنواع الوقود الأحفوريّ الأساسيّة، وهو عبارة عن مادّة سوداء أو بنيّة اللون، ويعود السبب في ذلك إلى درجة غِناها بالكربون، ويتشكَّل الفَحم الحجريّ عادة في الطبقات الرسوبيّة، حيث تتعرَّض بقايا الكائنات الحيّة هناك إلى ضَغْط شديد، ودرجة حرارة مُرتفِعة؛ لتَنتُج عن ذلك مادّة كربونيّة تُعَدّ المُكوِّن الأساسيّ للفَحم الحجريّ، وقد وَجَد علماء الجيولوجيا أنّ الفَحم الحجريّ يتشكَّل من ما يُقارب 50% من وزنه، أو 70% من حَجمه من الكربون.
ويمكن تعريف الفَحم الحجريّ على أنّه صخر أسود أو بنيّ اللون، يُحرَق؛ للحصول على الطاقة، وتكون الطاقة الناتجة طاقة حراريّة يمكن استخدامُها في تدفئة المنازل، وإنتاج الكهرباء وصُنْع مُنتَجات أخرى مُختلفة، ويُستخدَم الفَحم الحجريّ عادة؛ لصُنْع فَحم يُعرَف باسم فَحم الكوك، وهو المادّة الخامّ التي تُستخدَم لصناعة الحديد، والفولاذ، أمّا الموادّ التي تَنتج عن إنتاج فَحم الكوك، فيمكن استخدامها في صناعة الأدوية، والأسمدة، والأصباغ، وغيرها.
قَطِران الفَحم الحجريّ
القَطِران أو القار الأسود، هو عبارة عن مجموعة من السوائل الزيتيّة التي تتمتّع بكثافة عالية، وتكون سوداء اللون أو بُنيّة داكنة، وعادة ما تتشكَّل مادّة القَطِران أثناء تحويل الفَحم الحجريّ، أو النفط، أو الأخشاب إلى مُنتَجات صناعيّة، وللقَطِران أنواع مُتعدِّدة، فهناك قَطِران الخشب، وقَطِران الفَحم، وقَطِران غاز الماء، وقَطِران غاز الزيت،[٣] وعلى سبيل المثال، فإنّه عند إنتاج فَحم الكوك بالكربَنة، تنتج غازات تتحوّل إلى الأمونيا السائلة، وقَطِران الفحم الحجريّ عندما تبرد، والكربنة هي تسخين الفَحم بمَعزلٍ عن الهواء على درجة حرارة تتراوح بين 900-1200 درجة مئويّة، أي ما يُعادل 1650-2200 درجة فهرنهايتيّة، ويُستخدَم القَطِران الناتج في الأعمال على أَسطُح المنازل، وأرصفة الطُّرُق، وفي صُنع العديد من المُركَّبات المُهمّة تجاريّاً.[٤][٥]
ويُعرَف قَطِران الفحم الحجريّ باسم (قَطِران الفرن الفحميّ عالي الحرارة)، كما يُسمَّى أيضاً (قار الفَحم)، ويُعَدّ قَطِران الفَحم أهمّ أنواع القَطِران التي تتمّ صناعتها، وهو عبارة عن سائل ذي سماكة ولزوجة عالية، ينتج عن تصنيع فَحم الكوك، وغاز فرن الكوك من الفَحم الحجريّ القاريّ، حيث يتمّ تكثيف الأبخرة الساخنة الناتجة بطريقة التبخير التجزيئيّ لإنتاجه،[٣] ويُعرَف إنتاج القَطِران أيضاً باسم التقطير الهدّام (بالإنجليزيّة: Destructive distillation)، كما يُمكِن تقطير القَطِران الناتج إلى أجزاء مُتعدِّدة؛ لصُنْع مُنتَجات عضويّة ذات فائدة كبيرة.[٦] ويجدر الذِّكر أنّه يُوجَد نوع من القَطِران ينتجُ عن درجات الحرارة المنخفضة التي لا تزيد عن 700 درجة مئويّة، أي ما يعادل 1,300 درجة فهرنهايت.
بعض مُنتَجات قَطِران الفَحم الحجريّ
تُستخرَج من قَطِران الفحم الحجريّ أحماض تُعرَف باسم (أحماض القَطِران)، مثل حمض الكربوليك، بالإضافة إلى بعض القواعد، مثل الأنيلين، حيث يتمّ استخدامهما في صناعة الأصباغ، ويتمّ إنتاج القار والكريوزوت من قَطِران الفَحم؛ حيث يُستخدَم القار في صناعة الدهان، وموادّ التسقيف، ويُستخدَم الكريوزوت في حِفْظ الخشب، كما تُصنَع العطور من قَطِران الفحم أيضاً، ومن الجدير بالذِّكر أنّه قد تمّ صُنْع صبغة ذات لون بنفسجيّ زاهٍ من قَطِران الفحم الحجريّ، وهي أوّل صبغة مُركَّبة صناعيّاً، ويعود الفَضل في تصنيعها إلى العالِم الكيميائيّ وليم بيركن.
وبعد أن يتمّ تقطير القَطِران، يمكن صُنْع المُركَّبات الفينوليّة منه، وهي موادّ تتشكَّل منها أملاح ذائبة في الماء في حال تفاعُلها مع مادّة الصودا الكاوية،[٥] ويجب التنويه إلى أنّ مختلف الأمور التي يتمّ تصنيعها من قَطِران الفحم الحجريّ، كالأصباغ، والعطور، والمُتفجِّرات، والمُنكِّهات، والموادّ الحافظة، والدهانات، والراتنجات، والعقاقير الطبّية، وغيرها، يتمّ إنتاجها ممّا يُعرَف ب(خامات قَطِران الفحم)، وهذه الخامات هي: البنزين، والتولوين (بالإنجليزيّة: toluene)، والنفتالين، والأنثراسين (بالإنجليزيّة: anthracene)، والفينانثرين (بالإنجليزيّة: phenanthrene)، والزيلين (بالإنجليزيّة: xylene)،[٦] وبالتطرُّق إلى العقاقير الطبّية التي يتمّ صُنعُها من القَطِران، فإنّه يجدر الذِّكر أنّه يُستخدَم في صُنْع مراهم عديدة لعلاج العديد من الأمراض الجلديّة، مثل: الصدفيّة، والقشرة، والأكزيما.
أخطار التعرُّض إلى قَطِران الفَحم الحجريّ
قد يتعرَّض المرء إلى مادّة القَطِران، إمّا من خلال الاستنشاق، أو من خلال الابتلاع، أو من خلال امتصاص الجِلد لها، وأكثر الناس عُرضَة للقَطِران هم العُمّال الذين ينتجونه، أو الذين يستخدمونه في رَصْف الطُّرُق، أو تسقيف الأَسطُح، أمّا العامّة فقد يَتعرَّضون للقَطِران من خلال التلوُّث البيئيّ الحاصل بسببه، والجدير بالذِّكر أنّ له أضراراً كثيرة، ومن أهمّ الأضرار وأخطرها أنّه قد يُسبِّب مرض السرطان، وتحديداً سرطان الجِلد، بالإضافة إلى سرطان المثانة والكِلى، وسرطان الرئة، وسرطان الجهاز الهضميّ.
كما أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ المراهم التي يدخل القَطِران في تركيبها قد تزيد من فرصة الإصابة بسرطان الجِلد، وذلك بناءً على العديد من الدراسات الحيوانيّة والمهنيّة، وتُستخدَم هذه المراهم كعلاج فعّال للعديد من الأمراض الجلديّة، مثل: الإكزيما، والصدفيّة، وغيرها، وبناءً على ذلك فقد عَدَل الكثير من الأطباء عن وَصْف مثل تلك المراهم لمرضاهم، إلّا أنّ الدراسات الحديثة التي أُجرِيَت مُؤخَّراً، بيّنت أنّه لم يتَّضح بعد إن كانت هذه المراهم تُسبِّب مرض سرطان الجِلد بشكلٍ قاطعٍ.
وقد اشتملت دراسة حديثة أُجرِيَت على نحو 13,200 شخص يعانون من الصدفيّة، والإكزيما، ومع دراسة الاستبيانات، والسجلّات الطبّية الخاصّة بهم، ودراسة العوامل التي تُساهم في الإصابة بسرطان الجِلد، وباستخدام البيانات التي تمّ الحصول عليها فيما يتعلَّق بالأفراد الذين استَعمَلوا هذه المراهم للعلاج وأُصيبوا بسرطان الجلد، والأفراد الذين تمّ علاجهم بمراهم أخرى خالية من القَطِران وأُصيبوا أيضاً بسرطان الجلد، تَبيّن أنّ العلاج باستخدام المراهم المُكوَّنة من قَطِران الفحم الحجريّ لا يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وبذلك يمكن الاستمرار في استخدامها كعلاج فعّال، كما ظهر أيضاً أن خَطَر الإصابة بالأورام الخبيثة غير الجلديّة لم يشكِّل أيّ ازدياد بالتعرُّض للقَطِران، وذلك بناءً على دراسات إحصائيّة وتحليليّة حديثة.