مدينة حديثة الموجودة في العراق، هي من أخصب الأراضي الموجودة في القطر، ولعلّ ذلك يعود لقربها من نهر الفرات، وأيضاً لوجود بحيرة فيها، جعلت منها مدينة تتمتّع بمناظر خلاّبة، بالرّغم من أنّ بعض أراضيها صحراويّة، إلاَّ أنّها تُعتبر مصيفاً للكثيرين، حيث تتميّز بصفاء جوّها وهوائها العليل.
تقع مدينة حديثة في الجمهوريّة العراقيّة، في الجهة الغربيّة من البلاد، وهي إحدى مدن محافظة الأنبار، تبعد عن مدينة بغداد عاصمة البلاد مسافة تُقدر بمئتي وستين كيلومتراً إلى الجهة الغربيّة منها، وهي ممتدّة بمسافة تُقدّر بحوالي خمسة وعشرين كيلومتراً على ضفاف نهر الفرات.
ترتبط المدينة بطرق عديدة ومتشعّبة مع أكثر محافظات البلاد، وأيضاً مع دول الجوار، حيث ترتبط مع محافظة صلاح الدين بطريق قضاء بيجي، أمّا مع كلٍّ من الجمهوريّة العربيّة السّوريّة، والمملكة الأرنيّة الهاشميّة، والمملكة العربيّة السّعوديّة فإنّها ترتبط معها بطرق برّية. إنّ عدد سكّان مدينة حديثة يبلغ حوالي تسعة وأربعين ألف نسمة، أمّا عدد سكّانها مع القرى والبلدات التابعة لها فيبلغ حوالي مئة ألف نسمة.
إنّ ما يميّز الأراضي في مدينة حديثة هي خصوبتها، ولذلك يُزرع فيها العديد من المحاصيل الزراعيّة، إلاَّ أنّ المساحات المزروعة فيها قليلة جداً، نظراً لاعتماد مزارعيها على مياه الأمطار، وبالرّغم من هذا فإنّه أقيم فيها العديد من المشاريع من أجل تحسين الزراعة فيها، وذلك عن طريق حفر الآبار للسقاية. وقد اعتمدت سابقاً على نظامٍ الري بالنواعير والتي كانت تُدار بشكل ذاتيّ وذلك من خلال الحركة نتيجة لجريان النهر.
تكثر في مدينة حديثة المواقع والمعالم الأثريّة، ففيها العديد من مساجد العريقة، والأضرحة وأيضاً المراقد القديمة لكثير من الأئمة فيها، حيث يشتهر فيها مرقد ضريح الشيخ عبد القادر الألوسي الطيار، والذي يعود في نسبه للشيخ الكيلاني، ويشتهر الضريح بقبّته، وهنالك جامع الفاروق والذي تمّ بناؤه في عام ستة عشر للهجرة، وقد بُني زمن الخليفة عمر بن الخطّاب، أيّام الفتح الإسلامي لدولة العراق.
دلّت الاكتشافات على وجود آثارٍ لمدينة تعود لأكثر من ثلاثة آلاف عام ما قبل الميلاد، والتي كان يسكنها العموريّون، وقد اكتُشفت هذه المدينة في عام ألفين وتسعة للميلاد، وذلك إثر انحسار مياه بحيرة الحديثة، نتيجة للجفاف الذي طرأ على قسم منها.
تقع بالقرب من المدينة بحيرة تُعرف باسم بحيرة حديثة، وبني عليها سدّ حديثة، ويتضمّن هذا السدّ محطّات توليد كهرومائيّة يبلغ عددها ستّة، إضافة إلى منفذين خاصّين بالتفريغ، وأيضاً فيها المسيل المائي والذي يحوي على فتحات تتمّ السيطرة عليها من خلال بوابات شعاعيّة، ويبلغ عدد هذه الفتحات ستّة، وهذا السّد هو الذي يمد مدن محافظة الأنبار بالطاقة الكهربائيّة.
العربية
