تعرف على مصادر المياه في تركيا

الكاتب: رامي -
تعرف على مصادر المياه في تركيا
"

تعرف على مصادر المياه في تركيا

أن تركيا تمتلك موارد مائية كبيرة بوصفها بلدا منبع لبعض الأنهار، وبوصفها أيضا، بلدا تقع فيه أسفل أحواض بعض الأنهار، كما تمتلك بحيرات طبيعية وصناعية كثيرة، والملاحظ العادي يرى أن موضوع توفر المياه في تركيا ليس مهم أو لا يعد من المواضيع الاستراتيجية التي يجب أن تقلق الدولة، لكن رغم كثر هذه المنابع والأنهار إلا أن الأمر يتعلّق بحسن إدارة هذه الموارد المائية الضخمة. لكي لا تغدو مشكلة في المستقل. وبإمكان تركيا أن ترتقي إلى بلد غني بالماء، أو بإمكانها أيضا أن تهبط في الوقت نفسه إلى بلد فقير بالماء، فالموارد المائية لا تتوزّع فيها بالتساوي، لا مناطقيا، و لا موسميا.

فتركيا هي البلد الذي ينبع منه نهرا دجلة والفرات، اللذان يعدان، إلى جانب نهر النيل، الموارد المائية الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، تركيا هي أيضا بلد المنبع لنهري ” كور” و”كورا اللذان يجريان في جورجيا، و لنهر “آراكس الذي يشكّل الحدود بين تركيا وأرمينيا ولكنه يجري في أذربيجان هو ورافده نهر “أرباتخاي” ، ولنهر “ساريسو ” الذي يجري في إيران، و لنهر “الزاب الكبير” ، ولجدولي “هيزل “و”سيمدنلي التي تجري في العراق. وتركيا هي أيضا، من جانب آخر، بلد الحوض الأسفل لمجرى نهري “ماريتسا و” توندزا ” اللذان ينبعان من بلغاريا، وهي أيضا الحوض الأسفل لنهر ” آردا “الذي ينبع من اليونان، ونهر “أورونتس” الذي ينبع من سوريا.


وعلى الرغم من هذه الانهار والمنابع النهرية، إلا أن تركيا تقع في ما يسمى بحزام الجفاف المنطقة الجغرافية وتعتبر الموارد المائية فيها قليلة، حيث تبلغ حصة الفرد من الماء للشرب وللاحتياجات المنزلية في تركيا حوالي 1,570 متر مكعب للفرد سنويا، وقد تتناقص هذه الحصة في المستقبل،

وتبلغ كمية المياه التي تمتلكها تركيا حوالي خمس ما هو موجود عند البلدان الغنية بالموارد المائية، ولو قارنا حصة مياه تركيا مع جيرانها، فهذه الحصة هي أعلى من حصة سوريا، و أقل من حصة العراق و جورجيا، وتعد تركيا أغنى في تجهيزات المياه من بعض بلدان المنطقة، ولكنها من ناحية أخرى تعد أفقر من آخرين.

وبسبب هذه الخاصية، وعلى قدر ارتباط مشكلة تركيا الرئيسية بمياه دجلة والفرات، فهي لها حصة مهمة في طاقة هذين النهرين بوصفها البلد المنبع.



موارد تركيا المائية

يوجد بتركيا 26 حوضا مائيا، وفيها أيضا أكثر من 120 بحيرة طبيعية و579 بحيرة صناعية، وتُقدّر الموارد المائية المُتجددة إجماليا بنحو 227 كيلومترا مكعبا في السنة، منها حوالي 186 كيلومترا مكعبا مياه سطحية ، وحوالي 69 كيلومترا مكعبا من المياه الجوفية، بينما المزيج من المياه الجوفية والسطحية يصل حوالي 28 كيلومتر مكعب .

وتقع معظم الأنهار داخل تركيا، وهي لذلك تعتبر دولة منبع، وهنالك مياه تتدفق إلى الأراضي التركية من الخارج تُقدر بحوالي 4.7 كيلومتر في السنة ، مِنها 0.6 كيلومتر مكعب تأتي مِن نهر “تونكا” في بلغاريا، وحوالي 1.2 كيلومتر مُكعب تتدفق مِنْ نهر “العاصي” الآتي مِن سوريا، وهنالك أيضا نهر “مريتش” الذي ينبع من بلغاريا ، ويقع على الحدود بين تركيا واليونان، ويصل تدفقه إلى الأراضي التركية ما مقداره 2.9 كيلومتر في السنة تقريبا.

وتقدّر المياه المتجددة التي تخرج من الأراضي التركية بحوالي 43.74 كيلومتر مكعب في السنة، تذهب مهنا 28.1 كيلومتر مكعب إلى سوريا، وحوالي 21.33 كيلومتر مكعب إلى العراق، وتذهب 4.31 كيلومتر مكعب إلى جورجيا .



نهر الفرات


يعتبر نهر الفرات من أعظم الأنهار في تركيا، حيث ينبع من المرتفعات الجبلية (مرتفعات أرضروم) التي تقع بين بحيرة “وان” و”البحر الأسود” جنوب شرق تركيا، ويبلغ طُول النهر في الدول الثلاث التي يمر بها (تركيا وسوريا والعراق) حوالي 2940كم، وحصة تركيا من هذه المياه تبلغ (1176) كم، وحصة سوريا (604) كم، بينما يمر في العراق بمسافة تُقدر بحوالي (1160) كم، وتبلغ مساحة حوض نهر الفرات حوالي (444000) كيلومتر مربع.

يستمد نهر الفرات موارده المائية من مصدرين رئيسيين هما: مرداصو، الذي يصل طوله 60كم تقريبا، وفرات صو، وطوله حوالي 40كم، ويسير هذان الرافدان باتجاه الجنوب الغربي حتى يلتقيا إلى الشمال من مدينة كيبان التركية ليكوّنا معا نهر الفرات الذي يأخذُ بالانحدار جنوبا نحو الأراضي السورية حيث يدخلها عند مدينة جرابلس، ثم يأخذ النهر بعد ذلك في السير باتجاه جنوبي شرقي مخترقا الأراضي السورية حتى يصل إلى الأراضي العراقية عند مدينة القائم.

وتزوّد تركيا بحوالي 90 % من إجمالي التدفق السنوي لنهر الفرات، بينما ينبع الشطر الباقي في سوريا، ولا يضاف إليه أي نسبة في الجزء السفلي من مجرى النهر في العراق، وتساهم تركيا بنسبة 38 % مباشرة في المجرى الرئيسي لنهر دجلة ونسبة 11 % غيرها في روافده التي تنضم إلى المجرى الرئيسي للنهر في الجزء السفلي منه في العراق.



نهر دجلة

ينبع نهر دجلة من جبال طوروس، جنوب شرق الأناضول في تركيا ويمر في سوريا 50 كم في ضواحي مدينة القامشلي ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فيش خابور، وتصب في النهر مجموعة كبيرة من الروافد المنتشرة في أراضي تركيا وإيران والعراق وأهمها الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، ونهر ديالى.

ويتفرع دجلة إلى فرعين عند مدينة الكوت هما نهر الغراف والدجيلة. يلتقي نهر دجلة بنهر الفرات عند القرنة في جنوب العراق بعد رحلته عبر أراضي العراق ليكوّنا شط العرب الذي يصب في الخليج العربي، ولكن مجرى الفرات تغيّر في الوقت الحاضر وأصبح يلتقي بنهر دجلة عند منطقة الكرمة القريبة من البصرة، ويبلغ طول مجرى النهر حوالي 1,718 كيلومتر. فدجلة ينبع من تركيا لكن معظم جريانه داخل الأراضي العراقية حوالي 1400 كيلو متر وتصب خمسة روافد فيه بعد دخوله الأراضي العراقية وهي: الخابور والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم وديالي. وهذه الروافد تجلب إلى النهر ثلثي مياهه. أما الثلث الآخر فيأتي من تركيا ويصب آخر رافد في دجلة، وهو نهر ديالي جنوب بغداد بمسافة قصيرة. ثم يتعرّج ويتهادى بالتدريج حتى يصل إلى أرض منخفضة ومنبسطة. ويلتقي عند مدينة القرنة في العراق مع نهر الفرات ليشكّلا معا شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

ويمر نهر دجلة بعدّة مدن رئيسية منها في تركيا مثل: بيسميل، وحصن كيفا، وجزيرة ابن عمر، وفي سوريا: المالكيّة، وفي العراق يمر بالموصل، وبعقوبة، وبيجي وتكريت، وسامراء، وبغداد، والكوت، والمدائن، والعمارة وفي النهاية بالقرنة.



السدود في تركيا



أما بالنسبة للسدود في تركيا فقد وصل عدد السدود إلى 579 سدا تم إنشاؤها لأغراض إمدادات المياه والري وتوليد الطاقة المائية والتحكم في الفيضانات، ومعظم هذه السدود شيّدت من أنواع السدود الصخرية أو الترابية، وتبلغ القدرة التخزينية الإجمالية للسدود الكبيرة (208 سدا تقريبا) حوالي 157 كيلومترا مكعبا تقريبا، بينما تصل القدرة الإجمالية للسدود كاملة حوالي 651 كيلومترا مكعبا، يُضاف إلى ذلك أن هناك 210 سدا تقريبا قيد الإنشاء في مشاريع مائية تسعى تركيا إلى تشييدها قريبا.

ويعد سد أتاتورك على نهر الفرات في القسم الجنوبي الشرقي من البلاد، واحدا من أكبر عشرة سدود على مستوى العالم، وتبلغ قدرته التخزينية حوالي 48.7 كيلومتر مكعب، وقد بدأت أعمال تعبئة الخزان في السد سنة 1990 وانتهت في سنة 1992 .

وتبلغ مساحة سطح الخزان 817 كيلومترا مربعا، وتحمل المياه المأخوذة من سد أتاتورك إلى سهل حران من خلال نظام “سانليورفا” ، وهو أكبر نظام قنوات في العالم من حيث طوله ومعدل التدفق فيه، وتمر المياه في أنابيب بطول 26.4 كم ومحيط 7.62 أمتار ويقدّر التدفق فيها بحوالي 238 متر مكعب في الثانية، وهو ثلث تدفق نهر الفرات.



ينابيع تركيا المعدنية


تعد تركيا من البلدان القليلة التي تمكّنت من تحويل ينابيعها إلى واحة علاجية تنبض صحة وجمالا؛ فمن خلال توفيرها التجهيزات اللازمة، وإيجاد الأجواء الصحية الملائمة، والوقوف على كل ما يحتاج زائر هذه الينابيع، تمكّنت تركيا من تصدر قائمة البلدان في السياحة العلاجية.

ومن أهم الينابيع التركية، الينابيع العلاجية في بورصة، حيث تشتهر بينابيعها المعدنية العلاجية ومياهها النقية المنشرة في أنحاء المدينة، كما توجد في ولاية أضنة حيث تقع ينابيع هارونية بالقرب من أضنه وتبلغ درجة حرارة مياهها 33 درجة وتحتوي على الكربونات والكالسيوم والماغنسيوم والهيدروجين والكبريت وأوكسيد الكربون، وتفيد هذه المياه في معالجة أمراض الروماتيزم وأمراض الجلد والأمراض العصبية، وأمراض المعدة والأمعاء.

وتعد ولاية أفيون إحدى أشهر مناطق الينابيع المعدنية في تركيا، وقد اقتصر استخدام هذه الينابيع في السابق على السكان المحليين، ولكن وزارة السياحة التركية روّجت لها في تركيا والعالم، لما تمتلكه من مقومات استجمامية واستشفائية، وخصّت بالذكر حمامات، “كازلي كول” “صانديقلي هوادئي” و”عمر كجك ” و”بولفادين هايبلي”. تعالج مياه هذه الحمامات أمراض الروماتيزم، والأمراض الجلدية، والقلب والدورة الدموية، والجهاز الهضمي، والمفاصل والتكلس، وأمراض العظام، وأمراض الكبد، وأمراض النساء، أما في حال شربها باردة فتفيد في معالجة الأمراض النفسية لاحتوائها على غاز ثاني أوكسيد الكربون.



جفاف المياه في تركيا


يتعرّض النهر الأحمر (كيزيل إرماك) أطول أنهار الجمهورية التركية المعروف بقيمته التاريخية والسياحية للجفاف بسبب قلة الهطولات المطرية، وقد ساهم في جفاف النهر -الواقع شرق هضبة الأناضول وسط البلاد والمطل على مدينة “كابادوكيا” التاريخية- إنشاء ثمانية سدود على مدى عقود.

وأقامت السلطات التركية عشرات السدود على الأنهار التي تجري فيها ما أدى إلى انخفاض واضح في منسوب مياه أغلب الأنهار؛ ومنها حوضي دجلة والفرات، كما تشير دراسات أكاديمية إلى أن كثرة السدود والخزانات المائية من أهم العوامل التي تؤدي إلى كثرة الزلازل وتغيير البنية الجيولوجية للمنطقة.

وجفاف النهر الأحمر، جاء نتيجة تضافر عاملي كثرة السدود، وقلة الهطولات المطرية في موسم الشتاء الحالي، إذ سجّل تدفق النهر انخفاضا تراوح بين 26 إلى 34 مم2، مقارنة مع تدفقه منذ عام.

ويُذكر أن النهر الأحمر الذي ينبع من السفح الجنوبي لجبل كيزيل داغ (الجبل الأحمر) يتميز بحوضه العريض، واكتسب تسميته من لونه الأحمر بتأثير الطمي الذي يسقط فيه في فضل الأمطار ليمنحه لونا ورديا، يستثمره الأهالي في صناعة الفخار المتوارثة منذ 150 عاما في “كبادوكيا” والتي تجسّد تفاصيل الحياة التركية وانتماءها الشرقي.
"
شارك المقالة:
85 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook