يقعُ قصر الشتاء (بالإنجليزيّة: Winter Palace) الذي يُعتبَر واحداً من أعظم المتاحف في العالَم في روسيا، وتحديداً في قلب مدينة سانت بطرسبرغ (بالإنجليزيّة: Saint Petersburg)؛ حيث يقع القصر المُكوَّن من ستّة مبانٍ تمّ تجميعها خلال 250 عاماً على نهر نيفا (بالإنجليزيّة: Neva River).
يتكوَّن الهيكل الخارجيّ للقصر من أعمدة بيضاء يُحيط بكلٍّ منها جبس ذهبيّ اللون، وهي مَبنيّة على امتداد طابقَين، حيث تنتهي هذه الأعمدة في السطح حاملةً تماثيل تُمثِّل شخصيّات منحوتة يبلغ عددها 176 تمثالاً، وقد منح راستريلّي في تصميمه كلَّ واجهة من واجهات القصر طابعاً خاصّاً؛ فالواجهة الشرقيّة تُطِلّ على شارع ميليونايا (بالإنجليزيّة: Millionnaya Street) الذي يمتلئ بقصور النُّبَلاء، أمّا الواجهة الغربيّة فتُطِلُّ على قصر ريفيّ قديم، وصغير، في حين تُطِلُّ الواجهة الشماليّة على نهر نيفا، وتُطِلُّ الواجهة الجنوبيّة على ساحة كبيرة عظيمة، وبالنظر إلى داخل القصر يتبيّن أنّه مُكوَّن من 460 غرفة تبدو عليها مَعالِم الثراء.
يُعَدُّ قصر الشتاء المَقرَّ الملكيّ لقياصرة الروس قديماً؛ حيث تمّ بناء العديد من القصور لهم خلال القرن الثامن عشر؛ فكان بناء النسخة الأولى من قصر الشتاء في عام 1708م، حيث كان قصراً خشبيّاً صغيراً بُنِي لبيتر الأوّل، وبعد نحو ثلاث سنوات استُبدِل المبنى الخشبيّ بمبنى آخر حجريّ، وفي مطلع عام 1730م كلَّفت الإمبراطورة آنا المهندس المعماريّ فرانسيسكو بارتولوميو راستريلّي بإنشاء مبنى أكبر، وأفخم، ليتمَّ الانتهاء من بنائه بعد نحو خمس سنوات؛ أي في عام 1735م.
ومن الجدير بالذكر أنّ النسخة الأخيرة من قصر الشتاء تمّ إنشاؤها في عهد إليزابيث؛ حيث إنّها طلبت تجديد القصر ليصبح تحفة معماريّة روسيّة مَبنيّة على الطراز الباروكيّ، بحيث تُمثّل صورة من الثراء الفاحش، والرفاهيّة المُطلَقة، وبالفعل بدأ العمل بالقصر الجديد في عام 1754م، وتمّ الانتهاء منه في عام 1762م، علماً بأنّه قد شارك في إنشائه أكثر من نحو 4,000 عامل.
وقد كانت النسخة الجديدة من القصر بمثابة القاعدة الملكيّة لإليزابيث، ومن بَعدها بيتر الثالث، إلى أن وصلت الملكة كاترين الثانية إلى سانت بطرسبرغ في عام 1763م لتصبح مالكة القصر بعد تتويجها ملكة في العاصمة موسكو، إلّا أنّ تصميم راستريلّي لم يعجبها؛ نظراً لإعجابها الشديد بالتصاميم الكلاسيكيّة الحديثة بدلاً من الباروكيّة القديمة، فأمرت بالتعديل على القصر في أجزائه الداخليّة، وفي عام 1837م شبَّت النيران في المبنى الداخليّ ليحترق، ويتدمَّر، ومن ثمّ بدأت أعمال الترميم الواسعة فيه لتنتهي بعد نحو 4 سنوات، أمّا الجزء الخارجيّ منه فقد رُمِّم بتتبُّع مُخطَّط راستريلّي نفسه، علماً بأنّه تمّ تلوين القصر من الخارج بألوان مختلفة على مَرّ السنوات، إلّا أنّ الهيئة الحاليّة له تتمثَّل باللونَين: الأخضر، والأبيض، والجدير بالذكر أنّ القصر أصبح متحفاً بعد الثورة الروسيّة في عام 1917م، وسقوط نيكولاس الثاني، وهو متحف هيرميتاج للفنون.
العربية
