يقع المعبد بالإسكندرية، تحديدًا على طريق الحرية، بجوار كنيسة اللاتين، أمام قسم باب شرق، وتم تسميته بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التي تم العثور عليه فيها، وهي منطقة الرأس السوداء في سيدي بشر.
تم اكتشاف معبد الرأس السوداء بالإسكندرية، عام 1936م، وكان بحالة سيئة للغاية، حيث ينتمي إلى العصر الروماني القديم، واتضح ذلك من النقوش والآثار الباقية منه، والتي تم الكشف عنها.
وتعرض المعبد إلى الغرق والتلف بالكامل، حيث غطته المياه الجوفية بشدة، إلا أن الجهات المعنية داخل مصر، اهتمت بالمعبد وتم نقله إلى منطقة مختلفة أكثر أمانا.
وبحلول عام 1995م، أصبح موقع معبد الرأس السوداء بالإسكندرية، مُحددًا في منطقة جبانة اللاتين، والتي تتميز بارتفاع تربتها لحمايته من الغرق مرة أخرى.
والسبب في اختيار منطقة اللاتين لنقل لمعبد الأثري الروماني، هو أنها منطقة أثرية أيضًا، تعود إلى بداية العصر البطلمي، وهي عبارة عن مقبرة أو جبانة تاريخية قديمة، تعرف باسم المقبرة المرمرية أو الألباستر، ولهذا فمن يذهب لزيارة مقبرة اللاتين، يمر على معبد الرأس السوداء.
يتفرد مبعد الرأس السوداء، بكونه معبدًا بناه وشيده مواطنًا وليس ملكًا أو إمبراطورًا، حيث تروي الأسطورة أن فارسًا يدعى إيزيدور؛ أي هبة ايزيس، أو عابد ايزيس، كان قد تعثر بعربته الحربية في الموقع الذي عُثر فيه على الرأس السوداء
أصيبت قدم ايزيدور بشدة، ولكنه تماثل للشفاء، فاعتبر أن ما حدث معه هو معجزة، تسببت فيها إيزيس، فقرر أن ينحت قدمه على رخام أبيض، تقديرًا وعرفانًا لها على ما فعلته معه.
وبعد أن صمم إيزيدور حذائه على الرخام، كتب عليه إهداءً إلى إلهته إيزيس، التي حفظته أثناء سقطته المميتة.
إذا ما دخلت إلى معبد الرأس السوداء، سوف تجد أنه ينقسم إلى طابقين اثنين، حيث تم تخصيص الطابق الأول كمكان للعبادة فقط، أما الطابق العلوي فهو مسكن لكهنة المعبد.
ولعل هذا التخطيط المميز الذي يتمتع به معبد الرأس السوداء، هو ما جعل له مكانة فريدة بين المعابد الرومانية واليونانية الأخرى، التي عُثر عليها.
وفي هذا الطابق داخل معبد الرأس السوداء بالإسكندرية، يمكنك مشاهدة خمسة تمثايل مصنوعة من الرخام الأبيض، تم رفعها على مصطبة حجرية، وهي تماثيل لكل من آلهة المعبد؛ هرمانوبيس وحربوقراطيس، وايزيس وتمثالان لاوزوريس
وفي وسط الأعمدة يرتفع العمود الأصغر داخل الردهة المفتوحة، ويقع خلف كل عمود منها عدد من التماثيل الرخامية البيضاء.
كل تلك التماثيل تم وضعها في المتحف اليوناني الروماني حفاظًا عليها من التلف، وتم ترك تمثالان لأبي الهول، في مدخل الطابق السفلي؛ حيث وُضعا لحماية المكان من اللصوص، وفقًا لمعتقدات القدماء المصريين.
أما الطابق الثاني يمكنك الوصول إليه عن طريق سلم صغير وضيق، تم حفره بجدار المعبد في الطابق الأول.
وتم تخصيص المكان كمكان لمبيت كهنة المعبد، ولكنه يشبه في التصميم الطابق الأول، ولا يختلف عنه سوى في الهدف من التأسيس والاستخدام.
وما يميز مقبرة الألباستر، كونها مبنية فوق سطح الأرض، وليست محفورة بالأسفل في غرفة، كما اعتاد القدماء.
يفتح معبد الرأس السوداء أبوابه للزائرين يوميًا بشكل مجاني تمامًا، وذلك بداية من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الساعة الخامسة مساء.