وادي زبيد عبارة عن سهلٍ يمتد بين جبال عالية على شكلِ شريط بين سهولِ تهامة وسلسلة الجبال الشرقية ضمن محافظة الحديدة اليمنيّة الواقعة على الساحل، ووادي زبيد سهلٌ يمتد بمحاذاة الجبال التي تستقبل كمياتٍ كبيرةٍ من الأمطار، فتنساب هذه الأمطار حاملةً الأتربة لتُرّسبها في هذا السهل، فتتجمّع به المياه وتتشكّل المجاري المائية والبحيرات، من هنا جاءت أهميّة هذا الوادي؛ إذ تنتشر به زراعة الأشجار المثمرة والزراعات الأخرى، وقد دعا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالبركةِ لهذا السهل والسهل المجاور له، وفعلاً لا توجد أرضٌ باليمن أكثر بركةٍ من هذين السهلين.
كانت اليمن من أغنى دول شبه الجزيرةِ العربيةِ قبل اكتشاف النفط في هذه الدول؛ إذ كانت أرض اليمن عبارة عن جنة من الجنان، وكانت تُسمّى باليمن السعيد، و هي أول من عمدت إلى بناء السدود للاستفادة من مياه الأمطار في فصل الجفاف.
وقامت بين السهلين المباركين مدينة اسمها مدينة الزبيد نسبةً إلى وادي الزبيد، وتميزت هذه المدينة بازدهار الزراعة فيها بكل أشكالها، واستطاع الإنسان تسخير الظروف البيئية لزيادة إنتاجه الزراعي، وبسبب رغد العيش في هذه المدينة بُنيت المرافق العامة وما زالت آثارها باقيةً إلى اليوم؛ إذ تُعدّ مدينة الآثار القديمة والعلم.
تطوّرت منطقة الزبيد كثيراً خلال العصور الإسلامية، وأبرز نقاط التقدّم والازدهار كانت جامعة الأشاعر، فقد قام محمد بن زياد وبرفقته محمّد بن هارون التغلبي الذي تولّى دار الإفتاء، وخرّجت الجامعة جملةً من العلماء أمثال العلامة الحسن بن محمد عقامه، وأبو الفتوح علي بن محمد وغيرهم الكثير، وقد تأثّرت منطقة الوادي بالمراحل التاريخية التي مرت على اليمن مثل: الدولة الزيادية، والدولة النجاحية، والدولة المهدية، والدولة المهدية، والدولة الرسولية.
اليمن كباقي دول شبه الجزيرة العربية احتلت التجارة المرتبة الأولى في اقتصاد شعوبها القديمة بسبب سيطرتها على مساحاتٍ ساحليةٍ طويلةٍ، وكانت في شمال الجزيرةِ العربيةِ رحلة الشتاء والصيف؛ ففي الشتاء تتّجه القوافل إلى اليمن كون أمطارها صيفية، وكانت اليمن تُشكّل مخزن البضائع لهذه القوافل بسبب تنوّع إنتاجها الزراعي والصناعة، فقد كانت تعتمد على ميناء الخوخة والثاني ميناء الفازة، فاهتمّت الحكومات المتعاقبة على اليمن بهذه الموانئ.
تمّ إنشاء المدارس الإسلاميّة في مدينة زبيد لتدريس كافة المذاهب الإسلامية التي كانت سائدةً في تلك المرحلة، وهذا يدلّ على عدم التعصب لمذهب معيّن دون غيره، فاستحقت أن تكون من أشهر المراكز الفكرية العالمية على مستوى العالم الإسلامي.