نظراً لأن قبة الصخرة هي أقدم الآثار الإسلامية الباقية، فمن المهم جداً أن نعرف بدقة مظهرها الأصلي في أيام عبد الملك بن مروان، حيث تعد بناء دائري وتتألف في التحيليل الأخير من قبة خشبية قطرها 20.44 متراً، قائمة فوق رقبة عالية تحتوي على 16 نافذة وترتكز على على أربع دعائم واثني عشر عموداً موضوعة في دائرة تكفي للإحاطة بالصخرة ومرتبة بحيث تنتصب كل ثلاثة أعمدة بين كل دعامتين.
وهكذا تشكل دائرة مركزية ارتفاعها يساوي قطرها تقريباً، وهذه الدائرة من الأعمدة والدعائم قائمة في وسط مثمن كبير يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه حوالي 20.60 متراً ويتألف من 8 جدران ارتفاعها 9.50 متراً ما عدا حاجز السقف الذي بيلغ ارتفاعه 2.6 متراً.
ومن الخارج هناك سبع مشربيات في كل جانب، والمشربيات المجاورة للزوايا عددها 16 وتعتبر تجويفاً أصماً، والبقية تخترق جزءها العلوي 5 نوافذ، وهناك باب عرضه 2.6 متراً وارتفاعه 4.3 متراً في كل باب من جوانب المثمن الأربعة التي تقابل النقاط الأساسية، وبالتالي فإن النافذة الوسطى فوق الباب على هذه الجوانب أصغر بكثير من النوافذ الأخرى.
يلاحظ أن هناك اختلافاً كبيراً في عرض الممرين رغم أن التوقع أنه يجب على الدعامات الوسيطة أن ترتكز في الوسط بين الدائرة الداخلية والمثمن الخارجي، هذا الاختلاف تشرحه نظرية ماوس وهو أحد الشواهد الهامة عليها، ففي رأيه أن المخطط هو نتيجة مربعين متقاطعين محصورين في الدائرة التي يشكلها الطرف الخارجي للبناء الدائري، وأضلاع هذين المربعن لدى تمديدها تحدد بتقاطعهما زوايا الرواق المثمن، وجوانب هذا المثمن لدى تمديدها تشكل مربعين آخرين ويمكن إدخالها في دائرة ترسم من نفس مركز البناء الدائري.
كما أن المثمن المحصور في هذه الدائرة وذو الأضلاع الموازية للمثمن السابق يحدد الجانب الخارجي من المبنى، هذه الطريقة يمكن أن تنعكس، حيث يمكننا رسم مثمن في الدائرة الخارجية، وهذا سيعطينا الجدران الخارجية للمبنى، والمربعان المتقاطعان المرسومان ضمن نفس الدائرة سيعطينا بتقاطعهما جوانب المثمن الوسيط، وموقع الدعائم الأربعة للحلقة الداخلية يمكن إيجاده بوصل زوايا المثمن.
وبالتالي فإن كل جزء من أجزاء البناء متعلق بكل جزء آخر وفق نسبة محددة وأن الانسجام العجيب داخله هو أول ما يدهش المشاهد، حيث هناك رشاقة بالنسب لا توجد في أي بناء آخر، وكما يمتاز بطابع الفخامة والجلال الناتج عن المخطط الواضح والبسيط والخطوط المنسجمة في عمارتها.
العربية
