ترتبط القيادة مباشرة بالقدرة على إدارة الأزمة، والتغيير المستمر، بالرغم من كونها عملية معقدة وشاقة، لأنها تعني تحولاً في طريقة التفكير و النظم والعمليات، والسلوك التنظيمي والثقافة اللاحقة، إذ يتبنى القادة الناجحون مفهوم إدارة التغيير، والتي تعني نهجاً منظماً لتحويل الأفراد والمؤسسات من الحالة الراهنة إلى الحالة المنشودة في المستقبل.
والتغيير أمر طبيعي لتعاقب القيادة، وإلا أصبحت شيئاً من الماضي” ، ولكن معظم المؤسسات تقع في خطأ جوهري عندما تركز جل اهتمامها على تغيير النظم والتشغيل، دون النظر إلى تغيير الموظفين الذين يجب أن يكونوا محور الاهتمام.
وليست كل استراتيجيات التغيير تحقق الهدف منها، فطبقاً لدراسة أجرتها كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد عام 2006 ، تبين أن 66٪ من مبادرات التغيير تفشل في تحقيق نتائج الأعمال المطلوبة.
ويواجه عملية التغيير عادة عقبات أكثرها شيوعاً الخمس التالية:
* ويجب أن تعالج إدارة التغيير عند المستويات الثلاث التالية:
1- الذات:
ما دوري بصفتي قائداً للتغيير؟
– الرؤية والاتصالات والذكاء العاطفي.
-ما هو أسلوبي في قيادة التغيير المميز؟
*القيادة التحويلية
من المهم لقادة التغيير فهم التعقيد في تنفيذ مبادرة التغيير ودورهم ومسؤولياتهم في قيادة ودعم هذا التغيير.
وضع الرؤية: يجب أن تبدأ جهود التغيير بالرؤية التي ترسم صورة مقنعة للمستقبل المنشود. ويساعد في تحفيز تلك الرؤية أولئك الذين تأثروا بالتغيير باتخاذ إجراءات في الاتجاه الصحيح، فمن المهم توضيح الأسباب العقلانية وراء التغيير وربط الصورة الشاملة بهذا الغرض، شريطة أن تكون متعاطفًا، مع إظهارالحماس والالتزام. ولأن الاتصالات بالغة الأهمية، فلا يمكنك توصيل رؤية التغيير من دونها، فإما أن تخفف أو تصعّد الخوف، على أن تكون الاتصالات بسيطة ومن القلب، وبالتالي لن يكون هناك حديث عن القلق، أو الارتباك والغضب، وانعدام الثقة.
وينبغي أن توفر لخطة التغيير تفاصيل واقعية حول إيجابياتها وسلبياتها، مع توفير كافة المعلومات الأساسية المطلوبة. وكن شخصاً موفياً بوعوده، فإذا وعدت بشئ فالتزم به. وبعد أن تبدأ تنفيذ الخطة، قم بتقييم ردود فعل الموظفين عبر استطلاعات رأي، وحافظ على عقد اجتماعات مراجعة دورية مع كبار الموظفين، مع تعديل الهيكل التنظيمي للاجتماع وجدول الأعمال.
اجبر نفسك على أن تكون في الخطوط الأمامية، إذ سوف يؤدي ذلك بالتأكيد إلى تعزيز المعنويات، فكما يقول جورج برنارد شو: ” لا يمكن تحقيق التقدم بدون تغيير. فمن لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء”.
كونك ذكياً عاطفياً يتطلب أن تتمتع بالمهارات التالية كعنصر أساسي لإنجاح إدارة التغيير:
لقد عملت ذات مرة لمؤسسة شرعت في إجراء تغيير كبير، تضمن ترحيل وتحديث للنظام، حتى إن اسم القسم تم تغييره، وتمنقل مديرنا – الرائع – إلى مكان آخر بسرعة حالت دون توديعه. وكانت عملية التغيير صعبة للغاية على الموظفين ليتعاملوا مع الإدارة الجديدة التي ينقصها الذكاء العاطفي، حتى إنهم اعتبروا مجرد الإشارة إلى اسم المدير السابق من المحرمات. لذلك، يجب تقييم ومعالجة كيفية تأثير الناس بالتغيير، وإشعار الموظفين بأنك تشعر بعواطفهم المرتبطة بالتغيير، والاعتراف بالخسائر علناً، مع السماح لهم بوقت للحزن. تعامل مع الماضي باحترام. واسمح لموظفيك بأخذ جزء من الماضي معهم، لأن ذلك يتيح قبول التغيير بسلاسة.
وقد حدد برنارد باس (1985)، في نظريته عن القيادة التحويلية أربعة جوانب للقيادة الفعالة،تضمنت التحفيز الملهم، والتأثير المثالي، والتنشيط الفكري، والاعتبار الفردي، فمن توفت فيه هذه الجوانب، استطاع إلهام مرؤوسيه بالاهتمام بالمؤسسة على المدى البعيد قبل العاجل.
2- الناس
يقاوم معظم الموظفين التغيير، بسبب انعدام الأمن الوظيفي، وعدم الثقة في الإدارة، وزيادة عبء العمل، لذا ينبغي على القادة الاهتمام بالعنصر البشري قبل الإعلان عن مبادرة التغيير، وهو مايتطلب بناء علاقة معهم تتسم بالموثوقية والتعاطف والتواضع.
هناك ثلاثة سلوكيات تتوافر في الموظفين الخاضعين للتغيير:
وفي “منحنى التغيير النموذجي” لإليزابيث كبلر روس (1969)، تحدد أربع مراحل يمر بها الغالبية ليتكيفوا مع استراتيجية التغيير، بالتقليل من الآثار السلبية للتغيير ومساعدة الآخرين على التكيف بسرعة، وهي:
بمقارنة المهارات الموجودة والكفاءات مع المهارات التي يراد من الموظفين اكتسابها، يمكنك اتخاذ قرار مستنير بشأن نوع التدريب لكل شخص أو فريق بحسب احتياجاته وتوفير التدريب اللازم لهم، وإزالة العقبات التي تحول دون تمكين الناس.
وينبغي تنظيم التدريب بشكل صحيح، وبناء الثقة حول جهود التغيير، وتشجيع موظفيك للتفكير في طرق جديدة لتسيير الأمور، مع تفعيل مبدأ الثواب والاعتراف بالفضل، فالقادة ينبغي أن يكونوا متعاطفين و صادقين و يعززون و يدعمون التغيير السلوكي الإيجابي، فبدونه تتعرض معنويات الموظفين للخطر. ولتحقيق النجاح المؤسسي، على الموظفين تنفيذ الأهداف الاستراتيجية على وجه السرعة، مع استبقاء المواهب، وكذلك موظفيك للعمل خلال الفترة الانتقالية، بحيث لا تتأثر الإنتاجية، مع منح مكافآت أو أدوات تحفيزية لضمان كسب تأييد الجمهور المستهدف.
3- المؤسسة :
إن سوء التخطيط والتنفيذ غير المتسق لمبادرات التغيير، قد يعيق مسارات الشركة، لذا يعد تحليل الأثر هاماً جداً لتبادل الأفكار حول المجالات الرئيسة التي تأثرت بقرار التغيير، ومن ثم صياغته.
تحديد الخطوات الواجب اتخاذها، للانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي المنشود، فإنلم يكن لدى مؤسستك هيكل لدعم من تقودهم المؤسسة لكثير من الجهد الإضافي لتحقيق التغيير، فسوف تكون عملية بطيئة جداً.
3-وضع خطة: يجب وضع خطة لكل خطوة للعمل مع فريقك، ودعهم يكونون جزءاً من هذه العملية، واسمح بهامش من بالمرونة، فلا ينبغي أن تكون الخطة جامدة لا تتغير. استمع إلى الجميع بعناية ورحب بملاحظاتهم.
4- تنفيذ الخطة: يستغرق وقتاً طويلاً حتى يشعر الموظفون بالراحة والبدء في العمل على النحو الذي تدعمه مبادرة التغيير.
5-الرصد والتقييم: وهذا هو تأكيد لدرجة اعتماد البيئة المتغيرة. فهل الموظفون يفعلون ما يفترض أن يفعلوه، أم أنهم يتشبثون بالأساليب القديمة؟ كيف يمكننا رصد وقياس التقدم الذي يتم إحرازه؟ ردود الفعل هامةلهذه المرحلة. ومن الضروري مراجعة نظام إدارة الأداء، للتأكد من فاعليته.
يشهد عالم الأعمال اليوم، قدرة تنافسية عالية في ظل التطور المستمر للسوق العالمية. ويتحدد الفائزون والخاسرون من هذه المنافسة العالمية من خلال عامل واحد: هو التغيير، لذا يجب على الشركات تعليم موظفيها كيفية تقبل التغيير لأنهم
هم المسؤولون عن اعتماد النظام الجديد، لضمان نجاح خطة التغيير