إدارة التفاعلات الصعبة هي تلك الكيفية التي نتمكن عن طريقها من تجاوز المواقف المتعسرة التي تعترضنا، سواء في حياتنا اليومية العادية، أو في بيئة العمل. ومن الطبيعي والمعروف سلفًا أنه لا توجد حياة بلا متاعب، والعمل، بما أنه جزء من هذه الحياة، ينطوي على الكثير من المواقف الصعبة والأزمات، والتعثر في التواصل.
وعلى كل حال، فإن التفاعلات الصعبة، التي نحاول هنا طرح طريقة معينة لإدارتها، كما يُعرّفها الكاتب والمؤلف باري روزن؛ هي تلك التفاعلات مع الآخرين والتي تحدث عندما يكون السؤال الذي نسأله لا توجد له إجابة سريعة معروفة سلفًا.
وفي معظم الأحيان تحدث هذه المواقف الصعبة عندما نشعر بالخوف والتهديد، وفقدان الأمن، وهو الأمر الذي يصيبنا بنوع من التوتر والإحباط، وبالتالي تختل طريقتنا في التعاطي مع الأمور المختلفة والمواقف التي نتعرض لها بين فينة وأخرى.
إن إدارة المواقف الصعبة تتطلب جهدًا داخليًا وخارجيًا في الوقت ذاته؛ فعلى المستوى الداخلي يتعلق الأمر بكيفية إدارة مشاعرنا وأفكارنا التلقائية، أما على المستوى الخارجي فهو عبارة عن معاملة الشخص الآخر _الطرف المقابل لنا في الموقف الصعب_ بلطف، وفطنة، وكياسة.
هناك الكثير من الأمثلة لهذه التفاعلات الصعبة، مثل أن تجد صديقك يعادي أفكارك دائمًا، ويقاوم كل ما تطرحه من آراء، أو أن يتهكم منك مديرك في اجتماع من الاجتماعات، أو يطلب المستهلك طلبات غير معقولة.
إن هذه التفاعلات/المواقف الصعبة يمكن أن تحدث بين أي شخصين يتفاعلان في أي موقف من المواقف، وقد تتطور إلى الأسوأ، وهي، في الغالب، نتاج تعامل بين شخصين غير متفقين مع بعضهما في الرؤى والأهداف والتصورات.
ونظرًا، لأن هذه المواقف الصعبة عُرضة للتطور، وهو ما سيزيد الأمور سوءًا وتعقيدًا، فإن هناك حاجة ماسة للقضاء عليها في مهدها، وعدم السماح بتفاقمها كلما كان ذلك ممكنًا. وليكن منا على بال أن السماح بتفاقم هذه المواقف الصعبة سيؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل: تردي معدلات الإنتاج، وجود علاقات مقيدة ومعرقلة في بيئة العمل، ناهيك عن أنها مضيعة للوقت.
إن إدارة المواقف الصعبة تتطلب، في المقام الأول، مواجهتها، ومقاومتها، بل _وهذه هي نقطة الانطلاق الحقيقية_ الاعتراف بوجودها، وبأن بيئة العمل الطبيعية، بما هي دينامية، تنطوي على بعض المعوقات والعراقيل.
والشخص الوحيد المُخّول بمواجهة هذه التحديات والموكل إليه إدارتها هو المدراء في هذه الشركة أو تلك.
على الرغم من أن إدارة التفاعلات الصعبة، والوقوف في وجه الصراعات التي تحدث في بيئة العمل ليست بالمهمة السهلة، إلا أنها تنطوي على أهمية كبرى، وعدة فوائد، والتي نذكر منها ما يلي:
1-تصبح التفاعلات سهلة المعالجة، طالما أننا اعترفنا بوجودها؛ فالأمور تظل صعبة وعسيرة كلما كنا خائفين من مواجهتها.
2- الحد من تأزم الأمور ومنع وقوع الكارثة.
3- في المواقف الصعبة يكون لدى المدير حرية أكبر في اتخاذ القرارات، وهو الأمر الذي يُشعره بنوع من احترام الذات.
4- العمل على إدارة التفاعلات الصعبة وتخطي المواقف الصعبة يسهمان في تقوية العلاقات داخل بيئة العمل.
إن المواقف/ التفاعلات الصعبة ستظل تحدث دائمًا طالما أن الناس مختلفون في توجهاتهم، طباعهم، وأهدافهم، وبالتالي يجب علينا أولاً أن نسلّم بهذه الحقيقة كمُعطى أولي، وأن نعمل في مرحلة تالية على إدارة هذه المواقف، والتعامل مع كل موقف صعب تعاملاً عاجلاً وآنيًا؛ منعًا لتفاقم الأمور ووقوع الكارثة.