لم يعد هناك مخرج من الأزمة التي تعانيها قطاعات جمة في الدول والمجتمعات العربية، إلا اللجوء إلى ريادة الأعمال، وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ وذلك في ظل توجه الدول العربية إلى تبني سياسات عدم التدخل، وإلقاء كل تراث وتعاليم “كينز” في سلة المهملات؛ إذ باتت كثيرٌ من الدول ترى أن دورها مقتصر على كونها منظّمًا للعملية الاقتصادية، دون تدخلها لمساعدة المهمشين والأكثر فقرًا، أو حتى توفير فرص عمل للباحثين عنه.
ترى الدول، أنه نتيجة انحصار الموارد بتآكل ثرواتها المستمر، يجب دفع الشباب إلى ريادة الأعمال، ليأخذوا هم زمام المبادرة، ويكونوا القادة الجدد ورجال أعمال المستقبل؛ لذا أنشأت حضانات أعمال؛ لتوفر لرواد الأعمال ما يحتاجون إليه من تدريب وخبرات واستشارات فنية.
ولهذا هناك سعي إلى تطوير نماذج الأعمال التجارية، والدفع بها قدمًا، حماية لها من الاندثار، خاصة وأن هذا المجال يتسم بمنافسة شرسة، فالنموذج الذي لا يطور نفسه يزول، ويحتل غيره مكانه؛ وهي المهمة التي تقع على كاهل رواد الأعمال.
تطوير نماذج الأعمال
من يتفقد نماذج الأعمال التجارية منذ اختراع يوهانس جوتنبرج آلة الطباعة، وحتى اليوم، يكتشف تلاشي كثير من هذه النماذج؛ لوجود منافسة محمومة بين مختلف النماذج التجارية؛ لذا ينبغي تطوير هذه النماذج، وإلا انهارت شركتك، عقب انهيار النموذج التجاري الذي تعتمد عليه.
تذكر دائمًا قاعدة: “كل نموذج أعمال ناجح، يلبي حاجة ملحة، ويحل معضلة قائمة”؛ أي إنه يملأ فجوة في السوق؛ وبالتالي إذا لم ينافس نموذجك التجاري ويسد هذه الفجوة قبل غيره، فلن يكون موجودًا.
نموذج العمل التجاري
يحدد نموذج العمل التجاري الأسلوب الذي تتبعه المنشأة في خلق قيمة ما وتحقيقها والاستفادة منها، فهو أشبه ما يكون بمخطط لاستراتيجية يُطبق من خلال أنظمة وعمليات وهياكل تنظيمية.
ويتكون أي نموذج عمل تجاري من تسعة مكونات:
شرائح العملاء، القيم المقترحة، القنوات، العلاقات مع العملاء، مصادر الإيرادات، الموارد الرئيسة، الأنشطة الرئيسة، الشراكات الرئيسة، هياكل التكاليف.
تقدم كل منشأة خدمة أو خدمات لشريحة معينة أو مجموعة شرائح (شرائح العملاء)؛ لتلبية احتياجات العملاء (القيم المقترحة)، ويتم إيصال هذه الخدمات عبر قنوات اتصال معينة (القنوات)، اعتمادًا على بناء علاقات مع العملاء واستدامتها (العلاقات مع العملاء)؛ وبالتالي تبدأ الإيرادات في التدفق على المنشأة، علاوة على عدة أصول(الموارد الرئيسة)، وتقدم هذه الخدمات عبر (الأنشطة الرئيسة)؛ حيث تنفذ هذه الأنشطة عبر مجموعة من (الشراكات الرئيسة)، ثم ينشأ (هيكل التكاليف) من نموذج العمل التجاري.
إنها دورة العمل الكاملة في أي نموذج عمل تجاري، ويمكن التدليل على نموذج لهذا التطوير فيما يلي:
نموذج أمازون في الهند
عندما قررت شركة أمازون الدخول إلى السوق الهندي، وجدت ضرورة تعديل نموذجها التجاري؛ لأنها واجهت كثيرًا من التحديات والعقبات.
اكتشفت أمازون أن أكثر من 65 % من سكان الهند من الشباب، وأن أغلبهم تحت الـ 35 عامًا، فضلًا عن ارتفاع مستوى الدخول هناك، وامتلاك أكثر من 80 % من السكان هواتف محمولة.
فوجئت أمازون أن 67% من إجمالي عدد السكان يعيشون في مناطق ريفية، ذات بنية تحتية متهالكة، وأن 35 % فقط من السكان متصلون بالإنترنت، وأن التعامل هناك لا يزال نقدًا وليس عبر بطاقات الائتمان أو الحسابات المصرفية، فضلًا عن انتهاج الهند سياسات استثمارية صعبة، كانت تمنع المستثمرين الأجانب من بيع منتجاتهم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى أن التجارة الإلكترونية لم تكن هي الخيار الأول أو المحبّذ لغالبية السكان.
تعديل النموذج التجاري
كان أمام أمازون، خياران؛ إما أن تطور نموذجها التجاري، أو تترك السوق الهندي! فلجأت إلى تعديل نموذجها التجاري؛ بوضع برنامج خاص لحشد الموردين، وإقناعهم بأنها شريك جدير بالثقة، وأنه بإمكانهم تحقيق كثير من المكاسب من خلال التعامل مع أمازون؛ وبناءً على ذلك أطلقت هذه الأعمال:
الخلاصة:
من لم يطور نفسه يمت، وتدهسه عجلة التقدم، فسوق التجارة ذاخر بأصحاب الأعمال والمستثمرين، وما إن يغفل أحدهم عن تطوير منتجاته وخدماته؛ حتى يحتل منافسه مكانه على الفور.