في واقع الأمر، إنه يمكن تأليف مقال بأكمله عن فيتامين ج و تأثيراته على جهاز المناعة و لا شك أن المزيد من فيتامين ج يعني وظائف مناعية أفضل و فيما يلي بعض من أدواره الرئيسية في تنشيط مناعتك الجسدية:
- فيتامين ج له تأثير قوي مضاد للفيروسات. فكثير من الفيروسات، مثل فيروسات الأنفلونزا و نزلات البرد لا تدخل بالضرورة إلى مجرى الدم، بل إنها تنتشر في المخاط الذي يغطي الأغشية المخاطية للمسالك التنفسية و بالتالي فلا يحدث إلا القليل جداً من تحفيز إنتاج الأجسام المضادة و يقع عبء الدفاع أساساً على خلايا T التي تعتمد وظائفها على فيتامين ج. و لقد أثبت فيتامين ج أنه فعال ضد جميع الفيروسات التي تم اختبارها حتى الآن بدءاً من فيروس نقص المناعة( الإيدز) إلى فيروس نزلات البرد.
- يقوم فيتامين ج بتنشيط إنتاج البروستاجلاندين في صفيحات الدم، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة إنتاج خلايا T.
- فيتامين ج ضروري لنوع معين من الانقسام الخلوي الذي يؤدي إلى زيادة سريعة في كل من خلايا B و T. و في الواقع أن فيروس الأنفلونزا يقوم بعمله الضار عن طريق تثبيط هذا النوع من الانقسام الخلوي.
- تنتج الخلايا المصابة بالعدوى المزيد من الإنترفيرون حينما يكون لديها ما يكفي من فيتامين ج كما أن فيتامين ج يعوق عملية تخليق البروتينات الفيروسية التي تعتبر ضرورية للخلايا المصابة بالعدوى لتنجز الاستنساخ الفيروسي.
- فيتامين ج يمكن أن يكون موقفاً لنمو البكتريا و تكاثرها أو قاتلاً لها و هذا يعتمد على نوع البكتريا الغازية للجسم.
- يقوم فيتامين ج بتحسين إنتاج المتمم C 3 الذي ينبع بدوره خلايا B لتنتج المزيد من الأجسام المضادة لا سيما IgM و IgA و IgG.
- ينبه فيتامين ج العامل المضاد للبكتريا غير الليسوزيمي NLAF الذي يوجد في الدموع و هذا له أهمية خاصة لمن يعانون حالات عدوى العين.
- يتيح فيتامين ج للخلايا البلعمية أن تؤدي وظيفتها التنظيفية أو التطهيرية و هذه الخلايا يمكنها فقط أن تعمل إذا احتوت على ما لا يقل عن 20 مكجم من فيتامين ج لكل 100 مليون خلية.
- يقوم فيتامين ج، و لو بصفة جزئية على الأقل بإزالة سمية كثير من السموم أو التوكسينات البكتيرية التي غالباً ما تسبب كل الأعراض المزعجة، و هذا يتوقف على نوع البكتريا المنتجة لها.
- فيتامين ج، فضلاً عن كونه ينبه العوامل الطبيعية المضادة للبكتريا في الجسم، فإنه أيضاً يحسن أداء المضادات الحيوية.
- تستخدم الخلايا البلعمية وحيدة النواة ( و هي نوع خاص من خلايا الدم البيضاء) فيتامين ج مع فوق أكسيد( بيروكسيد) الهيدروجين و بعض المعادن، و لا سيما مركبات الزنك في قتل الغزاة الذين أوقعتهم في الأسر و نجد في المرضى الذين يعانون نقصاً في فيتامين ج أن البكتريا يمكن أن تبتلعها الخلايا البلعمية و لكنها لا تستطيع هضمها أو القضاء عليها و قد أظهرت الأبحاث أن الزنك له دور يلعبه ف يمنع نزلات البرد لا سيما إذا تم مصه ببطء مع فيتامين ج.
- و يفيد فيتامين ج أيضاً في حالات حساسية العينين مثل الرمد الربيعي و رشح الأنف إذ إنه مضاد طبيعي للهيستامين.
و أغلب الحيوانات تكون قادرة على صنع فيتامين ج في أجسامها من الجلوكوز. و لكن البشر و الرئيسيات الأخرى( كالشمبانزي و الغوريلا) و خنازير غينيا، و الخفاش الهندي آكل الفاكهة و طائر البلبل أحمر المؤخرة لا تستطيع ذلك. فجميعها تعتمد على فيتامين ج في غذائها و يمكن أن تكون من الإسقربوط إذا حرمت من هذا الفيتامين الحيوي و الإنسان يمكنه صنع كميات ضيئلة جداً من فيتامين ج من حمض الفوليك و لكن لسوء الحظ أن حمض الفوليك كثيراً ما يكتشف أنه ناقص أيضاً في أغذية كثير من البشر، و يتم إمداده بكميات بالغة الضآلة لذا فإننا نحصل على القليل جداً من فيتامين ج من هذا الطريق.
و يعتقد بعض العلماء أن البشر كانوا في الأزمنة الغابرة قادرين على صنع فيتامين ج بكميات كافية، و لكنهم فقدوا هذه القدرة نتيجة لحدوث طفرة وراثية؛ إلا أن هذه الطفرة لم تكن تمثل تهديداً كبيراً في بادئ الأمر لأن البشر كانوا يتناولون الكثير من فيتامين ج في غذائهم و لكن في العصر الحاضر صارت عمليات التصنيع و التخزين تسلب الطعام كثيراً مما يحتويه من فيتامين ج و صرنا نأكل كميات أقل من الفواكه الطازجة مما كان يأكله أسلافنا و أما الحيوانات الأخرى مثل الغوريلا. التي تعيش في البرية فإنها تستهلك حوالي 4500 مجم من فيتامين ج يومياً من الطعام الطازج – لا سيما الفاكهة – و هو ما يعادل مائة مرة أكثر مما يأكله الإنسان المتوسط يوميا ً! و الثدييات الأخرى كذلك، إذ تخضع في سلوكها للغريزة الطبيعية تشبع دماءها و أنسجتها بفيتامين ج و تزيد ما تنتجه أجسامها منه إذا مرضت أو تعرضت لتوتر شديد و من المرجح أن الأمراض المعدية و اضطرابات الجهاز القلبي الوعائي و الأمراض المغرائية( الكولاجينية) و السرطان و الشيخوخة المبكرة هي ضمن أمراض كثيرة يمكن منعها إذا كانت لدينا القدرة على تنظيم مستويات أجسامنا من فيتامين ج.
و في حين أن كثيراً من الدراسات تؤكد فوائد تناول مكملات فيتامين ج، فإن هناك دراسات أخرى لا تؤكدها، و ربما كان هذا بسبب اختلافات في الجرعات، و يوجد مؤشر مفيد لاحتياجات فيتامين ج و هو درجة تحمل الأمعاء؛ إذ إن الإنسان البالغ السليم يتحمل حتى 4000 مجم من فيتامين ج قبل أن يصاب بالإسهال و في حالة الأنفلونزا فإن درجة التحمل هذه ترتفع إلى 8000 مجم؛ و لكن في حالات السرطان أو الإيدز يمكن أن تصبح 20 ألف إل 30 ألف مجم يوميا ً! و كل تلك الأرقام تعتمد على الشخص أو الفرد و ظروفه الخاصة، مما يجعل البحث العلمي في هذا الشأن غير حاسم للقضية. و السن هو عامل رئيسي آخر: فدرجة امتصاصنا لفيتامين ج تقل كثيراً كلما تقدمنا في السن؛ و إن كانت الحيوانات كبيرة السن لا يقل إنتاجها لفيتامين ج كثيراً عما كانت في صغرها. و يحتاج كبار السن إلى المزيد من فيتامين ج على أن يوزع بكميات صغيرة على مدار اليوم.
تم وضع الأطعمة في القائمة التالية بالترتيب على حسب درجة احتوائها على فيتامين ج لكل سعر من الطعام. و الأرقام التي بين قوسين تمثل كمية فيتامين ج في كل 100 جم، و الذي يعادل – بالتقريب – كوباً أو حصة من الطعام.
- فلفل: 100 مجم.
- قرة العين: 60 مجم.
- كرنب: 60 مجم.
- بروكلي: 110 مجم.
- قنبيط: 60 مجم.
- فراولة: 60 مجم.
- ليمون: 80 مجم.
- فاكهة الكيوي: 85 مجم.
- كرنب مسلوق: 62 مجم.
- باباظ: 62 مجم.
- بسلة: 25 مجم.
- شمام: 25 مجم.
- برتقال: 50 مجم.
- جريب فروت: 40 مجم.
- لايم: 29 مجم.
- طماطم: 60 مجم.
- يوسفي: 31 مجم.
- مانجو 28 مجم.
إن الأمر يستحق أن نأخذ المزيد من مكملات فيتامين ج أثناء الشتاء حينما تكون احتياجاتنا أكبر، و يكون المدد من فيتامين ج، في صورة فاكهة طازجة أقل و يحتاج الذين يدخنون أو يعاقرون الخمر إلى المزيد من فيتامين ج فالمدخنون يكون لديهم في المتوسط نسبة 25 % من فيتامين ج في دمائهم أقل من أمثالهم من غير المدخنين الذين يتناولون نفس الأطعمة. و من يعاقرون الخمر بإفراط يحتاجون أيضاً إلى المزيد من فيتامين ج و الزنك، فكلاهما ضروري لإنتاج إنزيم ديهيدروجيناز الكحول، و هو الإنزيم الكبدي الذي يزيل سمية الكحول و أحرى بالمدخنين و من يشربون الخمر أن يقلعوا عنها تجنباً لأضرارهما و كذلك فإن الأسبرين يستنزف مخزون الجسم من فيتامين ج، لذا على من يُعالجون بالأسبرين أن يعوضوا ما يفقدونه من فيتامين ج.
تشمل أعراض نقص فيتامين ج كثرة تكرار نزلات البرد و حالات العدوى و نزيف اللثة أو انكماشها، و نزيف الأنف، و تكون بقور حمراء أنزفة مجهرية بالجلد، و سهولة حدوث الكدمات، و بطء التئام الجروح و نقص الطاقة، فإذا كنت تعاني بعضاً من هذه الأعراض فإننا ننصحك بزيادة ما تتناوله من فيتامين ج.
يفضل تناول تلك المكملات مع البيوفلافونويدات التي تساعد على تقوية و دعم تأثير فيتامين ج. و تحتوي الفواكه و الخضروات الطازجة على كل منهما. و القدر المثالي اليومي الذي يجب تناوله من فتامين ج هو 500 – 3000 مجم، في حين أن من يكافحون حالة من العدوى أو مرضاً متعلقاً بالمناعة يحتاجون إلى كميات أكبر بكثير قد تصل إلى 20 ألف مجم يوميا ً. و أفضل طريقة لتحقيق هذا هو أن تشتري مسحوق حمض الأسكوربيك( فيتامين ج) النقي، و تذيبه في بعض من العصير و الماء، و تشربه على مدار اليوم، و بهذا تبقى الجسم مشبعاً دائماً بهذا العنصر الغذائي القوي المنشط للمناعة. و بعض الناس يجدون الصورة الأكثر قلوية من فيتامين ج، التي تعرف بالأسكوربات( مثل أسكوربات الكالسيوم و أسكوربات المعنسيوم) أفضل. و تذكر دائماً أن تتناول الفيتامين مع كثير من السوائل، و أن تقلل ما تتناوله منه بالتدريج حينما يبدأ شفاؤك من حالة العدوى و لا توقفه فجأة.