عُرف الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- بعلمه الزاخرالذي نقله للمسلمين؛ حيث نَقل علماً غزيراً من حديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في شتّى مجالات الحياة واهتماماتها المُتعدّدة، فقد كان أبو هريرة من أحفظ الصحابة، ومن أكثرهم رواية لحديث النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. يُروى عن أبي هريرة -رضي الله عنه– أنّه قال : (يا رسولَ اللهِ، إني سمعتُ منك حديثًا كثيرًا فأنساه، قال: (ابسُطْ رداءَك) فبسطتُه، فغرف بيديه فيه، ثم قال: (ضمَّه)، فضممتُه، فما نسيتُ حديثًا بعد)
وُلِدَ أبو هريرة -رضي الله عنه- قبل الهجرة بتسعة عشر سنة ، وكان اسمه قبل الإسلام على أرجح الأقوال عبد شمس بن صخر الدّوسي، ووردت روايات عدة في اسمه قبل إسلامه، منها: عبد نهم، وعبد غنم، وقيل عبد تيم، ومنها عبد العزى، وعبد ياليل، وكلّها أسماء جاهلية لا تصحّ مع الإسلام لأن العبودية لا تكون إلا لله، فلمّا أسلم سُمّي عبد الرحمن، ومنذُ ذلك اليَوم عُرف الصحابي الجليل باسم عبد الرحمن بن صخر الدّوسيّ فهو من قبيلة دوس ومنها الصحابيّ الجليل الطّفيل بن عمرو الدّوسي؛ حيث أسلم أبو هريرة على يد الطفيل بن عمرو -رضي الله عنهما
من أهمّ ما تميّز به الصحابيّ الجليل أبو هريرة حفظه للحديث، وكثرة الرواة عنه؛ حيث روى عنه أكثر من ثمانمائة من الصّحابة والتابعين، وقال عنه الإمام الشافعيّ: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره، ومن أبرز ما أنعم الله به على أبي هريرة إضافةً إلى حفظه للحديث الورع والزهد والتقوى ومُلازمة الرسول الكريم، ومَحبّة الناس له، وقد استعمله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على البحرين ثم عزله
مات أبو هريرة -رضي الله عنه- سنة تسعٍ وخمسين للهجرة عن عمرٍ ناهز ثمانية وسبعين عاماً، صحب منها الرسول -عليه الصلاة والسلام- أربع سنين، وعاش بعد وفاة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- سبعاً وأربعين عاماً قضاها داعياً إلى الله عزّ وجل، ومُعلّماً لكتاب الله وسنة حبيبه المصطفى -عليه الصلاة والسلام، وعاش عاملاً بعلمه، دائباً مُجتهداً في العبادة لله؛ ذكراً، وتسبيحاً، وصلاةً، وصياماً، وتلاوةً للقرآن، وتعليماً، وقد روى ابن سعد عن نافع فقال: (كنت مع عبد الله بن عمر في جنازة أبي هريرة وهو يمشي أمامها ويكثر الترحم عليه ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين)