تعريف بسورة الاخلاص

الكاتب: مروى قويدر -
تعريف بسورة الاخلاص

تعريف بسورة الاخلاص.

 

 

مفهوم سورة الإخلاص:

 

الإخلاص هو صرف العبادة لله -تعالى- وحده، واجتناب الشرك والرياء، وكلمة الإخلاص هي كلمة التوحيد، وسورة الإخلاص هي سورة قل هو الله أحد، ومن الجدير بالذكر أن التوحيد هو الأصل والأساس والمهمة الأولى التي بُعث من أجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث دعا الناس إلى عبادة الله تعالى وحده واجتناب الشرك، وفي مطلع هذه السورة الكريمة يأمره الله -تعالى- بأن يقول للناس أن الله واحدٌ لا شريك له، ولأن القرآن الكريم يدور حول ثلاثة أصول عامة وهي التوحيد، وأفعال العباد، وبيان أحوال يوم القيامة، فإن هذه السورة العظيمة تعدل ثلث القرآن في ثواب قراءتها، وسورة الإخلاص سورة مكية من المفصل*، نزلت بعد سورة الناس، وعدد آياتها أربع آيات، وترتيبها في المصحف العثماني الثانية عشرة بعد المئة.

 

سبب تسمية سورة الإخلاص:

 

يرجع السبب في تسمية سورة الإخلاص بهذا الاسم إلى بيانها وحدانية الله تعالى، ونفي الشريك عنه سبحانه وتعالى، والتأكيد على أن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة السائل ويقضي طلب المحتاج، بالإضافة إلى أنه لم يلد، ولم يولد، ولا نظير له ولا شبيه، مما يوجب صرف العبادة له وحده دون شريك، ولأنها تضمّنت الإخلاص لله تعالى، والإيمان بها يُعد إخلاصاً لله عز وجل، ولأنها مُخلَصة لله تعالى، فقد أخلصها الله تعالى لنفسه، بحيث لم يذكر فيها شيئاً من الأحكام الشرعية، ولا من أخبار الغيب، وإنما خص فيها الحديث عن نفسه عز وجل، فمن آمن بما فيها من الإخلاص والتوحيد كانت له نجاةً من النار.


ومما يدل على عظم هذه السورة الكريمة كثرة أسمائها، فقد ذكر أهل العلم ما يقارب عشرين اسماً لسورة الإخلاص، وأشهرها عند الصحابة -رضي الله عنهم- سورة قل هو الله أحد، وقد أطلق عليها العلماء أسماء أخرى منها: سورة التجريد، وسورة التفريد، وسورة التوحيد، وسورة النجاة؛ لأن الإيمان بما جاء فيها نجاة من الكفر في الدنيا، ومن عذاب جهنم في الآخرة، وسورة الولاية؛ إذ إن قراءتها والإيمان بما جاء فيها سببٌ لنيل الولاية* من الله تعالى، وسورة النسبة؛ لأنها نزلت رداً على الذين قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "انسب لنا ربك"، وسورة المعرفة؛ لأنها باب لمعرفة الله سبحانه، وسورة الجمال، وسورة المقشقشة؛ والتقشيش هو الشفاء، حيث يُقال تقشيش المريض أي: شفاؤه، ويرجع السبب في هذه التسمية إلى أن السورة الكريمة سببٌ للبراءة من الشرك والنفاق، وسورة المعوّذة، وسورة الصمد، وسورة الأساس، وسورة المانعة، وسورة المحضر؛ لأن الملائكة تحضر لسماعها، وسورة المنفّرة؛ لأنها تُنفّر الشياطين، وسورة المذكّرة؛ لأنها تذكر بالتوحيد الخالص، وسورة البراءة؛ لأنها سببٌ للبراءة من الشرك، والبراءة من عذاب النار، وسورة النور؛ لأنها تنير قلب قارئها، وسورة الأمان؛ لأنها سببٌ للأمان من عذاب الله تعالى.

 

مواضيع السورة وأهدافها:

 

بيّنت سورة الإخلاص مجموعةً من أسس وأصول الدين وهي:

  • أشارت السورة الكريمة إلى أصلٍ من أصول الإسلام؛ وهو توحيد الله تعالى بالأسماء والصفات*، حيث بيّنت صفاته عز وجل، وأنه واحدٌ لا شريك له، ولا نظير، ولا شبيه، ولا صاحبة، ولا ولد له سبحانه وتعالى، إذ لم يلد ولم يُلد، وبيّنت السورة أنّ الله -تعالى- هو الصمد الذي يُفتقر إليه في كل الحاجات،
  • بيّن أهل العلم أن سورة الإخلاص تتضمّن التوحيد الاعتقادي، حيث تبيّن ما يجب إثباته لله -تعالى- من الصفات كالوحدانية، والصمدية، والصفات المثبتتة لجميع صفات الكمال، والمنافية لصفات النقص والعجز، كاتخاذ الصاحبة والولد، بالإضافة إلى نفي الكفء الذي يقتضي نفي التمثيل والتشبيه، ويمكن القول إنّ السورة تدور حول إثبات الكمال لله تعالى، ونفي النقص عنه عز وجل.
  • تهدف السورة الكريمة إلى ترسيخ أول أصل وأعظم ركن من أركان الإسلام، وهو التوحيد الذي بعث الله -تعالى- الأنبياء جميعاً، وخاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم- لدعوة الناس إليه، وإخراجهم من الشرك، ولذلك فإن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن الكريم.

 

سبب نزول سورة الإخلاص:

 

في الحديث عن سبب نزول سورة الإخلاص يُشار إلى ذهاب فريقٍ من العلماء إلى أنّها نزلت بسبب سؤال اليهود، مصداقاً لما رُوي عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه- أنه قال: (أتى رهطٌ من يهودٍ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالوا: يا محمدُ هذا اللهُ خلق الخلقَ فمن خلقه؟ فغضب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى انتقع لونُه، ثم ساورهم غضبًا لربه، فجاء جبريلُ عليه السلامُ فسكنه فقال: خفِّضْ عليك يا محمدُ، وجاءه من اللهِ بجوابِ ما سألوه: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).. السورة)، وقال فريقٌ آخر أن سبب نزول السورة الكريمة هو أنّ المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل ليسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيّن لهم جنس معبوده، فأنزل الله -عز وجل- سورة الإخلاص، وقال فريقٌ آخر من أهل العلم أن السورة نزلت بسبب سؤال نصارى نجران، مصداقاً لما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (قدم وفد نجران، فقالوا: صف لنا ربك أمِن زبرجدٍ، أو ياقوتٍ، أو ذهبٍ، أو فضةٍ؟ فقال: إن ربي ليس من شيء لأنه خالق الأشياء، فنزلت (قل هو الله أحد)، قالوا: هو واحد، وأنت واحد، فقال: ليس كمثله شئ، قالوا: زدنا من الصفة، فقال: (الله الصمد) فقالوا: وما الصمد؟ فقال: الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج، فقالوا: زدنا فنزل: (لم يلد) كما ولَدت مريم (ولم يُولد) كما وُلد عيسى (ولم يكن له كفوا أحد) يريد نظيراً من خلقه).

 

تفسير سورة الإخلاص:

 

فسّر ابن كثير -رحمه الله- سورة الإخلاص كما يأتي:

  • قول الله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ)، بأن الله -سبحانه وتعالى- هو واحدٌ لا ثاني له، الذي ليس له مثيل، ولا مقابل، ولا من يشبهه في شيء، ولا من يعدله في شيء، ولا والي له، ولا يُطلق هذا اللفظ على أحدٍ غير الله تعالى، فهو الكامل في جميع ما يفعله، وواحدٌ فيما يوصف به، وواحدٌ في نفسه.
  • بيّن -رحمه الله- المقصود بقول الله تعالى: (اللَّـهُ الصَّمَدُ)، فقال إن الصمد هو الغني عما خلق، وخلقُه فقراءٌ إليه محتاجون له، مصداقاً لما رواه عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حواجهم ومسائلهم"، وقال النسفي -رحمه الله-: "أي وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق ولا يستغنون عنه، وهو الغني عنهم".
  • وقوله تعالى: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)، فهذ إثباتٌ بأن الله -عز وجل- لا بداية لوجوده ولا انتهاء، ولذلك ليس له والدٌ أو ولدٌ، إذ إن الولادة دليلٌ على استحداث الشيء، والتوالد دليلٌ على الفناء، لا سيما أنه يكون من أجل إبقاء جنسٍ معيّن، والله -تعالى- أثبت في الآية الكريمة أنه تعالى باقٍ لا يزول، وقد علّق النسفي -رحمه الله- قائلاً: "لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا".
  • قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، بمعنى أنه لا يكافئُه أحد، وفي الآية الكريمة نفي التشبيه والمماثلة عنه عزّ وجلّ، فليس كمثله شيء.

 

فضل سورة الإخلاص:

 

إنّ سورة الإخلاص من أعظم سور القرآن الكريم، لا سيما أنها تشتمل على توحيد الله -تعالى- وتوحيد أسمائه وصفاته، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على عظم فضلها، ويمكن بيان بعض فضائلها فيما يأتي:

  • تساوي ثلث القرآن الكريم في المعنى والأجر: إذ إنّ ممّا يدل على عظم فضل سورة الإخلاص أنها تعدل ثلث القرآن الكريم في المعنى والأجر، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالوا: وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالَ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ)، ومن الجدير بالذكر أنّ قراءة سورة الإخلاص لا تُجزئ عن قراءة ثلث القرآن، فمثلًا في حال نذر أحدٌ بقراءة ثلث القرآن الكريم، فلا يصح الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص آنذاك، فهي تعدل ثلث القرآن في الفضل والثواب، ولا تعدل ثلثه في الأجزاء أو في الإغناء عن قراءته.
  • حبّها سببٌ لمحبة الله تعالى: وذلك مصداقاً لما رُوي عن عائشة -رضي الله عنه- أنها قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).
  • سببٌ للوقاية والحماية من الشرور: حيث رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا أوى إلى فراشِه جمَع كفَّيْهِ ثمَّ نفَث فيهما وقرَأ فيهما بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثمَّ يمسَحُ بهما ما استطاع مِن جسدِه يفعَلُ ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ)، وهي من السور التي تحصّن قارئها من كيد الشيطان، فقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ حينَ تُمسي وتصبحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكفيكَ من كلِّ شيءٍ).
  • سببٌ لنيل قصرٍ في الجنة: فقد وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قارئ سورة الإخلاص بقصرٍ في الجنة، حيث قال: (من قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حتى يختمَها عشرَ مراتٍ بنى اللهُ له قصرًا في الجنَّةِ).
  • يستجيب الله -تعالى- للداعي بأسمائه الحسنى الواردة في السورة: فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء بسورة الإخلاص مُستجاب، وذلك مصداقاً لما رواه بريدة الأسلمي رضي الله عنه: (سَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو وهو يقولُ: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إلَه إلا أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ. قال: فقال: والذي نفسي بيدِه لقد سألَ اللهُ باسمِه الأعظمِ الذي إذا دُعيَ به أجابَ وإذا سُئِلَ به أعطى).
شارك المقالة:
294 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook