أصبحت التحديات المالية من أبرز أسباب الهمّ والغمّ والقلق التي تنتاب الناس اليوم. فالكثير تمر عليه الشهور و السنوات ويتفاجأ بأنه يدور في حلقة مفرغة بين الكسب والإنفاق ! ربما يعتقدون أن الدخل لا يكفي و أن الزيادة في الدخل هي الحل لاعادة السيطرة على أمورهم المالية؟ لكن الواقع يثبت العكس ، فمعظم الناس من ذوي الدخول المرتفعة يدورون هم أيضا في هذه الحلقة المفرغة وينتهي بهم الحال نهاية كل شهر مفلسين !!
الغالبية العظمى تتمنى أنها لو تتمكن من توفير مبالغ مالية، ولكنها لا استطيع ذلك، فالحاجيات ومتطلبات الحياة أكثر من الدخل كما يعتقـدون. و لا يدركون الحقيقة التي أثبتها دراسات اقتصادية و اجتماعية أن السبب الحقيقي للمتاعب المالية لمعظم الناس ليس هو عدم وجود المال الكافي، بل يرجع السبب إلى غياب المعرفة الكافية بكيفية ادارة ما يحصلون عليه من مال.
قد تكون أنت أيضا تعاني نفس المشكلة و تدور في حلقة مفرغة بين الكسب والإنفاق ! إن أول خطوة نحو إعادة التوازن لحياتك المالية هي الخروج من هذه الدوامة. و لتحقيق ذلك نقدم لك 3 خطوات علمية و عملية سنعززها بمثال و بالارقام حتى يسهل فهمها استيعابها :
1. تسجيل و تتبع المصاريف
يجب على كل إنسان مهما كان دخله أن يعرف دخله و حجم مصاريفه، ليس لغرض التوفير فقط ولكن لتنظيم حياته المالية ، فعندما تقرر الشروع في هذه الخطوة، فإنك ستبدأ في تسجيل نفقاتك، بالتفصيل، وعندها فقط ستجد الإجابة التي لم تكن تتوقعها، ستعرف نوع مصاريفك، وستعرف أين تذهب أموالك دون أن تشعر.
نضرب مثالا بالارقام حتى تتضح الصورة : لنقل أن موظفا (أسرة من 4 أشخاص) يتقاضى 2000 دولار شهريا وعند تسجيل نفقاته وجدها كالآتي :
500 دولار كانت مصاريفه في السوبر ماركت (الطعام)
300 كانت جملة مصاريفه في الأسواق الأخرى
600 إيجار البيت مع الكهرباء
200 أجرة المربية
150 فاتورة الهاتف
90 دولارا محروقات للسيارة
700 بطاقة الائتمان مصاريف (منها إصلاح السيارة + مشتر يات ملابس + مطاعم)
فاكتشف أن إنفاقه الشهري بلغ 2540 دولارا، أي أنه صرف أكثر من دخله، وأصبح لزاما عليه أن يوازن بين دخله ومصروفه، ولم يكن ذلك ممكنا لولا محاولته تتبع مصاريفه وتسجيلها بالتفصيل الدقيق، وهذا الكشف الشهري هو أول خطوة نحو التوازن، لأن هذا الموظف اكتشف أنه يمد يده إلى دخله في الأشهر القادمة، وهذا خطر يهدد أمنه المالي. حيث كان يستخدم بطاقة الائتمان لكي يغطي بقية مصاريفه، و اتضح لهأنه أساء استخدامها، وأنه أخطأ في زيارته للمطاعم في فترة هو في حاجة إلى التوفير.
2. تحليل النفقات و المصاريف
هذه الخطوة ستمكن من تحديد مكامن الخلل و تحديد المصروفات الزائدة او الخاطئة والتي تعتبر ثقب صغيرة يتسرب منها المال، ولا تنس أن التسريب الصغير يمكنه أن يغرق سفينة كبيرة.
نعود لمثالنا ، بعدما قام الموظف بتسجيل وتتبع مصروفاته، وبعد تحليلها وجد أن هناك التزامين غير قابلين للتخفيض، وهما إيجار المسكن وأجرة المربية، لذلك بدأ ينظر إلى المصاريف الأخرى لكي يتابع التسرب فيها، ومن هنا بدأ في العمل على علاج هذه التسريبات، فوجد أن الهاتف والبنزين ومصاريف المطاعم والسوبر ماركت تحتاج إلى مراقبة، وتوفير، وسيعمل على تقليص مبلغها الشهري، ليس بخلا ولكن تدبيرا.
3. التخطيط وإعادة التوازن
سر النجاح المالي الشخصي هو أن تكون مصاريفك دائما أقل من دخلك. والميزانية الشهرية هي أفضل طريقة لتحقيق هذا الامر بشكل أسرع. ضبط انفاقك من خلال تخطيط مسبق يمكنك من سد الثغرات التي يذهب فيها المال على أمور المتعة الؤقتة وتحول تلك الاموال تجاه أشياء أكثر قيمة، مثل تكوين صندوق للطوارئ لان النفقات المفاجئة يمكنها ان تكون ضربة قاصمة لك في غياب مال احتياطي، أو يمكن توجيه المال الفائض للاستثمار استثمار وتحسين وضعك المالي، أو تتخلص من ديونك إلى الأبد، أو ضخها في رأس مال خاص لبدء فكرة عمل تغير حياتك.
وأخيرا، أن تعيش حياة مالية ناجحة ليس سهلاً وليس صعباً أيضا، وتأكد أن مهارات التخطيط المالي الشخصي هي من أهم المبادئ لتحيا حياة مالية ناجحة، بدءا من تعلم ترشيد الاستهلاك، وضع ميزانية، زيادة الدخل، الادخار والاستثمار.