تغذية المياه الجوفية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية
الكاتب:
ولاء الحمود
-
تغذية المياه الجوفية بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.
إن ارتفاع أو انخفاض مستوى الماء الجوفي في الخزان يعكس الفروق بين كميات المياه الداخلة إليه والخارجة منه. ولكن في كثير من خزانات المياه الجوفية تتحقق درجة معينة من التوازن بين الداخل إليه المتمثل في التغذية (Recharge)، والخارج عنه المتمثل في التصريف (Discharge). وعندما تكون كميات المياه الخارجة من الخزان بشكل مستمر أعلى من معدلات التغذية بسبب السحب الجائر للمياه، فإن ذلك يؤدي إلى خلل في التوازن، واستمرار في انخفاض مستوى سطح الماء فيه حتى ينضب المخزون المائي. ولضمان استمرارية هذا المورد يجب أن يتم العمل على تحقيق التوازن من خلال تقليل استخراج المياه منه للأغراض البشرية أو العمل على زيادة معدلات التغذية فيه.
تتغذى المياه الجوفية بمياه الأمطار والسيول. وتعد التغذية بالمياه الجارية أهم أنواع التغذية (Recharge Mechanisms) لخزانات رواسب الأودية لأن لها نفاذية عالية تسمح بترشيح (Infiltration) كميات كبيرة من المياه ؛ فخزانات رواسب الأودية وما تحتها من صخور مجواة وشقوق تمتد في الغالب على مساحات صغيرة، وتعتمد في تغذيتها على الأمطار المحلية الحالية. وعلى الرغم من أن تقدير تغذية المياه الجوفية يعد من الأمور المهمة عند تقييم الموارد المائية في خزانات المياه الجوفية في البيئات الجافة، إلا أنه في الوقت نفسه من الأمور الصعبة.
تتوافر معلومات قليلة جدًا عن تقديرات تغذية المياه الجوفية في منطقة المدينة المنورة؛ ففي دراسة حديثة يقدر متوسط تغذية المياه الجوفية في وادي العقيق بنحو 0.72 مم في السنة؛ أي بنسبة 1.5% من الأمطار السنوية . وبناء على هذا التقدير فإن حجم المياه التي تغذي الخزان تعتمد على مساحة حوض التغذية. فإذا كانت مساحة حوض التغذية 1000كم ، سوف تتم تغذيته بنحو 720000م في السنة. وعند مقارنة هذه النسبة بتقديرات تغذية المياه الجوفية في المملكة في الدراسات السابقة التي تراوح بين 15 و 25% من الأمطار السنوية يمكن القول إنه تقدير بخس (Underestimated). وعلى الرغم من أن هذا التقدير قد يؤخذ مؤشرًا للتغذية، إلا أنه يعد مؤشرًا غير دقيق لأنه قدر بطريقة ميزان كتلة الكلوريد (Chloride - Mass Balance CMB) التي لا تتوافر شروطها في وادي العقيق، إذ بنيت طريقة ميزان كتلة الكلوريد على عدد من الافتراضات؛ منها أن مياه الأمطار تتسرب مباشرة لتغذي الماء الجوفي في الخزان، وأنه لا يوجد جريان سطحي (سيول) من أو إلى الأمكنة خارج حدود الخزان، وأنه لا توجد مصادر أخرى للكلوريد. وهذه الشروط لا تنطبق على وادي العقيق لأن خزانات المياه الجوفية فيه تتغذى بشكل رئيس من مياه السيول ومأهولة بالسكان وتنتشر فيه الحقول الزراعية، وهذا يؤثر في تركيز الكلوريد في المياه الجوفية وبالتالي تؤثر في تقدير تغذية المياه الجوفية.
إن التغذية الطبيعية للمياه الجوفية في منطقة المدينة المنورة قليلة جدًا بسبب قلة كميات الأمطار وتذبذبها، ولذا فقد تدخل الإنسان في منطقة المدينة المنورة منذ القدم، وعمل على تعزيز الموارد المائية، وتخفيف الضغط عليها بزيادة كميتها من خلال إقامة السدود على الأودية لحجز مياه السيول فيها . وتنشأ السدود على الأودية موسمية الجريان لغرض معين أو لأكثر من غرض، فقد ينشأ السد بهدف الاستفادة من مياه السيول لأغراض الشرب ولري المزارع أطول مدة ممكنة، أو بهدف زيادة كميات المياه التي تغذي خزانات المياه الجوفية أو للحد من أخطار السيول على القرى والمدن، أو للأهداف السابقة مجتمعة. ويوجد في المدينة المنورة وخيبر عدد من السدود القديمة أنشئ بعضها في العصور الإسلامية المبكرة وبعضها الآخر ربما شيد قبل الإسلام. وقد كونت خلفها بحيرات كبيرة تحتفظ بالمياه لمدة طويلة، ما أدى إلى رفع مستوى المياه في الآبار والعيون ، وكان يستفاد منها لري المزارع بتوصيل مياهها من خلال فتحات تصريف مياه السدود وقنوات توصل المياه إلى المزارع . ويبين (جدول 26) أهم السدود القديمة الباقية آثارها في منطقة المدينة المنورة.
في الوقت الحاضر بلغ عدد السدود في مختلف مناطق المملكة أكثر من 207 سدود منها 16 سدًا 8% في منطقة المدينة المنورة. ويبين (جدول 27) خصائص السدود في المنطقة والهدف الرئيس لإنشائها وتاريخ إنشائها. ويتضح من هذا الجدول أن تسعة من السدود 56% في منطقة المدينة المنورة أنشئت بهدف زيادة تغذية المياه الجوفية. كما أن السدود التي أنشئت بهدف الحد من خطورة الفيضانات تؤدي دورًا كبيرًا في زيادة التغذية سواء المياه التي يتم ترشيحها أثناء حجزها في بحيرة السد أو المياه التي يتم ترشيحها أثناء جريان مياه السيول في بطون الأودية؛ لأن السد يطيل مدة جريان السيول وبالتالي يزيد من كميات المياه التي تغذي الخزانات الجوفية. فسد الفرعة بينبع النخل الذي أنشئ بهدف التحكم في المياه الجارية والحد من خطورة الفيضانات ساعد على زيادة كميات مياه التغذية وارتفاع مستوى الماء الجوفي في الخزانات .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.