تقرير عن ابن بطوطة

الكاتب: بتول فواز -
تقرير عن ابن بطوطة

تقرير عن ابن بطوطة.

 

ابن بطوطة

أمضى ابن بطوطة ما يُقارب الثلاثين عاماً من عمره يجوب بقاع الأرض عبر أفريقيا والشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا في عصر لم تنتشر به وسائل النقل الحديث بعد، فركب الجمال وعَبَر البحار وسار على أقدامه، وواجه المخاطر وخاض المغامرات ليسطُّر أيام حياته في رحلات استثنائية، ويزور أكثر من 40 دولة، ليؤرخ ثقافات الدول الأُخرى وعاداتهم وتقاليدهم وأهم المعالم فيهم، وينقل تفاصيل التجربة للعالم.

مولده ودراسته

ولد ابن بطوطة عام 1304م في طنجة، ونشأ في عائلة تحث على العلم والتعليم، حيث كان معظم الرجال في العائلة من علماء القانون، إلا أنه لم يكن يوجد في ذلك الوقت مدرسة في طنجة أو أي كلية للتعليم، لذلك همَّ ابن بطوطة في السفر بحثاً عن أفضل المعلميين وأفضل المكتبات، التى كانت معظمها في دمشق والقاهرة والاسكندرية، كما كان الحج سبباً آخر دفعه للسفر والطواف، لذلك في عام 1325م عندما بلغ ابن بطوطة عمر الـ 21 سنة ودّع أهله ومنزله وركب ظهر حماره لتبدأ رحلته من طنجة باتجاه مكة.

رحلاته

اجتاز في ترحاله مسافات بعيدة فزار تقريباً جميع البلدان الإسلامية، وذهب إلى الصين وسومطرة، أما تسلسل الرحلات فكان كالتالي:

انطلق ابن بطوطة بأولى رحلاته في عام 1325م، كان الهدف الرئيسي من الرحلة هو أداء فريضة الحج إلى مكة والمدينة، وكذلك توسيع نطاق علمه بالبحث عن أفضل وأشهر المعلمين والمكتبات في مصر وسوريا والحجاز، واستطاع ابن بطوطة تحقيق أهدافه الدراسية فقد التقى بعدد من كبير من العلماء والقدسيين الصوفيين. وصل بعد ذلك إلى مصر، من خلال الطريق البري عبر تونس وطرابلس، ثم توجه بعد ذلك من القاهرة إلى البحر الأحمر، عبر صعيد مصر ليصل إلى سوريا مرة أُخرى وينضم إلى قافلة حجاج مكة في عام 1326م. انطلق إلى العراق وجنوب إيران وأذربيجان وبغداد عبر الصحراء العربية بعد الانتهاء من أداء الحج، إذ أمضى ابن بطوطة الفترة ما بين 1327م إلى 1330م في مكة المكرمة والمدينة المنورة. أبحر على متن قارب يحمل حاشية من أتباعه من جدة على ضفتي البحر الأحمر إلى اليمن ثم عبرها براً، ومن عدن أبحر مرة أُخرى، إلا أنه هذه المرة أبحر على طول ساحل شرق أفريقيا، حيث زار المدن التجارية حتى تنزانيا، ثم عاد إلى مكة عام 1332م عبر الخليج العربي مروراً بكل من الجزيرة العربية وعمان وهرموز وجنوب فارس. سلك الطريق الشمالي من مصر وسوريا بعد ذلك، ثم ركب على متن سفينة باتجاه الأناضول في اللاذقية، وقطع أراضي الأتراك في عِدّة اتجاهات في الوقت الذي تم تقسيم الأناضول إلى عِدّة سلاطين صغيرة، فكانت رواية ابن بطوطة عن تلك الفترة مصدراً تاريخياً قيّماً لذلك البلد تعكس فترة انتقالية بين نهاية سلطة السلجوق وبدء الحُكم العثماني. أكمل رحلته بعد ذلك عبر البحر الأسود إلى شبه جزيرة القرم، ثم إلى شمال القوقاز وإلى ساراي على نهر فولغا السفلي، ثم قام بزيارة إلى القسطنطينية (اسطنبول الآن)، وقد كان هناك وصف واضح ودقيق للعاصمة البيزنطية يؤكد تواجده فيها. واصل رحلته بعد عودته من القسطنطينية باتجاه الهند، إذ سافر مع قافلة إلى آسيا الوسطى من ساراي وزار مدن سمرقند وبخارى، إلى أن وصل حدود الهند عبر خراسان وأفغانستان عام 1333م، لكن صحة هذا التاريخ مشكوك فيه، وذلك بسبب أن المدة الزمنية غير كافية لقطع هذه المسافة الهائلة. غادر دلهي، وتوجه ابن بطوطة إلى جزر المالديف، حيث قضى ما يُقارب العامين كقاضي وناشط سياسي، لكنه وجد أن الوضع خطير للغاية فتوجه إلى سيريلانكا، وقرر الذهاب إلى الصين إذ سافر إلى سومطرة، ثم إلى بكين عبر الممرات المائية، ويُشكك بصحة هذه الفترة بسبب مجموعة من التناقضات في روايته.

عودته كانت في رحلة عبر سومطرة، مالابار، والخليج العربي إلى بغداد وسوريا، التي تعرض فيها إلى خطر الموت، وقد زار عِدّة مدن فيها وفي مصر، وفي نفس العام قام بأداء الحج في مكة، في نهاية ذلك قرر العودة إلى وطنه طنجة، فأبحر من الاسكندرية إلى تونس، ثم إلى سردينيا والجزائر، ووصل أخيراً إلى فاس عام 1349م. عاد إلى طنجة، وكان لا يزال هناك دولتان مسلمتان لم يزرهما ابن بطوطة بعد، فشد رحاله وسافر إلى مملكة غرناطة وبعد ذلك بعامين انطلق إلى غرب السودان عام 1352م، كانت تلك رحلته الأخيرة عبر الصحراء إلى غرب أفريقيا، وقد أمضى سنة في إمبراطورية مالي، وكانت روايته عن زيارته إلى أفريقيا أحد أهم المصادر التاريخية.

توثيق رحلاته

بعد عودة ابن بطوطة إلى وطنه عام 1536م، كلّف حاكم المغرب ابن جزاي وهو شاب باحث وأدبيّ من أصل أندلسي، لتوثيق كل تجارب وملاحظات ابن بطوطة خلال سفراته على مدى سنتين، فكتب كتاب يضم جميع الرحلات مستنداً إلى ذكريات سردها له ابن بطوطة، وفي عام 1829م نُشرت أول نُسخ مترجمة لرحلات ابن بطوطة.

عندما احتل الفرنسيون الجزائر عثروا على نُسخ من المخطوطات عام 1830م، احتوت نسخ الجزائر على نسخ قديمة تعود لعام 1356م، وكانت تحمل عنوان "هدية لمن يفكرون في عجائب المدن ومعجزات السفر"، أما أول كتاب كامل يضم جميع الرحلات ومترجم باللغة العربية والفرنسية ظهر في أربع مجلدات بين عام 1853-1858م، ثم تُرجم الإنجليزية عام 1929م، أما اليوم فهناك عدد لا نهائي من المصادر المتوفرة للجميع.

وفاته ومؤلفاته

انتهت آخر رحلات ابن بطوطة عام 1355م، إلا أن الناس في ذلك الوقت لم تكن قد تعرفت على حياة ابن بطوطة ومغامراته بعد، فقد عُيّن قاضياً في المغرب ثم توفيّ عام 1368م، وأصر سلطان المغرب على ابن بطوطة أن يكتب قصص سفره إلى عالم، فكانت أهم مؤلفاته كتاب تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، الذي يروي كل عجائب المدن وعجائب السفر، كما يُطلق عليه رحلة أو رحلة ابن بطوطة.

شارك المقالة:
277 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook